عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-11-2005, 03:52 PM
الصورة الرمزية عاشق الجنان
عاشق الجنان عاشق الجنان غير متصل
مشرف سابق
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
مكان الإقامة: أرض الرباط
الجنس :
المشاركات: 560
افتراضي

الحق التاريخي في فلسطين

تحاول الحركة الصهيونية في دعايتها العالمية أن تبرر قيام إسرائيل في فلسطين بناء على ما تسميه بالحق التاريخي لليهود. إنها تحاول إقناع العالم أن لليهود القاطنين في مختلف دول العالم حقا في استملاك أرض فلسطين أو انتزاعها والسكن فيها وإقامة دولة خاصة باليهود فيها بناء على تبريرات تاريخية ودينية وهي تستند في ذلك على ما بحوزتها من كتب دينية وتاريخية تتحدث عن مجريات الأحداث القديمة من وجهة نظر معينة خاصة بتفسير اليهود للتاريخ. وقد استطاعت الحركة الصهيونية من خلال نشاطها الدعائي المكثف، أن تصل إلى عقول وعواطف الكثيرين من الناس خاصة في الغرب وأن تقنعهم بشرعية انتزاعها للأرض من الفلسطينيين وطردهم من ديارهم.

حتى لا تختلط الأمور، وحتى يكون القارئ قادرا على استيعاب أفكار الدعاية الصهيونية والرد عليها تم إعداد هذه الورقة التي توضح ما يعنيه الصهاينة بالحق التاريخي وتشرح تعاقب الأحداث الغابرة في سوريا الكبرى بصورة عامة وفي فلسطين بصورة خاصة، وتستنتج بالتالي لمن يعود الحق التاريخي في فلسطين.

الحجة الصهيونية

تقول الحركة الصهيونية في دعايتها أن فلسطين هي أرض الميعاد التي وعد الرب بها بني إسرائيل. أي هي الأرض التي خصصها الرب تحديدا لتكون موطن بني إسرائيل الدائم. وفي هذا القول تستند الحركة الصهيونية على ما ورد في التوراة، الكتاب المقدس لدى اليهود. تقول التوراة التي يعتقد المسلمون أنها لا تشمل التعاليم الأساسية والأصيلة التي أوحي بها إلى الأنبياء الذين ظهروا قبل ميلاد سيدنا المسيح أن الرب قد قال لأبرام "ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالا وجنوبا وشرقا وغربا. لأن جميع الأرض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسلك إلى الأبد." (سفر التكوين، إصحاح 13. آية 15-16). وأبرام هذا تعرفه التوراة فيما بعد بإبراهام وإبراهيم وهو سيدنا إبراهيم المعروف لدى المسلمين. وتقول التوراة إن الرب قد قطع ميثاقا مع أبرام قال فيه : "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات". (التكوين، 15، آية 18). والنسل هنا يعني نسل إبراهيم الذي يعتقد الصهاينة أنه جد العبرانيين ونبيهم دون سواهم من البشر. والمقصود في القول الأول أن الرب قد وعد أبرام أن تكون الأرض التي وطئها وهي أرض كنعان (فلسطين) له ولنسله. والمقصود في القول الثاني أن الرب وعد أبرام أن تكون كل الأرض من نهر الفرات حتى نهر مصر (وهو نهر يقول عنه عدد من المؤرخين أنه نهر النيل بينما يرى عدد آخر أنه واد في سيناء عرف بوادي سيناء) له ولنسله. هذه هي أرض إسرائيل الكبرى التي يدعيها الصهاينة اليهود والتي توضحها الخريطة رقم (1).

وأعطى الرب، حسب ما تقول التوراة، وعدا ليعقوب حفيد أبرام بقوله: "الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك." (تكوين، 28، 13). والمقصود هنا أيضا أرض كنعان. هذا ويدعو الرب الأرض التي يتحدث عنها أرض كنعان فتقول التوراة: "وأيضا أقمت معهم عهدي أن أعطيهم أرض كنعان أرض غربتهم التي تغربوا فيها." (خروج، 6، 4). ويستمر الوعد ليشمل موسى إذ كلمه الرب قائلا: " إنكم داخلون إلى أرض كنعان. هذه هي الأرض التي تقع لكم نصيبا. أرض كنعان بتخومها (أي بحدودها)." (عدد، 34، 2). ومن ثم يحدد الرب أرض كنعان وهي أرض الميعاد التي تشمل فلسطين اليوم ما عدا الجزء الجنوبي من النقب، والجزء الشرقي من سيناء، ولبنان اليوم ما عدا طرابلس، وجنوب غرب سوريا اليوم بما في ذلك دمشق وشمال الأردن اليوم ونهر الأردن والبحر الميت. (عدد، 34). أنظر الخريطة (2).

لا يكتفي الرب في التوراة بإعطاء أرض كنعان وغيرها لمن تصفهم التوراة بنسل أبرام و إسحاق ويعقوب، بل يؤكد على طرد الشعوب الأخرى منها. إذ يقول الرب لموسى: " اصعد من هنا أنت والشعب الذي أصعدته من أرض مصر إلى الأرض التي خلفت لإبراهيم وإسحاق ويعقوب قائلا لنسلك أعطيها. وأنا أرسل أمامك ملاكا وأطرد الكنعانيين والأموريين والحثيين والفرزيين والحويين واليبوسيين." (خروج، 33، 1-2). ويقول الرب بحق الشعوب الأخرى: " فاعلم اليوم أن الرب إلهك هو العابر أمامك نارا آكلة. هو يبيدهم ويذلهم أمامك فتطردهم وتهلكهم سريعا كما كلمك الرب." (تثنية، 9، 3). والرب ينزل الرعب قي قلوب الشعوب الأخرى إذ
تقول التوراة: "كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم. من البرية ولبنان. من النهر الكبير نهر الفرات إلى البحر الغربي يكون تخمكم. لا يقف إنسان في وجهكم. الرب إلهكم يجعل خشيتكم ورعبكم على كل الأرض التي تدوسونها كما كلمكم." (تثنية، 11، 23-25).

والرب يقسو على الشعوب الأخرى فيوصي قائلا: "وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما بل تحرمها (أي تقتلها) تحريما الحثيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين." (تثنية، 20، 16-17). حتى أن الرب يقسو على البهائم فتقول التوراة: "... وصعد الشعب إلى المدينة كل رجل مع وجهه وأخذوا المدينة. وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف." (يشوع، 6، 20-21).

والسبب في وعود الرب المتكررة وغضبه على الشعوب الأخرى هو أنه اختار بني إسرائيل شعبا له. فهذا الشعب، حسب التوراة مقدس. تقول التوراة على لسان الرب وهو يخاطب بني إسرائيل: "لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبا أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض. ليس من كونكم أكثر من سائر الشعوب التصق الرب بكم واختاركم أو لأنكم أقل من سائر الشعوب. بل من محبة الرب إياكم وحفظه القسم الذي أقسم لآبائكم…." (تثنية، 7، 6-8).

فضلا عما تهبه التوراة من حقوق ربانية لبني إسرائيل ومن تميز عن شعوب الأرض تقول الحركة الصهيونية في دعايتها أن بني إسرائيل كانوا أول من أقام حضارة ودولة في فلسطين. فهي تقول أن الشعوب الأخرى التي حلت في البلاد كانت إما من البدو الرحل الذين لا يعرفون الاستقرار وغير قادرين على إقامة حياة مدنية متقدمة، أو من المارين الذين كان لهم أهداف تجارية أو عسكرية. وبالتالي لم تقدم الشعوب الأخرى أي جهود في سبيل تطوير البلاد وتقدمها. بل أن العبرانيين أو بني إسرائيل، على حد قول الصهاينة، هم الذين صنعوا الحضارة وأقاموا حياة الاستقرار والنظام. وعلى نمط القول المأثور: " الأرض لمن يفلحها"، تقول الحركة الصهيونية أن الأرض لمن عمل على الرقي بها واستغلالها بشكل متقدم
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.05 كيلو بايت... تم توفير 0.61 كيلو بايت...بمعدل (3.69%)]