
23-11-2025, 05:20 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)
إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثالث
سورة آل عمران
من صــ222 الى صــ 231
الحلقة (129)
وقال قتادة "فبما رحمة من الله لنت لهم" يقول : فبرحمة من الله لنت لهم وما صلة والعرب تصلها بالمعرفة كقوله "فبما نقضهم ميثاقهم" وبالنكرة كقوله "عما قليل" وهكذا ههنا قال "فبما رحمة من الله لنت لهم" أي برحمة من الله.
وقال الحسن البصري : هذا خلق محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله به وهذه الآية الكريمة شبيهة بقوله تعالى "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم" وقال الإمام أحمد حدثنا حيوة حدثنا بقية حدثنا محمد بن زياد
حدثني أبو راشد الحراني قال : أخذ بيدي أبو أمامة الباهلي وقال : أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "يا أبا أمامة إن من المؤمنين من يلين له قلبي" .
تفرد به أحمد ثم قال تعالى "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" والفظ الغليظ المراد به ههنا غليظ الكلام لقوله بعد ذلك "غليظ القلب" أي لو كنت سيئ الكلام قاسي القلب عليهم لانفضوا عنك وتركوك ولكن الله جمعهم عليك وألان جانبك لهم تأليفا لقلوبهم كما قال عبد الله بن عمرو إني أرى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتب المتقدمة أنه ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح .
وقال أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي أنبأنا بشر بن عبيد حدثنا عمار بن عبد الرحمن عن المسعودي عن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض" حديث غريب .
ولهذا قال تعالى "فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر" .
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث تطييبا لقلوبهم ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه كما شاورهم يوم بدر في الذهاب إلى العير فقالوا : يا رسول الله لو استعرضت بنا عرض البحر لقطعناه معك ولو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك ولا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكن نقول اذهب فنحن معك وبين يديك وعن يمينك وعن شمالك مقاتلون .
وشاورهم أيضا أين يكون المنزل حتى أشار المنذر بن عمرو بالتقدم أمام القوم.
وشاورهم في أحد في أن يقعد في المدينة أو يخرج إلى العدو فأشار جمهورهم بالخروج إليهم فخرج إليهم .
وشاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ فأبى ذلك عليه السعدان سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فترك ذلك .
وشاورهم يوم الحديبية في أن يميل على ذراري المشركين ؟ فقال له الصديق : إنا لم نجيء لقتال أحد وإنما جئنا معتمرين فأجابه إلى ما قال : وقال صلى الله عليه وسلم في قصة الإفك "أشيروا علي معشر المسلمين في قوم أبنوا أهلي ورموهم وايم الله ما علمت على أهلي من سوء وأبنوهم بمن ؟ والله ما علمت عليه إلا خيرا" واستشار عليا وأسامة في فراق عائشة رضي الله عنها فكان صلى الله عليه وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها وقد اختلف الفقهاء هل كان واجبا عليه أو من باب الندب تطييبا لقلوبهم ؟ على قولين
وقد روى الحاكم في مستدركه : أنبأنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي حدثنا يحيى بن أيوب العلاف بمصر حدثنا سعيد بن أبي مريم أنبأنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس في قوله تعالى "وشاورهم في الأمر" قال : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ثم قال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وكذا رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت في أبي بكر وعمر وكانا حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ووزيريه وأبوي المسلمين.
وقد روى الإمام أحمد : حدثنا وكيع حدثنا عبد الحميد عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر وعمر "لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما" .
وروى ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزم ؟ فقال "مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم" .
وقد قال ابن ماجه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن بكير عن
سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "المستشار مؤتمن" .
ورواه أبو داود والترمذي وحسنه النسائي من حديث عبد الملك بأبسط من هذا .
ثم قال ابن ماجه حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا أسود بن عامر عن شريك عن الأعمش عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المستشار مؤتمن" تفرد به .
وقال أيضا حدثنا أبو بكر حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وعلي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه" تفرد به أيضا
وقوله تعالى "فإذا عزمت فتوكل على الله" أي إذا شاورتهم في الأمر وعزمت عليه فتوكل على الله فيه "إن الله يحب المتوكلين" .
إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون (160)
إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون
قوله تعالى "إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون" وهذه الآية كما تقدم من قوله "وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم" ثم أمرهم بالتوكل عليه فقال "وعلى الله فليتوكل المؤمنون" .
وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (161)
وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون
قوله تعالى "وما كان لنبي أن يغل" قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغير واحد : ما ينبغي لنبي أن يخون .
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا المسيب بن واضح حدثنا أبو إسحق الفزاري عن سفيان بن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال : فقدوا قطيفة يوم بدر فقالوا : لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها فأنزل الله "وما كان لنبي أن يغل" أي يخون .
وقال ابن جرير حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا خصيف حدثنا مقسم حدثني ابن عباس أن هذه الآية "وما كان لنبي أن يغل" نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض الناس : لعل رسول الله أخذها فأكثروا في ذلك فأنزل الله "وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" وكذا رواه أبو داود والترمذي جميعا عن قتيبة عن عبد الواحد بن زياد به وقال الترمذي حسن غريب ورواه بعضهم عن خصيف عن مقسم يعني
مرسلا ورواه ابن مردويه من طريق أبي عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس قال : اتهم المنافقون رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فقد فأنزل الله تعالى "وما كان لنبي أن يغل" وروي من غير وجه عن ابن عباس نحو ما تقدم وهذا تنزيه له صلوات الله وسلامه عليه من جميع وجوه الخيانة في أداء الأمانة وقسم الغنيمة وغير ذلك .
وقال العوفي عن ابن عباس "وما كان لنبي أن يغل" أي بأن يقسم لبعض السرايا ويترك بعضا وكذا قال الضحاك .
وقال محمد بن إسحق "وما كان لنبي أن يغل" بأن يترك بعض ما أنزل إليه فلا يبلغ أمته وقرأ الحسن البصري وطاووس ومجاهد والضحاك "وما كان لنبي أن يغل" بضم الياء أي يخان .
وقال قتادة والربيع بن أنس : نزلت هذه الآية يوم بدر وقد غل بعض أصحابه ورواه ابن جرير عنهما ثم حكى بعضهم أنه فسر هذه القراءة بمعنى يتهم بالخيانة ثم قال تعالى "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد وقد وردت السنة بالنهي عن ذلك أيضا في أحاديث متعددة .
قال الإمام أحمد حدثنا عبد الملك حدثنا زهير يعني ابن محمد عن عبد الله
بن محمد بن عقيل عن عطاء بن يسار عن أبي مالك الأشجعي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أعظم الغلول عند الله ذراع من الأرض تجدون الرجلين جارين في الأرض - أو في الدار - فيقطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعا فإذا قطعه طوقه من سبع أرضين يوم القيامة" "حديث آخر" قال الإمام أحمد حدثنا موسى بن داود حدثنا ابن نمير حدثنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة والحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير قال سمعت المستورد بن شداد يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من ولي لنا عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا أو ليست له زوجة فليتزوج أو ليس له خادم فليتخذ خادما أو ليس له دابة فليتخذ دابة ومن أصاب شيئا سوى ذلك فهو غال" .
هكذا رواه الإمام أحمد وقد رواه أبو داود بسند آخر وسياق آخر فقال : حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا المعافى حدثنا الأوزاعي عن الحارث بن يزيد عن جبير بن نفير عن المستورد بن شداد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة"
فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادما فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا "قال : قال أبو بكر أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" من اتخذ غير ذلك فهو غال - أو سارق "."
قال شيخنا الحافظ المزي رحمه الله : رواه أبو جعفر محمد الفريابي عن موسى بن مروان فقال : عن عبد الرحمن بن جبير بدل جبير بن نفير وهو أشبه بالصواب .
"حديث آخر" قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب حدثنا حفص بن بشر حدثنا
يعقوب القمي حدثنا حفص بن حميد عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى لله عليه وسلم "لأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة"
يحمل شاة لها ثغاء ينادي يا محمد يا محمد فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل جملا له رغاء يقول : يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل قسما من أدم ينادي يا محمد يا محمد فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك "."
لم يروه أحد من أهل الكتب الستة.
"حديث آخر" قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان عن الزهري سمع عروة يقول : حدثنا أبو حميد الساعدي قال : استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فجاء فقال : هذا لكم وهذا أهدي لي فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال "ما بال العامل نبعثه على عمل فيقول : هذا لكم وهذا أهدي لي : أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا ؟ والذي نفس محمد بيده لا يأتي أحدكم منها بشيء إلا جاء به يوم القيامة على رقبته إذ كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر" ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه : ثم قال "اللهم هل بلغت" ثلاثا وزاد هشام بن عروة فقال أبو حميد : بصرته بعيني وسمعته أذني واسألوا زيد بن ثابت
أخرجاه من حديث سفيان بن عيينة وعند البخاري واسألوا زيد بن ثابت وغير وجه عن الزهري ومن طرق عن هشام بن عروة كلاهما عن عروة به .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|