عرض مشاركة واحدة
  #69  
قديم 15-10-2025, 12:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,925
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الحج من صحيح مسلم

شرح كتاب الحج من صحيح مسلم .. باب: في تَحْريم مَكّة وصَيْدها وشَجْرها ولقطتها


  • مكَّةُ بلَدٌ له حُرمتُه إذ يُوجَدُ به البيتُ الحرامُ والمشاعرُ المُقدَّسةُ ولذا شرَعَ الإسلام أحكامًا خاصَّةً به فشَرَع فيه مِن وَسائلِ الأمنِ والأمان ما لم يَشرَعْ في غيرِه مِن بِقاعِ الأرضِ
  • حرم الإسلامُ كلَّ أنواعِ الظُّلمِ وتشدَّدَ في سَفْكِ الدِّماءِ بغيرِ وجْهِ حقٍّ خلافاً لما كان عليه الناسُ في الجاهليَّةِ منَ أنواع مِن الظُّلمِ وسَفْكِ الدِّماءِ
عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ، قَامَ فِي النَّاسِ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ، وسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وإِنَّهَا لَنْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وإِنَّهَا لَنْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، ولَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، ولَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ، ومَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُفْدَى وَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ». فَقَالَ العَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِلَّا الْإِذْخِرَ». فَقَامَ أَبُو شَاهٍ- رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ- فَقَالَ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ». قَالَ الْوَلِيدُ: فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ «اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟» قَالَ: هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلَاحَ».
الحديث الأول رواه مسلم في الحج (2/988) باب: تحْريمُ مكّة وصَيْدها وخَلاها وشَجَرها ولقطتها؛ إلا لمُنْشد على الدوام، وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو هُرَيرةَ - رضي الله عنه - أنَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، خطَبَ النَّاسَ يوم فتح مكة، ووضَّح لهم أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد حبَسَ الفِيلَ عن مكَّةَ، يومَ أنْ حاوَلَ أبرهةُ الحَبشيُّ هدَمَ الكَعبةَ، وذلك قبْلَ بَعثةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بأربعينَ سَنةً، والذي جاء ذِكرُه في قولِ اللهِ تعالَى: }أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ{ (الفيل: 1) فأرسَلَ اللهُ -تعالَى- على أصْحابِه جَماعاتٍ مِنَ الطَّيرِ؛ تَرمِيهم بحِجارةٍ منْ سجيل، وذلك حِين وَصَلوا إلى بطْنِ الوادي بالقُربِ مِن مكَّةَ فأهلَكَتْهم، وإنَّما ذكَّرَ النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه -رَضيَ اللهُ عنهم- والناس بحادثِ الفِيلِ؛ في مَعرضِ خُطبتِه فيهم؛ لبَيانِ حُرْمةِ القتْلِ في مكَّةَ، فمعَ كَونِ أهلِ مكَّةَ وَقتئذٍ كُفاراً؛ فقد دافَعَ اللهُ عنها، فحُرمةُ أهْلِها بعدَ الإسلامِ آكَدُ وأعظم.
قوله: «وسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ والْمُؤْمِنِينَ»
أي: ولكنَّ اللهَ سلَّطَ على أهلِ مكَّةَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وصَحابتَه -رَضيَ اللهُ عنهم-، ولم يَحِلَّ في مكَّةَ القِتالُ إلَّا وَقتَ دُخولِه - صلى الله عليه وسلم - إيَّاها فَاتِحاً مع أصْحابِه، ثُمَّ عادَتْ حُرْمَتُها كما كانتْ، وأنَّها لمْ تَحِلَّ لأحدٍ قبْلَه من خلق الله، ولنْ تَحِلَّ لأحدٍ بعدَه؛ لأنَّ تَحريمَ مكَّةَ أمْرٌ قَديمٌ، وشَريعةٌ سالفةٌ ومُستمِرَّةٌ، ليس ممَّا أحْدَثهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أو اختُصَّ بشَرْعِه، وقد عادَتْ إليها حُرمتُها بعْدَ الفتْحِ كما كانت.
قوله: «فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا»
أي: فلا يُصَطاد، أولا يهيج من مكانه. وقد ذكر البخاري عن عكرمة قال: هل تدري: ما لا ينفر صيدها؟ هو أنْ ينحيه من الظل، ينزل مكانه. اهـ، وإذا كان التنفير مُحرّماً، فالاصْطياد والإتلاف مِنْ بابِ أولى، وهذا إذا لمْ يَحْصلْ مِنَ الصيد ضررٌ أو أذى، فإنْ حَصلَ منه ضرر، دُفع بأخفّ الضّررين.
قوله: «ولا يُخْتَلى شَوكها»
أي: ولا يُقطع ولا يُؤخذ. وقد جاء في لفظ: «ولا يُخْتلى شوكها، ولا يُعْضَد شَجرها». وهو يفيد تحريم قطع شجر الحَرَم، سَواءً كان ذا شوك أو لا شوك فيه، إلا ما كان أذى أو ضرر على الناس، فيَجوزُ قطْعُه، قِياساً على حلِّ قتْلِ الفواسقِ الخَمْسِ في الحرَمِ بجامعِ الإيذاءِ، وجاء في لفظ البخاري عن ابن عباس: «لا يُخْتلي خَلاها» أي: حَشِيشها الرّطب، قال ابن قدامة: وأجْمعُوا على إباحة أخْذ ما اسْتَنبته الناسُ في الحَرَم، منْ بَقلٍ وزَرعٍ ومَشْمُوم، فلا بأس برعيه واخْتلائه اهـ.
قوله: «ولا تَحلُّ سَاقطتها إلا لمُنْشد»
السّاقطة هنا: هي اللُّقَطة، والمُنْشد: هو المُعَرّف، أي: ولا يَحلُّ ولا يجُوزُ التقاطُ لُقَطة مكة؛ إلا لمُعرّفٍ لها، لا لتَملّكها، بل للعَملِ على إرْجَاعها إلى أهلها. فلا يُؤخَذُ شَيءٌ سَقَطَ مِنْ صاحبِه في مكَّةَ، بلْ يُترَكُ مكانَه حتَّى إذا رَجَعَ صاحبُه وجَدَه، ولا يَأخُذه إلَّا مَن نَوى أنْ يُعرِّفَه ويَحفَظَه حتَّى يَأتِيَ صاحبُه.
قوله: «ومَنْ قُتِلَ لَهُ قتيلٌ فهو بِخَير النَّظَرين»
أي: ولي القَتيل له أفضلُ الأمْرَين عنده، «إمّا أنْ يُفْدَى، وإمّا أنْ يُقْتل» أي: إمّا أنْ يأخذَ دِيّة القَتيل، وإمّا أنْ يَقتلَ القاتل، بعد حُكم وليّ الأمْر عليه، وفي لفظ للبخاري: «إمّا أنْ يَعْقل، وإمّا أنْ يُقادَ أهلُ القتيل» وسُمِّيَت عقْلًا؛ لأنَّهم كانوا يَعقِلون الإبلَ ويَربِطونها بفِناءِ دارِ المُستحِقِّ للعقْلِ. أو أنْ يُمكّنوا مِنَ القَوَد، وهو قتلُ القَاتل. قوله: «فَقَالَ العَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِلَّا الْإِذْخِرَ» والإذخر نَباتٌ عُشبيٌّ مَعرُوف عند أهل مكة، عَريضُ الأوراقِ، له رائحةٌ لَيمونيَّةٌ عَطِرةٌ، أزهارُه تُستَعملُ مَنقوعةً كالشَّايِ، وكان يُستعمل أيضاً بَدَلًا مِنَ الحَطَبِ، ويَجعَلونَه في أسقُفِ بُيوتِهم، وكذا لِسُقُفِ قُبورِهم، فاستَثناهُ النبيُّ [ مِنَ النَّهيِ عن قَطْعِه. وقال ابن البيطار: والذي بمكة أجْوده، وأهل مكة يسقفون به البيوت بين الخشب، ويسدون به الخَلَل بين اللبنات في القُبُور، ويَسْتعملونه بدلَ الحلفاء في الوقود. اهـ من الفتح. فالذي طَلَبَ استثناءَ الإذخرِ هو العبَّاسُ - رضي الله عنه -، كما جاء في الصَّحيحينِ، وسُؤالُه كان على سَبيلِ الضَّراعةِ، وتَرخيصُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كان تَبليغاً عن اللهِ -تعالَى-؛ إمَّا بطَريقِ الإلهامِ، أو بطَريقِ الوحْيِ.
اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ
  • قوله: «فَقَامَ أَبُو شَاهٍ- رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ- فَقَالَ: اكْتُبُوا لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ». أي: في هذا الموقِفِ جاءَ رَجُلٌ مِن أهْلِ اليَمَنِ -وهو أبو شاهٍ، فطلَبَ مِن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَكتُبَ له بَعضَ السُّننِ التي تَنفَعُه، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اكْتُبُوا لأبِي فُلَانٍ»، وهذا أمرٌ صَريحٌ مِن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بكِتابةِ الحديث النّبوي، وإنْ كان قد سَبَقَ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّهيُ عن كِتابةِ الحديث، وعمدة هذا النهي: ما رواه مسلم في صحيحه: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تَكتبُوا عَنّي، ومَنْ كَتَبَ عنّي غيرَ القُرْآن فلْيَمْحُه».
أحاديثَ الأمْرِ بالكِتابةِ
فقال أكثرُ أهلِ العِلمِ: إنَّ أحاديثَ الأمْرِ بالكِتابةِ؛ ناسِخةٌ لأحاديثِ النَّهيِ عنها؛ فقد كان النَّهيُ لعِلَّةٍ؛ وهي إنَّه ربَّما اختلَطَ حَديثُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالقُرآنِ، فلمَّا زالتِ العِلَّةُ؛ أُذِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الكِتابةِ؛ لزَوالِ المَحذُورِ مِنَ الكِتابةِ، ونُسخَ المَنعُ مِنَ الكتابة. ويُؤيِّدُ هذا: عُمومُ ألفاظِ الأمرِ بالكِتابةِ، وأنَّها مُتأخِّرةٌ في الزَّمنِ. وبعضُ الصَّحابةِ داوَمَ على كِتابةِ الحديث، مِن بابِ الحِرصِ على السُّنَّةِ، أو خَشيةَ أنْ ينسى. فروى الإمام أحمد وأبو داود: عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: كنتُ أكتبُ كلَّ شَيءٍ أسْمعه مِنْ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أرِيدُ حِفظه، فنَهتْني قُريش عن ذلك، وقالوا: تكتبُ كلَّ شَيءٍ تَسْمعه مِنْ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم ؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم - بَشَرٌ يتكلمُ في الغَضَب والرّضا؟ فأمسكْتُ عن الكتابة، حتّى ذَكرتُ ذلك لرَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأَوْمأ بإصْعَبه إلى فِيه- أي: فَمَه- فقال: «اكتُبْ؛ فوالذي نفْسِي بيدِه، ما يَخرجُ منْه إلا حَقٌّ»، وذلك بعدَ أنْ رسَخَتْ مَعرفةُ الصَّحابةِ بالقُرآنِ؛ فلمْ يُخشَ خَلطُهم له بغَيرِه مِن حَديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وبهذا يتبين بُطلان قول من قال: إنّ السّنّة لمْ تُدوّن في عصر الرسالة؟ والحقّ أنّها دُونت لكن ليس بالصُّورة التي تمّت فيما بعد في عصور التدوين، ولكن مِنَ المُجْمع عليه أنّها كانت مَحفُوظةً في الصّدُور، وفي بعض الصحائف والسطور في عصر الصّحابة، وتلقاها عنهم التابعون، ثم بدأ التدوين في عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز -رضي الله عن الجميع-. قوله: قال الوليد بن مسلم: قلت للأوزاعي، وهو عبدالرحمن بن عمرو الإمام: «ما قوله- أي أبي شاه- اكتبوا لي يا رسول الله؟ قال: هذه الخطبة» يعني التي سمعها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فوائد الحديث
1- تَذكيرُ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ نِعمةَ اللهِ في حبْسِ الفيلِ عن مكَّةَ؛ والانتقام ممّن أراد بالكعبة سُوءاً، فإنَّها كانت آيةً شهِدَ بها كلُّ مُحِقٍّ ومُبطِلٍ. 2- وفيه: أنَّ الإنسانَ إذا سَمِعَ الكلامَ الجَزْلَ والمفيد، الَّذي لا يُمكِنُه ضبْطُه حِفظًا؛ فإنَّه يَنْبغي له أنْ يَطلُبَ كِتابتَه، كما فعَلَ أبو شَاهٍ. 3- وفيه: جَوازُ مُراجَعةِ العالِمِ في المصالحِ الشَّرعيةِ، والمُبادرَةُ إلى ذلك في المَجامِعِ والمَشاهِدِ. 4- وفيه: الأمْرُ بكِتابةِ حَديثِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وسُنَّتِه. 5- تحريم الإسلام كلَّ أنواعِ الظُّلمِ، والتشدَّدَ في سَفْكِ الدِّماءِ بغيرِ وجْهِ حقٍّ، خلافاً لما كان عليه الناسُ في الجاهليَّةِ، منَ أنواع مِن الظُّلمِ وسَفْكِ الدِّماءِ.
الحديث الثاني
عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَّةَ السِّلَاحَ»، في هَذا الحَديثِ نَهى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَن حَملِ السِّلاحِ بمكَّةَ، حتَّى لا يَكونَ سَببًا لرُعبِ مُسلمٍ أو أَذى أَحدٍ؛ فَلا يَخفَى ما في ذلِك مِن زِيادةِ الأَمنِ في مَكانٍ به شَعائرُ الإسلامِ كَمكَّةَ، والنَّهيُ مَحمولٌ لغيرِ الضَّرورةِ، أمَّا لو كان هناك ضَرورةٌ -كمُحارَبةِ كفَّارٍ ونحوِهم- فيُشرَعُ حمْلُ السِّلاحِ، كما في عامِ الفتْحِ حِين دخَلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مكَّةَ بجُيوشِه حامِلِين أسْلِحتَهم؛ إذْ أذِنَ اللهُ له بذلك لنشْرِ دِينِه، وإعلاءِ كَلِمتِه، وأحلَّ له هذا الحرَمَ جُزءًا مِن نَهارٍ، مِن طُلوعِ الشَّمسِ إلى صلاةِ العصرِ، ثمَّ أعلَنَ للنَّاسِ عَودةَ حُرمتِه إلى ما كانت علي، كما في الحديث السابق. ومن فوائد الحديث: أنّ مكَّةُ بلَدٌ له حُرمتُه؛ إذ يُوجَدُ به البيتُ الحرامُ، والمشاعرُ المُقدَّسةُ؛ ولذا شرَعَ الشَّرعُ أحكامًا خاصَّةً به تُؤكِّدُ هذه المعاني؛ فشَرَع فيه مِن وَسائلِ الأمنِ والأمان؛ ما لم يَشرَعْ في غيرِه مِن بِقاعِ الأرضِ.


اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.10 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]