عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 11-08-2025, 02:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,562
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية

سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية- الخصــــــام


يجب أن تدرك أن الحياة الزوجية لا تعني التطابق لكن تعني التسامح والتفاهم والإيثار والحرص على وجود رصيد عاطفي في بنك الحياة الزوجية يسحب منه الطرفان
الأسرة في الإسلام كيان مقدَّس، وهي اللَّبِنَة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم؛ ولهذا أَوْلَى الإسلام بناءها عناية فائقة، وأحاط إنشاءها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكاً قويّاً، يحقِّق الغاية الكبرى من وجوده، وعند غياب هذه الآداب ووجود ما يخالفها فإن كثيراً من المشكلات والأزمات تحدث بين الزوجين، فتتعرض الأسرة إلى هزَّات عنيفة، قد تؤدِّي إلى زعزعة أركانها وانفصام عراها، وأحاول في هذه السلسلة استعراض بعض السلوكيات السلبية التي سادت في بعض الأسر وأحدثت تمزقًا نفسيًا وعلى إثرها اهتزت العلاقات داخل الأسرة، وفقد الاستقرار والأمان، واليوم نتناول أحد هذه السلوكيات وهو (الخصام).
العلاقة الزوجية هي أسمى العلاقات البشرية وأقواها جميعها مهما وصلت بها درجة النجاح لابد أن يتخللها بعض الخلافات، وهذه من الأمور الطبيعية التي يمكن أن تحدث مهما تنوعت أسبابها وصعوبتها، فلم لا نجعل تلك الخلافات تصب في مصلحتنا بل وتزيد من حب الطرفين لبعضهما وتساعد في تعرف كل منهما على الآخر؟ ولا سيما وأنهما من بيئتين مختلفتين ويعيشان تحت سقف واحد فغالباً ما تكون الخلافات بهارات الحياة، وتعود بطابع إيجابي يزيد من تعمق العلاقة وترابطها، كما لها جوانب سلبية ولا سيما إذا كان أحد الطرفين عنيداً، ويميل للتكبر فإنه يزيد من مدة الخصام، ويعيق حل المشكلات، ومن اتبع هذا الأسلوب لا ينال إلا الخسارة وتفكك الحياة؛ فنجاح أي علاقة متوقف على مجهود ورغبة من الطرفين على الاستمرارية.
الخصام وأثره السلبي على الحياة الأسرية
الخصام له تأثير سلبي على نفسية الرجل والمرأة؛ فهو يعكر حياة كل منهما، ويؤثر على علاقتهما، فكيف يجمعهما سقف واحد وغرفة واحدة ويعيشان معا حياة كلها مشكلات وخلافات؟ فالمشكلات عندما تكثر تجعل الحب ينطفئ تدريجيا ويختفي، ويصبح الآخر مرتاحا أكثر عندما يكون بعيدا عن شريكه، فالرجل تجده يحاول قضاء وقته خارج المنزل حتى لا يضطر لسماع صوت زوجته وصراخها الدائم، وتجد المرأة تحاول أن تبقى بعيدة عن زوجها بإقامتها الدائمة في المطبخ أو مع أولادها، وتتهرب منه ليلاً، وكل ذلك لكي لا تواجهه، وتبدأ صعوبة الحياة حتى يصل ذلك الزواج إلى ما لا نهاية ولا سيما عندما تطول هذه الخلافات وتكثر، وتبدأ في أخذ مسار مغاير.
خصام الزوجين وأثره على الأبناء
الخلافات الزوجية لا يقتصر تأثيرها السلبي على الزوجين فقط إنما تمتد إلى الأبناء أيضاً، وتنعكس على مستواهم التعليمي فالأسرة التي تمتلئ بالمشكلات وكثرة الخصام تتصرف بطريقة عدائية تجاه الأبناء، بخلاف التي يسودها الانسجام والتفاهم يتم تفاعلها مع أبنائها بالهدوء والمساندة الوجدانية، فمصدر التعليم الأساسي للسلوكيات السليمة هو الأسرة التي نشأ فيها الأزواج سابقاً وتحديداً ما يراه الأبناء والبنات من كيفية تعامل الأب والأم مع تلك الخلافات حين نشوئها بينهما، فخلافهما وأسلوبهما في النقاش هو الأسلوب نفسه الذي يستخدمه طفلهما في التعامل مع من حوله، فقد أثبتت الدراسات أن المشكلات الأسرية وما ينجم عنها من أزمات نفسية يمكن أن تعرقل وسائل التواصل النفسي بين الأبوين وأطفالهم؛ فعندما يعم التوتر على البيت ولا تجتمع العائلة على الغداء ويتغير تصرف الأب، وتزداد عصبية الأم، يشعر الطفل بالخوف والألم والحيرة والتشتت وعدم القدرة على اتخاذ القرار ومع من يتضامن؟ فهؤلاء الأطفال الذين ينشؤون في هذا المناخ ينطوون في سلوكهم على انحراف كامن، وعلى الوالدين التنبه والحذر من كثرة الشجار والخصام أمام الأولاد؛ لما يترتب عليه من آثار وخيمة قد لا يشعران بخطرها إلا بعد حين، فالعقوق والفشل والانطواء والمرض النفسي والانحراف والعناد أمراض تفشت، ونكثر نحن الشكوى من حال أبنائنا.
طرائق لكيفية التصدي للخلافات والخصام
- التضرع إلى الله -تعالى- بالدعاء بأن يوفقك لإصلاح أسرتك وإصلاح نفسك، ويلهمك الصبر والتحمل والقدرة على تقديم المزيد من التضحية والتنازل.
- ضع بعض النقاط المهمة في ذهنك، واعلم أن الأمور لن تكون دائماً بينكما على ما يرام، وستواجهان أوقات عصيبة وخلافات عديدة خلال مشوار الحياة، فاحرص على إعادة التواصل بعد أي خلاف.
- ابدأ بالرغبة في فك الاشتباك بأقل خسارة والتغلب على لهيب الخلافات المدمر.
- لا يكون همك هو البحث عن المسؤول عن حدوث الخلاف ومن بدأه ويضيع جهدك في التنصل مما حدث.
- تسارع بإعلان مسؤوليتك عما حدث، وتكفل أنت بالخطأ، وضع ضمانا بعدم تكراره حتى يهدأ الطرف الآخر.
- حدد أسباب الخلاف ليس من أجل إدانة الطرف الآخر، بل للحرص على حل المشكلات بطريقة لا تعكر صفو النفوس.
- تجنب تدخل طرف ثالث؛ فمن الأمور المهمة هو ألا ندخل الآخرين في خلافاتنا؛ لأن كثرة ترديد العيوب وذكر نقاط ضعف الطرف الآخر يُضخم من المشكلة، فحياتنا الزوجية عموما هي أمر خاص لا داعي لأن يطلع عليه أحد.
- تجنب إيذاء مشاعر شريكك أو إهانة كرامته بكلام جارح حتى لو كان صحيحاً أو إلقاء ألفاظ خارجة تعبر عن غضبك.
- تجنب الردود القاطعة من قبل «هذا طبعي»، «لن أتغير»، «أنت لا تفهمني»، «أنت قاس» التي توصلك إلى طريق مسدود لا تجد فيه أي وسيلة للصلح.
- يجب أن تدرك أن الحياة الزوجية لا تعني التطابق لكن تعني التسامح والتفاهم والإيثار.
- تغافل وبادر أنت بالاعتذار؛ لأن الاعتذار هو دليل القوة والمسؤولية والذكاء، من الممكن به أن تحرج الطرف المخطئ بالإحراج ليبادر أيضاً بالاعتذار والاعتراف بالخطأ وطلب المسامحة، فما أروع أن تجد الطرفين يبادران بالاعتذار في الوقت نفسه لإدراكهما أن مسؤولية استمرار الحياة الزوجية مشتركة بينهما.
- احرص على وجود رصيد عاطفي في بنك الحياة الزوجية يسحب منه الطرفان؛ لأنه عندما يحتدم الخلاف فلن يهدئه إلا تذكر موقف إيجابي ولحظة جميلة يجعلك تتقرب من شريكك بدل خصامه.
- احذر من ترديد كلمة الطلاق ولو على سبيل التهديد؛ لأنك تجعلها خياراً جاهزاً وقابلا للتنفيذ في أي لحظة؛ فيعطي ذلك إحساسا بعدم الأمان وعدم الاستقرار.
- استثمر المناسبات لفض أي خلاف وتهدئة الأمور أو استخدم المواقف المضحكة فيما بينكما.
- لا تتعامل مع الموقف بمفهوم من سيكسب أخيراً كأنها مسابقة أو حرب.
- لا تنم في غرفة منفصلة أو سرير منفصل مهما كانت الأسباب والمسوّغات، ولا تطل فترة الخلاف حتى لا يزيد التباعد بينكما، وتضخم المشكلة.
واعلما أن الحياة الزوجية يحدث فيها الكثير، والمفروض ألا تثيراها أثناء المشكلات؛ لأنها تكون عارضة تزيد من دفع مسيرة الحياة الزوجية للأمام وتقيها من الفيروسات؛ لذا فالزوجان الناجحان هما من يحاولان توصيل الأسرة لبر الأمان، وقد يقع الدور الأكبر على عاتق الزوجة فهي سر البيت ومفتاح لحل كثير من المشكلات، والمسؤولة الأولى لتحقيق الكثير من النجاحات، فهي التي تفهم كيف تتعامل مع الشخصية التي أمامها، وتحسن التعامل مع مراحل الزواج الأولى، وتتكيف مع طباع زوجها.
كما ينبغي النظر في أسباب المشكلات واتخاذ التدابير الشرعية اللازمة لعلاجها، والتذكر دوماً أن الحياة الزوجية قائمة على المحبة والود، والمعاملة بالمعروف والإحسان، وأن سفينة الزواج لا تسير إلا بالتضحية والإيثار، وأن يتنازل كل طرف للآخر.




اعداد: إيمان الوكيل





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.17 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.02%)]