
27-10-2025, 01:32 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,685
الدولة :
|
|
رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي
الاعتراف بنعمة الله وهنا أقول كلمة: والله ثم والله! ليس هناك أبرك من طالب العلم، ولا أعظم خيرا ولا أحسن عاقبة من معاملته لله عز وجل، فعليه أن يعلم أن عزته في الله وحده، وأن علمه من الله وفهمه، فإن الله هو الذي علمه ما لم يكن يعلم، وأن فضل الله عليه عظيم، فيعترف بفضل الله سبحانه وتعالى، ولا يبحث عن القشور التي عند الناس.
من حقك أن تعترف بفضل غيرك عليك تبعا لفضل الله، والمخلوق ليس له فضل كفضل الخالق، إنما فضله تبع، ولذلك تشكر الناس، لكن شكرهم تبع لشكر الله سبحانه وتعالى، فهو الذي علمك وفهمك، ولذلك فلا يغتر الواحد بمشايخه وبعلمائه؛ لأن هذا الغرور سيدعوه أن يرد أقوال العلماء وانتقاص الآخرين، والحط من فتاوى العلماء.
ولهذا أوصي طلابي أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم، وعليهم أن يستندوا إلى الحق؛ لأن الحق يستمد قوته من ذاته، ويبينوا للناس ما ترجح عند شيخهم، أو عند من قرءوا عليه، ولكن لا يحطموا أهل العلم، ولا ينتقصوا قدر العلماء، وما وجدنا أهل العلم يؤلفون الكتب أو يفتون أو يعلمون من أجل الحط من أقدار العلماء الآخرين، وإنما زادهم العلم اعترافا لأهل العلم بفضلهم، واعترافا لكل ذي حق بحقه.
وأوصي طلابي أن يتقوا الله عز وجل، وأن لا يتخذوا من تعلمهم وسيلة للعجب إلى درجة نسيان حقوق العلماء الآخرين، وإذا جاءك أحد بقول مخالف لقولك الذي قرأته، فاعلم أنك إذا اعتقدت حكما شرعيا، وعندك فيه دليل من كتاب وسنة، ممن يوثق بعلمه في فهم هذا الحديث؛ فقد أعذرت إلى الله.
التقيد في مرحلة الطلب بما درس على المشايخ وبعد هذا تتقيد بهذا العالم، وهذا ما يسميه العلماء بمرحلة الاتباع، فتتقيد به حتى تدرس أصول الفقه، وتعرف الذي خالفه، وما دليله، وهل الحجة مع شيخك؟ أو مع من خالفه؟ فقبل أن تصل إلى هذه المرحلة تلزمك مرحلة التتبع، ويلزمك هذا الأصل؛ لأنك تسير على أصول وضوابط، ولو أنك انتقلت إلى غيرك فقد نفقت، فقد يكون هذا الشيخ أعمل دلالة أسقطتها أنت في العبادة والمعاملة، وحينئذ تعمل بدليل الاضطراب، وهذا ما يعنيه العلماء بالاتباع، وإذا أخذت قول شيخ بدليل تقول: هذا الذي تعلمته، وهذا الذي أعرفه، وهذا الذي تذكره قول لبعض العلماء، لكن هذا الذي درسناه، وهذا تعلمناه، وانتهى الإشكال، قولكم خطأ، وقولنا صواب، وكذا، وإقامة الدنيا.
ومما أوصي به طالب العلم، وهذا من نعم الله عز وجل عليك: ترك الجدال والمناقشة، كثير من طلاب العلم الآن-إلا من رحم الله- محقت منه البركة، وضاع عليه وقت كبير من وقته وعمره بسبب المناظرة، كل شخص يبحث مسألة يريد الأقوال فيها، والردود، والمناقشات؛ لأنه مولع، ويريد من يناقشه حتى يرد عليه، وهذه هي آفة العلم، فعليك-رحمك الله- أن تقرأ، والحكم بدليله، وتتقيد بهذا الحكم والدليل، حتى تصل إلى مرتبة أهل العلم الذين يجتهدون، فإذا سرت على هذا الطريق جمع لك من العلم ما لا يحصى، ولذلك كان الإمام شيخ الإسلام محمد بن إبراهيم رحمه الله برحمته الواسعة معروفا عنه أنه لا يمكن أن يجادل أحدا، وهو على درجة من التثبت والرسوخ في العلم، وكان معروفا عنه أنه إذا جلس في مجلسه، وسأله أحد سؤالا، ثم فتحوا باب المناقشات، لماذا؟ وكيف؟ هذا ليس من باب الاستفادة، باب الاستفادة -هذا نقله إلي الوالد رحمه الله- بمجرد أن يأتي ويقول: لماذا؟ ويقوم هذا ويقول: لا، قال فلان، قال علان، يتركه، ويقوم من المجلس، ولا يمكن أن يجلس مجلسا فيه هذا اللجاج والمناظرة؛ لأن القلوب تفسد، ويحدث نوع من الغرور للمتكلم أو للسامع أو للمعترض عليه، وقد تحط من قدر العالم، ولذلك فالسلامة غنيمة، من عنده علم عمل بالدليل: ما علمت فقد كفاني وما جهلت فجنبوني مادام أني أخذت هذا العلم عمن يوثق بعلمه ودينه، فيجب أن أضبط هذا العلم، وأعكف عليه، وستضبط كتب العبادة والمعاملة بهذه الطريقة التي لا تشويش فيها، وليس عندك أحد يدخل عليك الشبه حتى تضبط، وبعد ما تضبط يفتح الله عز وجل عليك، وتتوسع في أصول الفقه، وضوابط العلماء في الاستدلال، ووجه الدلالة، ثم تنكشف لك الأدلة، ثم تبحث، وهذا من أفضل ما يكون.
طريقة الشرح لكتب الفقه وهناك تنبهيات، منها: أننا في شرح الزاد ربما تركنا أبوابا ما أسهبنا فيها، وأسهبنا في أماكن أخرى، فمثلا: في العبادات والمعاملات المالية في شرح بلوغ المرام إذا وجدت أني قلت قولا ورجحته باختصار، ولم أسهب في المسألة، فتجدها في الشروح الأخرى مطولة، وهذا يعرفه الطلاب، والأفضل أنك تجمع الشروح كلها، وتحاول أن تعرف قسط هذه المسائل، فتضع عندك مثل الفهارس، تلخص به الشرح، ثم تجعل إحالات للتوسع في الأقوال والردود.
بالنسبة لهذه الرسالة فقد كان بالإمكان أن ننتهي منها في شهرين أو ثلاثة، ولكن قد لا يضبط إلا طالب العلم المتمكن، أما إذا طالت المدة فإنه يتضح المنهج لطالب العلم، ولذلك تجد طلاب العلم الذين يقرءون السنة والسنتين والثلاث يسيرون على منهج واضح، وطريقة واضحة، وترسخ عندهم الطريقة، وأما الاستعجال فلربما تأتي آفات لطالب العلم، وتبقى فيه كثير من الأدران، والتنبيهات، فيستعجل ويخرج دون نضوج، ثم يوجد من يستعجل من غير أولئك وله عذره، وجزاه الله خيرا عن أمة محمد، ولا نقلل من شأنه، لكن هذا الذي اخترته لأجل مصلحة العلم، وأسأل الله بعزته وجلاله أن يجعل العلم لنا فيما اخترناه، وهذا من ناحية إطالة المدة، المهم أن تعرف العبارة والحكم والمثال والدليل، هذه هي قراءة الفقه، فلا يقال: الأبواب الأخيرة ما شرحت؛ لأن هذا نوع من الفضل غير واجب لك، الأصل أننا نبين معنى العبارة ومثالها والدليل، هذا هو الأصل، وهذه طريقة قراءة الفقه.
فتعود إلى هذا الأصل، وتضبطه، وتحرر المسائل الناقصة من غيرها، أما الأبواب الأخيرة: الأطعمة، الذكاة، الصيد، الأيمان، النذور، كل هذه قد تكون فيها دورات مستقلة-إن شاء الله- نبين فيها ونفصل، سواء في المدينة، أو في جدة، أو في مكة، وطلاب العلم عليهم أن يكونوا على اتصال بالدروس العلمية، ويحاولوا أن يستدركوا بعض التفصيلات والتفريعات الموجودة فيها إذا احتاجوا إلى هذا التفصيل والتفريع.
أخلاق طالب العلم كذلك هناك أمور ينبغي التنبيه عليها بالنسبة لطلاب العلم فيما بينهم، وهي: أخلاق الإسلام؛ أن يحرص طالب العلم على أن ينفع أخاه ما أمكنه، والتضحية والإيثار من خلق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أدب الله بذلك بنيه صلوات الله وسلامه عليه، فيحرص طالب العلم على أن يؤثر أخاه إلا فيما فيه الخير من استثنائه للعلم، ويحرص طلاب العلم مع بعضهم على المحبة، والصفاء، والنقاء، والمودة، وليعلم كل طالب منتسب إلى شيخه أن عليه حرمة أن يزين هذه النسبة، وألا يشينها، فيكون عفيفا عن أهل العلم، وعن حدود الله عز وجل ومحارمه، وعن العلماء.
وأوصيه بتقوى الله في أهل العلم من السابقين والباقين -نفع الله بعلمهم- ممن قضوا ومضوا رحمة الله على الجميع، أوصي باحترامهم، وتوقيرهم، وحفظ حقوقهم، وأن لا يشين أحدا من طلابنا، وكل إنسان محسوب على نفسه، وعندما يقال: هو من طلاب فلان، فلا يؤذي شيخه بل لا يؤذي حتى طلابه ويشينهم.
وهذا أمر أحب أن أوصي به؛ لأن الزمان كثرت فيه الفتن، وإن شاء الله طلاب العلم هم أرفع من هذا كله، لكن كثرة الفتن والمحن توجب التنبيه على مثل هذه الأمور.
تعليم الناس العلم وكذلك أيضا مما أحب أن أوصي به: الحرص على اختيار الأوقات المناسبة في تعليم الناس، فطالب العلم الذي وفقه الله لضبط هذه المسائل، وقراءة هذا الكتاب، له أن يقرئه ويدرسه في حدود ما علم، وهذه إجازة لمن اتقى الله عز وجل في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وحفظ حق التعليم, وقرأ في منهج العلماء رحمهم الله، أو جالس أهل العلم، واستفاد من سمتهم ودلهم، أن ينفع أبناء المسلمين ما أمكنه، وأن يبذل ما يستطيع، إذا استطاع أن يفتح درسا في مسجد حيه ولو بعد الصلاة يتحدث فيه عن أحكام الطهارة، وإذا جاءته أسئلة يقول: أنا لست أهلا للفتوى، أما إذا ضبط الأسئلة والإجابة عنها، وعلم أن السؤال والجواب موجود؛ لأنه قرأ على أيدي العلماء.
فعلى كل حال: الحرص على فتح درس، أو الجلوس مع الإخوة في الطلعات والنزه فيقول: هلموا نتذاكر صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم هلموا نتذاكر أحكام الزكاة، والبيع، فيعمر وقته بذكر الله، وطاعة الله.
عمارة الوقت بالذكر والورع من الدنيا ومن الأمور التي أوصي بها كل من يريد أن يبارك الله عز وجل له في علمه: أن يستغرق وقته في طاعة الله؛ لأن العالم وطالب العلم إذا حفظ وقته في طاعة الله يبارك له، ويفتح عليه، ويقال: إنه ما حرص على أمرين إلا نال الإنسان فتحا في هذا العلم، فسيفتح الله عليه، ويبارك له في الفهم: الأمر الأول: استنفاد الوقت في ذكر الله وطاعته، فأولى الناس بالفهم والوعي عن الله ورسوله، وحسن التعليم للناس، والقبول؛ من رزقه الله عمارة وقته بذكر الله عز وجل، وهذه وصية علمائنا ومشايخنا، أن يحرص طالب العلم على عمارة وقته بذكر الله عز وجل.
الأمر الثاني: التورع، والتحفظ من الدنيا ما أمكنه، خاصة إذا قصد بها المطامع، وأراد من تلك الدنيا أن يذلك، فالله أعزك، وأراد غيره أن يذلك، فارض بعزة الله، وكرامته لك، إن هذا العلم أمانة في رقبتك، ولذلك صن هذا العلم، فبمجرد أن تحس أن الشخص يريد أن يذلك بهذه العطية، أو بهذا المال، فابتعد، قال سفيان الثوري رحمه الله: (أوتيت فهم القرآن، ولما قبلت الصرة نزع مني) ، فحينما يتورع الإنسان عن أموال الناس ومطامع الدنيا يرتفع قد تجد الإنسان من أهل الدنيا يأتي ويضعك في صدر مجلسه، أو في مكان أعلى مما أنت تستحقه، ويريد أن يستدرجك، فتربأ بنفسك، ولا ترضى لنفسك إلا بتقديم ربك، والله ليرفعنك الله ولو وضعك الناس، وليضعن الله من عصاه ولو رفعه الناس، لو أطبق من في الدنيا على أن يرفعوك على منزلتك شعرة وهم راضون ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
فعامل الله، واحذر من هذه الدنيا، والدنيا لا تختص بالمال، حتى ولو أتى ليشرفك، ويريد أن يضعك في مكان فيه نوع من المجاملة والمحاباة، وترى من هو أعلم منك وأفضل فتأخر، وقل: فلان أعلم مني؛ لأنك تعلم أن هذا يرضي ربك، وفلان أولى مني، وإذا سئلت عن علم، وهناك من هو أعلم منك، فقل: اذهبوا إلى فلان، فلان أكثر ملازمة للشيخ مني، فلان كذا، وهكذا، وإلا فلا.
فإذا حرصت على هذين الأمرين: عمارة الوقت، والتعفف عن الدنيا، فإن الله سيفتح عليك من فواتح رحمته، وما من عبد يترك شيئا لله إلا عوضه الله خيرا منه.
وعليك أن تحرص في تعليمك لطلابك على غرس أخلاق ومبادئ الإسلام، فالأدب قبل الطلب، والعمل الذي يرضي الله عز وجل يزين العلم فتحرص على أن يتأدب طلابك بآداب الإسلام، وهذا يحتم على طالب العلم أو على من يريد أن يعلم الناس أن يعلمهم السكينة والوقار، والأدب في مجلس العلم؛ لأن هناك ملائكة تغشى حلق الذكر، فتجمل، ولا تري الله من نفسك إلا كل خير من السمت، والوقار، وحسن الصمت، وإياك واللغو، وأخلاق الجاهلية، فهذه مما تشين الإنسان.
الاعتزاز بالعلم ورفعه عليك أن تربو بهذا العلم، وكذلك أيضا من عزتك بالعلم أن لا تنزله في المواضع التي يمتهن فيها، فتأتي إلى الناس وهم جالسون في لهو، وتريد أن تفتح درسا، أو تتكلم في شيء يكون فيه امتهان للعلم، أو يأتي أحدهم ويتهكم بك، يقول: حدثنا عن كذا، على سبيل التهكم؛ بل ارفع هذا العلم، فإن رفعته رفعك الله عز وجل، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنه لـ عكرمة: (إياك أن تأتي الناس في مجالسهم تحدثهم) ؛ لأن العلم إذا جاء بالقهر والقسر امتهن، ولذلك دعهم حتى يسألوا، ثم قال له من وصاياه أيضا رضي الله عنه وأرضاه: (لا تفت الناس إلا فيما احتاجوا إليه، فإنك إن أفتيتهم فيما احتاجوا إليه طرحت عنك تبعة العلم) ، فإن كثيرا من أسئلة الناس فيها فضول، فلا تجبهم إلا فيما يحتاجونه الناس يأتون يتكلمون في الفضول، والواحد منهم لا يعرف كيف يتوضأ، ولا يعرف ماذا يفعل لو سها في صلاته، فإذا جئت لمجلس وقالوا: حدثنا، بدل أن يحدثنا إنسان في بعض الأمور، يقولون: تحدث عن بعض الأمور التي مصلحتها قليلة، فتقول لهم: يا إخوة! أنتم الآن مسلمون، لو أن ميتا مات، وأنتم في سفر، كيف ستغسلونه؟ وتبدأ تصف لهم غسل الميت، وأحكام السهو في الصلاة؛ فإن هذه أمور تحتاجها العامة، وهذا من النصيحة، وتختار لهم أفضل ما يختار، فتختار لهم أطيب الكلام، ولذلك قالوا: إن الحكيم والأديب هو الذي يكتب أحسن ما يقرأ، ويحفظ أحسن ما يكتب، ثم يملي بأحسن ما حفظ.
يصفي الشيء تلو الشيء، ثم لا يتكلم إلا بأحسن أحسن الشيء، فليس منفلت الزمام، يحدث ويتكلم بكل شيء.
ثم إن جماع الخير كله في تقوى الله عز وجل، وكل الأمر يعود إلى شيء واحد، وهو: المعاملة مع الله، مهما تكلم الإنسان أو سكت، فالقليل المبارك خير من الكثير المنزوع البركة، فعامل الله وأبشر بكل خير، فوالله ثم والله ما رأينا من ربنا بهذا العلم إلا كل خير، وجدناه سبحانه وتعالى عظيما، حليما، كريما، برا، رحيما، ما وجدنا أوفى من ربنا، ولا أكرم منه سبحانه وتعالى علمنا وكنا جاهلين، وهدانا وكنا تائهين حائرين، ورفعنا وكنا وضعاء، ولن نزل وضعاء فقراء حتى يرحمنا وهو رب العالمين، به استغنينا عمن سواه، واستكفينا عمن عداه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فعامل الله وأبشر بكل خير، واعلم أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع عبده، ولن يخذل من والاه، فكن لله يكن الله عز وجل لك، واعلم أن الله سبحانه وتعالى يحب الصادقين والمخلصين فكن منهم، واعلم أن الله سبحانه وتعالى يحسن الجزاء لعبده، ويجزي المحسن، فإذا عاملت الله فلتكن معاملتك في قولك وفعلك على أحسن وأجمل وأتم وأكمل ما تكون المعاملة لله، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا لا يقبل الله النفاق، ولا الرياء، ولا التصنع، ولا التكلف، ولكن ما وقر في القلب من إرادة وجهه، وصدقه العمل المبني على شرعه، فمن كان كذلك بورك له في قوله وعمله، وبينك وبين هذا العلم الذي تتعلمه الأيام، فإنه صدقت مع الله ليصدقن الله معك حيا وميتا، وليطيبنك بهذا العلم حيا وميتا، قائما وقاعدا، نائما ومستيقظا، ولتجدن البركة والخير من الله عز وجل ما لم يخطر لك على بال، فاستغن بالله، واعلم أنه ليس هناك أسعد منك وأنت تقرأ، وليس هناك أحد أسعد منك وأنت تفهم كلام الله، وتتفقه في دين الله، وليس هناك أحد أسعد منك وأنت تعلم الناس، ولذلك عاش أئمة السلف مرقعة ثيابهم، حافية أقدامهم، ولكنهم أغنى الناس بهذا العلم؛ لأنهم شعروا بغنى الله عز وجل الذي أغناهم به، فاعرف قدر هذا العلم.
دعاء أسأل الله بعزته وعظمته وكماله، في هذه الساعة المباركة بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا: أن يتقبل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم إنا نسألك أن تعفو عن أخطائنا، وما كان منا في كل ما علمناه وتعلمناه، اللهم اجبر كسرنا، اللهم اجبر كسرنا، اللهم اغفر ذنوبنا في ذلك كله، ما علمناه وما لم نعلمه، ومما تعنتناه ومما أخطأنا فيه، اللهم اغفر لنا جميع ذلك يا حي يا قيوم، اللهم ارحمنا بمغفرة ذلك كله يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل هذا العلم خالصا لوجهك، موجبا لرضوانك، اللهم أعظم لنا فيه الجزاء، اللهم أعظم لنا فيه الجزاء، اللهم أعظم لنا فيه الجزاء في الدنيا والآخرة، بارك لنا فيما جزيتنا فيه، اللهم أعطنا فيه خير ما أعطيت من تعلمه وعلمه خالصا لوجهك، وابتغاء مرضاتك، يا أرحم الراحمين! يا أرحم الراحمين! اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، نسألك في هذه الساعة المباركة أن تسبغ شآبيب رحماتك ومغفراتك على قبور علماء المسلمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، اللهم ارفع درجاتهم بوجهك العظيم إلى الفردوس الأعلى في الجنة، اللهم اجزهم عنا خير ما جزيت عالما عن علمه، اللهم اجزهم عنا خير الجزاء وأعظمه وأوفاه، اللهم قدس أرواحهم في جنات النعيم، وتفضل عليهم بأفضل الخير والتكريم يا أرحم الراحمين! اللهم اغفر لمشايخنا خاصة، اللهم نور على الأموات منهم قبورهم، اللهم نور عليهم قبورهم، وافسح لهم فيها، وارفع درجاتهم إلى أعلى عليين، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، واجزهم عنا خير ما جزيت شيخا عن طالبه، ومعلما عن تعليمه، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين! اللهم اجزهم فيما اجتهدوا فيه لنا في تعليمنا، ودلالتنا إلى الخير بأحسن الجزاء يا أرحم الراحمين! يا أرحم الراحمين! اللهم عجزنا عن مكافأتهم، وأحلناه عليك يا كريم يا رحيم، أعظم جزاءهم، وثقل في موازين الحسنات ثوابهم، اللهم سر ناظريهم بعظيم الأجر فيما علمونا، اللهم لا تخيب ظنهم فينا، اللهم لا تخيب ظنهم فينا، اللهم لا تخيب ظنهم فينا.
اللهم بارك لأحيائهم في أعمارهم، وأحسن خاتمتهم، ويسر أمروهم، واشرح صدورهم، وفرج كروبهم، يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم! اللهم إنا نسألك العلم والعمل، اللهم إنا نسألك العلم والعمل، والإخلاص والقبول، اللهم إنا نسألك علما يرضيك عنا، اللهم إنا نسألك علما يرضيك عنا، اللهم اجبر كسرنا، وارحم ضعفنا، واستر عيبنا، فأنت ربنا لا إله إلا أنت، اللهم ارحم ضعفنا، اللهم ارحم ضعفنا، اللهم ارحم ضعفنا في هذا العلم، وارحم تقصيرنا يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تبارك لنا فيما تعلمناه وعلمناه، وأن تعيننا على العمل والبلاغ يا أرحم الراحمين! اللهم أعنا على الإخلاص لوجهك، واتبغاء ما عندك، اللهم أعنا على الإخلاص في ذلك لوجهك، وابتغاء مرضاتك، وبارك لنا في هذه العلوم، واجعلها شافعة نافعة لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتاك بقلب سليم، اللهم اغفر لنا، ولمن أحبنا فيك، ولمن حضر مجالسنا، اللهم اغفر لنا، ولمن أحبنا فيك، ولمن حضر مجالسنا، وأعاننا على تبليغ رسالتنا، اللهم اغفر لنا أجمعين، وهب المسيئين منا للمحسنين، يا أرحم الراحمين! يا أرحم الراحمين! اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت أن تعيذنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم أعذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نسألك أن تبارك لنا فيما بقي لنا من أعمارنا، اللهم إنا نسألك أن تبارك لنا فيما بقي لنا من أعمارنا، اللهم بارك في أعمارنا، اللهم بارك لنا فيما بقي من أعمارنا، واجعلها فيما يرضيك عنا، يا أرحم الرحمين! يا أرحم الرحمين! اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم نور على أهل القبور قبورهم، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغلسهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم جازهم بالحسنات إحسانا، وبالسيئات عفوا وصفحا ومغفرة ورضوانا، اللهم فرج هم المهمومين، ونفس الكرب عن المكروبين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتاهم أجمعين، يا أرحم الراحمين! يا أرحم الرحمين! اللهم إنا نعوذ بك من درك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، وعضال الداء، وخيبة الرجاء، يا أرحم الرحمين! اللهم إنا نسألك النصر على الأعداء، اللهم إنا نسألك النصر على الأعداء، اللهم إنا نسألك النصر على الأعداء، لا إله إلا أنت، نسألك مرافقة الأنبياء، وعيشة السعداء، لا إله إلا أنت، يا أرحم الرحمين! ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
تم الانتهاء من نقل الكتاب فى يوم
الإثنين 27 أكتوبر 2025 ميلادي
- 6 جمادى الأولى 1447 هجري
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|