
21-11-2025, 01:04 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)

تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)
إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الاول
سورة البقرة
من صــ443 الى صــ 452
الحلقة (45)
فقال ذوو الرأي منهم والنهي : علام يقتل بعضكم بعضا وهذا رسول الله فيكم ؟ فأتوا موسى عليه السلام فذكروا ذلك له فقال "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين" قال : فلو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة ولكنهم شددوا فشدد عليهم حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها فقال والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا فأخذوها فذبحوها فضربوه ببعضها فقام فقالوا من قتلك ؟ فقال : هذا - لابن أخيه - ثم مال ميتا فلم يعط من ماله شيئا فلم يورث قاتل بعد ورواه ابن جرير من حديث أيوب عن محمد بن سيرين عن عبيدة بنحو من ذلك والله أعلم .
ورواه عبد بن حميد في تفسيره أنبأنا يزيد بن هارون به ورواه آدم بن أبي إياس في تفسيره عن أبي جعفر هو الرازي عن هشام بن حسان به وقال آدم ابن أبي إياس في تفسيره : أنبأنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية في قول الله تعالى "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة" قال : كان رجل من بني إسرائيل وكان غنيا ولم يكن له ولد وكان له قريب وكان وارثه فقتله ليرثه ثم ألقاه على مجمع الطريق وأتى موسى عليه السلام فقال له إن قريبي قتل وإني إلى أمر عظيم وإني لا أجد أحدا يبين لي من قتله غيرك يا نبي الله قال : فنادى موسى في الناس فقال : أنشد الله من كان عنده من هذا علم إلا يبينه لنا فلم يكن عندهم علم فأقبل القاتل على موسى عليه السلام فقال له أنت نبي الله فسل لنا ربك أن يبين لنا فسأل ربه فأوحى الله "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة" فعجبوا من ذلك "فقالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض" يعني لا هرمة "ولا بكر" يعني ولا صغيرة "عوان بين ذلك" أي نصف بن البكر والهرمة "قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها" أي صاف لونها "تسر الناظرين" أي تعجب الناظرين "قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول" أي لم يذللها العمل "تثير الأرض ولا تسقي الحرث" يعني وليست بذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث يعني ولا تعمل في الحرث "مسلمة" يعني مسلمة من العيوب "لا شية فيها" يقول لا بياض فيها قالوا "الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون" قال ولو أن القوم حين أمروا بذبح بقرة استعرضوا بقرة من البقر فذبحوها لكانت إياها ولكن شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ولولا أن القوم استثنوا فقالوا وإنا إن شاء الله لمهتدون لما هدوا إليها أبدا فبلغنا أنهم لم يجدوا البقرة التي نعت لهم إلا عند عجوز وعندها يتامى وهي القيمة عليهم فلما علمت أنه لا يزكو لهم غيرها أضعفت عليهم الثمن فأتوا موسى فأخبروه أنهم لم يجدوا هذا النعت إلا عند فلانة وأنها سألت أضعاف ثمنها فقال موسى إن الله قد خفف عليكم فشددتم على أنفسكم فأعطوها رضاها وحكمها .
ففعلوا واشتروها فذبحوها فأمرهم موسى عليه السلام أن يأخذوا عظما منها فيضربوا به القتيل ففعلوا فرجع إليه روحه فسمى لهم قاتله ثم عاد ميتا كما كان فأخذ قاتله وهو الذي كان أتى موسى عليه السلام فشكا إليه فقتله الله على أسوأ عمله وقال محمد بن جرير حدثني محمد بن سعيد حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس في قوله في شأن البقرة وذلك أن شيخا من بني إسرائيل على عهد موسى عليه السلام كان مكثرا من المال وكان بنو أخيه فقراء لا مال لهم وكان الشيخ لا ولد له وكان بنو أخيه ورثته فقالوا : ليت عمنا قد مات فورثنا ماله .
وإنه لما تطاول عليهم أن لا يموت عمهم أتاهم الشيطان فقال لهم هل لكم إلى أن تقتلوا عمكم فترثوا ماله وتغرموا أهل المدينة التي لستم بهاديته وذلك أنهما كانتا مدينتين كانوا في إحداهما وكان القتيل إذا قتل وطرح بين المدينتين قيس ما بين القتيل والقريتين فأيتهما كانت أقرب إليه غرمت الدية وأنهم لما سول لهم الشيطان ذلك وتطاول عليهم أن لا يموت عمهم عمدوا إليه فقتلوه ثم عمدوا فطرحوه على باب المدينة التي ليسوا فيها فلما أصبح أهل المدينة جاء بنو أخي الشيخ فقالوا عمنا قتل على باب مدينتكم فوالله لتغرمن لنا دية عمنا .
قال أهل المدينة نقسم بالله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ولا فتحنا باب مدينتنا منذ أغلق حتى أصبحنا وإنهم عمدوا إلى موسى عليه السلام فلما أتوه قال بنو أخي الشيخ : عمنا وجدناه مقتولا على باب مدينتهم وقال أهل المدينة : نقسم بالله ما قتلناه ولا فتحنا باب المدينة من حين أغلقناه حتى أصبحنا .
وأن جبريل جاء بأمر السميع العليم إلى موسى عليه السلام فقال قل لهم "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة" فتضربوه ببعضها .
وقال السدي "وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة" قال : كان رجل من بني إسرائيل مكثرا من المال فكانت له ابنة وكان له ابن أخ محتاج فخطب إليه ابن
أخيه ابنته فأبى أن يزوجه فغضب الفتى وقال والله لأقتلن عمي ولآخذن ماله ولأنكحن ابنته ولآكلن ديته فأتاه الفتى وقد قدم تجار في بعض أسباط بني إسرائيل فقال يا عم انطلق معي فخذ من تجارة هؤلاء القوم لعلي أن أصيب منها فإنهم إذا رأوك معي أعطوني فخرج العم مع الفتى ليلا فلما بلغ الشيخ ذلك السبط قتله الفتى ثم رجع إلى أهله فلما أصبح جاء كأنه يطلب عمه كأنه لا يدري أين هو فلم يجده فانطلق نحوه فإذا هو بذلك السبط مجتمعين عليه فأخذهم وقال قتلتم عمي فأدوا إلي ديته فجعل يبكي ويحثو التراب على رأسه وينادي واعماه فرفعهم إلى موسى فقضى عليهم بالدية فقال له يا رسول الله ادع لنا ربك حتى يبين لنا من صاحبه فيؤخذ صاحب القضية فوالله إن ديته علينا لهينة ولكن نستحي أن نعير به فذلك حين يقول تعالى "وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون" فقال لهم موسى "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة" قالوا نسألك عن القتيل وعمن قتله وتقول اذبحوا بقرة أتهزأ بنا وقال "أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين" قال ابن عباس : فلو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم ولكن شددوا وتعنتوا على موسى فشدد الله عليهم فقالوا "ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك" والفارض الهرمة التي لا تلد والبكر التي لم تلد إلا ولدا واحدا والعوان النصف التي بين ذلك التي قد ولدت وولد ولدها "فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها" قال نقي لونها "تسر الناظرين" قال تعجب الناظرين "قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها" من بياض ولا سواد ولا حمرة "قالوا الآن جئت بالحق" فطلبوها فلم يقدروا عليها وكان رجل في بني إسرائيل من أبر الناس بأبيه وإن رجلا مر به معه لؤلؤ يبيعه وكان أبوه نائما تحت رأسه المفتاح فقال له الرجل : تشتري مني هذا اللؤلؤ بسبعين ألفا ؟
فقال له الفتى : كما أنت حتى يستيقظ أبي فآخذه منك بثمانين ألفا قال الآخر : أيقظ أباك وهو لك بستين ألفا .
فجعل التاجر يحط له حتى بلغ ثلاثين ألفا وزاد الآخر على أن ينتظر أباه حتى يستيقظ حتى بلغ مائة ألف فلما أكثر عليه قال والله لا أشتريه منك بشيء أبدا وأبى أن يوقظ أباه فعوضه الله من ذلك اللؤلؤ أن يجعل له تلك البقرة فمرت به بنو إسرائيل يطلبون
البقرة وأبصروا البقرة عنده فسألوه أن يبيعهم إياها بقرة ببقرة فأبى فأعطوه ثنتين فأبى فزادوه حتى بلغوا عشرا .
فقالوا والله لا نتركك حتى نأخذها منك فانطلقوا به إلى موسى عليه السلام فقالوا يا نبي الله إنا وجدناها عند هذا وأبى أن يعطيناها وقد أعطيناه ثمنا .
فقال له موسى : أعطهم بقرتك .
فقال : يا رسول الله أنا أحق بمالي.
فقال صدقت .
وقال للقوم : أرضوا صاحبكم فأعطوه وزنها ذهبا فأبى فأضعفوه له حتى أعطوه وزنها عشر مرات ذهبا فباعهم إياها وأخذ ثمنها فذبحوها قال اضربوه ببعضها فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش فسألوه من قتلك ؟ فقال لهم ابن أخي قال : أقتله فآخذ ماله وأنكح ابنته .
فأخذوا الغلام فقتلوه وقال سنيد : حدثنا حجاج هو ابن محمد عن ابن جريج عن مجاهد وحجاج عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس - دخل حديث بعضهم في حديث بعض - قالوا إن سبطا من بني إسرائيل لما رأوا 2?ثرة شرور الناس بنوا مدينة فاعتزلوا شرور الناس فكانوا إذا أمسوا لم يتركوا أحدا منهم خارجا إلا أدخلوه وإذا أصبحوا أقام رئيسهم فنظر وأشرف فإذا له لم ير شيئا فتح المدينة فكانوا مع الناس حتى يمسوا قال : وكان رجل من بني إسرائيل له مال كثير ولم يكن له وارث غير أخيه فطال عليه حياته فقتله ليرثه ثم حمله فوضعه على باب المدينة ثم كمن في مكان هو وأصحابه قال فأشرف رئيس المدينة على باب المدينة فنظر فلم ير شيئا ففتح الباب فلما رأى القتيل رد الباب فناداه أخو المقتول وأصحابه هيهات قتلتموه ثم تردون الباب ؟ وكان موسى لما رأى القتل كثيرا في بني إسرائيل كان إذا رأى القتيل بين ظهراني القوم أخذه فكاد يكون بين أخي المقتول وبين أهل المدينة قتال حتى لبس الفريقان السلاح ثم كف بعضهم عن بعض فأتوا موسى فذكروا له شأنهم قالوا : يا موسى إن هؤلاء قتلوا قتيلا ثم ردوا الباب قال أهل المدينة : يا رسول الله قد عرفت اعتزلنا الشرور وبنينا مدينة كما رأيت نعتزل شرور الناس والله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا .
فأوحى الله تعالى إليه أن يذبحوا بقرة فقال لهم موسى "إن الله أمركم أن تذبحوا بقرة" وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدي وغيرهم فيها اختلاف الظاهر أنها
مأخوذة من كتب بني إسرائيل وهي مما يجوز نقلها ولكن لا تصدق ولا تكذب فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا والله أعلم .
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون (68)
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون
أخبر تعالى عن تعنت بني إسرائيل وكثرة سؤالهم لرسولهم وهذا لما ضيقوا على أنفسهم ضيق الله عليهم ولو أنهم ذبحوا أي بقرة كانت لوقعت الموقع عنهم كما قال ابن عباس وعبيدة وغير واحد ولكنهم شددوا فشدد عليهم فقالوا "ادع لنا ربك يبين لنا ما هي" أي ما هذه البقرة وأي شيء صفتها قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب حدثنا هشام بن علي عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لو أخذوا أدنى بقرة لاكتفوا بها ولكنهم شددوا فشدد عليهم - إسناده صحيح - وقد رواه غير واحد عن ابن عباس وكذا قال عبيدة والسدي ومجاهد وعكرمة وأبو العالية وغير واحد وقال ابن جريج : قال لي عطاء لو أخذوا أدنى بقرة لكفتهم
قال ابن جريج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما أمروا بأدنى بقرة ولكنهم لما شددوا شدد الله عليهم وايم الله لو أنهم لو لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد" قال "إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر" أي لا كبيرة هرمة ولا صغيرة لم يلحقها الفحل كما قاله أبو العالية والسدي ومجاهد وعكرمة وعطية العوفي وعطاء الخراساني ووهب بن منبه والضحاك والحسن وقتادة وقاله ابن عباس أيضا وقال الضحاك عن ابن عباس : عوان بين ذلك يقول نصف بين الكبيرة والصغيرة وهي أقوى ما يكون من الدواب والبقر وأحسن ما تكون وروي عن عكرمة ومجاهد وأبي العالية والربيع بن أنس وعطاء الخراساني والضحاك نحو ذلك وقال السدي العوان النصف الثاني بين ذلك التي قد ولدت وولد ولدها : وقال هشيم عن جويبر عن كثير بن زياد عن الحسن في البقرة كانت بقرة وحشية وقال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها.
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين (69)
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين
قوله تعالى "تسر الناظرين" وكذا قال مجاهد ووهب بن منبه كانت صفراء .
وعن ابن عمر كانت صفراء الظلف .
وعن سعيد بن جبير كانت صفراء القرن والظلف .
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا نصر بن علي حدثنا نوح بن قيس أنبأنا أبو رجاء عن الحسن في قوله تعالى "بقرة صفراء فاقع لونها" قال سوداء شديدة السواد
وهذا غريب والصحيح الأول ولهذا أكد صفرتها بأنه "فاقع لونها" وقال عطية العوفي "فاقع لونها" تكاد تسود من صفرتها وقال سعيد بن جبير "فاقع لونها" وقال صافية اللون .
وروى عن أبي العالية والربيع بن أنس والسدي والحسن وقتادة نحوه .
وقال شريك عن معمر عن ابن عمر "فاقع لونها" قال صاف وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس "فاقع لونها" شديدة الصفرة تكاد من صفرتها تبيض .
وقال السدي "تسر الناظرين" أي تعجب الناظرين وكذا قال أبو العالية وقتادة والربيع بن أنس .
وقال وهب بن منبه إذا نظرت إلى جلدها تخيلت أن شعاع الشمس يخرج من جلدها .
وفي التوراة أنها كانت حمراء فلعل هذا خطأ في التعريب أو كما قال الأول أنها كانت شديدة الصفرة تضرب إلى حمرة وسواد والله أعلم .
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون (70)
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون
قوله تعالى "إن البقر تشابه علينا" أي لكثرتها فميز لنا هذه البقرة وصفها وحلها لنا "وإنا إن شاء الله" إذا بينتها لنا "لمهتدون" إليها وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن يحيى الأودي الصوفي حدثنا أبو سعيد أحمد بن داود الحداد حدثنا سرور بن المغيرة الواسطي ابن أخي منصور بن زاذان عن عباد بن منصور عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لولا أن بني إسرائيل قالوا" وإنا إن شاء الله لمهتدون "لما أعطوا ولكن استثنوا"
"ورواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من وجه آخر عن سرور بن المغيرة عن زاذان عن عباد بن منصور عن الحسن عن حديث أبي رافع عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" لولا أن بني إسرائيل "قالوا وإنا إن شاء الله لمهتدون" ما أعطوا أبدأ ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوا لأجزأت عنهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم "وهذا حديث غريب من هذا الوجه وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة كما تقدم مثله عن السدي والله أعلم ."
قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون (71)
قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون
"قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث" أي إنها ليست مذللة بالحراثة ولا معدة للسقي في الساقية بل هي مكرمة حسنة صبيحة مسلمة صحيحة لا عيب بها "لا شية فيها" أي ليس فيها لون غير لونها وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مسلمة يقول لا عيب فيها وكذا قال أبو العالية والربيع وقال مجاهد : مسلمة من الشية.
وقال عطاء الخراساني : مسلمة القوائم والخلق لا شية فيها قال مجاهد : لا بياض ولا سواد وقال أبو العالية والربيع والحسن وقتادة : ليس فيها بياض .
وقال عطاء الخراساني : لا شية فيها قال لونها واحد بهيم وروي عن عطية العوفي ووهب بن منبه وإسماعيل بن أبي خالد نحو ذلك وقال السدي لا شية فيها من بياض ولا سواد ولا حمرة .
وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى وقد زعم بعضهم أن المعنى في ذلك قوله تعالى "إنها بقرة لا ذلول" ليس بمذللة بالعمل ثم استأنف فقال "تثير الأرض" أي يعمل عليها بالحراثة لكنها لا تسقي الحرث وهذا ضعيف لأنه فسر الذلول التي لم تذلل بالعمل بأنها لا تثير الأرض ولا تسقي الحرث كذا قرره القرطبي وغيره "قالوا الآن جئت بالحق" قال قتادة الآن بينت لنا وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقبل ذلك والله جاءهم الحق
"فذبحوها وما كادوا يفعلون" قال الضحاك عن ابن عباس كادوا أن لا يفعلوا ولم يكن ذلك الذي أرادوا لأنهم أرادوا أن لا يذبحوها يعني أنهم مع هذا البيان وهذه الأسئلة والأجوبة والإيضاح ما ذبحوها إلا بعد الجهد وفي هذا ذم لهم وذلك أنه لم يكن غرضهم إلا التعنت فلهذا ما كادوا يذبحونها .
وقال محمد بن كعب ومحمد بن قيس فذبحوها وما كادوا يفعلون لكثرة ثمنها وفي هذا نظر لأن كثرة الثمن لم يثبت إلا من نقل بني إسرائيل كما تقدم من حكاية أبي العالية والسدي ورواه العوفي عن ابن عباس قال عبيدة ومجاهد ووهب بن منبه وأبو العالية وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنهم اشتروها بمال كثير وفيه اختلاف ثم قد قيل في ثمنها غير ذلك وقال عبد الرزاق أنبأنا ابن عيينة أخبرني محمد بن سوقة عن عكرمة قال : ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير وهذا إسناد جيد عن عكرمة والظاهر أنه نقله عن أهل الكتاب أيضا وقال ابن جرير وقال آخرون لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة إن اطلع الله على قاتل القتيل الذي اختصموا فيه ولم يسنده عن أحد ثم اختار أن الصواب في ذلك أنهم لم يكادوا يفعلوا ذلك لغلاء ثمنها وللفضيحة وفي هذا نظر بل الصواب والله أعلم ما تقدم من رواية الضحاك عن ابن عباس على ما وجهناه وبالله التوفيق .
"مسألة" استدل بهذه الآية في حصر صفات هذه البقرة حتى تعينت أو تم تقييدها بعد الإطلاق على صحة السلم في الحيوان كما هو مذهب مالك والأوزاعي والليث والشافعي وأحمد وجمهور العلماء سلفا وخلفا بدليل ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم "لا"
تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها "وكما وصف النبي صلى الله عليه وسلم إبل الدية في قتل الخطأ وشبه العمد بالصفات المذكورة بالحديث وقال أبو حنيفة والثوري والكوفيون لا يصح السلم في الحيوان لأنه لا تنضبط أحواله وحكى مثله عن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم ."
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|