
اليوم, 12:17 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,784
الدولة :
|
|
رد: الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث
الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (11)
كتبه/ ساري مراجع الصنقري الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فبعد أن استقرّ الفتى مع والده تحت رايةٍ واحدةٍ، وهي: راية العمل في الدُّكّان، بدأت حياته في الانتعاش، بعدما عالج له والدُه مشكلتَه الاقتصاديّة.
والحقيقة أن الوالد لَم يعالج مشكلة فتاه فحسب، بل عالج مشكلته هو أيضًا، فقد وجد ضالَّتَه في فتاه ناصر، وأصبح يعتمد عليه في العمل، ويترك له الدُّكّان ويذهب ويجيء على راحته، وهو يعلم أنّ الدُّكّان في إدارة فتاه النَّبيه الأمين؛ لا سيَّما وأنّه قد ذاق الأمرَّين مِن أخويه نجيب وناجي، فلَم يقدرا على استيعاب المهنة مثل أخيهما ناصر، وكان الوالد يشكو ذلك كثيرًا.
قال الألباني -رحمه الله-: "كان انتقالي من النِّجارة إلى تصليح السَّاعات هو اقتراحٌ من أبي، أمّا أنا فكان هوسي في النِّجارة، فالنِّجارة ليس فيها ميكانيكا كثيرةٌ ولا إعمال مُخّ، وإنَّما فيها إعمال عضلات، فانتقلت إلى مهنة تصليح السَّاعات، وفعلًا نبغتُ في هذه المهنة تمامًا.
لكن ليست المهنة هي التي أعطتني الصَّبر والدِّقَّة، إنَّما هو الله -عزّ وجلّ-، والدَّليل المُتمِّم لهذا هو أنَّه قد عمل أخوان شقيقان لي عند أبي شهورًا، نجيب أخي الأكبر، وناجي الذي يكبرني بسنتَين، كان أبي -رحمه الله- إذا سهر في مجلسٍ يشكوهما، فيقول: يا جماعة، ظلُّوا عندي شهورًا وما يستطيعون أن يُبرِّدوا مِسمارًا!
أمّا أنا فقد فتح الله -عزّ وجلّ- لي في هذه المهنة فنبغتُ فيها، وما بكم من نعمةٍ فمن الله، ولا تزال آثارُ هذه المهنةِ واضحةً جدًّا عليَّ، والمَرجِع في ذلك كُلِّه إلى الله" (انتهى).
ووالدُه الذي جعله الله سببًا في علاج مشكلته الاقتصادية، هو الذي أعانه أيضًا في بداياته العِلْميّة، فدرس على يديه قِسْمًا من الفقه الحنفيّ، وشيئًا من النَّحو والصَّرف والبلاغة.
قال الألباني -طيَّب الله ثَراه-: "الحقيقة أنَّني أشعر بأنّ الله -عزّ وجلّ- كان -ولا يزال- إن شاء الله- بي حفيًّا، فمنذ نعومة أظفاري وقد تخرَّجتُ في المدرسة النِّظاميّة الابتدائيّة فقط، وكان والدي من فقهاء الحنفيّة الأقوياء في فقههم، والشَّديدين -رحمه الله- في تَعصُّبِهم، فدرستُ عليه -على الطريقة القديمة- شيئًا من الفقه الحنفيّ: كالقُدُوري، وبعض الكتب في علم الصَّرف، الذي هجره العرب واشتغلوا بالنَّحو فقط! ولعلّ الصَّرف أهمّ من النَّحو، فالنَّحو يُقوِّم الألفاظ ويهتمّ بآخِر الكلمة، أمّا الصَّرف فاهتمامه يكون ببنية الكلمة، وهذا أقوى وأهمّ، فدرستُ عليه وعلى شُيوخٍ آخَرين أيضًا شيئًا من الفقه من "مراقي الفلاح"، وشيئًا من النَّحو والبلاغة.
لكنَّني ما استمررتُ في ذلك، كما هو شأن الطَّلبة قديمًا، فوجدتُ نفسي مُنصرِفًا إلى دراسة كُتبٍ غريبةٍ عليَّ الآن، قصص وروايات، قصّة "عنترة بن شدّاد"، وقصّة "ذات الهِمّة والبَطّال"، وغيرها" (انتهى).
فهذه هي المسؤوليّة التي يجب أن يقوم بها الوالد تجاه أولاده، أن يكون سبّاقًا إلى إعانتهم على محن الحياة، حريصًا على أن يسلكوا سبل النَّجاة!
وإلى اللِّقاء في المقال القادم -بإذن الله-.
وعلى الله قصدُ السَّبيل.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|