عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 08-06-2007, 03:04 PM
الصورة الرمزية أمة الحق
أمة الحق أمة الحق غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
مكان الإقامة: فلسطين الصامدة وافتخر
الجنس :
المشاركات: 980
الدولة : Palestine
افتراضي الباب الثالث - الفصل الأول العلم ضروري والعلم النظري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا الباب يسمى التعريفات
وهو مقسم لفصلين
فلنبدأ علي بركة الله في الفصل الأول ونقسمه لقسمين
تعريفات
العلم الضروري والعلم النظري



لا بد لي في هذا الفصل الذي أعرّف فيه (العقيدة) من أن أعرض إلى توضيح بعض المصطلحات التي يكثر دوراها على ألسنة العلماء، وورودها في كتب العقائد، وهي: (الشك)، و (الظن)، و (العلم)، لأصل منها إلى تعريف (العقيدة).
(ديكارت) في منهجه المشهور، ومن قبله (الغزالي) في (المنقذ من الضلال)، بدأً بالشك ليصلا منه إلى اليقيقن، شك ديكارت، ليتخذ من الشك سبيلا للتحقق، فما هو الشك؟
اذا كنت في مكة مثلا، وسألك سائل: هل في الطائف الآن مطر؟ لا تستطيع أن تقول: (نعم)، ولا تستطيع أن تقول: (لا). لأن من الممكن أن يكون في الطائف في تلك الساعة مطر، ومن الممكن أن يكون الجو فيها صحوا لا مطر فيه، إمكان وجود المطر خمسون في المئة مثلا، وإمكان عدمه خمسون، تساوى الطرفان فلا دليل يرجح الوجود، ولا دليل يرجح العدم. وهذا هو الشك.
فان نظرت فأبصرت في جهة الشرق، (والطائف شرقي مكة) غيوما تلوح على حواشي الافق من بعيد، رجح عندك رجحانا خفيفا ان في الطائف مطرا. وهذا الرجحان الخفيف لإمكان الوجود، هو ما يسمونه (الظن)، فأنت تقول: اظن ان في الطائف الآن مطرا، فالظن ستون في المئة مثلا (نعم)، وأربعون (لا).
فان رأيت الغمام قد ازداد وتراكم، واسود وتراكب، وخرج البرق يلمع من خلاله، وازداد ظنك بنزول المطر في الطائف، فصار (نعم) سبعون أو خمس وسبعون في المئة، وكان هذا ما يسميه علماؤنا بـ (غلبة الظن)، فأنت تقول لسائلك: يغلب على ظني ان في الطائف الآن مطرا، فإن أنت ذهبت إلى الطائف، فرأيت المطر بعينك، وأحسست به على وجهك أيقنت بنزوله، وعلماؤنا يسمون هذا اليقين (علما).
فصار لكلمة (العلم) معان: (العلم) المطلق الذي يقابل الجهل، (والعلم) الذي يقابل الفن والفلسفة. فالكيمياء علم، والفيزياء علم. أما الرسم فهو فن، والشعر فن. والعلم بهذا المعنى هو الذي تكون غايته الحقيقة، وأداته العقل، ووسيلته المحاكمة، والتجربة، والاستقراء. والفن هو الذي تكون غايته الجمال، وأداته الشعور، ووسيلته الذوق.
(والعلم) الذي يجيء بمعنى اليقين، ويقابل الشك والظن، هو الذي نقصده في هذا البحث[1].


[1] أما العلم بالمعنى الخاص: كقولنا (علم النحو)، و (علم الكيمياء). فلعلمائنا فيه تعريفات كثيرة، ولكن اوضح تعريف وأبعده عن التعقيد، هو ما عرفه به (سارتون) بقوله: "العلم هو مجموعة معارف محققة ومنظمة..". فبقوله (معارف) خرجت المشاعر والخيالات، وبقوله (محققة) خرجت النظريات والفروض. وبقوله منظمة خرجت المعارف المبعثرة المتفرقة.


__________________
--أختكم وسام الفلسطينية مرت من هنا--
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.90 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.04%)]