عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 12-12-2007, 10:36 PM
الصورة الرمزية الفراشة المتألقة
الفراشة المتألقة الفراشة المتألقة غير متصل
مراقبة قسم العلوم الإسلامية
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: في جنة الفردوس ولن أرضى بالدون .. سأواصل لأصل هنااك بإذن الله
الجنس :
المشاركات: 6,542
افتراضي

يتكلم الامام الشاطبي فيما يأتي عن القرآن ، وقارئ القرآن وفضله




4- وَبَعْدُ فَحَبْلُ اللهِ فِينَا كِتَابُهُ فَجَاهِدْ بِهِ حِبْلَ العِدَى مُتَحَبِّلا

بعد البدء بالبسملة والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ، بعد هذا فاعلم أن حبل الله فينا كتابه القديم وكلامه الحكيم .
فجاهد أيها القارئ بهذا القرآن وبما تضمنه من أدلة وبراهين مكائد خصوم الإسلام وأعدائه ، حالة كونك جاعلا القرآن شبكة تتصيدهم بها إلى حظيرة الإسلام



5- وَأَخْلِقْ بِهِ إذْ لَيْسَ يَخْلُقُ جِدَّةً جَدِيدَاً مُوَالِيهِ عَلَى الجِدِّ مُقْبِلا

ما أجدر القرآن بالمجاهدة بأدلته وبراهينه لأنه حق لا يبلى ، سمي المكانة رفيع المنزلة .
وكل من والاه وصافاه فهو مستقيم على الجد ، سالك طريق الحق ، حال كونه مهتما به ، عاملا بما اشتمل عليه يقيم حروفه وحدوده .



6- وَقَارِئُهُ المَرْضِيُّ قَرَّ مِثَالُهُ كَالاُتْرُجِ حَالِيهِ مُرِيحًا وَمُوكِلا

أن قارئ القرآن العامل به ، السائر على نهجه ، ثبت مثاله واستقر مشبها بالأترج – وهو فاكهة طيبة الرائحة حلوة الطعم – وفي هذا إشارة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب "
أخرجه البخاري ومسلم



7- هُو المُرْتَضَى أَمًّا إذَا كَانَ أُمَّةً ويَمَّمَهُ ظـِلُّ الرَّزَانَةِ قـَنـْقـَلا

المرتضى : المحمودة سجاياه
الرزانة : رجاحة العقل والسكينة والوقار
القنقل : اسم للمكيال الضخم أو الكثيب العظيم من الرمل
قارئ القرآن مرتضى قصده مخلصة نيته لأنه صار بحمله القرآن واهتمامه به جامعا لخصال الخير ، فكأنه أمة في الخير ، وقصده ظل العقل والوقار ، حال كونه مشبها الجبل في السكون والتؤدة والوقار ، وجعل الرزانة هي التي تقصده كأنها تفتخر به ، وتتزين بأن تظلله لكثرة خلال الخير فيه مبالغة في الإشادة بقارئ القرآن



8- هو الحُرُّ إن كان الحَرِيُّ حَوََارِيًا لَهُ بِتَحَرِيهِ إلى أَن تَنَبَّلا

الحر : الذي لم يلحقه الرق
الحري : الخليق والجديد
الحواريّ : هو الصاحب المخلص
التحري : الاجتهاد في قصد الحق وطلب الصواب
التنبل : الرفعة أو الموت
أن قارئ القرآن هو الحر الذي لم يستعبده الهوى ، ولم تسترقه الدنيا ، ولكن إذا كان خليقا جديرا بالتحري في القرآن ، والاستعداد لحفظه واستظهاره ، والسير على طريقته ، حال كونه مخلصا له نيته موجها إليه جميع حواسه وشعوره إلى أن ينبغ في هذا العلم أو إلى أن يتوفاه الله



10 - وَإِنَّ كِتَابَ اللهِ أَوْثَقُ شَافِعٍ وَأَغْنى غَنَاءً وَاهِباً مُتَفَضِّلاَ

القرآن الكريم كتاب اللـه وكلامه المنزل على رسوله وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو الشافع الذي لا ترد شفاعته
ففي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه " رواه مسلم
فالقرآن غنى لا فقر معه لأنه يهب صاحبه الثواب ويتفضل عليه بالكرامة



11 - وَخَيْرُ جَلِيسٍ لاَ يُمَلُّ حَدِيثُهُ وَتَرْدَادُهُ يَزْدَادُ فِيهِ تَجَمُّلاً

أي أن القرآن الكريم أفضل أنيس ، وخير جليس ، لا يسأم من حديثه ، ولا تمل من تلاوته ولا سماعه ، وكلما كرره وردده المسلم ازداد جمالا وبهاء ، لما يقتبس من أخلاقه العالية ، وآدابه السامية ، وأنواره المتجددة



12 - وَحَيْثُ الْفَتى يَرْتَاعُ فيِ ظُلُمَاتِهِ مِنَ اْلقَبرِ يَلْقَاهُ سَناً مُتَهَلِّلاً

إذا كان قارئ القرآن عند موته يخاف من أعماله السيئة التي اقترفها طول حياته في الدنيا ، فإن القرآن يلقاه عند دخوله القبر باش الوجه ، فيأنس به ، ويتبدل خوفه أمنا وطمأنينة

اللهم اجعل القرآن شفيعا لنا وأنيسنا وقائدنا الى جنة الفردوس يا رب العالمين



13 - هُنَالِكَ يَهْنِيهِ مَقِيلاً وَرَوْضَةً وَمِنْ أَجْلِهِ فِي ذِرْوَةِ الْعِزّ يجتُلَى

في ذلك المكان – أي في القبر – يهنئ القرآن صاحبه الذي كان يقوم بحقه في الدنيا ، ويبشره بأن قبره سيكون روضة من رياض الجنة ينعم بها
ومن أجل القرآن وتلاوته والمحافظة عليه يُرَى صاحب القرآن في أعلى مراتب العز يوم القيامة



14 - يُنَاشِدُه في إرْضَائِهِ لحبِيِبِهِ وَأَجْدِرْ بِهِ سُؤْلاً إلَيْهِ مُوَصَّلاَ

يطلب القرآن ويناشد – أي يلح في الطلب – الله عز وجل أن يعطي صاحبه هذا من الثواب العظيم ، والنعيم المقيم ، ما تقر به عينه ، وتفرح به نفسه



15 - فَيَا أَيُّهَا الْقَارِى بِهِ مُتَمَسِّكاً مُجِلاًّ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ مُبَجِّلا
16 - هَنِيئاً مَرِيئاً وَالِدَاكَ عَلَيْهِما مَلاَبِسُ أَنْوَأرٍ مِنَ التَّاجِ وَالحُلاْ
17 - فَما ظَنُّكُمْ بالنَّجْلِ عِنْدَ جَزَائِهِ أُولئِكَ أَهْلُ اللهِ والصَّفَوَةُ المَلاَ

ينادي الناظم قارئ القرآن فيقول :
يا قارئ القرآن ، يا من اعتصمت به ، يا من عملت بما فيه من أحكام وانتهيت عن ما نهاك من المحرمات ، يا من عظّمت القرآن في كل الأحوال

هنيئا مريئا لك هذا الانعام وهذا الاكرام ، الذي ستحصل عليه يوم القيامة ان شاء الله

هنيئا مريئا لوالداك اللذان أنجباك ، سيكسيهما الله يوم القيامة بفضلك ملابس من نور ، ويتوجهما بتاج العزة والفخار الذي ضوءه أبهى من ضوء الشمس في بيوت الدنيا

فما ظنكم بالنجل – أي الابن – الذي حمل القرآن وعمل به ، يكفيه فخرا وشرفا أنه من أهل الله وخاصته



18 - أُولُو الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ وَالصَّبْرِ وَالتُّقَى حُلاَهُمُ بِهَا جَاءَ الْقُرَانُ مُفَصَّلاَ

أهل القرآن هم أصحاب البر ، هم الذين يحسنون أعمالهم ويخشون ربهم ، هم الذين يصبرون على كل ما يحتاج الى صبر
وجاءت صفاتهم في كتاب الله مفصلة




19 - عَلَيْكَ بِهَا مَا عِشْتَ فِيهَا مُنَافِساً وَبِعْ نَفْسَكَ الدُّنْيَا بِأَنْفَاسِهَا الْعُلاَ


يخاطبك الإمام الشاطبي – رحمه الله - هنا فيقول لك :
يا قارئ أبياتي ، يا قارئ القرآن ، إلزم هذه الصفات الحميدة ما عشت حيا ، ونافس غيرك فيها ، وأبدل نفسك الدَّنِية التي تدعوك إلى الخمول والكسل وحب العاجل ، أَبْدِلها بنفسٍ همتها عالية ، وغايتها سامية ، تحب العمل الصالح ، مقبلة على ربها ، مستعدة للقائه






يا لها من مقدمة


يصعب علي وصفها ، وعلى قلمي من تسطير ما فيها من معاني

فقد احتوت في بدايتها على مجموعة من صفات القرآن وصاحب القرآن ، وفي خاتمتها على وصايا ثمينة ، لخصها لنا الإمام الشاطبي - رحمه الله - في عدة أبيات ، وأهداها لنا في مقدمة منظومته الثمينة التي لا تعادل طناً من ذهب


( حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع )



فهل ستجد وصايا شيخنا من يسمعها ويمتثل بها ؟!!
__________________
وانقضت الأيام
وصرت أُنَادى بأم البراء بين الأنام
ربِّ احفظه لي وأقر عيني فيه حافظا لكتابك و إمام
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.53 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.71%)]