عرض مشاركة واحدة
  #79  
قديم 29-12-2007, 10:43 PM
الصورة الرمزية مبارك المرسل
مبارك المرسل مبارك المرسل غير متصل
المجيب على اسئلة الرقية الشرعية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: السعودية
الجنس :
المشاركات: 361
افتراضي

نماذج في الاعتراف بالخطأ:
أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام كلهم كانوا نماذج في الاعتراف بالخطأ والخروج منه.
موسى عليه السلام:
فموسى عليه السلام يقول في قصته مع الخضر: (لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا)[الكهف:73].ويقول: (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا)[الكهف: 76].
- عيسى عليه السلام:
اقرأ قصة عيسى عليه السلام، التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأى عيسى بن مريم رجلاً يسرق فقال له: أسرقت؟! قال: كلا، والله الذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني"
إنه في شدة تواضعه واعترافه، يرى السارق ثم يقول لما حلف بالله الذي لا إله إلا هو: "آمنت بالله وكذبت عيني"
محمد صلى الله عليه وسلم:
أما محمد صلى الله عليه وسلم فهو صاحب القدح المعلى في ذلك، وكيف لا، وقد خاطبه الله تعالى في مواضع كثيرة من كتابه يأمره بالاستغفار وبالتقوى؟! يقول الله عز وجل: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ)،ويقول:
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ.وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا.فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)، ويقول:(إِنَّا أنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا. وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا.وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا)،ويقول:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ)،ويقول:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ)،ويقول: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ).
وهكذا عاتب الله نبيه صلى الله عليه وسلم، وأمره بالاستغفار، وبالتقوى، ونهاه عن طاعة الكافرين والمنافقين، ولهذا كان من شأنه صلى الله عليه وسلم أمر عجيب، في تواضعه، وقبوله للرأي الآخر، وإعراضه عن الجاهلين، ورجوعه إلى ما يرى أنه صواب إذا قاله أحد.
فمن ذلك أنه لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم أناسًا في قسمة الغنائم، فقال رجل: "والله إن هذه قسمة ما عُدل فيها، وما أريد بها وجه الله". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "رحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر"، والثابت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالقبض على هذا الرجل الذي قال تلك الكلمة، وشكّك في القيادة العليا -قيادة النبي صلى الله عليه وسلم-، ولا أن يودع في السجن، ولا فتح محاضر التحقيق معه، ولا شهّر به ولا فضحه، وإنما تركه حرًّا طليقًا لم يتعرض له بشيء سوى أنه صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر"، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق المبرأ المنـزه.
أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
وهذا أبو بكر رضي الله عنه سمع الناس يثنون عليه، فكـان يقول: "اللهم اجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون"، فلا يغتر بثنائهم، وإنما يسأل الله تعالى أن يغفر له ما لا يعلمون من عيوبه.
ولنتأمل هذا الموقف من مواقفه رضي الله عنه:
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما صاحبكم فقد غامر" فسلَّمَ، وقال يا رسول الله: "إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى عليَّ، فأقبلت إليك" فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر" ثلاثًا، ثم إن عمر ندم فأتى منـزل أبي بكر فسأل: "أثَمَّ أبو بكر؟" فقالوا: "لا"، فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم، فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعَّر، حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه فقال: "يا رسول الله، والله أنا كنتُ أظْلَمَ، مرتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ مرتين فما أوذي بعدها". والشاهد أن أبا بكر رضي الله عنه، كان سريعاً إلى الرجوع إلى الحق والاعتراف به.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
أما عمر رضي الله عنه، فكما كان شديدًا في الحق؛ وكان شديدًا على نفسه، ولذلك أعلنها صيحة مدوية: "رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي"، ولم يشترط عمر -رضي الله عنه- أن تسر أو تعلن، ولم يشترط أسلوبًا معينًا في النصح؛ بل المهم أنك تهدي له عيوبه بأي شكل.
وكان رضي الله عنه يتقبل النصيحة حتى وهو على المنبر، فربما صعد وقال: "أيها الناس اسمعوا وأطيعوا"، فقام رجل من الرعية من عامة الناس، وقال: "لا سمع ولا طاعة!" فقال: "لم، رحمك الله؟" قال: "أعطيتنا ثوبًا ثوبًا ولبست ثوبين!" فقال: "قم يا عبد الله بن عمر!"، فيقوم ابن عمر ويشرح القضية أنه قد أعطاه ثوبه، فلبس عمر ثوبه وثوب ولده عبد الله؛ لأنه رجل فارع الطول.
ومرة أخرى يقول له رجل: "لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بسيوفنا"، وهذا لا يعني أنهم كانوا سوف يخرجون عليه بالسيف؛ بل المقصود أن هؤلاء الناس كان لديهم استعداد لأن يقوّموا الخطأ من أي إنسان كائنًا من كان، حتى ولو كان من عمر رضي الله عنه.

هؤلاء هم القدوات لنا ، سبحان الله تعالى ما ازكى نفوسهم وما اطهر قلوبهم .
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.77 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.48%)]