وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب في الحقيقة دعني أشاركك رأيك في اضطهاد الفكر والجمود العقلي الذي سار وفق خطة منظمة على مدار قرون مضت، وبداية من الحملة الفرنسية التي استقلت بالبحث العلمي وتجنبت تماما دور اصحاب البلد، بعد أن كانت بلادنا زاخرة بالعلم والعلماء، وهذا كله نتاج الفساد العسكري والسياسي المترتب على الفساد الديني والعقائدي في نهايات الدولة المملوكية.
وبصفتي فنان تشكليلي خالطت إلى حد ما الوسط الفني والسياسي والاجتماعي فترة دراستي في كلية الفنون الجميلة، واطلعت على دهاليز وأروقة الفكر بشكل عام، لم ثبت لي فقط وجود حجر على العقول، بل وجدت ما هو أسوأ من هذا، فقد اكتشفت وجود تسخير للعقول، وتوجيه لعملية الابداع الفكر ي والفني، وهذا يتضح بجلاء فيما يعرف بصالون الشباب، فالأعمال الفنية التي تستحق العرض، وتنال الجوائز مبتكرة من افكار تافهة، وتفتقد للمسحة الجمالية، والبعد الفكري، وتتجاوز حدود العقل والأخلاق، وكل هذا الإفساد يدرجونه تحت مسمى (الإبداع الفني).
فالجائزة الأولى في أحد الأعوام حصل عليها عمل فني ابتكره الفنان واستوحاه من تقشر طبقات طلاء الجير في بيته، وخاصة في عروض المسرح التجريبي وما يتخللها من إطلاق العنان للتجاوزات الأخلاقية والدينية، لنجد فتاة ترقص عارية على مجسم للكعبة المشرفة، وعندما أدركت هذا الفساد الفكري، والذي يتبناه كبار فنانين مصر الذين أخضعوا الإبداع للشهوات والمحسوبيات والمصالح الشخصية، وعلى رأسهم فاروق حسني، علمت أن مكاني ليس بينهم، وأن فطرتي لا تتفق وهذه التوجهات.
لذلك حكم على الابداع الفني لدي بالاعدام، وصار الفن خاضعا للعرض والطلب كسلعة تجارية لا تحقق زوقا للإنسان ولا تحترم فطرته الإسلامية، وانسحبت تدريجيا من المجال الفني وانا في السنة الثالثة من الدراسة، حيث صدمت بأن عقلي سيتم أسره وتسخيره لتوجهات غير واضحة المعالم، وعلى الفور لم أهملت الحرص على التفوق والتميز، ورغم ذلك حصلت على مرتبة الشرف، وبدأت أتوجه توجها دينيا، وفي وقت لم أجد مرشدا ولا دليلا أعتمد عليه في ضبط هذا التوجه.
لذلك أرجو منك أن تقف بثبات في توجيه علمك وخبرتك توجها يخدم الدين، وبالتالي ينعكس نتاج علمك على الفرد المسلم البسيط، فهو أولى في المرحلة الحالية، ولكني أبشرك بأن المستقبل القادم هو للإسلام حكما ومحكومين، وحينها سوف تطبق الأبحاث الكبيرة على نطاق الدولة والمؤسسات الكبرى تطبيقا شرعيا، فعليك أن تعد نفسك لهذا الوضع الذي أوشك أن يكون قاب قوسين أو أدنى بغذن الله تعالى.
__________________
موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|