الموضوع: المرأة والأسرة
عرض مشاركة واحدة
  #124  
قديم 02-10-2025, 01:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,685
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المرأة والأسرة

المرأة والأسرة – 1278

الفرقان





من السنن الغائبة عن مجتمعاتنا
من السنن الغائبة والمستغربة التي هجرها أكثر المسلمين، أن يخطب الرجل لابنته من يراه صاحب دين وخلق، وقد جاء ذكر هذه السنة في القرآن الكريم حين عرض الشيخ الصالح ابنته على موسى -عليه السلام- في قوله -تعالى-: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} (القصص: 27).
فصاحب «مَدْيَنَ» يعرض ابنته على موسى -عليه السلام-، وقد جاء غريبًا مهاجرًا، ولم يتحرج من هذا العرض، ولم يشترط في موسى أي شروط فوق طاقته، وإنما اكتفى بشرط أساسي وهو الدين والخلق والكفاءة، ومثال ذلك أيضًا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ حين تأيَّمت حفصة بنته من خنيس بن حذافة السهمي- رضي الله عنه -، وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتوفِّي بالمدينة، فقال عمر -]-: «أتيت عثمان فعرضت عليه حفصة، فقال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي، ثم لقِيني، فقال: قد بدا لي ألا أتزوَّج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت له: إن شئت زوَّجتك حفصة بنت عمر؟ فصمت أبو بكر، فلم يرجع إليّ شيئًا، وكنت أوجد عليه مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنكحتُها إياه، فلقِيني أبو بكر، فقال: لعلَّك وجدتَ عليّ حين عرضت عليّ حفصة، فلم أرجع إليك فيما عرضت عليّ، إلا أني كنت علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرها، فلم أكن أُفشي سرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو تركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لقبِلتها»؛ رواه البخاري.
منهج لقمان في التربية
من أروع النماذج التربوية التي ساقها القرآن الكريم، وصايا لقمان الحكيم لابنه، التي جمعت بين العقيدة والعبادة والسلوك: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ... أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ... وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا... وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} (لقمان: 13 - 19)، إنها تربية متكاملة تجمع بين تهذيب العقيدة، وتقويم الأخلاق، وضبط الانفعالات، وبيان آداب التعامل مع الناس.
التربية مسؤولية عظيمة
التربية مسؤولية عظيمة لا تنتهي عند حدود البيت، بل تبني أمة، وتصنع مستقبلًا، فكل أب وأم مطالبان بأن يكونا قدوة في السلوك، ومرشدَين في العقيدة والفضائل، فلنسأل الله أن يصلح لنا ذريتنا، ويجعلهم قرة أعين لنا؛ كما قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} (الفرقان: 74).
الأسرة وسيلة فعَّالة لحماية المجتمع
عدّ الإسلام بناء الأسرة وسيلة فعَّالة لحماية المجتمع شيبًا وشبابًا، ذكورًا وإناثًا من الفساد، ووقاية المجتمع من الفوضى، ومِن ثَم فإن تحقيق هذا الهدف يكون بالإقبال على بناء الأسرة بناءً إيمانيا على القواعد والمبادئ التي حددها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «إذا خَطَب إليكم مَن تَرْضَوْنَ دِينَه وخُلُقَه، فزَوِّجُوه. إلا تفعلوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ»؛ وقوله -[-: «تُنكَحُ المَرأةُ لأربعٍ: لمالِها، وحَسَبِها، ودِينِها، وجَمالِها؛ فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ»؛ لأن عدم ذلك يحصل به ضرر على النفس باحتمال الانحراف عن طريق الفضيلة والطهر، كما يؤدي إلى ضرر المجتمع بانتشار الفاحشة وذيوع المنكرات.
الزواج ضرورة فلا تجعلوه حُلمًا
أصبحت كثير من مجتمعاتنا تتفنن في تعسير السبل ووضع العراقيل أمام الزواج المبكر، سواء في المبالغة في وضع شروط الزواج ورفع تكاليفه وغلاء المهور وغيرها، وقد دعمت العديد من وسائل الإعلام النظرة الاجتماعية السلبية للزواج المبكر، وربطت بينه وبين المشكلات الأسرية والصحية، بل إن هذه الوسائل الإعلامية ساهمت في الترويج لمفاهيم كثيرة خطأ، تجاوزت التنفير من الزواج المبكر إلى التركيز على المظاهر السطحية للزواج مثل: الحفلات والملابس والكماليات وغيرها، كما روجت تلك الوسائل لمواصفات الزوجين بعيدًا عن الخلق والدين، فالزوج لابد أن يكون غنيا ووسيمًا، أما الزوجة فيجب أن تكون جميلة وموظفة، الأمر الذي كان له أثره في تغير نظرة الشاب والفتاة للزواج؛ مما أدى إلى تراجع الزواج المبكر.
التربية الإسلامية للأولاد أمانة ومسؤولية شرعية
الأولاد نعمة من أعظم نِعم الله على الإنسان، وهم في الوقت نفسه أمانة ومسؤولية عظيمة في أعناق الوالدين؛ فكما أن الأولاد زينة الحياة الدنيا، فإن تقويمهم ورعايتهم وتربيتهم على الإيمان والخُلق الحسن من أعظم الواجبات الشرعية. وقد جعل الإسلام كلَّ فرد مسؤولًا في دائرة تأثيره، ولا سيما في نطاق الأسرة؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته»؛ بل قرر - صلى الله عليه وسلم - أن هذه المسؤولية تشمل كل من وليَ أمرًا؛ فقال: «إن الله سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه، حفِظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته»؛ لذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حريصًا على تعليم الصغار وتوجيههم منذ نعومة أظفارهم، وتوجيه الوالدين إلى الاعتناء ببداية النشأة.
القوامة مسؤولية الرجل
القوامة هي القيام على الأمر لحسن تدبيره؛ ما يعني أنها مسؤولية على الرجل، ولا تعني أي ظلم للمرأة أو انتقاص لحقوقها، ولا سيما مع مشروطيتها الواردة في الآية ذاتها: {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (النساء: 34)، فلكل سفينة قيادة، ولا يمكن للقيادة أن تكون لأكثر من ربان، وعليه؛ فإن القوامة تنظيم للحياة الأسرية وفق الفطرة السليمة، لا تفضيل لمطلق الرجال على مطلق النساء، وهي مسؤولية وتكليف للرجل بالإنفاق والرعاية، وليست تسلطاً أو استبداداً.
أدب الصحابيات في الحوار والطلب
أم طليق صحابية -رضي الله عنها-، امرأة عاقلة ورزينة من النساء الحكيمات العالمات بالشرع والفقه في الدين، أرادت الحج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سمعت أنه يريد الحج، فهذا شرف عظيم لمن نال هذه المَنْقَبة، أرادَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الحجّ فقالتْ امرأةٌ لزوجها: أحججنِي مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: ما عندِي ما أحجّكِ عليهِ. فقالت: أحججني على جملِكَ فلان. قال: ذلكَ حبيسِي في سبيلِ اللهِ -عز وجلَ-. فأتى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتِي تقرأ عليكَ السلامُ ورحمةُ اللهِ، إنها سألتني الحجّ معكَ قالت: أحججْني مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ما عندي ما أحجّكِ عليهِ، فقالت: أحجُجْني على جملكَ فلان، فقلت: ذلكَ حبيسي في سبيلِ اللهِ فقال: أما إنكَ لو حججْتها عليهِ كانَ في سبيلِ اللهِ وإنها أمرتنِي أن أسألكَ ما يعدِلُ حجّةٌ معكَ، قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أقرئها السلامَ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ وأخبرها أنها تعْدِلُ حجةً - يعني عمرةً في رمضانَ. هذا الحوار الهادي بين الزوج وزوجته يعد نبراسًا للحياة الزوجية، فانظري إلى أم طليق -رضي الله عنها- كيف تحاور زوجها بأدب وتلطف، ومن رجاحة عقلها كيف ترد عليه بالأدلة الشرعية التي أيَّدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصدّقها عليه، ثم انظري إلى طاعتها لزوجها حين أبى عليها أن تحج معه، ولم تقف أم طليق -رضي الله عنها- عند هذا الحد بل طلبت من زوجها - رضي الله عنه - أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - بما دار بينهما من حوار.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.76 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]