عرض مشاركة واحدة
  #571  
قديم 14-07-2025, 10:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,577
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الحادى عشر
تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة
الحلقة (571)
صــ 16 إلى صــ 25






12570 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: "فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به"
(1)
"الأيل" (بفتح الهمزة وتشديد الياء المكسورة) : وهو ذكر الوعول. و "الأروى" إناث الوعول وهو اسم لجمعها واحدتها "أروية" (بضم الهمزة وسكون الراء والواو مكسورة والياء مشددة مفتوحة) . وجاء بها هنا وهو يعني "الأروية" .

(2)
"السخلة" (بفتح فسكون) : ولد الشاة من المعز والضأن ذكرا كان أو أنثى.

(3)
الأثر: 12567- "هرون بن المغيرة بن حكيم البجلي" مضى برقم: 3356، 5526.

وأما "ابن مجاهد" فلم أستطع أن أعرف من هو، وكان في المطبوعة: "أبي مجاهد" وأثبت ما في المخطوطة وكأنه الصواب، وإن أعياني أن أعرف صدر اسمه.
ذوا عدل منكم هديًا بالغَ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صيامًا "، قال: إذا أصاب المحرم الصيد، حكم عليه جزاؤه من النعم. فإن لم يجد، نظر كم ثمنه = قال ابن حميد: نظر كم قيمته = فقوّم عليه ثمنه طعامًا، فصام مكان كل نصف صاع يومًا=" أو كفارة طعام مساكين، أو عدلُ ذلك صيامًا "، قال: إنما أريد بالطعام الصيام، فإذا وجد الطعام وَجد جزاءه."
12571 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: "ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم" فإن لم يجد هديًا، قُوِّم الهدي عليه طعامًا، وصام عن كل صاع يومين.
12572- حدثنا هناد قال، حدثنا عبد بن حميد، عن منصور، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس في هذه الآية: "ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديًا بالغ الكعبة" ، قال: إذا أصاب الرجل الصيد حكم عليه، فإن لم يكن عنده قوم عليه ثمنه طعامًا، ثم صام لكل نصف صاع يومًا.
12573 - حدثنا أبو كريب ويعقوب قالا حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: ابتدرت وصاحبٌ لي ظبيًا في العقبة، فأصبته، فأتيت عمر بن الخطاب فذكرت ذلك له، فأقبل علي رجل إلى جنبه، فنظرا في ذلك قال فقال: اذبح كبشًا. (1)
(1)
الأثر: 12573- "عبد الملك بن عمير بن سويد القرشي" المعروف بالقبطي و "ابن القبطية" . رأى عليا وأبا موسى. مترجم في التهذيب.

و "قبيصة بن جابر بن وهب الأسدي" روى عن عمر وشهد خطبته بالجابية ثقة في فقهاء الطبقة الأولى من فقهاء أهل الكوفة بعد الصحابة. مترجم في التهذيب.
هذا وخبر قبيصة بن جابر سيرويه أبو جعفر من طرق من رقم: 12573- 12577ن ثم: 12586- 15288 بألفاظ مختلفة. ورواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 181 من طريق سفيان، عن عبد الملك بن عمير ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد الملك.
ونقله ابن كثير في تفسيره 3: 237، 238 وهو رقم: 12588 عن هذا الموضع من تفسير أبي جعفر وأشار إلى بعض طرقه هنا. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 329 بنحو من لفظ رقم: 12588 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم قال: "وصححه" ولم أجده في مظنته من المستدرك للحاكم.
12574 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن الشعبي قال: أخبرني قبيصة بن جابر، نحوا مما حدَّث به عبد الملك.
12575 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن المسعودي، عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: قتل صاحب لي ظبيًا وهو محرم، فأمره عمر أن يذبح شاة فيتصدق بلحمها ويُسْقي إهابها. (1)
12576 - حدثني هناد قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني قال: قتل رجلٌ من الأعراب وهو محرم ظبيًا، فسأل عمر، فقال له عمر: اهدِ شاة. (2)
12577 - حدثنا هناد قال، حدثنا أبو الأحوص، عن حصين= وحدثنا أبو هشام الرفاعي قال: حدثنا ابن فضيل قال، حدثنا حصين= عن الشعبي قال، قال قبيصة بن جابر: أصبت ظبيًا وأنا محرم، فأتيت عمر فسألته عن ذلك، فأرسل إلى عبد الرحمن بن عوف. فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ أمرَه أهون من ذلك! قال: فضربني بالدِّرّة حتى سابقته عدوًا! (3) قال: ثم قال: قتلتَ الصيد وأنتَ محرم، ثم تَغْمِص الفُتيا! (4) قال: فجاء عبد الرحمن، فحكما شاة.
(1)
الأثر: 12575- هو مختصر الأثر رقم: 12588 وسيأتي تفسير "يسقى إهابها" في التعليق عليه هناك.

(2)
الأثر: 12576- هذا خبر مرسل عن عمر "بكر بن عبد الله المزني" لم يسمع من عمر. ولكنها قصة قبيصة بن جابر التي ذكرها قبل.

(3)
"الدرة" (بكسر الدال) : عصا قصيرة يحملها السلطان او غيره يدب بها. ودرة أمير المؤمنين عمر أشهر درة في التاريخ.

(4)
"غمص الشيء يغمصه غمصا" : حقره واستصغره واستهان به. يعني: اتحتقر الفتيا وتستهين بها وتزدريها؟

12578 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "ومن قتله منكم متعمدًا فجزاءٌ مثل ما قتل من النعم" ، قال: إذا قتل المحرم شيئًا من الصيد حكم عليه فيه. فإن قتل ظبيًا أو نحوه، فعليه شاة تذبح بمكة. فإن لم يجد، فإطعام ستة مساكين. فإن لم يجد، فصيام ثلاثة أيام. فإن قتل أيِّلا أو نحوه، فعليه بقرة. وإن قتل نعامة أو حمارَ وحش أو نحوه، فعليه بدنة من الإبل.
12579 - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: أرأيت إن قتلتُ صيدًا فإذا هو أعور، أو أعرج، أو منقوص، أغرم مثله؟ قال: نعم، إن شئت. قلت: أوْفَي أحبُّ إليك؟ قال: نعم. وقال عطاء: وإن قتلت ولدَ الظبي، ففيه ولد شاة. وإن قتلت ولد بقرة وحشية، ففيه ولد بقرة إنسية مثله، فكلّ ذلك على ذلك.
12580 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال، أخبرنا عبيد بن سليمان الباهلي قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" ما كان من صيد البر مما ليس له قرن = الحمار أوالنعامة= فعليه مثله من الإبل. وما كان ذا قرن من صيد البر من وعِلٍ أو أيِّل، فجزاؤه من البقر. وما كان من ظبي فمن الغنم مثله. وما كان من أرنب، ففيها ثَنِيَّة. (1) وما كان من يربوع وشبهه، ففيه حَمَلٌ صغير. وما كان من جرادة أو نحوها، ففيه قبضة من طعام. وما كان من طير البر، ففيه أن يقوَّم ويتصدق بثمنه، وإن شاء صام لكل نصف صاع يومًا. وإن أصاب فرخ طير برِّية أو بيضها، فالقيمة فيها طعامٌ أو صوم على الذي يكون في الطير. غير أنه قد ذكر في بيض النعام إذا إصابها المحرم، أن يحمل الفحل على عدة من أصاب من البيض على
(1)
"الثنية" يعني الثنية من المعز، وهو ما دخل في السنة الثانية أو الثالثة.

بِكارة الإبل، (1) فما لَقِح منها أهداه إلى البيت، وما فسد منها فلا شيء فيه.
12581 - حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، أخبرنا نافع قال، أخبرني ابن جريج قال، قال مجاهد: من قتله = يعني الصيد = ناسيًا، أو أراد غيره فأخطأ به، فذلك العمد المكفَّر، فعليه مثله هديًا بالغ الكعبة. فإن لم يجد، ابتاع بثمنه طعامًا. فإن لم يجد، صام عن كل مُدٍّ يومًا. وقال عطاء: فإن أصاب إنسان نعامة، كان له= إن كان ذا يسار= مُوَسَّعًا (2) إن شاء يهدي جزورًا أو عَدْلَها طعامًا أو عدلها صيامًا، أيّتهن شاء، (3) من أجل قوله: فجزاء، أو كذا أو كذا (4) قال: فكل شيء في القران: "أو" "أو" ، فليختر منه صاحبه ما شاء.
12582 - حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، أخبرنا نافع قال، أخبرني ابن جريج قال، أخبرني الحسن بن مسلم قال: من أصاب من الصيد ما يبلغ أن يكون شاة فصاعدًا، فذلك الذي قال الله تعالى ذكره: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" . وأما "كفارة طعام مساكين" ، فذلك الذي لا يبلغ أن يكون فيه هدي، العصفورَ يقتل، فلا يكون فيه. قال: "أو عدل ذلك صيامًا" ، عدل النعامة، أو عدل العصفور، أو عدل ذلك كله.
* * *
وقال آخرون: بل يقوَّم الصيد المقتول قيمتَه من الدراهم، ثم يشتري القاتل بقيمته نِدًّا من النعم، ثم يهديه إلى الكعبة.
(1)
"البكارة" (بكسر الباء) جمع "بكر" و "بكرة" (بفتح الباء) : وهو الفتى من الإبل بمنزلة الغلام من اللناس.

(2)
في المطبوعة: "كان له إن كان ذا يسار ما شاء" بحذف "الواو من قوله" وإن كان "وهو لا معنى له، وفي المخطوطة:" كان له وإن كان ذا يسار من سا "فرأيت أن أقرأها كما أثبتها فهو حق المعنى. لأنه يريد أن يقول: إن الله وسع له ورخص في هذا النخيير الذي ذكره بعد."

(3)
في المطبوعة: "أيهن شاء" وأثبت ما في المخطوطة وهو الصواب.

(4)
في المطبوعة: "أو كذا" مرة واحدة وأثبت ما في المخطوطة وهو الصواب.

* ذكر من قال ذلك:
12583 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبدة، عن إبراهيم قال: ما أصاب المحرم من شيء، حكم فيه قيمته.
12584 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد قال: سمعت إبراهيم يقول: في كل شيء من الصيد ثمنه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القولين في تأويل الآية، ما قال عمر وابن عباس، ومن قال بقولهما: أن المقتول من الصيد يُجْزَي بمثله من النعم، كما قال الله تعالى ذكره: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" . وغير جائز أن يكون مثل الذي قتل من الصيد دراهم، وقد قال الله تعالى: "من النعم" ، لأن الدراهم ليست من النعم في شيء.
* * *
فإن قال قائل: فإن الدراهمَ وإن لم تكن مثلا للمقتول من الصيد، فإنه يشتري بها المثل من النعم، فيهديه القاتل، فيكون بفعله ذلك كذلك جازيًا بما قتل من الصيد مثلا من النعم!
قيل له: أفرأيت إن كان المقتول من الصيد صغيرًا [أو معيبا، ولا يصاب بقيمته من النعم إلا] (1) كبيرًا أو سليمًا = أو كان المقتول من الصيد كبيرًا أو سليمًا بقيمته من النعم إلا صغيرًا أو معيبًا= (2) أيجوز له أن يشتريَ بقيمته خلافه وخلافَ صفته فيهديه، أم لا يجوز ذلك له، وهو لا يجوز إلا خلافه؟ فإن زعم أنه لا يجوز له أن يشتري بقيمته إلا مثله، ترك قوله في ذلك. لأنّ أهل هذه المقالة يزعمون أنه لا يجوز له أن يشتري بقيمة ذلك فيهديه، (3) إلا ما
(1)
في المخطوطة والمطبوعة: "أفرأيت إن كان المقتول من الصيد صغيرا أو كبيرا او سليما أو كان المقتول من الصيد ..." وهو كلام لا يستقيم إلا بهذه الزيادة التي زدتها بين القوسين وتصحيح "أو كبيرا" بما أثبته "إلا كبيرا" وهو ما اسظهرته من سياق كلام أبي جعفر.

(2)
في المطبوعة: "ولا يصيب بقيمته ..." والصواب ما في المخطوطة.

(3)
في المطبوعة: "بقيمته ذلك" وهو خطأ صوابه في المخطوطة.

يجوز في الضحايا. وإذا أجاز شراءَ مثل المقتول من الصيد بقيمته وإهداءها وقد يكون المقتول صغيرًا معيبًا، (1) أجاز في الهدي ما لا يجوز في الأضاحي. (2)
وإن زعم أنه لا يجوز أن يشتري بقيمته فيهديه إلا ما يجوز في الضحايا أوضح بذلك من قوله الخلافَ لظاهر التنزيل. وذلك أنّ الله تعالى ذكره، أوجب على قاتل الصيد من المحرِمين عمدًا، المثلَ من النعم إذا وجده. وقد زعم قائل هذه المقالة أنه لا يجب عليه المثل من النعم، وهو إلى ذلك واجدٌ سبيلا.
ويقال لقائل ذلك: أرأيت إن قال قائل آخر: "ما على قاتل ما لا تبلغُ من الصيد قيمته ما يصاب به من النَّعم ما يجوز في الأضاحي من إطعام ولا صيام. (3) لأن الله تعالى إنما خيَّر قاتل الصيد من المحرمين في أحد الثلاثة الأشياء التي سماها في كتابه، فإذا لم يكن له إلى واحد من ذلك سبيل، سقط عنه فرض الآخرَيْن. لأن الخيار إنما كان له، وله إلى الثلاثة سبيل. فإذا لم يكن له إلى بعض ذلك سبيل، بطل فرض الجزاء عنه، لأنه ليس ممن عُني بالآية= نظيرَ الذي قلت أنت:" إنه إذا لم يكن المقتول من الصيد يبلغ قيمته ما يصاب من النعم مما يجوز في الضحايا، فقد سقط فرض الجزاء بالمثل من النعم عنه، وإنما عليه الجزاء بالإطعام أو الصيام "،= هل بينك وبينه فرق من أصل أو نظير؟ فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله."
* * *
(1)
في المطبوعة والمخطوطة: "وإذا أجازوا شرى مثل المقتول" وصواب كل ذلك ما أثبت وإنما وهم الناسخ في "أجازوا" فإن جواب "إذا" يدل على خلافه وصواب ما أثبت.

(2)
في المطبوعة: "أجازوا في الهدي" غير ما في المخطوطة لوهم الناسخ كما قلت في التعليق السالف.

(3)
في المطبوعة: "ما لا يبلغ" وهو في المخطوطة غير منقوطة وصوابها ما أثبت. وسياق هذه الجملة: "ما على قاتل ما تبلغ ... من إطعام ولا صيام" يعني ليس على قاتل صيد لا تبلغ قيمته أن يشتري بها من النعم ما يجوز مثله في الأضاحي= إطعام أو صيام.

القول في تأويل قوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يحكم بذلك الجزاء الذي هو مثل المقتول من الصيد من النعم عدلان منكم= يعني: فقيهان عالمان من أهل الدين والفضل= (1) "هديًا" ، يقول: يقضي بالجزاء ذوا عدل، أي يُهْدَي فيبلغ الكعبة. (2) و "الهاء" في قوله: "ويحكم به" ، عائدة على "الجزاء" . (3) .
* * *
قال أبو جعفر: ووجه حكم العدلين إذا أرادا أن يحكما بمثل المقتول من الصيد من النعم على القاتل: أن ينظرا إلى المقتول ويستوصفاه، فإن ذكر أنه أصاب ظبيًا صغيرًا، حكما عليه من ولد الضأن بنظير ذلك الذي قتله في السن والجسم، فإن كان الذي أصاب من ذلك كبيرًا، حكما عليه من الضأن بكبير. وإن كان الذي أصاب حمار وَحْش، حكما عليه ببقرة. إن كان الذي أصاب كبيرًا من البقر، وإن كان صغيرًا فصغيرًا. وإن كان المقتول ذكرًا فمثله من ذكور البقر. وإن كان أنثى فمثله من البقر أنثى. ثم كذلك ذلك، ينظران إلى أشبه الأشياء بالمقتول من الصيد شبهًا من النعم، (4) فيحكمان عليه به، كما قال تعالى ذكره.
* * *
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، على اختلافٍ في ذلك بينهم.
* ذكر من قال ذلك بنحو الذي قلنا فيه:
(1)
انظر تفسير "العدل" فيما سلف 6: 51، 60.

(2)
في المطبوعة: "أن يهدي" وأثبت ما في المخطوطة.

(3)
انظر تفسير "الهدي" فيما سلف 4: 34، 35/9: 466.

(4)
في المخطوطة: "ينظر إلى أشبه الأشياء" والصواب ما في المطبوعة.

12585 - حدثنا هنّاد بن السريّ قال: حدثنا ابن أبي زائدة قال: أخبرنا داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني قال: كان رجلان من الأعراب محرِمين، فأحاش أحدهما ظبيًا، فقتله الآخر. (1) فأتيا عمر، وعنده عبد الرحمن بن عوف، فقال له عمر: (2) وما ترى؟ قال: شاة، قال: وأنا أرى ذلك، اذهبا فأهديا شاة. فلما مضَيا قال أحدهما لصاحبه: ما درَى أمير المؤمنين ما يقول حتى سأل صاحبه!! فسمعها عمر، فردّهما فقال: هل تقرأان سورة المائدة؟ فقالا لا! فقرأها عليهما: (3) "يحكم به ذوا عدل منكم" ، ثم قال: استعنت بصاحبي هذا.
12586 - حدثنا أبو كريب ويعقوب قالا حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: ابتدرت أنا وصاحب لي ظبيًا في العقبة، فأصبته، فأتيت عمر بن الخطاب، فذكرت ذلك له. فأقبل على رجل إلى جنبه، فنظرا في ذلك. قال فقال: اذبح كبشًا= قال يعقوب في حديثه، فقال لي: اذبح شاة= فانصرفت فأتيت صاحبي فقلت: إن أميرَ المؤمنين لم يدرِ ما يقول! فقال صاحبي: انحر ناقتك. فسمعها عمر بن الخطاب، فأقبل عليَّ ضربًا بالدِّرة وقال: تقتل الصيد وأنت محرم، وتَغْمِصُ الفُتْيا! (4) إن الله تعالى يقول في كتابه: "يحكم به ذوا عدل منكم" ، هذا ابن عوف، وأنا عمر! (5)
12587 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن
(1)
في المطبوعة: "فأجاش" بالجيم وهو خطأ وفي المخطوطة غير منقوط. "حاش الصيد حوشا وحياشا" و "أحاشه" و "أحوشه" و "حشت عليه الصيد" و "أحشته" : إذا نفرته نحوه وأخذته من حواليه لتصرفه إلى الحبالة ثم سقته نحوه وجمعته عليه.

(2)
في المخطوطة في الموضعين: "عمرو" وهو خطأ محض، وفي المطبوعة في الآخرة منهما "عمرو" وهو خطأ.

(3)
في المطبوعة: "فقرأها عليهما" والصواب ما في المخطوطة.

(4)
انظر تفسير "غمص الفتيا" فيما سلف ص: 17 تعليق: 4.

(5)
الأثر: 12586- انظر التعليق على الأثر السالف رقم: 12573.

الشعبي قال، أخبرني قبيصة بن جابر، بنحو ما حدث به عبد الملك.
12588 - حدثنا هناد وأبو هشام قالا حدثنا وكيع، عن المسعودي، عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: خرجنا حجاجًا (1) فكنا إذا صلينا الغداة، اقتدرنا رواحلنا نتماشى نتحدث، (2) قال: فبينما نحن ذات غداة إذ سنح لنا ظبيٌ أو بَرَح، (3) فرماه رجل منا بحجر، فما أخطأ خُشَّاءه، (4) فركب رَدْعَه ميتًا. (5) قال: فعظَّمنا عليه. فلما قدمنا مكة، خرجت معه حتى أتينا عمر، فقص عليه القصة. قال: وإذا إلى جنبه رجلٌ كان وجهه قُلْبُ فضة (6) =يعني عبد الرحمن بن عوف = فالتفت إلى صاحبه فكلمه. قال: ثم أقبل علي الرجل قال: أعمدًا قتلته أم خطأ؟ قال الرجل: لقد تعمَّدت رميه، وما أردت قتله. فقال عمر: ما أراك إلا قد أشركتَ بين العمد والخطأ، أعمد إلى شاة فاذبحها، وتصدق بلحمها، وَاسْقِِ إهابَها. (7) قال: فقمنا من عنده، فقلت: أيها الرجل،
(1)
في المطبوعة والمخطوطة: "خرجنا" لم يذكر "حجاجا" ولكن ابن كثير نقله عن هذا الموضع وفيه "حجاجا" وكذلك هي في رواية البيهقي في السنن 5: 181. وإذن فقد سقط من الناسخ "حجاجا" فلذلك أثبتها.

(2)
"صلاة الغداة" هي صلاة الفجر.

(3)
"سنح الظبي" أتاك عن يسارك و "برح" : أتاك عن يمينك.

(4)
في المطبوعة: "خششاءه" وأثبت ما في المخطوطة وهي بضم الخاء وتشديد الشين المفتوحة وكلتاهما صواب وبهما روى الخبر. و "الخشاء" و "الخششاء" : وهو العظم الدقيق العاري من الشعر الناتئ خلف الأذن.

(5)
في المطبوعة: "فركب وودعه ميتا" وهو كلام ساقط جدا. وفي المخطوطة: "فركب ودعه ميتا" وهو تصحيف صوابه ما أثبت. يقال للقتيل: "ركب ردعه" : إذا خر لوجهه على دمه. وركوبه عليه: أن الدم يسيل ثم يخر عليه صريعا. وأصل "الردع" ما تلطخ به الشيء من زعفران أو غيره، وهو أثره ولونه.

(6)
"القلب" (بضم فسكون ": سوار يكون قلدا واحدا أي ليا واحدا. وفي الحديث:" أن فاطمة حلت الحسن والحسين رضي الله عنهما بقلبين من فضة "أي: سوارين من فضة. وصفة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في طبقات ابن سعد 3/1/94:" كان رجلا طويلا حسن الوجه رقيق البشرة فيح جدّا (ميل في الظهر أو العنق) أبيض مشربا حمرة لا يغير لحيته ولا رأسه "."

(7)
قوله "أسق إهابها" يعني: أعط إهابها من يدبغه ويتخذ من جلده سقاء. و "السقاء" ظرف الماء من الجلد. و "الإهاب" : الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ.

عظِّم شعائر الله! (1) فما درى أمير المؤمنين ما يُفتيك حتى سأل صاحبه! اعمد إلى ناقتك فانحرها، ففعلَّ ذاك! (2) قال قبيصة: ولا أذكر الآية من "سورة المائدة" : "يحكم به ذوا عدل منكم" قال: فبلغ عمر مقالتي، فلم يفجأنا إلا ومعه الدِّرّة! قال: فعلا صاحبي ضربًا بالدّرة، (3) وجعل يقول: أقتلت في الحرم وسفَّهت الحُكم! قال: ثم أقبل عليّ فقلت: يا أمير المؤمنين، لا أحِلَّ لك اليوم شيئًا يحرُم عليك مني! (4) قال: يا قبيصة بن جابر، إنّي أراك شابَّ السن، فسيحَ الصدر (5) بيِّن اللسان، وإن الشاب يكون فيه تسعةُ أخلاق حسنة وخلق سييء، فيفسد الخلق السييء الأخلاقَ الحسنة، فإياك وعثرات الشباب! (6)
12589 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن مخارق، عن طارق قال: أوطأ أربدُ ضَبًّا (7) فقتله- وهو محرم. فأتى عمر ليحكم عليه، فقال له عمر: احكم معي! فحكما فيه جَدْيًا قد جَمَع الماء والشجر. (8) ثم قال عمر: "يحكم به ذوا عدل منكم" . (9)
12590 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا جامع بن حماد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا أصاب صيدًا، فأتى ابن عمر فسأله عن ذلك، وعنده عبد الله بن صفوان، فقال ابن عمر لابن صفوان: إما إن أقول فتصدقني، وإما أن تقول فأصدقك. فقال ابن صفوان: بل أنت فقل. فقال ابن عمر، ووافقه على ذلك عبد الله بن صفوان.
12591 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، عن شريح، أنه قال: لو وجدت حكمًا عدلا لحكمت في الثعلب جَدْيًا، وجديٌ أحبُّ إليّ من الثعلب. (10)
(1)
في المخطوطة: "أعظم شعائر الله" وما في المطبوعة هو الموافق لما في سنن البيهقي وهو أولاهما لمطابقته نص آية "سورة الحج" : "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" .

(2)
في المطبوعة: "ففعل ذاك" والصواب هو ما في المخطوطة وابن كثير يقول: فلعل ذلك أن يكون جزاء مثل ما قتلت من الصيد. وفي ابن كثير: "يعني أن يجزئ عنك" وهذا النص ليس في المخطوطة فلذلك لم أزده في هذا الموضع، أخشى أن يكون من كلام ابن كثير.

(3)
روى البيهقي هذا الخبر بغير هذا اللفظ وقال عند هذا الموضع: "فما علمت بشيء والله ما شعرت إلا به يضرب بالدرة على= وقال مرة: على صاحبي" فهذه التي هنا هي إحدى الروايتين.

(4)
يعني أنه لما أقبل عليه عمر وعوف أنه ضاربه كما ضرب صاحبه رهب عمر واخافه بقوله: إنه لن يحله من ضرب بشرة هي عليه حرام إلا بحقها. فلذلك هاب عمر أن يضربه كما ضرب صاحبه. فانظر إلى ما طبع عليه أسلافنا من حرية الطباع وما وقذ الإسلام من عرامهم حتى كف عمر يده مخافة أن يصيب من أبشار المسلم حراما لا يحل له إلا بحقه.

(5)
قوله: "فسيح الصدر" أي: واسع الصدر وذلك من دلائل القوة ومتانة التركيب وهذه المقالة من عمر من أبلغ ما يهدى إلى الشباب فإن البلاء إنما يأتي من سوء الخلق، وخلق سيئ واحد يجر وراءه جميع مساوي الأخلاق.

(6)
الأثر: 12588- انظر تخريج خبر قبيصة بن جابر فيما سلف في التعليق على رقم: 12573.

وختم البيهقي هذا الأثر (السنن 5: 181) وهو من رواية ابن أبي عمر، عن سفيان عن عبد الملك بن عمير: "قال ابن أبي عمر، قال سفيان: وكان عبد الملك إذا حدث بهذا الحديث قال: ما تركت منه ألفا ولا واوا" .
(7)
"أوطأ" يعني: حمل دابته حتى وطئت الضب أي داسته. فسرته كذلك لأنهم يقولون: "وطئ الشيء ووطأته، وتوطأه" بمعنى: داسه ولم يذكروا "أوطأه" وإن كنت أرى القياس يعين عليه.

(8)
قوله: "جمع الماء والشجر" يعني: فطم ورعى الماء والشجر وهذا تفسير لم أجده في شيء من مراجع اللغة او مجازها. ينبغي إثباته.

(9)
الأثر: 12589- "مخارق" هو "مخارق بن خليفة بن جابر" ويقال: "مخارق بن عبد الله" و "مخارق بن عبد الرحمن" البجلي الأحمسي، ثقة مضى برقم: 11682.

و "طارق" هو: "طارق بن شهاب البجلي الأحمسي" مضى برقم: 9744، 11682، 12073- 12075، 12085.
و "أربد" هو "أربد بن عبد الله البجلي" أدرك الجاهلية هكذا ترجم له ابن حجر في الإصابة في القسم الثالث، وذكر هذا الخبر مبينا فيه اسمه ثم قال: "إسناده صحيح ورواه الأعمش عن سليمان بن ميسره، عن طارق، ولم يسم الرجل" .
ورواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 182 من طريق الشافعي عن سفيان بن عيينة. وهو في الأم 2: 165 ومسند الشافعي للسندي: 332 وشرحه الأستاذ حامد مصطفى بمثل ما شرحته قبل.
(10)
في المطبوعة: "من الثعلب" وأثبت ما في المخطوطة وهو الجيد.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 53.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.18%)]