عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 20-11-2025, 09:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,390
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)



تفسير القرآن العظيم
(تفسير ابن كثير)

إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي
الجزء الاول

سورة البقرة
من صــ373 الى صــ 382

الحلقة (38)







قال ابن عباس فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (39)
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
أي مخلدون فيها لا محيد لهم عنها ولا محيص .
أورد ابن جرير هاهنا حديثا ساقه من طريقين عن أبي سلمة سعيد بن يزيد عن أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد واسمه سعد بن مالك بن سنان الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أقوام أصابتهم النار بخطاياهم فأماتتهم إماتة حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة" وقد رواه مسلم من حديث شعبة عن أبي سلمة به .
وذكر هذا الإهباط الثاني لما تعلق به ما بعده من المعنى المغاير للأول وزعم بعضهم أنه تأكيد وتكرير كما يقال قم قم وقال آخرون بل الإهباط الأول من الجنة إلى السماء الدنيا والثاني من سماء الدنيا إلى الأرض والصحيح الأول والله أعلم .
يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون (40)
يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي
يقول تعالى آمرا بني إسرائيل بالدخول في الإسلام ومتابعة محمد عليه من الله أفضل الصلاة والسلام ومهيجا لهم بذكر أبيهم إسرائيل وهو نبي الله يعقوب عليه السلام وتقديره يا بني العبد الصالح المطيع لله كونوا مثل أبيكم في متابعة الحق كما تقول يا ابن الكريم افعل كذا يا ابن الشجاع بارز الأبطال يا ابن العالم اطلب العلم ونحو ذلك .
ومن ذلك أيضا قوله تعالى "ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا" فإسرائيل هو يعقوب بدليل ما رواه أبو داود الطيالسي حدثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب قال : حدثني عبد الله بن عباس قال حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم "هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب ؟" قالوا اللهم نعم فقال النبي صلى الله عليه

وسلم "اللهم اشهد" وقال الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن عمير مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس أن إسرائيل كقولك عبد الله وقوله تعالى "اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم" قال مجاهد نعمة الله التي أنعم بها عليهم فيما سمى وفيما سوى ذلك أن فجر لهم الحجر وأنزل عليهم المن والسلوى ونجاهم من عبودية آل فرعون وقال أبو العالية : نعمته أن جعل منهم الأنبياء والرسل أو نزل عليهم الكتب قلت وهذا كقول موسى عليه السلام لهم يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يعني في زمانهم .
وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى "اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم" أي بلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم من فرعون وقومه "وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم" قال بعهدي الذي أخذت في أعناقكم للنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم أنجز لكم ما وعدتكم عليه من تصديقه واتباعه بوضع ما كان عليكم من الآصار والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من إحداثكم .
وقال الحسن البصري هو قوله تعالى "ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار" الآية

وقال آخرون هو الذي أخذ الله عليهم في التوراة أنه سيبعث من بني إسماعيل نبيا عظيما يطيعه جميع الشعوب والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم فمن اتبعه غفر الله له ذنبه وأدخله الجنة وجعل له أجرين.
وقد أورد الرازي بشارات كثيرة عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بمحمد صلى الله عليه وسلم وقال أبو العالية "وأوفوا بعهدي" قال عهده إلى عباده دين الإسلام وأن يتبعوه .
وقال الضحاك عن ابن عباس : أوف بعهدكم قال أرض عنكم وأدخلكم الجنة وكذا قال السدي والضحاك وأبو العالية والربيع بن أنس وقوله تعالى "وإياي فارهبون" أي فاخشون قاله أبو العالية والسدي والربيع بن أنس وقتادة .
وقال ابن عباس في قوله تعالى "وإياي فارهبون" أي إن نزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم من المسخ وغيره وهذا انتقال من الترغيب إلى الترهيب فدعاهم إليه بالرغبة والرهبة لعلهم يرجعون إلى الحق واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والاتعاظ بالقرآن وزواجره وامتثال أوامره وتصديق أخباره والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون (41)
وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون
ولهذا قال "وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم" يعني به القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي العربي بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا مشتملا على الحق من الله تعالى مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل .
قال أبو العالية رحمه الله في قوله تعالى "وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم" يقول يا معشر أهل الكتاب آمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم يقول لأنهم يجدون محمدا صلى الله عليه وسلم مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل وروي عن مجاهد والربيع بن أنس وقتادة نحو ذلك

وقوله "ولا تكونوا أول كافر به" قال بعض المعربين أول فريق كافر به أو نحو ذلك .
قال ابن عباس : ولا تكونوا أول كافر به وعندكم فيه من العلم ما ليس عند غيركم قال أبو العالية : يقول ولا تكونوا أول من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم يعني من جنسكم أهل الكتاب بعد سماعكم بمبعثه وكذا قال الحسن والسدي والربيع بن أنس واختار ابن جرير أن الضمير في قوله به عائد على القرآن الذي تقدم ذكره في قوله "بما أنزلت" وكلا القولين صحيح لأنهما متلازمان لأن من كفر بالقرآن فقد كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ومن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد كفر بالقرآن وأما قوله "أول كافر به" فيعني به أول من كفر به من بني إسرائيل لأنه قد تقدمهم من كفار قريش وغيرهم من العرب بشر كثير وإنما المراد أول من كفر به من بني إسرائيل مباشرة فإن يهود المدينة أول بني إسرائيل خوطبوا بالقرآن فكفرهم به يستلزم أنهم أول من كفر به من جنسهم وقوله تعالى "ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا" يقول لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها فإنها قليلة فانية كما قال عبد الله بن المبارك : أنبأنا عبد الرحمن بن زيد بن جابر عن هارون بن يزيد قال : سئل الحسن يعني البصري عن قوله تعالى "ثمنا قليلا" قال : الثمن القليل الدنيا بحذافيرها وقال ابن لهيعة : حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قوله تعالى "ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا" إن آياته كتابه الذي أنزله إليهم وإن الثمن القليل الدنيا

وشهواتها وقال السدي : "ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا" يقول لا تأخذوا طمعا قليلا ولا تكتموا اسم الله فذلك الطمع هو الثمن وقال أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى "ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا" يقول لا تأخذوا عليه أجرا قال وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأول : يا ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا وقيل معناه لا تعتاضوا عن البيان والإيضاح ونشر العلم النافع في الناس بالكتمان واللبس لتستمروا على رياستكم في الدنيا القليلة الحقيرة الزائلة عن قريب وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة يوم القيامة" فأما تعليم العلم بأجرة فإن كان قد تعين عليه فلا يجوز أن يأخذ عليه أجرة ويجوز أن يتناول من بيت المال ما
يقوم به حاله وعياله فإن لم يحصل له منه شيء وقطعه التعليم عن التكسب فهو كما لم يتعين عليه وإذا لم يتعين عليه فإنه يجوز أن يأخذ عليه أجرة عند مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء كما في صحيح البخاري عن أبي سعيد في قصة اللديغ "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله" وقوله في قصة المخطوبة "زوجتكها بما معك من القرآن" فأما حديث عبادة بن الصامت أنه علم رجلا من أهل الصفة شيئا من القرآن فأهدى له قوسا فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "إن أحببت أن تطوق بقوس من نار فاقبله" فتركه

رواه أبو داود وروي مثله عن أبي بن كعب مرفوعا فإن صح إسناده فهو محمول عند كثير من العلماء منهم أبو عمر بن عبد البر على أنه لما علمه الله لم يجز بعد هذا أن يعتاض عن ثواب الله بذلك القوس فأما إذا كان من أول الأمر على التعليم بالأجرة فإنه يصح كما في حديث اللديغ وحديث سهل في المخطوبة والله أعلم وقوله "وإياي فاتقون" قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عمر الدوري حدثنا أبو

إسماعيل المؤدب عن عاصم الأحول عن أبي العالية عن طلق بن حبيب قال : التقوى أن تعمل بطاعة الله رجاء رحمة الله على نور من الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله .
ومعنى قوله "وإياي فاتقون" أنه تعالى يتوعدهم فيما يتعمدونه من كتمان الحق وإظهار خلافه ومخالفتهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه .
ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون (42)
ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون
يقول تعالى ناهيا لليهود عما كانوا يتعمدونه من تلبيس الحق بالباطل .
تمويهه وكتمانهم الحق وإظهارهم الباطل "ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون" فنهاهم عن الشيئين معا وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به ولهذا قال الضحاك عن ابن عباس - ولا تلبسوا الحق بالباطل - لا تخلطوا الحق بالباطل والصدق بالكذب وقال أبو العالية - ولا تلبسوا الحق بالباطل - يقول ولا تخلطوا الحق بالباطل وأدوا النصيحة لعباد الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويروى عن سعيد بن جبير والربيع بن أنس نحوه وقال قتادة "ولا تلبسوا الحق بالباطل" ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام وأنتم تعلمون أن دين الله الإسلام وأن اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله .
وروي عن الحسن البصري نحو ذلك.
وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير

عن ابن عباس "وتكتموا الحق وأنتم تعلمون" أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم وروي عن أبي العالية نحو ذلك وقال مجاهد والسدي وقتادة والربيع بن أنس "وتكتموا الحق" يعني محمدا صلى الله عليه وسلم "قلت" وتكتموا يحتمل أن يكون مجزوما ويحتمل أن يكون منصوبا أي لا تجمعوا بين هذا وهذا كما يقال لا تأكل السمك وتشرب اللبن قال الزمخشري وفي مصحف ابن مسعود وتكتمون الحق أي في حال كتمانكم الحق وأنتم تعلمون حال أيضا ومعناه وأنتم تعلمون الحق.
ويجوز أن يكون المعنى وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار إن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لتروجوه عليهم والبيان الإيضاح وعكسه الكتمان وخلط الحق بالباطل.
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين (43)
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين
قال مقاتل قوله تعالى لأهل الكتاب "وأقيموا الصلاة" أمرهم أن يصلوا مع النبي "وآتوا الزكاة" أمرهم أن يؤتوا الزكاة أي يدفعونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم "واركعوا مع الراكعين" أمرهم أن يركعوا مع الراكعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يقول كونوا معهم ومنهم وقال علي بن طلحة عن ابن عباس يعني بالزكاة طاعة الله والإخلاص وقال وكيع عن أبي جناب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله "وآتوا الزكاة" قال : ما يجب الزكاة ؟ قال : مائتان فصاعدا وقال مبارك بن فضالة عن الحسن في قوله تعالى "وآتوا الزكاة" قال فريضة واجبة لا تنفع الأعمال إلا بها وبالصلاة

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن الحارث العكلي في قوله تعالى "وآتوا الزكاة" قال صدقة الفطر وقوله تعالى "واركعوا مع الراكعين" أي وكونوا مع المؤمنين في أحسن أعمالهم ومن أخص ذلك وأكمله الصلاة .
وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب الجماعة وأبسط لك في كتاب الأحكام الكبير إن شاء الله تعالى وقد تكلم القرطبي على مسائل الجماعة والإمامة فأجاد.
أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون (44)
أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون
يقول تعالى كيف يليق بكم يا معشر أهل الكتاب وأنتم تأمرون الناس بالبر وهو جماع الخير أن تنسوا أنفسكم فلا تأتمرون بما تأمرون الناس به وأنتم مع ذلك تتلون الكتاب وتعلمون ما فيه على من قصر في أوامر الله ؟ أفلا تعقلون ما أنتم صانعون بأنفسكم فتنتبهوا من رقدتكم وتتبصروا من عمايتكم.
وهذا كما قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" قال كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وبالبر ويخالفون فعيرهم الله عز وجل وكذلك قال السدي وقال ابن جريج "أتأمرون الناس بالبر" أهل الكتاب والمنافقون كانوا يأمرون الناس بالصوم والصلاة ويدعون العمل بما يأمرون به الناس فعيرهم الله بذلك فمن أمر بخير فليكن أشد الناس فيه مسارعة .
وقال محمد بن إسحاق عن محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس "وتنسون أنفسكم" أي تتركون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون أي تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة وتتركون أنفسكم أي وأنتم تكفرون بما

فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي وتنقضون ميثاقي وتجحدون ما تعلمون من كتابي وقال الضحاك عن ابن عباس في هذه الآية يقول أتأمرون الناس بالدخول في دين محمد صلى الله عليه وسلم وغير ذلك مما أمرتم به من إقام الصلاة وتنسون أنفسكم وقال أبو جعفر بن جرير حدثني علي بن الحسن حدثنا أسلم الحرمي حدثنا مخلد بن الحسين عن أيوب السختياني عن أبي قلابة في قول الله تعالى "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب" قال أبو الدرداء رضي الله عنه لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذه الآية هؤلاء اليهود إذا جاء الرجل سألهم عن الشيء ليس فيه حق ولا رشوة أمروه بالحق فقال الله تعالى "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون" والغرض أن الله تعالى ذمهم على هذا الصنيع ونبههم على خطئهم في حق أنفسهم حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه وليس المراد ذمهم على أمرهم بالبر مع تركهم له بل على تركهم له فإن الأمر بالمعروف معروف وهو واجب على العالم ولكن الواجب والأولى بالعالم أن يفعله مع من أمرهم به ولا يتخلف عنهم كما قال شعيب عليه السلام "وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب" فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب لا يسقط أحدهما بترك الآخر على أصح قولي العلماء من السلف والخلف وذهب بعضهم إلى أن مرتكب المعاصي ينهى غيره عنها وهذا ضعيف




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.96%)]