صمت لبرهة .. و كتمت أنفاسي .. و دموعي تسيل على وجنتي بصمت كالنهر الجاري لا توقف له ..قلت في نفسي:
مازالوا يتراقصون و يتغنون و الجُرح في ازدياد .. مرت السنين تلو السنين .. و مازال هذا المشهد المؤلم يتكرر و لا يبالي به أحد
إلى أن دخل أحدهم علينا و حاول أن يُجهز على الجريح الذي دافعت عنه بكل قوتي ..
حاولت صده بشتى الوسائل التي توفرت لدي ..
فأطلق نيرانه في كل مكان بطريقة فظيعة .. و تتابعت الأصوات .. قنابل ..طائرات .. مدافع ..ثم هدأت فجأة ..
ففتحت عيناي فإذا الدنيا من حولي سواد حالك ..و الرائحة رائحة دم فوّاح .. و دخان كثيف يتصاعد من هنا و هناك
عندها تذكرت الجريح الذي كان منذ لحظات بين يدي .. فإذا بجسده قد تمزق من أثر الطلقات ..أكثر من إحدى و عشرين طلقة ..
فألقيت بجسدي على الجسد المسجى أمامي و الدماء لأرى ماذا حدث له ..فإذا به رمق من حياة .. مازالت تسمع له نبضات لكنها ضعيفة و خافتة جدا ..
في غمرة تلك الأحداث لم انتبه لنفسي فإذا أنا مصابة إصابة بليغة ..فجاهدت نفسي لأتماسك و أقوى على الوقوف .. لأطلب العون من جديد ..فجاءني الرد كالصاعقة ..زلزلني و هزني .. ليتني مت قبل هذا و كنتُ نسيا منسياً..
لم يمت بعد!! ؟؟
ما هذه الروح الطويلة ؟ ما شاء الله .. قلت : أنا أصبت أيضا إصابتي خطيرة ..
فقالوا ببرود و لا مبالاة : طالما ليست في القلب فلا تخشي شيئا .. و لا ترهقي نفسك مع هذا الجريح لأنه ميت لا محالة .. اصبري حتى نأتي إليك .. و نرى ما بمقدرونا أن نفعل..