
18-07-2025, 05:39 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الخامس عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ هود
الحلقة (828)
صــ 291 إلى صــ 300
وقال: (إلى ربهم) ، ومعناه: وأخبتوا لربهم. وذلك أن العرب تضع "اللام" موضع "إلى" و "إلى" موضع "اللام" كثيًرا، كما قال تعالى: (بأن ربك أوحى لها) ، [سورة الزلزلة: 5] بمعنى: أوحى إليها. وقد يجوز أن يكون قيل ذلك كذلك، لأنهم وصفوا بأنهم عمدوا بإخباتهم إلى الله.
* * *
وقوله: (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) ، يقول: هؤلاء الذين هذه صفتهم، هم سكان الجنة الذين لا يخرجون عنها ولا يموتون فيها، ولكنهم فيها لابثُون إلى غير نهاية. (1)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا أَفَلا تَذَكَّرُونَ (24) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: مثل فريقي الكفر والإيمان كمثل الأعمى الذي لا يرى بعينه شيئًا، والأصم الذي لا يسمع شيئًا، فكذلك فريق الكفر لا يبصر الحق فيتبعه ويعمل به، لشغله بكفره بالله، وغلبة خذلان الله عليه، لا يسمع داعي الله إلى الرشاد، فيجيبه إلى الهدى فيهتدي به، فهو مقيمٌ في ضلالته، يتردَّد في حيرته. والسميع والبصير فذلك فريق الإيمان، (2) أبصر حجج الله، وأقر بما دلت عليه من توحيد الله، والبراءة من الآلهة والأنداد، ونبوة الأنبياء عليهم السلام، وسمعَ داعي الله فأجابه وعمل بطاعة الله، كما:
18102- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير
(1) انظر تفسير "أصحاب الجنة" و "الخلود" في فهارس اللغة (صحب) ، (خلد) .
(2) في المخطوطة والمطبوعة: "فكذلك فريق الإيمان" ، وكأن الصواب ما اثبت.
والسميع) ، قال: "الأعمى" و "الأصم" : الكافر = و "البصير" و "السميع" ، المؤمن
18103- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع) ، الفريقان الكافران، والمؤمنان، فأما الأعمى والأصم فالكافران، وأما البصير والسميع فهما المؤمنان
18104- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع) ، الآية، هذا مثلٌ ضربه الله للكافر والمؤمن، فأما الكافر فصم عن الحق، فلا يسمعه، وعمي عنه فلا يبصره. وأما المؤمن فسمع الحق فانتفع به، وأبصره فوعاه وحفظه وعمل به
* * *
يقول تعالى: (هل يستويان مثلا) ، يقول: هل يستوي هذان الفريقان على اختلاف حالتيهما في أنفسهما عندكم أيها الناس؟ فإنهما لا يستويان عندكم، فكذلك حال الكافر والمؤمن لا يستويان عند الله = (أفلا تذكرون) ، يقول جل ثناؤه: أفلا تعتبرون أيها الناس وتتفكرون،، فتعلموا حقيقة اختلاف أمريهما، فتنزجروا عما أنتم عليه من الضلال إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإيمان؟
* * *
= فالأعمى والأصم، والبصير والسميع، في اللفظ أربعة، وفي المعنى اثنان. ولذلك قيل: (هل يستويان مثلا) .
وقيل: (كالأعمى والأصم) ، والمعنى: كالأعمى الأصمّ، وكذلك قيل (والبصير والسميع) ،، والمعنى: البصير السميع، كقول القائل: "قام الظريف والعاقل" ، وهو ينعت بذلك شخصًا واحدًا.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه: إني لكم، أيها القوم، نذير من الله، أنذركم بأسَه على كفركم به، فآمنوا به وأطيعوا أمره.
ويعني بقوله: (مبين) ، يبين لكم عما أرسل به إليكم من أمر الله ونهيه. (1)
* * *
واختلفت القراء في قراءة قوله: (إني) .
فقرأ ذلك عامة قراء الكوفة وبعض المدنيين بكسر "إنّ" على وجه الابتداء إذ كان في "الإرسال" معنى "القول" .
* * *
وقرأ ذلك بعض قراء أهل المدينة والكوفة والبصرة بفتح "أن" على إعمال الإرسال فيها، كأن معنى الكلام عندهم: لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه بأني لكم نذير مبين.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أن يقال إنهما قراءتان متفقتا المعنى، قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرّاء، فبأيتهما قرأ القارئ كان مصيبًا للصواب في ذلك.
* * *
وقوله: (أن لا تعبدوا إلا الله) فمن كسر الألف في قوله: (إني) جعل قوله: (أرسلنا) عاملا في "أنْ" التي في قوله: (أن لا تعبدوا إلا الله) ، ويصير
(1) انظر تفسير "نذير" و "مبين" فيما سلف من فهارس اللغة (نذر) ، (بين) .
المعنى حينئذ: ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه، أن لا تعبدوا إلا الله، وقل لهم: إني لكم نذير مبين = ومن فتحها ردّ "أنْ" في قوله: (أن لا تعبدوا) عليها. فيكون المعنى حينئذ: لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه بأني لكم نذير مبين، بأن لا تعبدوا إلا الله.
* * *
ويعني بقوله: [بأن لا تعبدوا إلا الله أيها الناس] ، عبادة الآلهة والأوثان، (1)
وإشراكها في عبادته، وأفردوا الله بالتوحيد، وأخلصوا له العبادة، فإنه لا شريك له في خلقه.
* * *
وقوله: (إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم) ، يقول: إني أيها القوم، إن لم تخصُّوا الله بالعبادة، وتفردوه بالتوحيد، وتخلعوا ما دونه من الأنداد والأوثان= أخاف عليكم من الله عذابَ يوم مؤلم عقابُه وعذابُه لمن عُذِّب فيه.
* * *
وجعل "الأليم" من صفة "اليوم" وهو من صفة "العذاب" ، إذ كان العذاب فيه، كما قيل: (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا) ، [سورة الأنعام: 96] ، وإنما "السكن" من صفة ما سكن فيه دون الليل.
* * *
(1) هكذا جاءت الجملة في المخطوطة والمطبوعة، والسقط فيها ظاهر بين، وكأن الصواب إن شاء الله:
"ويعني بقوله: (أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) ، أي: اتركوا عبادة الآلهة. . ."
القول في تأويل قوله تعالى: {فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فقال الكبراء من قوم نوح وأشرافهم = وهم (الملأ) ، = (1) الذين كفروا بالله وجحدوا نبوة نبيهم نوح عليه السلام = (ما نراك) ، يا نوح، (إلا بشرًا مثلنا) ، يعنون بذلك أنه آدمي مثلهم في الخلق والصُّورة والجنس، كأنهم كانوا منكرين أن يكون الله يرسل من البشر رسولا إلى خلقه. (2)
* * *
وقوله: (وما نراك اتَّبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي) ، يقول: وما نراك اتبعك إلا الذين هم سفلتنا من الناس، دون الكبراء والأشراف، فيما نرَى ويظهر لنا.
* * *
(1) انظر تفسير "الملأ" فيما سلف ص: 177، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(2) انظر تفسير "البشر" فيما سلف 11: 521، تعليق: 1، والمراجع هناك.
وقوله: (بادي الرأي) ، اختلفت القراء في قراءته.
فقرأته عامة قراء المدينة والعراق: (بَادِيَ الرَّأْيِ) ، بغير همز "البادي" وبهمز "الرأي" ، بمعنى: ظاهر الرأي، من قولهم: "بدا الشيء يبدو" ، إذا ظهر، كما قال الراجز: (1)
أَضْحَى لِخَالِي شَبَهِيَ بَادِي بَدِي ... وَصَارَ لِلْفَحْلِ لِسَانِي وَيَدِي (2)
"بادي بدي" بغير همز، وقال آخر:
وقَدْ عَلَتْنِي ذُرْأَةٌ بادِي بَدِي (3)
* * *
وقرأ ذلك بعض أهل البصرة: (بَادِئَ الرَّأْيِ) ، مهموزًا أيضًا، بمعنى: مبتدأ الرأي، من قولهم: "بدأت بهذا الأمر" ، إذا ابتدأت به قبل غيره.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا قراءة من قرأ: (بَادِيَ الرَّأْيِ) بغير همز "البادي" ، وبهمز "الرأي" ، لأن معنى ذلك الكلام: إلا الذين هم أراذلنا، في ظاهر الرأي، وفيما يظهر لنا.
* * *
وقوله: (وما نرى لكم علينا من فضل) ، يقول: وما نتبين لكم علينا من فضل نلتموه بمخالفتكم إيانا في عبادة الأوثان إلى عبادة الله وإخلاص العبودة له، فنتبعكم
(1) أبو نخيلة السعدي.
(2) هذا الرجز والذي يليه، من رجز أبي نخيلة السعدي، لا شك في البيت الثاني منهما، أما الأول فإني أرتاب في صحة إنشاده، على الوجه الذي أنشده الفراء في معاني القرآن. وقد خرج هذا الرجز، صديقنا وشيخنا عبد العزيز الميمني الراجكرتي في سمط اللآلئ: 293، 480، وفي اللسان (ذرأ) ، وتهذيب إصلاح المنطق 2: 32، وسيبويه 2: 54، ونوادر اليزيدي: 128، والأغاني (ساسي) 18: 151، وتاريخ ابن عساكر 2: 321 = وأزيد، تاريخ الطبري 9: 273، والمعاني الكبير: 1223، والفراء في معاني القرآن، ومجاز القرآن 1: 288، واللسان (بدا) ، والأبيات هي: كَيْفَ التَّصَابِي فِعْلَ مَنْ لَمْ يَهْتَدِ ... وَقَد عَلَتْنِي ذُرْأَةٌ بَادِي بَدى
وَرَثْيَةٌ تَنْهَضُ في تَشَدُّدِي ... بَعْدَ انْتِهَاضِي في الشَّبَابِ الأمْلَدِ
وَبَعْدَ مَا أَذْكُرُ مِنْ تَأَوُّدِي ... وَبَعْدَ تَمْشَائِي وتَطْوِيحِي يَدِي
وَمِشْيَتِي تَحْتَ الغُدَافِ الأسْوَدِ
وذكرها صاحب اللسان في (بدا) ، والتبريزي في تهذيب إصلاح المنطق، وزاد بعد قوله "ورثية تنهض في تشددي"
وصار للفحل لساني ويدي
أما البيت الأول، فلم أجده في مكان، وأخشى أن تكون "بادي بدى" فيه، موضوعة مكان كلمة أخرى، ولا شك أن موضع هذين البيتين، ليس في الموضع الذي وضع أحدهما فيه صاحب اللسان والتبريزي.
(3) انظر التعليق السالف. و "الذرأة" (بضم فسكون) ، الشيب في مقدم الرأس.
طلبَ ذلك الفضل، وابتغاءَ ما أصبتموه بخلافكم إيانا = (بل نظنكم كاذبين) .
* * *
وهذا خطاب منهم لنوحٍ عليه السلام، وذلك أنهم إنما كذبوا نوحًا دون أتباعه، لأن أتباعه لم يكونوا رُسلا. وأخرج الخطابَ وهو واحد مخرج خطاب الجميع، كما قيل: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ) ، [سورة الطلاق: 1] .
* * *
قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: بل نظنك، يا نوح، في دعواك أن الله ابتعثك إلينا رسولا كاذبًا.
* * *
وبنحو ما قلنا في تأويل قوله (بادي الرأي) قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
18105- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس قوله: (وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي) ، قال: فيما ظهر لنا
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل نوح لقومه إذ كذبوه، وردّوا عليه ما جاءهم به من عند الله من النصيحة: (يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي) ، على علمٍ ومعرفةٍ وبيان من الله لي ما يلزمني له، ويجب عليّ من
إخلاص العبادة له وترك إشراك الأوثان معه فيها = (وآتاني رحمة من عنده) ، يقول: ورزقني منه التوفيق والنبوّة والحكمة، فآمنت به وأطعته فيما أمرني ونهاني (1) = (فعميت عليكم) .
* * *
واختلفت القراء في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قراء أهل المدينة وبعض أهل البصرة والكوفة: (فَعَمِيَتْ) بفتح العين وتخفيف الميم، بمعنى: فعَمِيت الرحمة عليكم فلم تهتدوا لها، فتقرّوا بها، وتصدّقوا رسولكم عليها.
وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) بضم العين وتشديد الميم، اعتبارًا منهم ذلك بقراءة عبد الله، وذلك أنها فيما ذكر في قراءة عبد الله: (فَعَمَّاهَا عَلَيْكُمْ) .
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه: (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) بضم العين وتشديد الميم للذي ذكَروا من العلة لمن قرأ به، ولقربه من قوله: (أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده) ، فأضَاف "الرحمة" إلى الله، فكذلك "تعميته على الآخرين" ، بالإضافة إليه أولى.
* * *
وهذه الكلمة مما حوّلت العرب الفعل عن موضعه. وذلك أن الإنسان هو الذي يعمى عن إبصار الحق، إذ يعمى عن إبصاره، و "الحق" لا يوصف بالعمى، إلا على الاستعمال الذي قد جرى به الكلام. وهو في جوازه لاستعمال العرب إياه نظيرُ قولهم: "دخل الخاتم في يدي، والخف في رجلي" ، ومعلوم أن الرجل هي
(1) انظر تفسير ما سلف من ألفاظ الآية في فهارس اللغة.
التي تدخل في الخفّ، والإصبع في الخاتم، ولكنهم استعملوا ذلك كذلك، لما كان معلومًا المرادُ فيه. (1)
* * *
وقوله: (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) ، يقول: أنأخذكم بالدخول في الإسلام، وقد عماه الله عليكم = (وأنتم لها كارهون) ، (2) يقول: وأنتم لإلزامناكُموها = "كارهون" ، يقول: لا نفعل ذلك، ولكن نكل أمركم إلى الله، حتى يكون هو الذي يقضي في أمركم ما يرى ويشاء. (3)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
18106- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال نوح: (يا قوم إن كنت على بينة من ربي) ، قال: قد عرفتها، وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو = (وآتاني رحمة من عنده) ، الإسلام والهدى والإيمان والحكم والنبوّة
18107- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (أرأيتم إن كنت على بينة من ربي) ، الآية، أما والله لو استطاع نبيّ الله صلى الله عليه وسلم لألزمها قومه، ولكن لم يستطع ذلك ولم يملكه
18108- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي قال، حدثنا سفيان، عن داود، عن أبي العالية قال: في قراءة أبيّ: (أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ أَنْفُسِنَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) .
18109- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن
(1) هذا اختصار مقالة الفراء في معاني القرآن، في تفسير الآية.
(2) في المطبوعة والمخطوطة: "عليكم لها كارهون" ، والجيد ما أثبت، بزيادة: "وأنتم" .
(3) انظر تفسير "الكره" فيما سلف من فهارس اللغة (كره) .
الزبير، عن ابن عيينة قال، أخبرنا عمرو بن دينار قال، قرأ ابن عباس: (أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ أَنْفُسِنَا) ، قال، عبد الله: "من شَطْر أنفسنا" ، من تلقاء أنفسنا.
18110- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، مثله.
18111- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب: (أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ قُلُوبِنَا وأَنْتُمْ لَهَا كارِهُونَ) . (1)
* * *
(1) هذه القراءة التي مرت في الأخبار السالفة، بالزيادة في الآية، قراءة شاذة لزيادتها على المصحف، لا يحل لأحد أن يقرأ بها وظني أن قوله: "من شطر أنفسنا" ، أو: "من شطر قلوبنا" تفسير مدرج في كتابة الآية، وليس قراءة.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) }
قال أبو جعفر: وهذا أيضًا خبرٌ من الله عن قيل نوح لقومه، أنه قال لهم: يا قوم لا أسألكم على نصيحتي لكم، ودعايتكم إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له، مالا أجرًا على ذلك، فتتهموني في نصيحتي، وتظنون أن فعلي ذلك طلبُ عرض من أعراض الدنيا = (إن أجري إلا على الله) ، يقول: ما ثواب نصيحتي لكم، ودعايتكم إلى ما أدعوكم إليه، إلا على الله، فانه هو الذي يجازيني، ويثيبني عليه = (وما أنا بطارد الذين آمنوا) ، وما أنا بمقصٍ من آمن بالله،
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|