عرض مشاركة واحدة
  #127  
قديم 23-11-2025, 05:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)



تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الثالث

سورة آل عمران
من صــ202 الى صــ 211
الحلقة (127)






وقال البخاري : حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال : لقينا المشركين يومئذ وأجلس النبي صلى الله عليه وسلم جيشا من الرماة وأمر عليهم عبد
الله بن جبير وقال "لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا" .
فلما لقيناهم هربوا حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل رفعن عن سوقهن وقد بدت خلاخلهن فأخذوا يقولون : الغنيمة الغنيمة فقال عبد الله بن جبير : عهد إلي صلى الله عليه وسلم أن لا تبرحوا فأبوا فلما أبوا صرف وجوههم فأصيب سبعون قتيلا فأشرف أبو سفيان فقال : أفي القوم محمد ؟ فقال "لا تجيبوه" فقال : أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ قال : "لا تجيبوه" فقال : أفي القوم ابن الخطاب ؟ فقال : إن هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا فلم يملك عمر نفسه فقال له : كذبت يا عدو الله أبقى الله لك ما يحزنك قال أبو سفيان : اعل هبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أجيبوه" قالوا : ما نقول ؟ قال "قولوا" الله أعلى وأجل " قال أبو سفيان : لنا العزى ولا عزى لكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أجيبوه" قالوا : ما نقول ؟ قال " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم "قال أبو سفيان : يوم بيوم بدر والحرب سجال وستجدون مثلة لم آمر بها ولم تسؤني تفرد به البخاري من هذا الوجه ثم رواه عن عمرو بن خالد عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بنحوه : وسيأتي بأبسط من هذا - وقال البخاري أيضا : حدثنا عبد الله بن سعيد حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما كان يوم أحد هزم المشركين فصرخ إبليس : أي عباد الله أخراكم فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم فبصر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال : أي عباد الله أبي أبي قال : قالت فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه فقال حذيفة : يغفر الله لكم قال عروة : فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله عز وجل ."
وقال محمد بن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن

جده أن الزبير بن العوام قال : والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند وصواحباتها مشمرات هوارب ما دون أخذهن كثير ولا قليل ومالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه يريدون النهب وخلوا ظهورنا للخيل فأوتينا من أدبارنا وصرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم .
قال محمد بن إسحاق : فلم يزل لواء المشركين صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فدفعته لقريش فلاثوا بها وقال السدي عن عبد خير عن علي بن عبد الله بن مسعود قال : ما كنت أرى أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى نزل فينا ما نزل يوم أحد "منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة" وقد روي من غير وجه عن ابن مسعود وكذا روي عن عبد الرحمن بن عوف وأبي طلحة رواه ابن مردويه في تفسيره وقوله تعالى "ثم صرفكم عنهم ليبتليكم" قال ابن إسحق : حدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أحد بني عدي بن النجار قال : انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيدة في رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقوا ما بأيديهم فقال : ما يخليكم ؟ فقالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل رضي الله عنه - وقال البخاري : حدثنا حسان بن حسان حدثنا محمد بن طلحة حدثنا حميد عن أنس بن مالك أن عمه يعني أنس بن النضر غاب عن بدر فقال : غبت عن أول

قتال النبي صلى الله عليه وسلم لئن أشهدني الله مع رسول الله صلى ليرين الله ما أجد فلقي يوم أحد فهزم الناس فقال : اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني المسلمين وأبرأ إليك مما جاء به المشركون فتقدم بسيفه فلقي سعد بن معاذ فقال : أين يا سعد إني أجد ريح الجنة دون أحد فمضى فقتل فما عرف حتى عرفته أخته بشامة أو ببنانه وبه بضع وثمانون من طعنة وضربة ورمية بسهم هذا لفظ البخاري وأخرجه مسلم من حديث ثابت بن أنس بنحوه .
وقال البخاري أيضا : حدثنا عبدان حدثنا أبو حمزة عن عثمان بن موهب قال : جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال : من هؤلاء القعود ؟ قالوا : هؤلاء قريش قال : من الشيخ ؟ قالوا : ابن عمر فأتاه فقال إني سائلك عن شيء فحدثني قال : سل قال : أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد ؟ قال : نعم قال : فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها قال : نعم قال : فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال : نعم فكبر فقال ابن عمر : تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه : وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه" وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه فبعث عثمان فكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى "هذه يد عثمان" فضرب بها على يده فقال "هذه يد عثمان اذهب بها الآن معك" ثم رواه البخاري من وجه آخر عن أبي عوانة عن عثمان بن عبد الله بن موهب .

إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون (153)
إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون
قوله تعالى "إذ تصعدون ولا تلوون على أحد" أي صرفكم عنهم إذ تصعدون أي في الجبل هاربين من أعدائكم وقرأ الحسن وقتادة "إذ تصعدون" أي في الجبل "ولا تلوون على أحد" أي وأنتم لا تلوون على أحد من الدهش والخوف والرعب "والرسول يدعوكم في أخراكم" أي وهو قد خلفتموه وراء ظهوركم يدعوكم إلى ترك الفرار من الأعداء وإلى الرجعة والعودة والكرة : قال السدي لما اشتد المشركون على المسلمين بأحد فهزموهم دخل بعضهم المدينة وانطلق بعضهم إلى الجبل فوق الصخرة فقاموا عليها .
فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس "إلي عباد الله إلي عباد الله" فذكر الله صعودهم إلى الجبل ثم ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إياهم فقال "إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم" وكذا قال ابن عباس وقتادة والربيع وابن زيد .
قال عبد الله بن الزبعرى : قد يذكر هزيمة المسلمين يوم أحد في قصيدته وهو مشرك بعد لم يسلم التي يقول في أولها :
يا غراب البين أسمعت فقل ... إنما تنطق شيئا قد فعل
إن للخير وللشر مدى ... وكلا ذلك وجه وقبل
إلى أن قال :
ليت أشياخي ببدر يشهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل

حين حلت بقباء بركها ... واستحر القتل في عبد الأشل
ثم خفوا عند ذاكم رقصا ... رقص الحفان يعلو في الجبل
فقتلنا الضعف من أشرافهم ... وعدلنا ميل بدر فاعتدل
الحفان صغار النعام .
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أفرد في اثني عشر رجلا من أصحابه كما قال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا زهير حدثنا أبو إسحق عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جبير قال : ووضعهم موضعا وقال "إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم" قال فهزموهم قال : فلقد والله رأيت النساء يشتدون على الجبل وقد بدت أسواقهن وخلاخلهن رافعات ثيابهن فقال أصحاب عبد الله : الغنيمة أي قوم الغنيمة ظهر أصحابكم فما تنظرون ؟ قال عبد الله بن جبير : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : إنا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين فذلك الذي يدعوهم الرسول في أخراهم فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا فأصابوا منا سبعين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر مائة وأربعين سبعين أسيرا وسبعين قتيلا قال أبو سفيان : أفي القوم محمد أفي القوم محمد أفي القوم محمد ؟ ثلاثا - قال : فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه ثم قال : أفي القوم ابن أبي قحافة أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ أفي القوم ابن الخطاب أفي القوم ابن الخطاب ؟ ثم أقبل على أصحابه فقال : أما هؤلاء فقد قتلوا وقد كفيتموهم فما ملك عمر نفسه أن قال : كذبت والله يا عدو الله إن الذين عددت لأحياء كلهم وقد أبقى الله لك ما يسوءك فقال : يوم بيوم بدر والحرب سجال إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني .
ثم أخذ يرتجز
قول اعل هبل اعل هبل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا تجيبوه" قالوا : يا رسول الله ما نقول ؟ قال "قولوا الله أعلى وأجل" قال : لنا العزى ولا عزى لكم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا تجيبوه ؟" قالوا : يا رسول الله وما نقول ؟ قال "قولوا الله مولانا ولا مولى لكم" وقد رواه البخاري من حديث زهير بن معاوية مختصرا ورواه من حديث إسرائيل عن أبي إسحق بأبسط من هذا كما تقدم والله أعلم - وروى البيهقي في دلائل النبوة من حديث عمارة بن غزية عن أبي الزبير عن جابر قال : انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار وطلحة بن عبيد الله وهو يصعد في الجبل فلحقهم المشركون فقال "ألا أحد لهؤلاء" فقال طلحة : أنا يا رسول الله فقال "كما أنت يا طلحة" فقال رجل من الأنصار : فأنا يا رسول الله فقاتل عنه وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بقي معه ثم قتل الأنصاري فلحقوه فقال "ألا رجل لهؤلاء" فقال طلحة مثل قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثل قوله فقال رجل من الأنصار : فأنا يا رسول الله فقاتل عنه وأصحابه يصعدون ثم قتل فلحقوه فلم يزل يقول مثل قوله الأول فيقول طلحة فأنا يا رسول الله فيحبسه فيستأذنه رجل من الأنصار للقتال فيأذن له فيقاتل مثل من كان قبله حتى لم يبق معه إلا طلحة فغشوهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لهؤلاء ؟" فقال طلحة : أنا فقاتل مثل قتال جميع من كان قبله وأصيبت أنامله فقال : حس فقال رسول الله "لو قلت بسم الله أوذكرت اسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون إليك حتى تلج بك في جو السماء" ثم صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم مجتمعون .

وقد روى البخاري عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال : رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يعني يوم أحد .
وفي الصحيحين من حديث معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان النهدي قال : لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام التي قاتل فيهن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا طلحة بن عبد الله وسعد عن حديثهما .
وقال الحسن بن عرفة حدثنا مروان بن معاوية عن هشام بن هشام الزهري قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت سعد بن أبي وقاص يقول : نثل لي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كنانته يوم أحد وقال "ارم فداك أبي وأمي" وأخرجه البخاري عن عبد الله بن محمد عن مروان بن معاوية وقال محمد بن إسحق حدثني صالح بن كيسان عن بعض آل سعد عن سعد بن أبي وقاص أنه رمى يوم أحد دون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال سعد : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يناولني النبل ويقول "ارم فداك أبي وأمي" حتى إنه ليناولني السهم ليس له نصل فأرمي به -

وثبت في الصحيحين من حديث إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : رأيت يوم أحد عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وعن يساره رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه أشد القتال ما رأيتهما قبل ذلك اليوم ولا بعده "يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام - وقال حماد بن سلمة عن علي بن زيد وثابت عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار واثنين من قريش" فلما أرهقوه قال "من يردهم عنا وله الجنة - أو هو رفيقي في الجنة" فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل "ثم أرهقوه أيضا فقال" من يردهم عنا وله الجنة "فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل : فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه" ما أنصفنا أصحابنا "."
رواه مسلم عن هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة به نحوه .
وقال أبو الأسود عن عروة بن الزبير قال : كان أبي بن خلف أخو بني جمح قد حلف وهو بمكة ليقتلن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم حلفته قال "بل أنا أقتله إن شاء الله" .
فلما كان يوم أحد أقبل أبي في الحديد مقنعا وهو يقول : لا نجوت إن نجا محمد فحمل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قتله فاستقبله مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه فقتل مصعب بن عمير وأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أبي بن خلف من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة وطعنه فيها بحربته فوقع إلى الأرض عن فرسه ولم يخرج من طعنته دم فأتاه أصحابه فاحتملوه وهو يخور خوار الثور فقالوا له : ما أجزعك إنما هو خدش ؟ فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "بل أنا أقتل أبيا"

ثم قال : والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون فمات إلى النار "فسحقا لأصحاب السعير" وقد رواه موسى بن عقبة في مغازيه عن الزهري عن سعيد بن المسيب بنحوه , وذكر محمد بن إسحق قال : لما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أبي بن خلف وهو يقول : لا نجوت إن نجوت فقال القوم : يا رسول الله يعطف عليه رجل منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "دعوه" فلما دنا منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة فقال بعض القوم كما ذكر لي فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انفض ثم استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا - وذكر الواقدي عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحق عن عاصم بن عمرو بن قتادة عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه نحو ذلك : وقال الواقدي : وكان ابن عمر يقول : مات أبي بن خلف ببطن رابغ فإني لأسير ببطن رابغ بعد هوي من الليل فإذا أنا بنار تتأجج لي فهبتها وإذا رجل يخرج منها في سلسلة يجتذبها يهيج به العطش وإذا رجل يقول لا تسقه فإن هذا قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أبي بن خلف - وثبت في الصحيحين من رواية عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اشتد غضب الله على قوم فعلوا"

برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حينئذ يشير إلى رباعيته - واشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله "وأخرجه البخاري أيضا من حديث ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن"
ابن عباس : قال اشتد غضب الله على من قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده في سبيل الله واشتد غضب الله على قوم أدموا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقال ابن إسحق : أصيبت رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم وشج في وجنته وكلمت شفته وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص .
فحدثني صالح بن كيسان عن من حدثه عن سعد بن أبي وقاص قال : ما حرصت على قتل أحد قط ما حرصت على قتل عتبة بن أبي وقاص وإن كان ما علمته لسيء الخلق مبغضا في قومه ولقد كفاني فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "اشتد غضب الله على من أدمى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم" - وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن عثمان الحريري عن مقسم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي وقاص يوم أحد حين كسر رباعيته وأدمى وجهه فقال "اللهم لا تحل عليه الحول حتى يموت كافرا" فما حال عليه الحول حتى مات كافرا إلى النار - وذكر الواقدي عن ابن أبي سبرة عن إسحق بن عبد الله بن أبي فروة عن أبي الحويرث عن نافع بن جبير قال : سمعت رجلا من المهاجرين يقول شهدت أحدا

فنظرت إلى النبل يأتي من كل ناحية ورسول الله صلى الله عليه وسلم في وسطها كل ذلك يصرف عنه : ولقد رأيت عبد الله بن شهاب الزهري يومئذ يقول : دلوني على محمد لا نجوت إن نجا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ليس معه أحد ثم جاوزه فعاتبه في ذلك صفوان فقال : والله ما رأيته أحلف بالله إنه منا ممنوع خرجنا أربعة فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله فلم نخلص إلى ذلك .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.46 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.96%)]