عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم يوم أمس, 12:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,689
الدولة : Egypt
افتراضي الهدايات المكنونة في يومك، لو أبصرتَها

الهدايات المكنونة في يومك، لو أبصرتَها


ما أبهى أن يكون للعبد روحٌ مرهفة شفّافة، تلتقط أنفاس الهداية التي يمنّ الله بها عليه، فلا يدعها تمضي سُدى، ولا يمرّ عليها غافلًا، وما أعظم أن يفتح الإنسان عينيه على يومه، فيجد أن ساعاته حبلى بهدايات متتابعة، وأنفاسٍ معطّرةٍ بالنِّعم الجليلة.
وهذه الهدايات والنعم لا تُحسّها إلا روحٌ استيقظت، ولا تتذوّقها إلا نفسٌ صافيةٌ من كدر الغفلة. فما أكثر ما يمضي على الإنسان من نعمٍ مطويةٍ في يومه، لو أنه تأمّلها لوجدها منثورة في طريقه، ولكن الغفلة سارقٌ خفيّ، تأتي على القلب فتُنسيه النّعم، وتتركه يحدّق في النقائص، فلا يرى إلا ما فاته، ولا يذكر إلا ما حرمه.
أجل، إن التفطّن لذلك بابٌ من أبواب السعادة، وسبيلٌ إلى مزيدِ الرشد والهداية. وأعظمُ ثمراته أن ينطلق اللسانُ والقلبُ بالشكر؛ فالشكر ـ في حقيقته ـ عينُ الهداية، فإذا انفتحت بصيرتك على ما أولاك الله، انطلقتَ بالشكر، ومن شكرَ زاده الله، وكان شكرُه سببًا لمزيد من الهداية والتوفيق {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.
أمّا الغفلةُ ونسيانُ الشكر فهما مطيّةُ السلب والحرمان، وذلك ما يسعى إليه الشيطان بخيله ورَجِلِه، يذكّرك بما فاتك، ويُنسيك ما أُعطيت، حتى يُحيل النِّعَم الغامرة إلى شعورٍ بالحرمان والنقص!

أما سألتَ نفسك: أليس في استيقاظك لصلاة الفجر، وأنت في سترٍ وصحّة، آيةُ هدايةٍ تستحق أن تسجد لله شكرًا عليها؟
أليس في تلاوتك للقرآن، وفي خشوعك لأنواره، نعمةٌ لو غابت لكان قلبك قفرًا كالأرض الميتة؟
أليس في نفورك من المعصية، وانشغالك بما يحبّ الله، برهانٌ على أن لطفًا من الله يُحيط بك ولا يدعك تضلّ؟
أليس في برّك بوالديك، أو كلمةِ نفعٍ جرت على لسانك، أو خيرٍ هُديتَ إليه، دليلٌ على أن الله يتعهّدك بالفضل؟

جرّب أن تختلي بنفسك وتجلس جلسةً صافية، تُحصي ما أنتَ فيه من ألطاف، وتُسجّل فيها ما أسبغ الله عليك من هدايات؛ ستجد نفسك في بحرٍ زاخرٍ من العطاء، وفي زِحامٍ من النِّعَم قد نسج الشيطان حولها حجابًا من النسيان، ولفّها برداء الغفلة؛ حتى تغفل عن شكرها، وتظنَّها من طبائع الأشياء، وأنك أهلٌ لها، ثم تُسلبُها وأنت لا تشعر، ولا تدري أن الحرمان إنما يبدأ من الغفلة.
والموفّق حقًّا من جعل أُنسَه بعد كل عملٍ صالح، ودعاءَه بعد كل توفيقٍ ساقه الله إليه:
{الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهتَدِيَ لَولا أَن هَدانَا اللَّهُ}.
واذكر كلمةَ داود حين ناجى ربَّه فقال: «يا ربّ، كيف أشكرك وشكري لك نعمةٌ منك تستوجب الشكر؟» فأوحى الله إليه: «الآن شكرتني يا داود».

_________________________________________
الكاتب: طلال الحسّان









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.00%)]