
15-07-2025, 10:28 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,430
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأنعام
الحلقة (611)
صــ 416 إلى صــ 425
بواجب حقه عليكم، وكفر لأياديه عندكم، وتعرضٌ منكم لإنزال عقوبته عاجلا بكم.
* * *
القول في تأويل قوله: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء العادلين بربهم غيره من الأصنام والأوثان، يا محمد: إن الذي ينجيكم من ظلمات البرّ والبحر ومن كل كرب، ثم تعودون للإشراك به، هو القادر على أن يرسل عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم، لشرككم به، وادّعائكم معه إلهًا آخر غيره، وكفرانكم نعمه، مع إسباغه عليكم آلاءه ومِنَنه.
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في معنى "العذاب" الذي توعد الله به هؤلاء القوم أن يبعثه عليهم من فوقهم أو من تحت أرجلهم.
فقال بعضهم: أما العذاب الذي توعدهم به أن يبعثه عليه من فوقهم، فالرجم. وأما الذي توعدهم أن يبعثه عليهم من تحتهم، فالخسف.
* ذكر من قال ذلك:
13344 - حدثنا محمد بن بشار وابن وكيع قالا حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن السدي، عن أبي مالك: عذابًا من فوقكم، أو من تحت أرجلكم، قال: الخسف. (1)
13345 - حدثنا سفيان قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن الأشجعي،
(1) في المطبوعة، كنص الآية، ولكني رددت ما في المخطوطة إلى حاله.
عن سفيان، عن السدي، عن أبي مالك وسعيد بن جبير، مثله.
13346 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو سلمة، عن شبل، عن ابن نجيح، عن مجاهد: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم" ، قال الخسف.
13347 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم" ، فعذاب السماء = "أو من تحت أرجلكم" ، فيخسف بكم الأرض.
13348 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم" قال: كان ابن مسعود يصيح وهو في المجلس أو على المنبر: ألا أيها الناس، إنه نزل بكم. إن الله يقول: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم" ، لو جاءكم عذاب من السماء لم يبق منكم أحد = "أو من تحت أرجلكم" ، لو خسف بكم الأرض أهلككم، لم يبق منكم أحد = "أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض" ، ألا إنه نزل بكم أسوأ الثلاث. (1)
* * *
وقال آخرون: عنى بالعذاب من فوقكم، أئمةَ السوء = "أو من تحت أرجلكم" ، الخدم وسِفلة الناس.
* ذكر من قال ذلك:
13349 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت خلادًا يقول: سمعت عامر بن عبد الرحمن يقول: إن ابن عباس كان يقول في هذه:
(1) في المطبوعة خلاف ما في المخطوطة، وفي المخطوطة أخطاء. في المخطوطة: ". . . عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو جاءكم عذاب من السماء" ، وفيها أيضًا: "أو من تحت أرجلكم يخسف بكم الأرض" ، وصواب هاتين فيما في المطبوعة، وكان في المطبوعة نصب "أحد" في الموضعين، وكان فيها أيضًا: "أهلككم ولم يبق" بالواو، وأثبت ما في المخطوطة.
"قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم" ، فأما العذاب من فوقكم، فأئمة السوء = وأما العذاب من تحت أرجلكم، فخدم السوء. (1)
13350- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم" ، يعني من أمرائكم = "أو من تحت أرجلكم" ، يعني: سفلتكم.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب عندي، قولُ من قال: عنى بالعذاب من فوقهم، الرجمَ أو الطوفان وما أشبه ذلك مما ينزل عليهم من فوق رؤوسهم = ومن تحت أرجلهم، الخسفَ وما أشبهه. وذلك أن المعروف في كلام العرب من معنى "فوق" و "تحت" الأرجل، هو ذلك، دون غيره. وإن كان لما روي عن ابن عباس في ذلك وجه صحيح، غير أن الكلام إذا تُنُوزع في تأويله، فحمله على الأغلب الأشهر من معناه أحق وأولى من غيره، ما لم تأت حجة مانعة من ذلك يجب التسليم لها.
* * *
(1) الأثر: 13349 - "خلاد" ، هو "خلاد بن سليمان الحضرمي المصري" ، كان خياطًا أميًّا لا يكتب، وكان من الخائفين. روى عنه ابن وهب. ثقة. مترجم في التهذيب، والكبير 2/1/172، وابن أبي حاتم 1/2/365.
وأما "عامر بن عبد الرحمن" ، فإن البخاري وابن أبي حاتم، ذكراه في ترجمة خلاد، وذكر أنه سمع منه، ولكني لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من المراجع. وهذا عجيب.
القول في تأويل قوله: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أو يخلطكم = "شيعًا" ، فرقًا، واحدتها "شِيعة" .
* * *
وأما قوله: "يلبسكم" فهو من قولك: "لبَسْت عليه الأمر" ، إذا خلطت، "فأنا ألبِسه" . وإنما قلت إن ذلك كذلك، لأنه لا خلاف بين القرأة في ذلك بكسر "الباء" ، ففي ذلك دليل بَيِّنٌ على أنه من: "لبَس يلبِس" ، وذلك هو معنى الخلط. وإنما عنى بذلك: أو يخلطكم أهواء مختلفة وأحزابًا مفترقة. (1)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
13351 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "أو يلبسكم شيعًا" ، الأهواء المفترقة.
13352- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "أو يلبسكم شيعًا" ، قال: يفرق بينكم.
13353- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "أو يلبسكم شيعًا" ، قال: ما كان منكم من الفتن والاختلاف. (2)
13354 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في
(1) انظر تفسير "لبس" فيما سلف 1: 567، 568/6: 503 - 505/11: 270
(2) في المطبوعة: "من التفرق" ، وفي المخطوطة: "من العير" غير منقوطة، وصواب قراءتها ما أثبت.
قوله: "أو يلبسكم شيعًا" ، قال: الذي فيه الناس اليوم من الاختلاف، والأهواء، وسفك دماء بعضهم بعضًا.
13355 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي، قال: حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "أو يلبسكم شيعًا" ، قال: الأهواء والاختلاف.
13356- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "أو يلبسكم شيعًا" ، يعني بالشيع، الأهواء المختلفة.
* * *
وأما قوله: "ويذيق بعضكم بأس بعض" ، فإنه يعني: بقتل بعضكم بيد بعض.
* * *
والعرب تقول للرجل ينال الرجل بسلام فيقتله به: "قد أذاق فلان فلانًا الموت" ، و "أذاقه بأسه" ، وأصل ذلك من: "ذوق الطعام" وهو يطعمه، ثم استعمل ذلك في كل ما وصل إلى الرجل من لذة وحلاوة، أو مرارة ومكروه وألم. (1)
* * *
وقد بينت معنى "البأس" في كلام العرب فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (2)
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
13357- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال،
(1) انظر تفسير "الذوق" فيما سلف 7: 96، 446، 452/8: 487/11: 47، 324 ولكنه لن يبينه بيانًا شافيًا في المواضع السالفة، وأبان عنه هنا إبانة تامة، وهذا ضرب من ضروب اختصاره في تفسيره.
(2) انظر تفسير "البأس" فيما سلف 8: 580/11: 357.
حدثنا أسباط، عن السدي: "ويذيق بعضكم بأس بعض" ، بالسيوف.
13358 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو النعمان عارم قال، حدثنا حماد، عن أبي هارون العبدي، عن عوف البكالي أنه قال في قوله: "ويذيق بعضكم بأس بعض" ، قال: هي والله الرجال في أيديهم الحراب، يطعُنون في خواصركم.
13359 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "ويذيق بعضكم بأس بعض" ، قال: يسلط بعضكم على بعض بالقتل والعذاب.
13360 - حدثنا سعيد بن الربيع الرازي قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: عذاب هذه الأمة أهل الإقرار، بالسيف "أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض" = وعذاب أهل التكذيب، الصيحة والزلزلة.
* * *
ثم اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية.
فقال بعضهم: عني بها المسلمون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفيهم نزلت.
* ذكر من قال ذلك:
13361 - حدثني محمد بن عيسى الدامغاني قال، أخبرنا ابن المبارك، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم" الآية، قال: فهن أربع، وكلهن عذاب، فجاء مستقرّ اثنتين، (1) بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة، فألبسوا شيعًا، وأذيق بعضهم بأس بعض، وبقيت اثنتان، فهما لا بدّ واقعتان = يعني: الخسف والمسخ. (2)
(1) في المطبوعة: "فجاء منهن اثنتان" ، غير ما في المخطوطة، وهو واضح فيها جدًا، وهو صواب أيضًا.
(2) الأثر: 13361 - "محمد بن عيسى الدامغاني" ، شيخ أبي جعفر، مضى برقم: 3225.
وانظر خبر أبي العالية، عن أبي بن كعب، رقم: 13380. وتخريجه هناك.
13362 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "من فوقكم أو من تحت أرجلكم" ، لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأعفاكم منه = "أو يلبسكم شيعًا" ، قال: ما كان فيكم من الفتن والاختلاف.
13363- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
13364 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا" ، الآية. ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلى ذات يوم الصبح فأطالها، فقال له بعض أهله: يا نبي الله، لقد صلّيت صلاة ما كنت تصَليها؟ قال: إنها صلاةُ رَغبة ورَهبة، وإني سألت ربّي فيها ثلاثًا، سألته أن لا يسلط على أمتي عدوًّا من غيرهم، فيهلكهم، فأعطانيها. وسألته أن لا يسلط على أمتي السنة، فأعطانيها. (1) وسألته أن لا يلبسهم شيعًا ولا يذيق بعضهم بأس بعض، فمنعنيها. ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا تزال طائفةٌ من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله.
13365 - حدثنا أحمد بن الوليد القرشي وسعيد بن الربيع الرازي قالا حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، سمع جابرًا يقول: لما أنزل الله تعالى ذكره على النبي صلى الله عليه وسلم: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم" ، قال: أعوذ بوجهك = "أو يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض" ، قال: هاتان أيسر = أو: أهون. (2)
(1) "السنة" ، الجدب والقحط.
(2) الأثر: 13665 - "أحمد بن الوليد القرشي" ، مضى برقم: 1692: "وأحمد بن الوليد" بدون نسبة، وقال أخي السيد أحمد هناك: "ولم أعرف من هو" . وأزيد أني وجدت أبا جعفر يروي في تاريخه 1: 167 عن شيخه "أحمد بن الوليد الرملي" ثم سماه "أحمد بن الوليد" بلا نسبة، وهو يروي في هذه الأسانيد، عن: "إبراهيم بن زياد" ، و "إسحق بن المنذر" و "عبد الملك بن يزيد" ، و "عمرو بن عون" و "محمد بن الصباح" و "سعدويه" . ثم روي عنه في المنتخب من ذيل المذيل (تاريخه 13: 104) ، وروى "أحمد بن الوليد" في هذا الإسناد، عن "الربيع بن يحيى" . جمعت هذا حتى أتحقق معرفته ونسبته، أما تخريج الخبر، ففي التعليق التالي.
13366- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن جابر، قال: لما نزلت: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم أو من تحت أرجلكم" ، قال: نعوذ بك، نعوذ بك = "أو يلبسكم شيعًا" ، قال: هو أهون. (1)
13367 - حدثني زياد بن عبيد الله المزني قال، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري قال، حدثنا أبو مالك قال، حدثني نافع بن خالد الخزاعي، عن أبيه: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود، فقال: قد كانت صلاة رغبة ورهبة، فسألت الله فيها ثلاثًا، فأعطاني اثنتين، وبقي واحداة. سألت الله أن لا يصيبكم بعذاب أصاب به مَن قبلكم، فأعطانيها. وسألت الله أن لا يسلِّط عليكم عدوًّا يستبيح بيضتكم، فأعطانيها. وسألته أن لا يلبسكم شيعًا ويذيق بعضكم بأس بعض، فمنعنيها = قال أبو مالك: فقلت له: أبوك سمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم، سمعته يحدث بها القوم أنه سمعها مِن في رسول الله صلى الله عليه وسلم. (2)
(1) الأثران: 13365، 13366 - "عمرو" ، هو "عمرو بن دينار" . رواه البخاري (الفتح 8: 219) من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار. وقال الحافظ ابن حجر: "وقع في الاعتصام من وجه آخر، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، سمعت جابرًا، وكذا للنسائي من طريق معمر، عن عمرو بن دينار ويعني ما رواه البخاري الفتح 13، 329 وسيأتي من طريق معمر، عن عمرو بن دينار فيما يلي رقم: 13372. ورواه الترمذي في كتاب التفسير من سننه، وقال:" هذا حديث حسن صحيح "."
(2) الأثر: 13367 - "زياد بن عبيد الله المزني" ، هكذا جاء هنا "المزني" ، ومضى برقم: 8284: "زياد بن عبيد الله المري" ، وقد كتب عنه أخي السيد أحمد فيما سلف، وقال إنه لم يعرفه، وقال إنه من المحتمل أن يكون: "زياد بن عبد الله بن خزاعي" ، لأنه يروى أيضًا عن "مروان بن معاوية" ، ولكن مجيئه هنا أيضًا "زياد بن عبيد الله" يضعف هذا الاحتمال.
و "مروان بن معاوية الفزاري" ثقة، من شيوخ أحمد. مضى برقم: 1222، 3322، 3842، 7685.
و "أبو مالك" هو "الأشجعي" ، واسمه "سعد بن طارق بن أشيم" ؛ روى عن أبيه، وأنس، وعبد الله بن أبي أوفى، وربعي بن حراش، وغيرهم، وثقه أحمد. مترجم في التهذيب، والكبير 2/2/59، وابن أبي حاتم 2/1/86.
و "نافع بن خالد الخزاعي" ، روى عن أبيه، روى عنه أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق، مترجم في لسان الميزان 6: 145، والكبير للبخاري 4/2/85، وابن أبي حاتم 4/1/457. ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم فيه جرحًا، ولكن الحافظ ابن حجر أخطأ في لسان الميزان خطأ شنيعًا، فقال: "قال ابن أبي حاتم عن أبيه في ترجمته: هو ونافع مجهولان" ، وهو سهو شديد، فإن الذي قال ذلك عنه ابن أبي حاتم، خالد آخر، وهو موجود في كتابه 1/2/362 برقم: 1643 هكذا: "خالد، روى عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه محمد. سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: هما مجهولان" . أما "خالد الخزاعي" ، فقد قال عنه: "روى عنه ابنه نافع، يعد في الكوفيين، سمعت أبي يقول ذلك" ، وهو موجود قبل تلك الترجمة برقم: 1642. وهذا سهو شديد ينبغي أن يصحح. وأبوه: "خالد الخزاعي الأزدي" غير مبين النسب، ترجم له البخاري في الكبير 2/1/127، وقال: "يعد في الكوفيين" ، وقال ابن أبي حاتم 1/2/362: "له صحبة، روى عنه ابنه نافع" ، كما ذكرت قبل. وترجم له الحافظ في الإصابة.
وهذا خبر رجاله ثقات، كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمته. وقد أشار إلى هذا الخبر، البخاري في تاريخه 2/1/127، من طريق ابن أبي زائدة، عن سعد بن طارق، عن نافع بن خالد الخزاعي، قال حدثني أبي، وكان من أصحاب الشجرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى والناس ينظرون، صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود. وأشار إليه الحافظ أيضًا في الفتح (8: 221) ، وأما في الإصابة فقد قال: "روى الحسن بن سفيان، وأبو يعلى، والطبراني في تفسيره، وغيرهم، من طريق أبي مالك. . . ." ثم ذكر الخبر وقال: "رجاله ثقات" .
وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 222، بنحوه، ثم قال: "رواه الطبراني بأسانيد، ورجال بعضها رجال الصحيح، غير نافع بن خالد. وقد ذكره ابن أبي حاتم، ولم يجرحه أحد. ورواه البزار" . وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 329، من رواية الحافظ أبي بكر بن مردويه، عن عبد الله بن إسمعيل بن إبراهيم الهاشمي، وميمون بن إسحق بن الحسن الحنفي، كلاهما عن أحمد بن عبد الجبار، عن محمد بن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، مطولا. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 19، ونسبه لابن جرير وابن مردويه، ولم يزد شيئًا. وأخرج الترمذي في الفتن، من حديث خباب بن الأرت، مثله، كما سيأتي في رقم: 13370. وقوله: "يستبيح بيضتهم" ، يريد: جماعتهم وأصلهم ومجتمعهم، وموضع سلطانهم، ومستقر دعوتهم. يقول: لا تسلط عليهم عدوًا يستأصلهم ويهلكهم جميعًا. قالوا: وذلك أن أصل البيضة إذا أهلك، كان ذلك هلاك كل ما فيها من طعم أو فرخ. وإذا لم يهلك أصل البيضة، ربما سلم بعض فراخها. وقال غيرهم: "البيضة" : ساحة القوم ومعظم دارهم. وهذا أقرب عندي.
13368 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور عن
معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد بن أوس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: إن الله زَوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربَها، وإنّ ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها، وإني أعطيت الكنزين الأحمرَ والأبيض، وإني سألت ربّي أن لا يهلك قومي بسَنَةٍ عامة، وأن لا يلبسهم شيعًا، ولا يذيق بعضهم بأس بعض، فقال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يردّ، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، ولا أسلِّط عليهم عدوًّا ممن سواهم فيهلكهم بعامة، (1) حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، وبعضهم يقتل بعضًا، وبعضهم يسبي بعضًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أخاف على أمتي الأئمة المضلين، فإذا وضع السيف في أمتي، لم يُرفع عنهم إلى يوم القيامة. (2)
13369- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، أخبرني أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه = إلا أنه قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين. (3)
13370 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر، عن الزهري قال: راقب خباب بن الأرتّ، وكان بدريًّا، النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، حتى إذا فرغ، وكان في الصبح، قال له: يا رسول الله، لقد رأيتك تصلي صلاة ما رأيتك صليت مثلها؟ قال: أجل، إنها صلاة رَغَبٍ ورَهَبٍ، سألت ربي ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم، فأعطاني. وسألته أن لا يسلط علينا عدوًّا، فأعطاني. وسألته أن لا يلبسنا شيعًا، فمنعني. (4)
(1) في المطبوعة: "فيهلكهم" ، وفي المخطوطة: "فيهلكوهم هم" ، وخلط في كتابتها، والصواب من المسند.
(2) الأثر: 13268 - "أبو الأشعث الصنعاني" ، هو "شراحبيل بن آدة" ، من صنعاء الشام، تابعي ثقة. مترجم في التهذيب. و "أبو أسماء الرحبي" ، هو "عمرو بن مرثد" تابعي ثقة، مضى برقم: 4844. و "شداد بن أوس بن ثابت الأنصاري" ، صحابي، قال عباد بن الصامت: "شداد بن أوس. من الذين أوتوا العلم والحلم، ومن الناس من أوتى أحدهما" . وهذا الخبر، رواه أحمد في مسنده 4: 123، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، بمثل رواية أبي جعفر. وأشار إلى روايته من حديث شداد، الحافظ ابن حجر في الفتح (8: 221) وقال: "وأخرج الطبري من حديث شداد، نحوه، بإسناد صحيح" ، يعني: نحو حديث ثوبان كما سأشير إليه بعد. وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 328، 329، من مسند أحمد، وقال: "ليس في شيء من الكتب الستة، وإسناده جيد قوي. وقد رواه ابن مردويه من حديث حماد بن زيد، وعباد بن منصور، وقتادة، ثلاثتهم عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه والله أعلم" . وروي هذا الخبر بنحو هذا اللفظ من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان. بنحو هذا اللفظ. رواه مسلم في صحيحه 18: 12، 14، وأبو داود في سننه 4: 138، مطولا، وخرجه السيوطي عن ثوبان. في الدر المنثور 3: 17، وقال: "أخرج أحمد، وعبد بن حميد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبزار، وابن حبان، والحاكم وصححه، واللفظ له، وابن مردويه" ثم ساق لفظ الحاكم في المستدرك. مطولا. قوله: "زوى لي الأرض" : جمعها وقبضها حتى يراها جميعًا.
و "السنة" : القحط. وقال النووي في شرح مسلم: "وهذا الحديث فيه معجزات ظاهرة وقعت كلها بحمد الله، كما أخبر به صلى الله عليه وسلم. قال العلماء: المراد بالكنزين الذهب والفضة. والمراد كنزي كسرى وقيصر، ملكي العراق والشام. فيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداد في جهتي المشرق والمغرب. وهكذا وقع. وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة إلى المشرق والمغرب. وصلوات الله وسلامه على رسوله الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى" .
(3) الأثر: 13369 - انظر التعليق على الأثر السالف. ومن هذه الطريق، رواه أحمد في مسنده 4: 123، بمثل ما ذكر أبو جعفر.
(4) الأثر: 13370 - هذا الخبر رواه أحمد في مسنده 5: 108، والترمذي في كتاب الفتن، موصولا، من طريق الزهري، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن خباب بن الأرت، عن خباب بن الأرت، مولى بني زهرة. وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 328، من مسند أحمد، ثم قال: "ورواه النسائي من حديث شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به، ومن وجه آخر. وابن حبان في صحيحه بإسناديهما عن صالح ابن كيسان. والترمذي في الفتن من حديث النعمان بن راشد، كلاهما عن الزهري، به. وقال: حسن صحيح" . وخرجه السيوطي في الدر المنثور 3: 18، وقال: "أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن جرير، وابن مردويه، عن خباب بن الأرت" ، وساق الخبر. وقوله: "رغب ورهب" كلاهما بفتحتين، أي: الرغبة والرهبة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|