الموسوعة التاريخية
علوي عبد القادر السقاف
المجلد الخامس
صـــ351 الى صــ 360
(281)
نهاية دولة بني أرتق.
العام الهجري: 630الشهر القمري: صفرالعام الميلادي: 1232تفاصيل الحدث:
قام الملك الكامل محمد صاحب مصر بفتح آمد، وأخرج منها صاحبها الملك المسعود بن مودود بعد حصار طويل؛ وتسلم منه جميع القلاع التي كانت بيده، وبقي حصن كيفا عاصيا؛ فبعث الكامل أخاه الأشرف، وأخاه شهاب الدين غازيا، ومعهما صاحب آمد تحت الحوطة؛ فسألهم صاحب آمد في تسليم الحصن فلم يسلموا البلد، فعذبه الأشرف عذابا عظيما، وكان يبغضه؛ ولا زال الأشرف يحاصر حصن كيفا حتى تسلمها، ووجد عند مسعود المذكور خمسمائة بنت من بنات الناس للفراش، فكان الملك المسعود هو آخر ملوك بني الأرتق، ثم قام الملك الكامل بتولية ابنه نجم الدين أيوب آمد وحصن كيفا، وأبقى الملك المسعود عنده في مصر حبسه مدة ثم أفرج عنه وأقطعه إمرة في مصر.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
وفاة ابن الأثير الجزري صاحب التاريخ.
العام الهجري: 630الشهر القمري: شعبانالعام الميلادي: 1233تفاصيل الحدث:
هو عز الدين أبو الحسن علي بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري الموصلي المعروف بابن الأثير مصنف كتاب أسد الغابة في أسماء الصحابة، وكتاب الكامل في التاريخ وهو من أحسنها سردا للحوادث ابتدأه من المبتدأ إلى سنة ثمان وعشرين وستمائة، وقد كان يتردد إلى بغداد خصيصا عند ملوك الموصل، ووزر لبعضهم وأقام بها في آخر عمره موقرا معظما إلى أن توفي بها، عن خمس وسبعين سنة رحمه الله، وأما ابن الأثير الجزري الآخر فهو أخوه أبو السعادات المبارك مصنف كتاب جامع الأصول، وأخوهما الوزير ضياء الدين أبو الفتح نصر الله كان وزيرا للملك الأفضل علي بن الناصر فاتح بيت المقدس، صاحب دمشق، وجزيرة ابن عمر، كان ابن الأثير عالما بالأنساب والتواريخ وأيام العرب، وله كتاب خاص بتاريخ الأتابكة الذين عاش في ظلهم، توفي في الموصل ودفن فيها.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
الملك الكامل صاحب مصر يرسل جيشا لاسترداد مكة.
العام الهجري: 630الشهر القمري: شوالالعام الميلادي: 1233تفاصيل الحدث:
جهز الملك الكامل عسكرا من الغز والعربان إلى ينبع، من أرض الحجاز - عليهم علاء الدين آق سنقر الزاهدي - في شوال وعدتهم سبعمائة، وسبب ذلك ورود الخبر بمسير الشريف راجح من اليمن بعسكر إلى مكة، وأنه قدمها في صفر، وأخرج من بها من المصريين بغير قتال، ثم إن ابن رسول بعث إلى الشريف راجح بن قتادة بخزانة مال، ليستخدم عسكرا، فلم يتمكن من ذلك، لأنه بلغه أن السلطان الملك الكامل بعث الأمير أسد الدين جغريل، أحد المماليك الكاملية، إلى مكة بسبعمائة فارس، وحضر جغريل إلى مكة، ففر منه الشريف راجح بن قتادة إلى اليمن، وملك جغريل مكة في شهر رمضان، وأقام العسكر بها، وحج بالناس، وترك بمكة ابن محلي، ومعه خمسون فارسا، ورجع إلى مصر، ثم بعث الملك المنصور عمر بن علي بن رسول - ملك اليمن - عسكرا إلى مكة، مع الشهاب بن عبد الله، ومعه خزانة مال، فقاتله المصريون وأسروه، وحملوه إلى القاهرة مقيدا.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
استيلاء الخليفة على الموصل.
العام الهجري: 630الشهر القمري: شوالالعام الميلادي: 1233تفاصيل الحدث:
سارت العساكر المستنصرية صحبة الأمير سيف الدين أبي الفضائل إقبال الخاص المستنصري إلى مدينة إربل وأعمالها، وذلك لمرض مالكها مظفر الدين كوكبري بن زين الدين، وأنه ليس له من بعده من يملك البلاد، فحين وصلها الجيش منعه أهل البلد فحاصروه حتى افتتحوه عنوة في السابع عشر من شوال، وجاءت البشائر بذلك فضربت الطبول ببغداد بسبب ذلك، وفرح أهلها، وكتب التقليد عليها لإقبال المذكور، فرتب فيها المناصب وسار فيها سيرة جيدة، وامتدح الشعراء هذا الفتح من حيث هو، وكذلك مدحوا فاتحها إقبال.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
وفاة سيف الدين الآمدي.
العام الهجري: 631الشهر القمري: صفرالعام الميلادي: 1233تفاصيل الحدث:
هو أبو الحسن علي بن أبي علي ابن محمد بن سالم الثعلبي سيف الدين الآمدي، ثم الحموي ثم الدمشقي، صاحب المصنفات في الأصلين وغير ذلك، من ذلك: "أبكار الأفكار في الكلام" ، و "دقائق الحقائق في الحكمة" ، و "إحكام الأحكام في أصول الفقه" ، وكان حنبلي المذهب فصار شافعيا أشعريا أصوليا منطقيا جدليا خلافيا، وكان حسن الأخلاق، وقد تكلموا فيه بأشياء الله أعلم بصحتها، وقد كانت ملوك بني أيوب كالمعظم والكامل يكرمونه وإن كانوا لا يحبونه كثيرا، وقد فوض إليه المعظم تدريس العزيزية، فلما ولي الأشرف دمشق عزله عنها ونادى بالمدارس أن لا يشتغل أحد بغير التفسير والحديث والفقه، ومن اشتغل بعلوم الأوائل نفيته، فأقام الشيخ سيف الدين بمنزله إلى أن توفي بدمشق، ودفن بتربته بسفح قاسيون، وكان قد اشتغل ببغداد على أبي الفتح نصر بن فتيان بن المنى الحنبلي، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي فأخذ عن ابن فضلان وغيره، وحفظ طريقة الخلاف للشريف وزوائد طريقة أسعد الميهني، ثم انتقل إلى الشام واشتغل بعلوم المعقول، ثم إلى الديار المصرية فأعاد بمدرسة الشافعية بالقرافة الصغرى، وتصدر بالجامع الظافري، واشتهر فضله وانتشرت فضائله، فحسده أقوام فسعوا فيه وكتبوا خطوطهم باتهامه بمذهب الأوائل والتعطيل والانحلال، فانتقل سيف الدين إلى حماه ثم تحول إلى دمشق فدرس بالعزيزية، ثم عزل عنها ولزم بيته إلى أن مات، وله ثمانون عاما رحمه الله تعالى وعفا عنه.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
اكتمال بناء المدرسة المسنتصرية.
العام الهجري: 631الشهر القمري: رجبالعام الميلادي: 1234تفاصيل الحدث:
كمل بناء المدرسة المستنصرية ببغداد ولم يبن مدرسة قبلها مثلها، ووقفت على المذاهب الأربعة من كل طائفة اثنان وستون فقيها، وأربعة معيدين، ومدرس لكل مذهب، وشيخ حديث وقارئان وعشرة مستمعين، وشيخ طب، وعشرة من المسلمين يشتغلون بعلم الطب، ومكتب للأيتام وقدر للجميع من الخبز واللحم والحلوى والنفقة ما فيه كفاية وافرة لكل واحد، ولما كان يوم الخميس خامس رجب حضرت الدروس بها وحضر الخليفة المستنصر بالله بنفسه الكريمة وأهل دولته من الأمراء والوزراء والقضاة والفقهاء والصوفية والشعراء، ولم يتخلف أحد من هؤلاء، وعمل سماط عظيم بها أكل منه الحاضرون، وحمل منه إلى سائر دروب بغداد من بيوتات الخواص والعوام، وخلع على جميع المدرسين بها والحاضرين فيها، وعلى جميع الدولة والفقهاء والمعيدين، وكان يوما مشهودا، وأنشدت الشعراء الخليفة المدائح الرائقة والقصائد الفائقة، وقد ذكر ذلك ابن الساعي في تاريخه مطولا مبسوطا شافيا كافيا، وقدر لتدريس الشافعية بها الإمام محيي الدين أبو عبد الله بن فضلان، وللحنفية الإمام العلامة رشيد الدين أبو حفص عمر بن محمد الفرغاني، وللحنابلة الإمام العالم محيي الدين يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي، ودرس عنه يومئذ ابنه عبد الرحمن نيابة لغيبته في بعض الرسالات إلى الملوك، ودرس للمالكية يومئذ الشيخ الصالح العالم أبو الحسن المغربي المالكي نيابة أيضا، حتى يعين شيخ غيره، ووقفت خزائن كتب لم يسمع بمثلها في كثرتها وحسن نسخها وجودة الكتب الموقوفة بها، وكان المتولي لعمارة هذه المدرسة مؤيد الدين أبو طالب محمد بن العلقمي الذي وزر بعد ذلك، وقد كان إذ ذاك أستاذ دار الخلافة.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
قصد كيقباد صاحب بلاد الروم السلجوقي لقتال خلاط.
العام الهجري: 631الشهر القمري: شعبانالعام الميلادي: 1234تفاصيل الحدث:
قصد السلطان علاء الدين كيقباد بن كيخسرو السلجوقي، صاحب بلاد الروم، مدينة خلاط، فخرج الملك الكامل من القاهرة بعسكره، ليلة السبت خامس شعبان، واستناب ابنه الملك العادل، فوصل إلى دمشق، وكتب إلى ملوك بني أيوب يأمرهم بالتجهز، للمسير بعساكرهم إلى بلاد الروم، وخرج الكامل من دمشق، فنزل على سلمية في شهر رمضان، ورتب عساكره، وسار إلى منبج، فقدم عليه عسكر حلب، وغيره من العساكر، فسار وقد صار معه ستة عشر دهليزا، لستة عشر ملكا - وقيل بل كانوا ثمانية عشر ملكا، فعرضهم الكامل على إلبيرة أطلابا بأسلحتهم، فلكثرة ما أعجب بنفسه قال: هذه العساكر لم تجتمع لأحد من ملوك الإسلام، وأمر بها فسارت شيئا بعد شيء نحو الدربند، وقد جد السلطان علاء الدين في حفظ طرقاته بالمقاتلة، ونزل الكامل على النهر الأزرق، وهو بأول بلد الروم، ونزل عساكر الروم فيما بينه وبين الدربند وأخفوا عليه رأس الدربند وبنوا علمه سورا يمنع العساكر من الطلوع، وقاتلوا من أعلاه، فقلت الأقوات عند عسكر الكامل، واتفق - مع قلة الأقوات وامتناع الدربند - نفور ملوك بني أيوب من الملك الكامل، بسبب أنه حفظ عنه أنه لما أعجبته كثرة عساكره بالبيرة، قال لخواصه: إن صار لنا ملك الروم فإنا نعوض ملوك الشام والشرق مملكة الروم، بدل ما بأيديهم، ونجعل الشام والشرق مضافا إلى ملك مصر، فحذر من ذلك المجاهد صاحب حمص، وأعلم به الأشرف موسى صاحب دمشق، وأحضر بني عمه وأقاربه من الملوك وأعلمهم ذلك، فاتفقوا على الملك الكامل، وكتبوا إلى السلطان علاء الدين بالميل معه وخذلان الكامل، وسيروا الكتب بذلك، فاتفق وقوعها في يد الملك الكامل، فكتمها ورحل راجعا، فأخذ السلطان علاء الدين طيقباد - ملك الروم - قلعة خرتبرت وست قلاع أخر كانت مع الملوك الأرتقية، في ذي القعدة، فاشتد حنق الملك الكامل، لما حصل على أمرائه وعساكره من صاحب الروم في قلاع خرتبرت، ونسب ذلك إلى أهله من الملوك، فتنكر ما بينه وبينهم.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
وباء عظيم في مصر مات فيه الألوف.
العام الهجري: 632العام الميلادي: 1234تفاصيل الحدث:
كان في مصر الوباء العظيم حيث إنه مات في شهر نيف وثلاثون ألف إنسان، واستمر هذا الوباء مدة ثلاثة أشهر، فمات بالقاهرة ومصر خلق كثر، بلغت عدتهم زيادة على اثني عشر ألفا، سوى من مات بالريف.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
الملك الكامل صاحب مصر وخلافه مع الأمراء.
العام الهجري: 632الشهر القمري: جمادى الأولىالعام الميلادي: 1235تفاصيل الحدث:
عاد الملك الكامل إلى قلعة الجبل من بلاد الشرق، وقد توحش ما بينه وبين أخيه الأشرف - صاحب دمشق - وغيره من الملوك، فقبض الكامل على المسعود صاحب آمد واعتقله في برج هو وأهله، يوم الاثنين سادس عشر جمادى الأولى، لممالأته لهم، فملك صاحب الروم وحران بالسيف، وعاد إلى بلاده، بعد ما استولى على ما كان بهما من الأموال، فلما بلغ الكامل ذلك أمر العساكر أن تتجهز للمسير إلى الشرق، وأقطع ابن الأمير صلاح الدين الإربلي صنافير بالقليوبية، وجعل أقارب والده ومماليكه معه، وعدتهم سبعة عشر رجلا.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا
وفاة ابن الفارض الصوفي.
العام الهجري: 632الشهر القمري: جمادى الأولىالعام الميلادي: 1235تفاصيل الحدث:
هو أبو حفص عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي، الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، وكان أبوه يكتب فروض النساء والرجال ناظم التائية (وهي قصيدة طويلة أكثر من سبعمائة بيت) في السلوك على طريقة المتصوفة المنسوبين إلى الاتحاد، وقد تكلم فيه غير واحد من المشايخ بسبب قصيدته المشار إليها، وقد ذكره أبو عبد الله الذهبي في ميزانه وحط عليه، مات وقد قارب السبعين، توفي بالقاهرة في يوم الثلاثاء الثاني من جمادى الأولى، ودفن من الغد بسفح المقطم، وقبره معروف به يقصد للزيارة، وكان قد سافر إلى مكة وبقي فيها قرابة الخمسة عشر سنة متصلا فيها بالصوفية، ولكن له شطحات كثيرة في قصائده على عادة المتصوفة وخاصة في هيامهم وغزلهم مع قصدهم الذات الإلهية تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظرا لاشتماله على أكثر من عام هجري أحيانا