الموسوعة التاريخية
علوي عبد القادر السقاف
المجلد الخامس
صـــ431 الى صــ 440
(289)
محاولة استيلاء صاحب مصر على حمص.
العام الهجري: 646العام الميلادي: 1248تفاصيل الحدث:
قايض الملك الأشرف موسى صاحب حمص تل باشر بحمص مع الملك الناصر يوسف ابن العزيز بن الظاهر بن صلاح الدين، صاحب حلب، ولذلك خرج الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب مصر من مصر بالعساكر إلى دمشق وجهز الجيوش والمجانيق إلى حمص، ولما علمت الحلبيون بخروج الدماشقة برزوا أيضا في جحفل عظيم ليمنعوا حمص منهم، واتفق وصول الشيخ نجم الدين البادرائي مدرس النظامية ببغداد في رسالة من الخليفة العباسي للإصلاح بين الطرفين فأصلح بين الفريقين، ورد كلا من الفئتين إلى مستقرها ولله الحمد.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
عزل أمير مكة من قبل صاحب اليمن.
العام الهجري: 646العام الميلادي: 1248تفاصيل الحدث:
عزل الملك المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول صاحب اليمن الأمير فخر الدين بن الشلاح عن مكة وأعمالها، وولى عوضه محمد بن أحمد بن المسيب، على مال يقوم به وقود عدده مائة فرس كل سنة فقدم ابن المسيب مكة، وخرج الأمير فخر الدين، فسار بنفسه إلى ابن المسيب وأعاد الجبايات والمكوس بمكة، وأخذ الصدقة الواردة من اليمن، عن مال السلطان وبنى حصنا بنخلة يسمى العطشان وحلف هذيلا لنفسه، ومنع الجند النفقة فوثب عليه الشريف أبو سعد بن علي بن قتادة، وقيده وأخذ ماله، وقال لأهل الحرم: إنما فعلت به هذا لأني تحققت أنه يريد الفرار بالمال إلى العراق، وأنا غلام مولانا السلطان والمال عندي محفوظ والخيل والعدد، إلى أن يصل مرسومه، فلم يكن غير أيام، وورد الخبر بموت السلطان نور الدين عمر بن رسول.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
سقوط أشبيلية في يد الفرنجة ومملكة غرناطة وحدها في يد المسلمين.
العام الهجري: 646العام الميلادي: 1248تفاصيل الحدث:
حاصر الأسبان إشبيلية مدة ثمانية عشر شهرا حتى سقطت في أيديهم فقاموا بتحويل جامعها إلى كنيسة وأزالوا كل معالم الإسلام فيها، ويذكر أن بعض المسلمين قد شاركوا في هذا الحصار بناء على اتفاقهم مع النصارى مثل محمد بن يوسف بن نصر أمير غرناطة من بني الأحمر وقد ذكرنا هذا الاتفاق في سنة 642 هـ، كما قام رامون ملك أراغون بإعلان حرب صليبية على المسلمين بمباركة البابا واستولى بحملته تلك على لاردة وطرطوشة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
اتصال ملك الأرمن مع المغول.
العام الهجري: 646العام الميلادي: 1248تفاصيل الحدث:
قام هيثوم الأول ملك أرمينية الصغرى بإرسال أخيه سمباط إلى منكو خاقان المغول الأكبر في عاصمته قره كروم ثم تبعه بنفسه مقدما للخاقان فروض الطاعة والولاء ووضع الكنيسة ورعاياها تحت حمايته ورعايته.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
وفاة ابن الحاجب المالكي.
العام الهجري: 646العام الميلادي: 1248تفاصيل الحدث:
هو أبو عمرو بن الحاجب المالكي عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الرويني ثم المصري، اشتغل بالعلم فقرأ القراءات وحرر النحو تحريرا بليغا، وتفقه وساد أهل عصره، ثم كان رأسا في علوم كثيرة، منها الأصول والفروع والعربية والتصريف والعروض والتفسير وغير ذلك، وقد كان استوطن دمشق في سنة سبع عشرة وستمائة، ودرس بها للمالكية بالجامع حتى كان خروجه بصحبة الشيخ عز الدين بن عبد السلام في سنة ثمان وثلاثين، فصارا إلى الديار المصرية، وكان من أذكى الأئمة قريحة، حجة متواضعا عفيفا كثير الحياء منصفا محبا للعلم وأهله، بارعا في العلوم متقنا لمذهب مالك بن أنس رحمه الله تعالى، وله مختصر في الفقه انتظم فيه فوائد ابن شاش، وله مختصر في أصول الفقه، استوعب فيه عامة فوائد الإحكام لسيف الدين الآمدي، وله شرح المفصل والأمالي في العربية والمقدمة المشهورة في النحو، اختصر فيها مفصل الزمخشري وشرحها، وله التصريف وشرحه، وله عروض على وزن الشاطبية.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
وفاة ابن البيطار.
العام الهجري: 646الشهر القمري: شعبانالعام الميلادي: 1248تفاصيل الحدث:
هو عبدالله بن أحمد المالقي المعروف بابن البيطار، ولد في مالقة بالأندلس، كان عالما بالنبات وصفاته ومنافعه وأماكنه، سافر في البلاد إلى اليونان والمغرب ومصر وبلاد الشام وكان كل ذلك يدرس علم النبات ويجمع العينات، عين في مصر رئيسا للعشابين ثم رحل إلى دمشق، له مصنفات أشهرها الجامع لمفردات الأدوية والأغذية الذي فيه وصف لألف وأربعمائة نوع من أنواع النبات والعقاقير بتراكيبها الكيميائية مع ملاحظات دقيقة على طرق الاستخدام في العلاج، وله المغني في الأدوية المفردة والأغذية وله ميزان الطبيب وكتاب الأفعال الغريبة والخواص العجيبة، فكان ابن البيطار يعتبر من أشهر أطباء الأعشاب في عصره، توفي في دمشق.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
الاتصال بين لويس التاسع والمغول.
العام الهجري: 646الشهر القمري: شعبانالعام الميلادي: 1248تفاصيل الحدث:
في أثناء مسير الحملة الصليبية المتجهة إلى الشرق بقيادة الملك لويس التاسع ملك فرنسا توقف في قبرص فأجرى اتصالاته مع المغول ليساعده على تطويق المسلمين في الشرق الأدنى ولعقد تحالف عسكري مع المغول ضد الأيوبيين في الشام وضد الخلافة العباسية في بغداد.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
الحملة الصليبية الفرنسية تصل إلى دمياط وتحتلها.
العام الهجري: 647الشهر القمري: صفرالعام الميلادي: 1249تفاصيل الحدث:
قدم السلطان من دمشق، وهو مريض لما بلغه من حركة الفرنج، فنزل بأشموم طناح في المحرم، وجمع في دمياط من الأقوات والأسلحة شيئا كثيرا، وبعث إلى الأمير حسام الدين بن أبي علي نائبه بالقاهرة، أن يجهز الشواني من صناعة مصر، فشرع في تجهيزها، وسيرها شيئا بعد شيء، وأمر السلطان الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ أن ينزل على جيزة دمياط بالعساكر ليصير في مقابلة الفرنج إذا قدموا فتحول الأمير فخر الدين بالعساكر، فنزل بالجيزة تجاه دمياط، وصار النيل بينه وبينها، ثم وفي الساعة الثانية من يوم الجمعة لتسع بقين من صفر وصلت مراكب الفرنج البحرية، وفيها جموعهم العظيمة صحبة لويس التاسع ملك فرنسا، وقد انضم إليهم فرنج الساحل كله، فأرسوا في البحر بإزاء المسلمين، وسير ملك الفرنج إلى السلطان كتابا يتهدد فيه السلطان ويتوعده بقتله واحتلال مصر، فلما وصل الكتاب إلى السلطان وقرئ عليه، كتب الجواب فيه أنهم أصحاب الحرب والسيوف وأنه كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، وفي يوم السبت نزل الفرنج في البر الذي عسكر المسلمون فيه، وضربت للملك الفرنسي خيمة حمراء، فناوشهم المسلمون الحرب، فلما أمسى الليل رحل الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ ممن معه من عساكر المسلمين، وقطع بهم الجسر إلى الجانب الشرقي، الذي فيه مدينة دمياط، وخلا البر الغربي للفرنج، وسار فخر الدين بالعسكر يريد أشموم طناح، فلما رأى أهل دمياط رحيل العسكر، خرجوا كأنما يسحبون على وجوههم طول الليل، ولم يبق بالمدينة أحد البتة، وصارت دمياط فارغة من الناس جملة، وفروا إلى أكوم مع العسكر، وساروا إلى القاهرة، فنهبهم الناس في الطريق، ولم يبق لهم ما يعيشون به فعدت هذه الفعلة من الأمير فخر الدين من أقبح ما يشنع به، وأصبح الفرنج يوم الأحد لسبع بقين من صفر، سائرين إلى مدينة دمياط، فعندما رأوا أبوابها مفتحة ولا أحد يحميها، خشوا أن تكون مكيدة، فتمهلوا حتى ظهر أن الناس قد فروا وتركوها، فدخلوا المدينة بغير كلفة ولا مؤنة حصار، واستولوا على ما فيها من الآلات الحربية، والأسلحة العظيمة والعدد الكثيرة، والأقوات والأزواد والذخائر، والأموال والأمتعة وغير ذلك، صفوا، وبلغ ذلك أهل القاهرة ومصر، فانزعج الناس انزعاجا عظيما، ويئسوا من بقاء كلمة الإسلام بديار مصر، لتملك الفرنج مدينة دمياط، وهزيمة العساكر، وقوة الفرنج بما صار إليهم من الأموال والأزواد والأسلحة، والحصن الجليل الذي لا يقدر على أخذه بقوة، مع شدة مرض السلطان، وعدم حركته، وعندما وصلت العساكر إلى أشموم طناح، ومعهم أهل دمياط، اشتد حنق السلطان على الكنانيين، وأمر بشنقهم لكونهم خرجوا من المدينة بغير إذن، حتى تسلمها الفرنج، وتغير السلطان على الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ، وقامت الشناعة من كل أحد على الأمير فخر الدين، فخاف كثير من الأمراء وغيرهم سطوة السلطان، وهموا بقتله، فأشار عليهم فخر الدين بالصبر، حتى يتبين أمر السلطان.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
وفاة أبي زكريا الحفصي مؤسس الدولة الحفصية.
العام الهجري: 647الشهر القمري: جمادى الآخرةالعام الميلادي: 1249تفاصيل الحدث:
بعد أن تولى أمر الدولة الموحدية "أبو محمد العادل بن أبي يوسف يعقوب المنصور" سنة (621 هـ = 1224م) عهد بولاية إفريقية إلى أبي محمد عبدالله بن عبدالواحد بن أبي حفص، وكان في صحبته أخوه أبو زكريا، وقام الوالي الجديد بإعادة الهدوء والاستقرار بعد أن عكرت صفوها الفتن والثورات، وقام بحملات على الخارجين على سلطان الدولة، وما كادت الأمور تستقر حتى قفز على منصب الخلافة الموحدية أبو العلاء إدريس المأمون سنة (624هـ = 1227م) بعد ثورة قادها ضد أخيه أبي محمد العادل، فرفض أبو محمد عبدالله الحفصي بيعته والدخول في طاعته، فما كان من الخليفة الجديد إلا أن كتب بولاية إفريقية إلى أبي زكريا يحيى، فقبلها على الفور وسارع من تونس إلى القيروان، وتغلب على أخيه أبي محمد عبدالله، وتولى أمر البلاد سنة (625هـ = 1228م) . وكانت سن أبي زكريا يوم بدأ حكمه سبعا وعشرين سنة، لكن ما أظهره من أول وهلة من براعة ومقدرة كان يدل على ما يتمتع به من نضج سياسي، ومهارة إدارية، وسبق له أن حكم في منطقة إشبيلية بالأندلس، حيث كان واليا على بعض المقاطعات هناك. وبعد قليل من ولايته خلع أبو زكريا طاعة أبي العلاء إدريس خليفة الموحدين، ولكنه لم يدع لنفسه بالأمر؛ تحسبا للموحدين الذين كانوا في ولايته، واتخذ تونس عاصمة له، وبدأ في اكتساب محبة أهل إفريقية باتباع سياسة معينة، فأحسن معاملتهم، وخفف عنهم أعباء الضرائب، ونظر في أمورهم، وراقب عماله وولاته، واستعان بأهل الخبرة والكفاءة، وقرب الفقهاء إليه، فأسلمت له البلاد قيادها ودانت له بالطاعة والولاء. ثم نهض أبو زكريا لإقرار سلطانه وبسط نفوذه في المناطق المجاورة، فزحف بجيشه إلى قسطنطينة بالجزائر، فدخلها دون صعوبة، وخرج أهلها لمبايعته في (شعبان 626هـ = 1229م) ، ثم اتجه إلى بجابة ففتحها ودخلت في سلطانه، وبذلك خرجت الولايتان من سلطان دولة الموحدين، وأصبحتا تابعتين لأبي زكريا، ثم طاف بالنواحي الشرقية من ولايته، واستوثق من طاعة أهلها. وكان رد الخلافة الموحدية على توسعات أبي زكريا على حساب دولتها ضعيفا للغاية، بل يكاد يكون معدوما، ولم يستطع الخلفاء الموحدون أن يمنعوا تفكك دولتهم، أو يقضوا على الحركات الانفصالية، فكانت الدولة مشغولة بالفتن والثورات التي تهب في الأندلس، بل في مراكش عاصمة دولتهم. وعاد أبو زكريا الحفصي إلى تونس بعد حملته، وأعلن على رؤوس الملأ استقلاله بالملك، وانقطاع تبعيته للموحدين رسميا، وبايع لنفسه بيعة عامة سنة (634هـ = 1236م) ، وضرب السكة باسمه، وأمر أن يخطب له باسمه على كل منابر بلاده، ثم بايع لابنه أبي يحيى وليا للعهد سنة (638هـ = 1246م) . ثم قام على رأس حملة ضخمة، فدخل تلمسان، وأجبر واليها "يغمراسن" على الدخول في طاعته، والخطبة باسمه، كما أدخل في طاعته القبائل العربية والبربرية في المناطق المحيطة. وهادنه بنو مرين في المغرب الأقصى، وأقيمت الخطبة باسمه في عدد كبير من بلاد الأندلس التي لم تقع في براثن الأسبان، واحتفظت بحريتها واستقلالها. وأصبحت الدولة الحفصية التي قام عليها مرهوبة الجانب، تسعى الدولة الأوروبية إلى كسب ودها، خاصة التي تربطها بها مصالح اقتصادية وسياسية، فعقد مع البندقية، وبيزة، وجنوة معاهدات صداقة، وسلامة. وقد ظل أبو زكريا متوفرا على شؤون الدولة حتى توفي في 25 من جمادى الآخرة من هذه السنة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
استيلاء السلطان صاحب مصر على الكرك.
العام الهجري: 647الشهر القمري: جمادى الآخرةالعام الميلادي: 1249تفاصيل الحدث:
إن الناصر داود صاحب الكرك لما ضاقت به الأمور استخلف ابنه الملك المعظم شرف الدين عيسى، وأخذ معه جواهره، وسار في البر إلى حلب مستجيرا بالملك الناصر يوسف بن الملك العزيز فأنزله وأكرمه وسير الناصر بجواهره إلى الخليفة المستعصم بالله، لتكون عنده وديعة، فقبض الخليفة ذلك، وسير إليه الخط بقبضه وأراد الناصر بذلك أن يكون الجوهر في مأمن، فإذا احتاج إليه طلبه، وكانت قيمته ما ينيف على مائة ألف دينار، فحنق ولدا الناصر - وهما الملك الظاهر شادي والملك الأمجد حسن - على أبيهما، لكونه قدم عليهما المعظم، وقبضا على المعظم، واستوليا على الكرك وأقام الملك - الظاهر شادي وهو أسن إخوته - بالكرك وسار الملك الأمجد حسن إلى الملك الصالح نجم الدين، فوصل إلى العسكر بالمنصورة، يوم السبت لتسع مضين من جمادى الآخرة، وبشره بأنه هو وأخوه الظاهر أخذا الكرك له، فأكرمه السلطان، وأعطاه مالا كثيرا، وسير الطواشي بدر الدين الصوابي إلى الكرك نائبا بها وبالشوبك، فتسلمها بدر الدين، وسير أولاد الناصر داود جميعهم، وأخويه الملك القاهر عبد الملك، والملك المغيث عبد العزيز، ونساءهم وعيالاتهم كلها، إلى المعسكر بالمنصورة، فأقطعهم السلطان إقطاعا جليلا، ورتب لهم الرواتب، وأنزل أولاد الناصر في الجانب الغربي قبالة المنصورة، وكان استيلاء نائب السلطان على الكرك يوم الاثنين، لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الآخرة، وسر السلطان بأخذ الكرك سرورا عظيما، وأمر فزينت القاهرة ومصر، وضربت البشائر بالقلعتين، وجهز السلطان إلى الكرك ألف ألف دينار مصرية، وجواهر وذخائر وأسلحة، وشيئا كثيرا مما يعز عليه.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا