
27-03-2008, 02:45 PM
|
 |
قلم برونزي
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: maroc
الجنس :
المشاركات: 1,408
الدولة :
|
|
ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق الاتباع له، بحيث لا تتجاوز شريعته ولا تنقص عنها، فتجعله إمامك في جميع العبادات، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم هو إمام هذه الأمة وهو متبوعها، ولا يحل لأحد أن يتبع سواه، إلا من كان واسطة بينه وبين الرسول، بحيث يكون عنده من علم السنة ما ليس عندك، فحينئذ لا حرج أن تتبع هذا الرجل بشرط أن تكون معتقداً بأنه واسطة بينك وبين الشريعة، لا أنه مستقل؛ لا أحد يستقل بالتشريع إلا الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر الله ، أما من سواه فهو مبلّغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم " بلغوا عني ولو آية" [268].
ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : الذب عن شريعته وحمايتها، فالذب عنها بأن لا ينتقصها أحد، والذب عنها بأن لا يزيد فيها أحد ما ليس منها ، فتحارب أهل البدع القولية والفعلية والعقدية؛ لأن البدع كلها باب واحد كلها حقل واحد، كلها ضلالة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" كل بدعة ضلالة"[269] لا يستثنى من هذا بدعة قولية ولا فعليه ولا عقدية، كل ما خالف هدي النبي صلى الله علي وسلم وما جاء به في العقيدة أو في القول أو في العمل فهو بدعة، فمن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحارب أهل البدع بمثل ما يحاربون به السنة؛ إن حاربوا بالقول فبالقول، وإن حاربوا بالفعل فبالفعل، جزاء وفاقأً ؛ لأن هذا من النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن النصيحة للنبي صلى الله عليه وسلم احترام أصحابه وتعظيمهم ومحبتهم ؛ لأن صحب الإنسان لا شك أنهم خاصته من الناس وأخص الناس به ، ولهذا كان الصحابة- رضي الله عنهم- خير القرون؛ لأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن سبّ الصحابة أو أبغضهم، أو لمزهم، أو أشار إلى شي يبهتهم فيه، فإنه لم ينصح للرسول صلى الله عليه وسلم ، وإن زعم أنه ناصح للرسول فهو كاذب، كيف تسب أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وتبغضهم وأنت تحب الرسول صلى الله عليه وسلم وتنصح له؟ وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"[270] فإذا كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يسبهم الساب المفترى الكذاب فإنه في الحقيقة قد سبّ الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم ينصح له، بل هو في الحقيقة قدح في الشريعة؛ لأن حملة الشريعة إلينا هم الصحابة رضي الله عنهم، فإذا كانوا أهلاً للسبّ والقدح لم يوثق بالشريعة؛ لأن نقلتها أهل ذم وقدح، بل إن سبّ الصحابة رضي الله عنهم- سبّ لله عزّ وجلّ- نسأل الله العافية- وقدح في حكمته أن يختار لنبيه صلى الله عليه وسلم ولحمل دينه من هم أهلٌ للذم والقدح، إذاً من النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم محبة أصحابه واحترامهم وتعظيمهم ، فهذا من الدين.
الرابع : قال " ولأئمة المسلمين" الأئمة جمع إمام ، والمراد بالإمام من يقتدي به ويؤتمر بأمره، وينقسم إلى قسمين : إمامة في الدين ، وإمامة في السلطة.
فالإمامة في الدين: هي بيدي العلماء ، فالعلماء هم أئمة الدين الذين يقودون الناس لكتاب الله ، ويهدونهم إليه، ويدلونهم على شريعة الله ، قال الله تبارك وتعالى في دعاء عباد الرحمن ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان:74)، هم ما سألوا الله إمامة السلطة والإمارة، بل سألوا الله إمامة الدين؛ لأن عباد الرحمن لا يريدون السلطة على الناس ولا يطلبون الإمارة، بل قد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة- رضي الله عنه - " لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها" (1)لكنهم يسألون إمامة الدين، التي قالهم الله عنها: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24) فقال: (ائِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا).
والنصح لآئمة المسلمين في الدين والعلم ، وهو أن يحرص الإنسان على تلقي ما عندهم من العلم، فإنهم الواسطة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أمته، فيحرص على تلقى العلم منهم بكل وسيلة، وقد كثرت الوسائل في وقتنا ولله الحمد من كتابة وتسجيل وتلقّ وغير ذلك، فليحرص على تلقي العلم من العلماء ، وليكن تلقيه على وجه التأني لا على وجه التسرع؛ لأن الإنسان إذا تسرع في تلقي العلم فربما يتلقاه على غير ما ألقاه إليه شيخه وقد أدب الله النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأدب ، فقال تعالى (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (القيامة:16-19) ، لأن النبي صلى الله وعليه وسلم كان يبادر جبريل عليه السلام إذا ألقى عليه القرآن فيقرأ، فقال الله تعالى(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) يعني لا تحرك اللسان- ولا سراً - حتى ينتهي جبريل من القراءة ، ثم بعد ذلك اقرأه.
(فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (القيامة:18-19) ، تكفل الربّ عزّ وجلّ ببيانه يعني أنك لن تنساه ، مع أن المتوقع أن الإنسان إذا سكت حتى ينتهي الملقي من إلقائه ربما ينسى بعض الجمل ، لكن قال الله عزّ وجلّ:( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) .
ومن النصح أيضاً لعلماء المسلمين : أن لا يتتبع الإنسان عوراتهم وزلاتهم وما يخطئون فيه؛ لأنهم غير معصومين، قد يزلون وقد يخطئون، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، ولا سيما من يتلقى العلم فإنه لا يجب أن يكون أبلغ الناس في تحمل الأخطاء التي يخطئ بها شيخه، وينهه عليها، فكم من إنسان انتفع من تلاميذه؛ ينبهونه على بعض الشيء؛ على الخطأ العلمي، أو على الخطأ العملي، وعلى أخطاء كثيرة؛ لأن الإنسان بشر.
لكن الشيء المهم أن لا يكون حريصاً على تلقي الزلات ، فإنه جاء في الحديث :" يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه؛ لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه فضحه الله ولو في بيت أمه" [271]، هذا وهم مسلمون عمامة فيكف بالعلماء.
إن الذين يلتقطون زلات العلماء ليشيعوها ليسوا مسيئين للعلماء شخصياً وحسب، بل مسيئون للعلماء شخصياً، ومسيئون إلي علمهم الذي يحملونه، ومسيئون إلي شريعة التي تتلقى من جهتهم ؛ لأن العلماء إذا لم يثق الناس فيهم، وإذ اطلعوا على عوراتهم التي قد لا تكون عورات إلا على حسب نظر هذا المغرض، فإنه تقل ثقتهم بالعلماء وبما عندهم من العلم، فيكون في هذا جناية على الشرع الذي يحملونه من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
لذلك من نصيحتك لأئمة المسلمين من أهل العلم أن تدافع عن عوراتهم، وأن تسترها ما استطعت، وأن لا تسكت إذا سمعت شيئاً بل نبّه العالم ، وابحث معه واسأله، ربما ينقل عنه أشياء غير صحيحة، وقد نُقل عنا وعن غيرنا أشياء غير صحيحة، لكن الناس- نسأل الله العافية- إذا كان لهم هوى وأحبوا شيئاً وعرفوا أحداً من أهل العلم يقبل الناسُ قوله، نسبوه لهذا العالم، ثم إذا سألت نفس الذي نسب إليه القول، قال أبداً ما قلت كذا، وقد يخطئ السائل مثلاً في صيغة السؤال، فيجب العالم على قدر السؤال ويفهمه السائل على حسب ما في نفسه هو ، فيحصل الخطأ وقد يجيب العالم بالصواب بعد فهم السؤال لكن يفهمه السائل على غير وجهه فيخطئ في النقل.
وعلى كل حال من النصيحة لأئمة المسلمين في العلم والدين أن لا يتتبع الإنسان عوراتهم، بل يلتمس العذر لهم، اتصل وقل سمعت عنك كذا وكذا هل هذا صحيح فإذا قال : نعم ، قل : أظن أن هذا خطأٌ غلط حتى يبين لك وربما يشرح شيئاً لا تعرفه وتظن أنه أخطأ فيه، وربما قد خفي عليه شيء فتنبهه أنت، وتكون مشكوراً على هذا، وقد قال أول إمام في الدين والسلطة في هذه الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر رضي الله عنه، حيث خطب أول خطبة ، قال للناس وهو يخاطبهم يتحدث عن نفسه: إن اعوججت فأقيموني. وذلك لأن الإنسان بشر.
فقوّم أخاك ولا سيما أهل العلم، لأن العالم خطره عظيم، الخطر الزللي، والخطر الرفيع، لأن كلمة الخطر تكون للعلو والنزول ، فهو خطره عظيم، إن أصاب هدى الله على يده خلقاً كثيراً، وإن أخطأ ضلّ على يد خلق كثير فزلة العالم من أعظم الزلات.
ولهذا أقول: يجب أن نحمي أعراض علمائنا، وأن ندافع عنهم ، وأن نلتمس العذر لأخطائه من ولا يمنع هذا أن نتصل بهم، وأن نسألهم ، وأن نبحث معهم، وأن نناقشهم حتى نكون مخلصين ناصحين لأئمة المسلمين.
النوع الثاني من أئمة المسلمين: أئمة السلطة وهم الأمراء، والأمراء في الغالب أكثر خطأ من العلماء ؛ لأنه لسطته قد تأخذه العزة بالإثم فيريد أن يفرض سلطته على الصواب والخطأ، فالغالب من أئمة المسلمين في السلطة وهم الأمراء أن الخطأ فيهم أكثر من العلماء إلا ما شاء الله.
والنصيحة لهم هي أن نكف عن مساوئهم، وأن لا ننشرها بين الناس، وأن نبذل لهم النصيحة ما استطعنا، بالمباشرة إذا كنا نستطيع أن نباشرهم أو بالكتابة إذا كنا لا نستطيع، أو بالاتصال بمن يتصل بهم إذا كانا لا نستطيع الكتابة؛ لأنه أحياناً لا يستطيع الإنسان الكتابة لهم، ولو كتب لم تصل إلى المسؤول ، فيتصل بأحدٍ يتصل بالمسؤول وينبهه، فهذا من النصح.
أما نشر مساوئهم فليس فيه عدوان شخصي عليهم فقط، بل هو عدوان شخصي عليهم وعلى الأمة جميعاً؛ لأن الأمة إذا امتلأت صدورها من الحقد على وُلاة أمورها عصت الولاة، ونابذتهم، وحينئذ تحصل الفوضى، ويسود الخوف، ويزول الأمن، فإذا بقيت هيبة ولاة الأمور في الصدور صار لهم هيبة، وحميت أوامرهم ونظمهم التي لا تخالف الشريعة.
فالمهم أن أئمة المسلمين تشمل النوعين، أئمة الدين وهم العلماء، وأئمة السلطان وهم الأمراء، وإن شئت فقل أئمة البيان، وأئمة السلطان، وأئمة البيان وهم العلماء الذين يبيّنون للناس ، وأئمة السطان وهم الأمراء الذين ينفذون شريعة الله بقوة السلطان، إذاً أئمة المسلمين سواء أئمة العلم والبيان، أو أئمة القوة والسلطان يجب علينا أن نناصحهم، وأن نحرص على بذل النصيحة لهم، في الدفاع عنهم وستر معايبهم، وعلى أن نكون معهم إذا أخطئوا في بيان ذلك الخطأ لهم بيننا وبينهم؛ لأنه ربما نعتقد أن هذا العالم مخطئ أو أن هذا الأمير مخطئ وإذا ناقشناه تبين لنا أنه غير مخطئ، كما يقع هذا كثيراً.
كذلك أيضاً ربما تنقل لنا هذه الأشياء عن العالم أو عن الأمير على غير وجهها، وإما لسوء القصد من الناقل؛ لأن بعض الناس- والعياذ بالله - يحب تشهير السوء بالعلماء وبالأمراء ، فيكون سيىء القصد ينقل عليهم ما لم يقولوه، وينسب إليهم ما لم يفعلوه، فإذا سمعنا عن عالم أو عن أمير ما نرى أنه خطأً فلابد من تمام النصيحة مناقشته، وبيان الأمر وتبيُّنه حتى نكون على بصيرة.
أما آخر الحديث فيقول:" وعامتهم" يعني النصح لعامة المسلمين، وقدم الأئمة على العامة؛ لأن الأئمة إذا صلحوا صلحت العامة؛ فإذا صلح الأمراء صلحت العامة، وإذا صلح العلماء صلحت العامة، لذلك بدأ بهم، وليُعلم أن أئمة المسلمين لا يّراد بهم الآئمة الذين لهم الإمامة العظمى، ولكن يُراد به ما هو أعم، فكل من له إمرة ولو في مدرسة فإنه يعتبر من أئمة المسلمين، إذا نوصح وصلح، صلح من تحت يده.
والنصيحة لعامة المسلمين بأن تحب لهم ما تجبُ لنفسك، وأن ترشدهم إلى الخير، وأن تهديهم إلى الحق إذا ضلوا عنه، وأن تذكرهم به إذا نسوه، وأن تجعلهم لك بمنزلة الأخوة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:" المسلم أخو المسلم"[272] ، وقال :" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُ بعضه بعضاً " [273]، وقال :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى" [274]، فأنت إذا أحسست بألم في أطرف شيء من أعضائك، فإن هذا الألم يسري على جميع البدن، كذلك ينبغي أن تكون للمسلمين هكذا، إذا اشتكى أحد من المسلمين فكأنما الأمر يرجع إليك أنت.
وليُعلم أن النصيحة هي مخاطبة الإنسان سراً بينك وبينه؛ لأنك إذا نصحته سراً بينك وبينه أثرت في نفسه، وعلم أنك ناصح، لكن إذا تكلمت أمام الناس عليه ؛ فإنه قد تأخذه العزة بالإثم فلا يقبل النصيحة، وقد يظن أنك إنما تريد الانتقام منه وتوبيخه و وحطّ منزلته بين الناس فلا يقبل ، لكن إذا كانت النصيحة بينك وبينه صار لها ميزانٌ كبير عنده وقيمة ، وقبل ذلك، والله المسؤول أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه.
182- الثاني : عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: " بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم" متفقٌ عليه[275].
183- الثالث: عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبٌ لنفسه" متفق عليه[276] .
قال المؤلف رحمه الله - عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم؛ هذه ثلاثة أشياء : حق محض لله، وحق للآدمي محض، وحق مشترك ، أما الحق المحض لله ؛ فهو قوله" أقام الصلاة".
ومعني " إقام الصلاة " أن يأتي بها الإنسان مستقيمة على الوجه المطلوب ، فيحافظ عليها في أوقاتها، ويقوم بأركانها وواجباتها وشروطها ، ويتمم ذلك بمستحباتها.
ومن هذا بالنسبة للرجال إقامة الصلاة في المساجد مع الجماعة، فإن هذا من إقامة الصلاة، ومن تخلف عن الجماعة بلا عذر فهو آثم، بل هو عند بعض العلماء - كشيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - إذا صلى بدون عذر مع غير الجماعة؛ فصلاته باطلة مردودة عليه، لا تقبل منه، ولكن الجمهور هو على أنها تصح مع الإثم، وهذا هو الصحيح، فمن ترك صلاة الجماعة بلا عذر ؛ فصلاته صحيحة ولكنه آثم، وهذا هو القول الراجح وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد- رحمه الله - وهو الذي عليه جمهور من قالوا بوجوب صلاة الجماعة.
ومن إقامة الصلاة: الخشوع فيها ، والخشوع هو حضور القلب وتأمله بما يقوله المصلي وما يفعله ، وهو أمر مهم؛ لأن الصلاة بلا خشوع كالجسد بلا روح ، فأنت إذا صليت وقلبك يدور في كل وادٍ فإنك تصلي حركات بدنيه فقط، فإذا كان قلبك حاضراً تشعر كأنك بين يدي الله عزّ وجلّ، تناجيه بكلامه ، وتتقرب إليه بذكره ودعائه، فهذا هو لبُّ الصلاة روحها.
وأما قوله :" إيتاء الزكاة" يعني : إعطاءها لمستحقها، وهذه جامعة بين حق الله وحق العباد، أما كونها حقاً لله فلأن الله فرض على عباده الزكاة وجعلها من أركان الإسلام، وأما كونها حقاً للآدمي فلما فيها من قضاء حوائج المحتاجين، وغير ذلك من المصالح المعلومة في معرفة أهل الزكاة.
وأما قوله:" النصح لكل مسلم" فهذا هو الشاهد من الحديث للباب، أي: أن ينصح لكل مسلم: قريب أو بعيد ، صغير أو كبير، ذكر أو أنثى.
وكيفية النصح لكل مسلم هي ما ذكره في حديث أنس- رضي الله عنه-: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" هذه هي النصيحة أن تحب لإخوانك ما تحب لنفسك، بحث يسرك ما يسرهم، ويسوءك ما يسوؤهم، وتعاملهم بما تحب أن يعاملوك به، وهذا الباب واسع كبير جداً.
فنفى النبي عليه الصلاة والسلام الإيمان عمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه في كل شيء، ونفي الإيمان قال العلماء : المراد به نفي الإيمان الكامل، يعني لا يكمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك ، وليس المراد انتفاء الإيمان بالكلية.
ويذكر أن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه حين بايع النبي عليه الصلاة والسلام على النصح لكل مسلم، أنه اشترى فرساً من شخص بدراهم، فلما اشتراه وذهب به وجد أنه يساوي أكثر، فرجع إلى البائع وقال له: إن فرسك يساوي أكثر، فأعطاه ما يرى أنها قيمته، فانصرف وجرّب الفرس فإذا به يجده يساوي أكثر مما أعطاه أخيراً، فرجع إليه وقال له : إن فرسك يساوي أكثر فأعطاه ما يرى أنها قيمته، وكذلك مرة ثالثة حتى بلغ من مائتي درهم إلى ثمان مائة درهم؛ لأنه بايع الرسول صلى الله عليه وسمل على النصح لكل مسلم، وإذا بايع النبي صلى الله عليه وسلم أحد على شيء لا يختص به فهو عام لجميع الناس، كل الناس مبايعون الرسول عليه الصلاة والسلام على النصح لكل مسلم؛ بل على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم ، والمبايعة هنا بمعنى المعاهدة؛ لأن المبايعة تطلق على البيع والشراء، وتطلق على المعاهدة تطلق على البيع والشراء، وتطلق على المعاهدة، كما قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ )(الفتح: 10) ، وسميت مبايعة ؛ أن كلاًّ من المتبايعين يمدُ باعه إلى الآخر ، يعني يده من أجل أن يمسك بيد الآخر ، ويقول : بايعتك على كذا وكذا، والله الموفق.
264 أخرجه مسلم ، كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، رقم (55)
265 تقدم تخريجه ص (382)
266 لحديث عائشة رضي الله عنها ، أخرجه مسلم ، كتاب الفضائل، باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام واختياره..، رقم (2328)
267 أخرجه مالك في الموطأ (1/199).
268 تقدم تخريجه ص (348)
269 تقدم تخريجه ص (328)
270 أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجلس، رقم (4833) ، والترمذي، كتاب الزهد، باب رقم (45) ، حديث رقم (2378)، وقال : حسن غريب.
(1) أخرجه البخاري ، كتاب الإيمان والنذور ، باب قوله تعالي، (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْو) ، رقم (6633) ومسلم، كتاب الإيمان، باب ندب من ولو يمنياً فرأي غيرها خيراً، رقم (1653).
271 أخرجه الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في تعظيم المؤمن، رقم (1032)، من حديث بن عمر، وأبو داود، كتاب الأدب، باب في الغيبة، رقم(4880)، من حيث أبي برزة الأسلمي، وأحمد في المسند (4/ 321/ 424) من حديث أبي برزة، وأخرجه أيضاً (5/ 279) من حديث ثوبان رضي الله عنه.
272 أخرجه البخاري ، كتاب المظالم ، باب لا يظلم المسلم المسلم...، رقم (2442)، ومسلم كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم ، رقم (2580).
273 أخرجه البخاري، كتاب الأدب باب تعاون المؤمنين...، رقم (6026) ، ومسلم ، كتاب البر والصلة ، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم، رقم (2585).
274 أخرجه البخاري كتاب الأدب ، باب رحمة الناس والبهائم ، رقم (6011) ، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم ، رقم (2586)
275 أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم :" الدين النصيحة"، رقم (57)، ومسلم ، كتاب الإيمان ، بيان أن الدين النصيحة ، رقم (56)
276 تقدم تخريجه ص (184)
لا نريد إلا النصح والله شاهد وليس بينى وبين الأخ جند الله حساب حتى تكون تصفيات
ومن لم يقبل النصيحية سيكون حساب الأخرة كبير ونقف جميعا أمامه رب العزة والجبروت مادا يكون الجواب
إن خدمةالدين ليس بالهين والسلام عليكم و رحمة الله وبراكته
__________________
|