فنون الرسم المغولي المنمنم. وتوضح اللوحة تيمورلنك على عرشه.
آل طغلق. كان آل طغلق من أبرز السلالات التركية الحاكمة في سلطنة دلهي. قَدم مؤسّسها غياث الدين من آسيا الوسطى وعمل ضابطًا في سلاح الفرسان. وبصفته قائدًا في جيش الهند أحرز النصر على المغول في سبعٍ وعشرين معركة. أما ابنه محمد طغلق فقد كان جنديًا لا يعرف الكلل وإداريًا ناجحًا، شجع في بلاطه الشعراء ورجال العلم والفنون. وتم تداول العملة النحاسية بقيمة فضية في عهده. ثم حاول نقل حاضرته من دلهي إلى ديفاغيري (سميت دولة أباد) في الدكن. وخلفه في الحكم فيروزشاه طغلق الذي كان حاكمًا جادًا ومخلصًا. وقد نعمت السلطنة بالسلام والثروة طوال حكمه الذي امتد نحو نصف قرن.
وغزا المغول بقيادة تيمورلنك دلهي عام 801هـ، 1398م فوضعوا حدًا للسلام والعصر الذهبي للسلطنة ونهبوها.ذلك الإمبراطورية الإسلامية في الهند إلى العديد من الممالك الصغيرة المتحاربة التي كان يحكم كل واحدة منها سلطان.
وفي عام 751هـ، 1350م تم تأسيس دولة فيجاينجار الهندوسية في هضبة الدكن. وأدَّى ذلك، إلى خضوع الجنوب للسيطرة الهندية وأوجد حاجزًا أمام تقدُّم المسلمين.
إمبراطورية المغول أسسها مسلمو آسيا الوسطى في عام 933هـ، 1526م. حكم المغول معظم بلاد الهند في القرن السابع عشر الميلادي. استمرت الإمبراطورية حتى أوائل القرن الثامن عشر الميلادي.
تأسيس إمبراطورية المغول. أوجدت فتوحات الحكام المغول خلال المائتي عام التاليتين واحدةً من أفضل الإمبراطوريات التي عرفتها الهند إدارة ومركزية.
وكان أول الفاتحين المغول بابر، من أحفاد تيمورلنك. فقد غزا الهند عام 933هـ، 1526م من كابول بأفغانستان. وهَزَم إبراهيم لودي، سلطان دلهي في معركة بانيبات. وقد توافرت له ثروة كبيرة نتيجة الفتوحات. واستطاع خلال سنوات قليلة فتح معظم الشمال الهندي.بابار عام 937هـ، 1530م، وخلفه في الحكم ابنه همايون. وتعرض الحكم المغولي في عهده للتهديد والخطر حين انتصر شيرشاه (فريد أو شيرخان) على همايون، وأجبره على مغادرة البلاد عام 963هـ، 1555م، ثم اغتنم الأخير وأعوانه فرصة الخلاف الذي دبّ بين أحفاد شيرشاه. وعاد سريعًا إلى عرش دلهي. وَخَلفَه عام 964هـ، 1556م ابنه أكبر.
أكبر الشهير كان يحب المناظرات العلمية والدينية.
أكبر الشهير. يُذكر أكبر على أنه أشهر قادة المغول، فقد كانت لديه نفس الصفات القيادية التي كانت لجده بابار. وكان وسيمًا وجنديًا قاسيًا. استمتع بصحبة العلماء والفنانين، وبنى النُصب الكبيرة والقصور كما بنى مدنًا كاملة، منها العاصمة الجديدة في سيكري لتخليد ذكرى ولادة ابنه الأول سلطان سالم، وانتصاراته في غوجارات. وتتميز عمارة مدينته بمزيج من العمارة الإسلامية والهندية. كما تمكَّن من إخضاع أكبر أُمراء الراجبوت قوة. ووفرت إصلاحاته في تنظيم الجيش الاستمرارية والأداة القوية للسيطرة. ويُعد تنظيم النظام الضريبي على الأرض أفضل إنجازاته. وكان قد أعدّه وزيره الهندي راجا تودار مال.
مجلس السلطان بابار مؤسس الإمبراطورية المغولية.
حكم المغول. اعتمدت ثروة الدول الهندية وأمرائها في المقام الأول وبشكل دائم، على الضرائب المفروضة على الحاصلات الزراعية التي كانت وفيرة الإنتاج. وكانت مناطق كثيرة تُزرع مرتين بل ثلاث مرات في العام.
وقرر أكبر ووزير ماليته العمل على إعادة النظر في النظام الضريبي على الأرض وربطه بالإدارة الإمبراطورية. وأوجد أكبر نظامًا إداريًا جديدًا عُرف بجاجيرداري. ويعتمد على توزيع إقطاعات من الأرض على الموظفين العسكريين أو المدنيين المسؤولين في المقاطعات لفترات محدودة. ويقوم هؤلاء باستثمارها وإعداد عدد من الفرسان يتلاءم ومساحة الأرض المخصصة له. ويدفع المستثمرون نيابة عن الدولة رواتب أولئك الموظفين العاملين لديهم من حصتهم التي يوفرها لهم نظام الجاجيرداري.
وقد أتاح هذا النظام تشكيل وحدات من الفرسان كانت تشكل في مجموعها الجيش المغولي النظامي. ويتم نقل الموظفين من مكان لآخر، مرة كل سنتين أو ثلاث سنوات الأمر الذي يحول دون تملُّكهم الأرض لمنافع شخصية.
وساعدت تلك الإصلاحات في توفير الثروة لمغول الهند إضافة لوجود توسع تجاري كبير أسهم في بناء العديد من المدن والقرى وتزايد الإنتاج.
جهانجير خلف أكبر على الإمبراطورية عام 1605م. أورنغزيب كان مسلمًا متمسكًا بإسلامه. توسعت في عهده إمبراطيورية المغول ولكنه كان حاكمًا صارمًا. وهذه صورة صغيرة له في مرحلة متقدمة من عمره.
أباطرة المغول المتأخرون. خلف أكبر كلُ من جهانجير (1605-1627م) وشاه جهان (1628-1658م) وأورنغزيب (1658- 1707م). ووصلت إمبراطورية المغول في عهدهم إلى درجة عالية في السياسة والقوة العسكرية.
تميز شاه جهان بدعمه للفنون، وخاصة العمارة. وبنى في أكرا أشهر أثر تذكاري، هو تاج محل، قبرًا لزوجته المحبوبة الملكة التي تُوفيِّت صغيرة. وبنى مدينة جديدة أيضًا بالقرب من دلهي القديمة. ونقل العاصمة من أكرا إليها. لكن سنواته الأخيرة عكرتها أحداث التمّرد التي نظمها ولده أورنغزيب.
قتل أورنغزيب إخوته الثلاثة الآخرين بمن فيهم ولي العهد دارا شكوه، وطرد شاه جهان الإمبراطور الحاكم واستولى على العرش. وكان حكمه أطول حكم في السلالة المغولية. وكان مسلمًا ملتزمًا. ووفرت له إمكاناته بصفته جنديًا وسياسيًا تحقيق الكثير من النجاح على الصعيدين السياسي والعسكري. إلا أن فتوحاته جلبت له العديد من المشكلات المؤذنة بنهاية عهده. فتكاليف الحروب الباهظة وتوزيع إقطاعات جديدة كمكافآت على القادة العسكريين، وفرض الضرائب الجديدة على مالكي الإقطاعات أدت إلى هجرة الكثيرين منهم لأراضيهم. فأُهملت الأراضي ولم تُزرع. وتمكن شيفاجي، وهو زعيم هندوسي في غربي الهند، من تكوين جيش في الستينيات من القرن السابع عشر الميلادي. وبدأ يغزو القرى والمدن المغولية. ونجح في الاستيلاء على ميناء سورات الكبير. وُعرف أتباعه بالماراتها وكانوا مقاتلين أشداء استولوا على جميع القلاع الحصينة من المغول.
أورنغزيب كان مسلما متمسكا بإسلامة. توسعت في عهدة إمبراطورية المغول ولكنة كان حاكما صارما. وهذة صورة صغيرة لة في مرحلة متقدمة من حياتة
الإمبراطورية بعد أورنغزيب. واجهت إمبراطورية المغول إثر وفاة أورنغزيب عام 1119هـ، 1707م صعوبات جمة. وبحلول عام 1143هـ، 1730م لم يعد للإمبراطورية إلا الولاء الاسمي فقط من حكام المقاطعات الذين كانوا مستقلين على جميع الأصعدة.
وجاءت الضربة الأخيرة لإمبراطورية المغول عام 1152هـ، 1739م على يد الفاتح الأفغاني الفارسي نادرشاه الذي غزا الهند واستولى على دلهي.
مجيء الأوروبيين
ميناء كاليكوت
أول الاتصالات الأوروبية. أرسل الملك البرتغالي مانويل الأول عام 1497م البحَّار فاسكودي جاما ليجد طريقًا بحريًا إلى الهند عن طريق رأس الرجاء الصالح. فوصل كاليكوت في الثامن عشر من يونيو 1498م. وعاد أسطوله إلى لشبونة في البرتغال عام 1499م.
وأدت أخبار النجاح البرتغالي في عبور المحيط الهندي والوصول إلى أغنى ميناء للتوابل إلى إثارة مشاعر القلق والخوف في نفوس أهل البندقية بإيطاليا من تخفيض البرتغاليين لأسعار التوابل بعد أن أقاموا إمبراطورية تجارية جديدة في المحيط الهندي تُسيطر على كافة الموانئ التجارية والممرات البحرية بين الهند وجنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط. وغدت جُووا عاصمة البرتغاليين في الهند مستوطنة أوروبية مهمّة.
استمرت السيادة البرتغالية في المحيط الهندي مئات السنين.
أمير هندي
شركتا الهند الشرقية. تأسست شركة الهند الشرقية البريطانية عام 1600م، وشركة الهند الشرقية الهولندية عام 1602م. ومع هذا، فقد كان للتجار الهولنديين في أمستردام علاقات تجارية في المحيط الهندي منذ عام 1595م. وكانت الموانئ محصنة بأسوار بحرية ومدافع. وأنشأت كل من الشركة البريطانية والهولندية جيشًا صغيرًا قوامه الجنود المحترفون. وبحلول القرن الثامن عشر الميلادي أصبحت الشركة البريطانية على درجة من القوة تُؤمن عددًا كبيرًا من السفن المسلحة بشكل جيد لحماية التجار في المحيط الهندي.
التنافس البريطاني الفرنسي. وافقت الحكومة الفرنسية في العشرينيات من القرن الثامن عشر الميلادي على قيام شركة الهند الشرقية الفرنسية بالتجارة مع الهند. واتخذت بونديشيري في جنوبي الهند مقرًا لها. وغَدت على درجة من القوة، خوَّلتها منافسة البريطانيين. وما لبث التنافس التجاري أن تحول إلى تنافس سياسي. وحاول كل منهما دعم الحروب المحلية الدائرة بين الزعماء المحليين وأحرز البريطانيون في النهاية النصر برًا وبحرًا وكان ذلك في الأربعينيات من القرن الثامن عشر الميلادي.
نمو شركة الهند الشرقية. أصبحت شركة الهند الشرقية عام 1765م الحاكم الفعلي في البنغال بعد أن قررت تنحية الحاكم الاسمي المغولي، وقد وفَّرت الثروات الزراعية البنغالية لها عوائد ضريبية كبيرة ساعدتها في إنشاء جيش كبير قوامه المحاربون الهنود المحترفون والمدرَّبون ويقوده ضباط بريطانيون. وعُين وارن هيستنجز عام 1772م أول حاكم للشركة في البنغال، وأسهم بذكائه وسياسته في إحراز نجاح كبير للشركة في منطقته، إلا أنه لم يتردد في اتباع القسوة ضد المعارضة الهندية. واشتهر عدد من موظفي الشركة بالفساد.
إصلاح إدارة الشركة. انتهى الفساد على يد اللورد كورنوولس الذي اختير عام 1786م حاكمًا عامًا للهند. وأقرَّ البرلمان البريطاني عامي 1773و 1784م قوانين خاصة بوضع شركة الهند تحت سيطرة وزير من الحكومة البريطانية. وكُلف اللورد كورنوولس بمهمة إصلاح الإدارة البريطانية في الهند وإنشاء علاقات جيدة مع الأمراء الهنود. فأعلن استقلال النظام القضائي ومنع موظفي الشركة من ممارسة التجارة الخاصة وتنظيم العقود الحكومية. وأصلح الشرطة ونظام القضاء الجنائي.
التوسع العسكري البريطاني. أخذ التوسع البريطاني في الهند منعطفًا جديدًا منذ عام 1797م بعد تعيين اللورد ويلسلي حاكمًا عامًا جديدًا للهند. وقد كان قياديًا وسياسيًا ناجحًا. وكان يساعده شقيقه اللواء آرثر ويلسلي دوق ولنجتون، وقائد معركة واترلو فيما بعد.
نظر ويلسلي إلى سلطان تيبو على أنه عدو بحجة أن سلطان تيبو كان مصادقًا لحفنة من الفرنسيين المنقطعين في الهند، فقد قام ويلسلي بمهاجمة ميسور، وقتل تيبو في معركة سيرنغاباتام عام 1799م. وخاض اللورد ويلسلي عدة معارك ضد اتحاد الماراتا في الشمال والغرب. وأدت الحملات العسكرية إلى مد النفوذ السياسي الاستعماري البريطاني إلى دلهي عام 1804م، قبل عودة ويلسلي إلى بلاده. وألحقت دلهي ببريطانيا عام 1818م. وبقيت دولة السيخ مستقلة في البنجاب حتى حرب 1848م حيث خضعت بعدها للحكم الاستعماري البريطاني.
الهند البريطانية
البريطانيون في الهند.
الحكم والتجارة. في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي تمكن البريطانيون من إنهاء الحروب المستمرة فيما بين الولايات الهندية، بعد أن كان إدخال الأوروبيين التقنية العسكرية الحديثة للهند مثل المدفعية الثقيلة وبنادق المشـاة السريعـة الرمي قـد ساعـد على إطالـة أمد الحروب المحلية بين الأمراء الهنود فيما بين عام 1750وعشرينيات القرن التاسع عشر.
وجُدِّد عقد شركة الهند الشرقية عام 1814م لثلاثين سنة تالية. إلا أنه لم يعد مسموحًا لها احتكار التجارة الهندية. فكانت التجارة مفتوحة أمام التجار البريطانيين لاستيراد البضائع البريطانية. وتابعت الشركة التجارة بالمنتجات الهندية حتى عام 1833م، عندما أوقفت جميع أنشطتها بأمر البرلمان البريطاني.
وخلقت الثورة الصناعية البريطانية فرصًا جديدة لزيادة التجارة مع الهند.وأصبحت الأقمشة البريطانية أرخص بكثير من المنتجات اليدوية الهندية. وازدادت الصادرات البريطانية من الملابس إلى أسواق الهند. وبذلك فقد عمال الغزل والنسيج أعمالهم واضطروا للعودة ثانية إلى الزراعة لتأمين معيشتهم. واستمرت شركة الهند في بيع المنتجات الهندية في أوروبا، وصدَّرت الأفيون إلى الصين بالمقايضة مع الشاي.
وفي عام 1857م اندلعت ثورة عارمة بدأها الجنود البنغاليون وعمت كل مناطق الهند.
أسباب الثورة. لاتزال الأسباب الفعلية للثورة غامضة. وفي واقع الأمر فإن كثيرًا من القادة الهنود كانوا قد رحبوا بسياسة الشركة الحذرة في الأمور الدينية وعدم محاولة تغيير العادات الاجتماعية والسماح بحرية العقيدة الدينية. فهي لم تحاول فرض النصرانية بالرغم من جدية الإرساليات التنصيرية ونشاطها. وعملت على الحد من عادة حرق المرأة لنفسها إثر وفاة زوجها (السوتي). وأدخلت التعليم الإنجليزي أيضًا في المدارس وكليات التعليم العالي. ولقيت كل تلك الأمور قبولاً من بعض القادة الهنود مثل الراجا راموهان روي ودواركانا طاغور (جد الشاعر رابندرانات طاغور) الذين كانوا يرغبون في حدوث تغييرات اجتماعية لإزالة العادات الاجتماعية الضارة. وساعد ظهور الصحافة في كلكتا وغيرها المفكرين البنغال على حرية التعبير. وعكست كتاباتهم الدوافع القوية للتغيير.
انتشار الثورة. كانت انطلاقة الثورة في العاشر من مايو عام 1857م في مكان اسمه ميروت، قرب دلهي حيث أطلق الجنود الهنود النار على الضباط البريطانيين أثناء الاستعراض، وأخذوا زمام المبادرة وتوجهوا بعدها إلى دلهي، وأعلنوا الإمبراطور المغولي المتقاعد حاكمًا شرعيًا لهندستان.
هُوجم العديد من البريطانيين في القرى الهندية وقُتلوا خلال الاشتباكات التي تلت انتفاضة ميروت. وكادت الثورة أن تنُهي الإمبراطورية البريطانية في الهند التي سرعان ما تداركت الموقف وأخمدت الثورة بوحشية كبيرة طالت الثوار والأبرياء معًا، وقُتل الآلاف. وأدى ذلك إلى تأزم العلاقات بين الطرفين وعجَّل بوضع نهاية لحكم شركة الهند الشرقية البريطانية عام 1858م. وتولت الحكومة البريطانية مقاليد الأمور.
يتبــــــــــــــــــــــــــع