الموضوع: واحة الكتب
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 26-11-2025, 01:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: واحة الكتب

” واحة الكتب ” القيادة في البر والبحر .. القائد موسى -عليه السلام-


د. موسى علي موسى
د. فالح محمد العجمي
بين أيدينا كتاب متميّز من كتب القيادة، بعنوان: (القيادة في البر والبحر - القائد موسى -عليه السلام-)، لمؤلفيه: د. موسى علي موسى، ود. فالح محمد العجمي، وهذا الإصدار هو الجزء الثاني من سلسلة (القادة والملوك في القرآن الكريم)، الصادرة بعد الجزء الأول الذي حمل عنوان (القيادة اليوسفية)، وقد جاءت هذه السلسلة لتؤكد أن القيادة علم ومهارات وقدرات، وأن إعداد القادة من أهم ما تحتاجه الأمة في واقعها المعاصر؛ إذ إن الأمم التي تُحسن صناعة القادة تُحسن صناعة أهدافها، ورسم طريقها، وتحويل رؤاها إلى نتائج وإنجازات ملموسة. وليس في تاريخ البشر من طبّق القيادة في أسمى صورها كما طبّقها أنبياء الله ورسله، فهم أعظم القادة هدايةً، وأصدقهم أثرًا، وأرسخهم قدمًا، ومن بين هؤلاء القادة العظام يبرز نبي الله وكليمه موسى -عليه السلام-، قائدًا حكيمًا مُلهَمًا، جمع الله له من صفات الحزم والرحمة، والشجاعة والبصيرة، ما جعله منارة في تاريخ القيادة الربانية.
وفي هذا الكتاب يسير المؤلفان مع القارئ في رحلة عبر محطات حياة موسى -عليه السلام-، من مولده إلى وفاته، مرورًا بمراحل سيرته ومسيرته الدعوية والجهادية، وما حفلت به من مواقف قيادية باهرة، وقد عمد المؤلفان في نهاية كل مرحلة إلى استنباط الدروس القيادية منها، ليضعا بين أيدينا مادة علمية ثرية تجمع بين التأصيل الشرعي والتحليل القيادي، وقد جاء الكتاب في 312 صفحة، وقُسّم إلى اثني عشر فصلًا، اشتمل كل فصل منها على محاور وعناوين مترابطة، تُبرز ملامح القيادة في حياة موسى -عليه السلام-، وتجلّي عبقريته الإدارية والتربوية والدعوية.
المهارات القيادية لنبي الله موسى -عليه السلام-
استعرض الكتاب السيرة القيادية العظيمة لنبي الله موسى -عليه السلام-؛ حيث بين المؤلفان أنه -عليه السلام- قاد بني إسرائيل في واحدة من أعقد الأزمات في التاريخ؛ فقد تسلّم قيادتهم في ظل ظلم فرعوني شديد، وفساد اقتصادي يقوده قارون، وانحراف فكري وفني كبلعام بن باعوراء والسامري، إضافة إلى طبيعة قومه الذين عاشوا ذلًّا طويلًا فأثّر ذلك في سلوكهم وثقتهم وقابليتهم للقيادة، ومع ذلك استطاع موسى -عليه السلام- أن يكون قائد أزمة ناجحًا جمع بين إدارة صراع مع عدوّ جبار وبين قيادة قوم متقلّبين، ومن خلال القرآن الكريم تتجلّى أبرز صفاته القيادية:
(1) التوكّل على الله وحسن الظن به
كان موسى -عليه السلام- مثالًا في التوكّل الحق الذي يجمع بين بذل الأسباب والاعتماد على الله، فحين وصل إلى لحظة انعدام الوسائل المادية وظهور اليأس على أتباعه، قال بثبات القائد المؤمن: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، وهذا يعلّم كل قائد أن الأمل بالله هو النور الذي يهدي الطريق عند اشتداد الأزمات.
(2) العلم
القائد الحق لا بد أن يكون عالمًا، وموسى -عليه السلام- جمع بين النبوّة والتنزيل الرباني للعلم؛ إذ أنزل الله عليه التوراة: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ}، كما تعلّم درسًا مهما، حين ذهب للخضر ليزداد علمًا، فكان في رحلته تلك درسٌ عظيم للقيادات، لا يغترّ القائد بعلمه، ففوق كل ذي علم عليم، وهذا يؤسس لقاعدة: (القائد ما دام يطلب العلم فهو في صعود، وما إن يعجب بعلمه حتى يبدأ في الهبوط).
(3) سمو الجانب الروحي
القائد يحتاج إلى علاقة قوية بربه ليبقى ثابتًا؛ لذلك جاء الأمر الإلهي لموسى وهارون: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}، والعبادة هنا ليست جانبًا تعبديا فقط، بل مصدرًا للشحن الروحي الذي يحتاجه القائد في مواجهة التحديات.
(4) القوة والأمانة
القوة المطلوبة من القائد ليست البدنية فقط، بل قوة القلب والعزيمة، واتخاذ الأسباب المادية، وقد مدحت ابنة الرجل الصالح موسى -عليه السلام- بقولها: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}، والقوة تبقى وسيلة للهيبة والدفاع عن الحق، وقد فسّر النبي - صلى الله عليه وسلم - القوة بأنها الرمي، دلالة على امتلاك أدوات العصر.
(5) الإحسان
الإحسان سمة أصيلة في شخصية موسى -عليه السلام-، وقد أثنى الله عليه بقوله: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}، والقائد المحسن ينظر في قيادته إلى مرضاة الله، ويحسن لأتباعه، ويقدّم مثالًا أخلاقيا راقيًا.
(6) انشراح الصدر
طلب موسى -عليه السلام- من ربه أن يشرح صدره؛ لأن القائد يحتاج إلى رحابة نفس وسعة صدر لتحمل الناس، فقال: {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي}، وانشراح الصدر نورٌ من الله يدلّ العبد على الحق، ويمكنه من التفريق بين الخير والشر؛ ولذا كان أهل القلوب المنشرحة أقرب للهداية، وأوسع قدرة على معالجة المشكلات.
(7) تيسير الأمور
قيادة الناس تحتاج إلى تفرغ؛ ولذلك قال موسى -عليه السلام-: {وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي}؛ فإذا تعقّدت أمور القائد الشخصية استهلكته، وفقد القدرة على إدارة شؤون الناس.
(8) الفصاحة والبيان
من أهم صفات القائد أن يُفهِم أتباعه؛ فطلب موسى -عليه السلام- من ربه إزالة عقدة لسانه: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي}، وكان كلامه لقومه نموذجًا للخطاب الحكيم.
(9) وجود نائب أو وزير
من أعظم صفات موسى -عليه السلام- القائد أنه طلب من ربه شريكًا في الدعوة والقيادة، فقال: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي}، ويتضمّن هذا الطلب قواعد قيادية مهمة: (ضرورة وجود معاون يسدّ مسدّ القائد عند غيابه، وأن يكون المعاون أمينًا وكفؤًا، وأن يمنح القائد نائبه صلاحيات حقيقية، لا شكلية، وأن تكون الغاية من المشاركة نصرة الحق لا المجد الشخصي)، وقد دلّ القرآن على أن الله استجاب لموسى: {وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا}.
(10) صبر فوق العادة
كانت مرحلة قيادة موسى -عليه السلام- مليئة بالاختبارات؛ إذ كان قومه كثيري الاعتراضات وضعيفي الثقة، ومع ذلك صبر عليهم صبرًا عظيمًا، فقد واجه أسئلة غريبة، واعتراضات متكررة، وتمردًا، وتأخرًا في الاستجابة، إلى جانب صراع شرس مع فرعون، ومع كل هذا بقي ثابتًا، يوجّههم إلى الصبر والاستعانة بالله: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا}، وهذه الصفة هي روح القيادة؛ فالقائد بلا صبر كالمركب بلا شراع.
شخصية موسى -عليه السلام-
وفي خلاصة مختصرة بين المؤلفان جوانب عظمة شخصية نبي الله موسى -عليه السلام-؛ حيث بينا أنها جمعت صفات القائد الرباني من: توكل راسخ، وعلم نافع، وقلب منشرح، وقوة وأمانة، وإحسان في القول والعمل، وفصاحة في البيان، ووجود معاون أمين، وصبر عظيم على الأزمات والأتباع، وبهذه الصفات استطاع أن يقود شعبًا عاش طويلًا تحت القهر، وأنقذه من أعتى طاغية عرفه التاريخ، وأسس نموذجًا خالدًا في القيادة الإيجابية.
التعريف بالمؤلفيْن
د. موسى علي موسى مسعود
  • دكتوراة في النحو والصرف - كلية دار العلوم - جامعة القاهرة، ومجاز بالسند المتصل في القرآن الكريم، وباحث مهتم بالتربية القيادية والشؤون الأسرية، وله برامج ومؤلفات في العلوم الشرعية واللغوية والأدبية.
د. فالح محمد العجمي
  • دكتوراة في القيادة التربوية - الجامعة الأردنية.
  • الوكيل المساعد بوزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة للبحوث ونظم المعلومات بدولة الكويت .
  • رئيس تحرير صحيفة (قيادي) الإلكترونية.
  • مدرب وطني معتمد في الحوكمة المؤسسية ومدونة السلوك الوظيفي.



اعداد: المحرر التربوي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.56 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]