عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 21-11-2007, 03:08 PM
الصورة الرمزية مهدي؟
مهدي؟ مهدي؟ غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jun 2006
مكان الإقامة: ارض الله الواسعة
الجنس :
المشاركات: 93
افتراضي

ولكن سرعان ما سقطت الحجة البريطانية في 2 نوفمبر 1917، حين نشرت رسالة وزير الخارجية البريطاني (آرثر بلفور) المرسلة الى زعيم الحركة الصهيونية (اللورد روتشيلد) وبما عرف لاحقا (بوعد بلفور). تقول الرسالة (إن حكومة جلالة الملك "بريطانيا" تنظر في موضوع تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين) وتضيف الرسالة (ولكن لا يجوز القيام بأي تعد على الحقوق المدنية أو الديانات الأخرى غير اليهودية، أو أن تؤثر على حقوق اليهود الذين يعيشون في أي بلد آخر..)

هذا الوعد هو الذي غيّر خريطة الشرق الأوسط بشكل جذري.. وكان السبب في إشعال الحروب في المنطقة، وعقد إتفاقيات السلام لاحقا، والتي لازالت بدورها تترنح حتى يومنا هذا.. إلا أن الأهم أن بعد هذا الوعد أن الطريق قد فتح أمام شريك جديد وهو الولايات المتحدة الأمريكية..!

قام الرئيس الأمريكي آنذاك (وودرو ولسن) بإدخال الولايات المتحدة في الحرب الى جانب الحلفاء وتحت شعار (الحرب لإنقاذ الديمقراطية)...!! ووضع نقاطه الأربعة عشر التي عرفت بمشروع ولسن وذلك في مؤتمر باريس في يناير عام 1919..

لقد حاول ولسن طمأناة كل من بريطانيا وفرنسا الى موقفه الحيادي تجاه صراعهما الإمبريالي على إقتسام المنطقة وحاول التقريب بين وجهات نظرهما، وذلك بعد أن كانت فرنسا تشكو من أنها لم تأخذ ما فيه الكافية من دول المنطقة.. فتم إقناع الفرنسيين بالإبقاء على سوريا ولبنان، فيما أبقت بريطانيا على العراق وشرق الأردن وفلسطين ومصر والجزيرة العربية..!

في مؤتمر باريس، وقف الأمير فيصل (الملك فيصل الأول لاحقا) ليلقي كلمته التي إستمرت 20 دقيقة، ويقف خلفه (لورنس العرب)...! حيث إعتبر الأمير فيصل أن نقاط ولسن هي بمثابة إعلان لدول مستقلة في المنطقة العربية...! هذا في الوقت الذي كان الدبلوماسيين الفرنسيين والبريطانيين يجلسون في غرفة مغلقة لوضع خرائط الحدود لتلك الدول، والتي رسمت خريطة الشرق الأوسط آنذاك....! هذا بالطبع فيما عدا فلسطين والتي كان البريطانيون قد طمأنوا زعماء الصهيونية بشأن مستقبلها...!!

أما ما يخص العراق، فإن بريطانيا إستثنت الموصل تاركة إياها بشكل (مؤقت) لسوريا، أي للفرنسيين بما يمكن تشبيهه (بحقنة مخدرة)، وركزوا على السيطرة التامة على كل من ولايتي بغداد والبصرة...!!

بدأت بريطانيا بحملة (تحرير) البصرة وبغداد عسكريا.. تماما كما قيل في عام 2003 من قبلهم ومن قبل الأمريكان...!

واجهت بريطانيا مقاومة شرسة من الآف الجنود الأتراك الذين بقوا بعد إندحار الجيش التركي، وتماما أيضا كما أعاد التاريخ نفسه في 2003، حين واجهت بقايا الجيش العراقي كل من بريطانيا وأميركا.

في 1920، وكما في 2003، قامت عشائر شيعية عربية في جنوب العراق بالتصدي للبريطانيين كما قام العرب السنّة في مناطق أخرى بتأسيس جمعيات سرية للمقاومة. إنضوى الشيعة تحت ما يسمى (جمعية النهضة الإسلامية) فيما إنضوى السنّة تحت ما سمي (جمعية حرس الإستقلال) كان لكلا الفريقين وجهات نظر مختلفة، ولكنهما من حيث المبدأ متفقين على ضرورة إخراج المحتل البريطاني..!

لقد كانت ثورة العشرين، إنتفاضة عشائرية دينية ووطنية، أكثر منها سياسية أو طائفية.. وقد وضعت البريطانيين وقوتهم على محك الإختبار.. إلا أن البريطانيين ردّوا على ذلك بقسوة حيث إستخدموا طائراتهم الحربية، وضربوا القبائل بالقنابل، وحتى أنهم إستخدموا غاز الخردل، تماما كما فعلوا في الهند قبل سنة واحدة من ذلك التاريخ وفي منطقة (البنجاب)

لقد قال وزير الحرب والطيران البريطاني آنذاك ونستون تشرتشل (لقد كان ضرب الحركة يشكل خسارة وكلفة أقل بالنسبة لنا وذلك بإستخدام الطائرات والغاز، ولم يتطلب منا الأمر على الأرض سوى 2000 جندي بريطاني، مضافا اليهم 10,000 جندي هندي!!)

نفس الأسلوب تقريبا تم تطبيقه من قبل الجنرال (كولن باول) وزير الدفاع الأمريكي في إحتلال العراق عام 2003..! بإستخدام اليورانيوم المنضب، والقنابل العنقودية، والغازات السامة في جنوب العراق وفي بغداد...!!

نعود الى بيرسي كوكس، الذي قام بموافقة الخارجية البريطانية، ووزيرها آنذاك لورد كيرزن بإعلان العراق دولة ملكية، وأختار البريطانيون الأمير فيصل الذي كان الفرنسيون قد عزلوه بعد تنصيبه ملكا على سوريا، ملكا على العراق تحت إسم (الملك فيصل الأول)، والذي وقع على الفور وثيقة تعاون مع البريطانيين ومنحهم سلطات واسعة لإدارة العراق...!
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.29 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (4.07%)]