عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 02-10-2007, 01:14 AM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي ۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة التاسعه عشر)۞



موسى عليه السلام


الجزء الثالث

تتناول حياة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل بعد غرق فرعون، والأحداث العظيمة التي حدثت أثناء ضياعهم في صحراء سيناء
نفسية بني إسرائيل الذليلة
لقد مات فرعون مصر غرق أمام عيون المصريين وبني إسرائيل ورغم موته فقد ظل أثره باقيا في نفوس المصريين وبني إسرائيل من الصعب على سنوات القهر الطويلة والذل المكثف أن تمر على نفوس الناس مر الكرام لقد عوّد فرعون بني إسرائيل الذل لغير الله هزم أرواحهم وأفسد فطرتهم فعذبوا موسى عذابا شديدا بالعناد والجهل

كانت معجزة شق البحر لم تزل طرية في أذهانهم حين مروا على قوم يعبدون الأصنام وبدلا من أن يظهروا استيائهم لهذا الظلم للعقل ويحمدوا الله أن هداهم للإيمان بدلا من ذلك التفتوا إلى موسى وطلبوا منه أن يجعل لهم إلها يعبدونه مثل هؤلاء وعاودهم الحنين لأيام الشرك القديمة التي عاشوها في ظل فرعون0

موعد موسى لملاقاة ربه
انتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى عليه السلام وهي تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والتعذيب على يد فرعون وجنده والسير بهم إلى الديار المقدسة لكن القوم لم يكونوا على استعداد للمهمة الكبرى مهمة الخلافة في الأرض بدين الله وكان الاختبار الأول أكبر دليل على ذلك فما أن رأوا قوما يعبدون صنما حتى اهتزت عقيدة التوحيد في نفوسهم فكان لا بد من رسالة مفصلة لتربية هذه الأمة وإعدادها لما هم مقبلون عليه من أجل هذه الرسالة كانت مواعدة الله لعبده موسى ليلقاه وكانت هذه المواعدة إعداد لنفس موسى ليتهيأ للموقف الهائل العظيم فاستخلف في قومه أخاه هارون عليه السلام
كانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة أضيف إليها عشر فبلغت عدتها أربعين ليله يذكر ابن كثير في تفسيره عن أمر هذه الليالي: "فذكر تعالى أنه واعد موسى ثلاثين ليلة؛ قال المفسرون: فصامها موسى -عليه السلام- وطواها، فلما تم الميقات استاك بلحاء شجرة، فأمره الله تعالى أن يكمل العشرة أربعين".
كان موسى بصومه يقترب من ربه أكثر وكان موسى بتكليم الله له يزداد حبا في ربه أكثر فطلب موسى أن يرى أحيانا كثيرة يدفع الحب البشري الناس إلى طلب المستحيل فما بالك بالحب الإلهي وهو أصل الحب؟
وجاءه رد الحق عز وجل: قَالَ لَن تَرَانِي
ولو أن الله تبارك وتعالى قالها ولم يزد عليها شيئا لكان هذا عدلا منه سبحانه غير أن الموقف هنا موقف حب إلهي من جانب موسى موقف اندفاع يبرره الحب ولهذا أدركت رحمة الله تعالى موسى أفهمه أنه لن يراه لأن أحدا من الخلق لا يصمد لنور الله أمره أن ينظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف يراه
قال تعالى (وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا)
فدكّ الجبل وسقط موسى مغشيا عليه غائبا عن وعيه فلما أفاق قال سبحانك تنزهت وتعاليت عن أن ترى بالأبصار وتدرك
ثم تتداركه رحمة ربه من جديد فيتلقى موسى -عليه السلام- البشرى بشرى الاصطفاء مع التوجيه له بالرسالة إلى قومه بعد الخلاص قال تعالى (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)

عبادة العجل
انتهى ميقات موسى مع ربه تعالى وعاد غضبان أسفا إلى قومه فلقد أخبره الله أن قموه قد ضلّوا من بعده وأن رجلا من بني إسرائيل يدعى السّامري هو من أضلّهم انحدر موسى من قمة الجبل وهو يحمل ألواح التوراة قلبه يغلي بالغضب والأسف نستطيع أن نتخيل انفعال موسى وثورته وهو يحث خطاه نحو قومه
لم يكد موسى يغادر قومه إلى ميقات ربه حتى وقعت فتنة السامري وتفصيل هذه الفتنة أن بني إسرائيل حين خرجوا من مصر صحبوا معهم كثيرا من حلي المصريين وذهبهم حيث كانت نساء بني إسرائيل قد استعرنه للتزين به وعندما أمروا بالخروج حملوه معهم ثم قذفوها لأنها حرام فأخذها السامري وصنع منها تمثالا لعجل وكان السامري فيما يبدو نحاتا محترفا أو صائغا سابقا
و قد أخذ قبضة من تراب سار عليه جبريل -عليه السلام- حين نزل إلى الأرض في معجزة شق البحر أي أن السامري أبصر بما لم يبصروا به فقبض قبضة من أثر الرسول -جبريل عليه السلام- فوضعها مع الذهب وهو يصنع منه العجل وكان جبريل لا يسير على شيء إلا دبت فيه الحياة فلما أضاف السامري التراب إلى الذهب ثم صنع منه العجل خار العجل كالعجول الحقيقية وهذه هي القصة التي قالها السامري لموسى عليه السلام بعد ذلك خرج السامري على بني إسرائيل بما صنعه قال السامري: لقد نسي موسى ذهب للقاء ربه هناك بينما ربه هنا

وعبد بنو إسرائيل هذا العجل لعل دهشة القارئ تثور لهذه الفتنة كيف يمكن الاستخفاف بعقول القوم لهذه الدرجة؟! لقد وقعت لهم معجزات هائلة فكيف ينقلبون إلى عبادة الأصنام في لحظة؟
تزول هذه الدهشة لو نظرنا في نفسية القوم الذين عبدواالعجل لقد تربوا في مصر أيام كانت مصر تعبد الأصنام وتقدس فيما تقدس العجل أبيس وتربوا على الذل والعبودية فتغيرت نفوسهم والتوت إن كلمات الله لم تعدهم إلى الحق كما أن المعجزات الحسية لم تقنعهم بصدق الكلمات ظلوا داخل أعماقهم من عبدة الأوثان ولهذا السبب انقلبوا إلى عبادة العجل
وفوجئ هارون عليه الصلاة والسلام بأن بني إسرائيل يعبدون عجلا من الذهب انقسموا إلى قسمين الأقلية المؤمنة أدركت أن هذا هراء والأغلبية الكافرة طاوعت حنينها لعبادة الأوثان ووقف هارون وسط قومه وراح يعظهم ورفض عبدة العجل موعظتة وأصموا آذانهم ورفضوا كلماته واستضعفوه وكادوا يقتلونه وأنهوا مناقشة الموضوع بتأجيله حتى عودة موسى وخشي

انحدر موسى عائدا لقومه فسمع صياح القوم وجلبتهم وهم يرقصون حول العجل توقف القوم حين ظهر موسى وساد صمت صرخ موسى يقول (بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ)

اتجه موسى نحو هارون وألقى ألواح التوراة من يده وأمسك هارون من شعر رأسه وشعر لحيته وشده نحوه وهو يرتعش قال موسى
يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) (طه)
أفهم هارون أخاه موسى برفق ولين أن القوم استضعفوه وكادوا يقتلونه حين قاومهم وخشي أن يلجأ إلى القوة ويحطم لهم صنمهم فتثور فتنة بين القوم فآثر تأجيل الموضوع إلى أن يحضر موسى ورجا منه أن يترك رأسه ولحيته حتى لا يشمت به الأعداء ويستخف به القوم زيادة على استخفافهم به أدرك موسى أن هارون تصرف أفضل تصرف ممكن في هذه الظروف ترك رأسه ولحيته واستغفر الله له ولأخيه التفت موسى لقومه وتساءل بصوت لم يزل يضطرب غضبا: (يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي)
تحدث موسى إلى السامري وغضبه لم يهدأ بعد: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ
ليس المهم أن يكون السامري قد رأى جبريل عليه السلام فقبض قبضة من أثره ليس المهم أن يكون خوار العجل بسبب هذا التراب الذي سار عليه فرس جبريل أو يكون الخوار بسبب ثقب اصطنعه السامري ليخور العجل المهم في الأمر كله جريمة السامري وفتنته للقوم واستغلاله إعجاب القوم الدفين في عبادة الأوثان حكم موسى على السامري بالوحدة في الدنيا يقول بعض المفسرين إن موسى دعا على السامري بأن لا يمس أحدا، معاقبة له على مسه ما لم يكن ينبغي له مسه ويوم القيامة له عقوبة اخرى، يبهمها السياق لتجيء ظلالها في النفس أخطر وأرعب.
نهض موسى بعد فراغه من السامري إلى العجل الذهب وألقاه في النار لم يكتف بصهره أمام عيون القوم المبهوتين وإنما نسفه في البحر نسفا
بعد أن نسف موسى الصنم وفرغ من الجاني الأصلي التفت إلى قومه وحكم في القضية كلها فأفهمهم أنهم ظلموا أنفسهم وترك لعبدة العجل مجالا واحدا للتوبة وكان هذا المجال أن يقتل المطيع من بني إسرائي من عصى
كانت العقوبة التي قررها موسى على عبدة العجل مهولة ثم رحم الله تعالى وتاب إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم

تابـــــــع


 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.13 كيلو بايت... تم توفير 0.60 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]