
29-06-2025, 01:33 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,994
الدولة :
|
|
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)
كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [403]
الحلقة (435)
شرح سنن أبي داود [403]
إن مما يقوي أواصر الأخوة ويزيد في المحبة العطايا والهبات، ويدخل في الهبات ما يسمى بالعمرى والرقبى، وهي هبات مرتبطة بالعمر، سواء كان عمر الواهب أو عمر الموهوب له، وقد يستمر نفعها لورثة الموهوب له وقد لا يستمر.
ما جاء في العمرى
شرح حديث (العمرى جائزة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في العمرى.
حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (العمرى جائزة) ] .
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في العمرى] .
العمرى هي: عطية مضافة إلى العمر والحياة، يقول: أعطيتك هذه الدار مدة عمرك أو مدة حياتك، أو ما بقيت، أو ما عشت، أو ما إلى ذلك من الألفاظ التي تدل عليها، وقيل لها عمرى؛ لأنها مأخوذة من العمر، وهو أن يقول: مدة عمرك أو ما عشت.
وجاءت أحاديث تدل على اعتبارها وثبوتها، وأنها إذا حصلت فإنها معتبرة وثابتة، وفيها تفصيل جاء بيان بعضه في بعض الأحاديث التي ستأتي، وهو أنه إذا قال: أعطيتك لك ولعقبك، فإن هذه شأنها شأن ماله الذي يجري فيه الميراث؛ بحيث أنه ينتفع به في حياته ولو بقي بعد وفاته فإنه يكون لعقبه ويورث، وقد يكون مطلقاً بأن يقول: ما عشت أو ما حييت؛ فإن هذا يكون مثل الذي قبله؛ لما جاء من أحاديث مطلقة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أثبت ذلك، وأقر كون شأنه شأن الميراث.
والحالة الثالثة: أن يقول: هي لك ما عشت، فإذا مت فإنها تعود إلي أو إلى ورثتي، ففي هذه الحالة فيها خلاف، فمنهم من قال: إن هذا الشرط لا يعتبر، وشأنها شأن الأشياء المطلقة التي لا قيد فيها.
ومنهم من قال: إنه معتبر، وأنه بمثابة العارية التي يستفاد منها وترد في الوقت الذي يحدد إذا كان الأمر يحتاج إلى تحديد.
وعلى هذا فالعمرى سائغة وثابتة، وإن قيد بأنها له ولعقبه، فالأمر واضح ولا إشكال فيه، وإن سكت عن ذكر العقب فالأحاديث جاءت بأنها تكون أيضاً كذلك شأنها شأن الميراث، وإن جاء التقييد فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، والذي يظهر أنه معتبر ويكون من قبيل العارية، وأنه إذا قال: ترجع إليَّ بعد وفاتك فإنها تكون بمثابة العارية.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العمرى جائزة) ، أي: أنها سائغة ومشروعة وأنه لا مانع منها.
تراجم رجال إسناد حديث (العمرى جائزة) قوله: [حدثنا أبو الوليد الطيالسي] .
أبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وهذه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا همام] .
هو همام بن يحيى العوذي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة] .
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن النضر بن أنس] .
النضر بن أنس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن بشير بن نهيك] .
بشير بن نهيك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة] .
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، وهذا الإسناد كل رجاله ممن خرج لهم أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (العمرى جائزة) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو الوليد حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثله] .
أورد أبو داود الحديث من طريق سمرة بن جندب، وهو من رواية الحسن عن سمرة، ورواية الحسن عن سمرة معروف أن الثابت منها حديث العقيقة وغيره فيه خلاف، والأظهر عدم ثبوت ما يأتي من هذه الطريق إلا إذا وجد لها شواهد، والحديث الأول شاهد لها، فإذاً العبرة بالحديث السابق الذي لا إشكال فيه، وهذا الإسناد الذي فيه إشكال جاء ما يؤيده ويدل عليه، فهو ثابت بالإسناد الذي قبله، ولو لم يأت ولم يثبت إلا من هذه الطريق فهذا الحكم شأنه شأن الأحاديث الأخرى التي في ثبوتها نظر، ولكن حديث أبي هريرة المتقدم بمعناه وهو دال على ما دل عليه، فيكون هذا الذي جاء عن سمرة ثابتاً بحديث أبي هريرة.
قوله: [حدثنا أبو الوليد عن همام عن قتادة عن الحسن] .
الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سمرة] .
هو سمرة بن جندب رضي الله عنه صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (العمرى لمن وهبت له) وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان عن يحيى عن أبي سلمة عن جابر: أن نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول: (العمرى لمن وهبت له) ] .
أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (العمرى لمن وهبت له) وهذا مطلق ليس فيه ذكر العقب، فيدل على أنها هبة، وأنها تكون لمن وهبت له، وشأنها شأن سائر أمواله، بمعنى: أنه ينتفع بها ويرثها ورثته من بعده.
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل] .
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبان] .
هو أبان بن يزيد العطار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن يحيى] .
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة] .
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة فقيه، أخرج أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر] .
هو جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (من أعمر عمرى فهي له ولعقبه) وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا محمد بن شعيب أخبرني الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن جابر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من أعمر عمرى فهي له ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه) ] .
أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعمر عمرى فهي له ولعقبه) ، وهذا يدل على أنه إذا كان اللفظ مطلقاً وأنه أعمر عمرى فإنها تكون له ولعقبه، وإن لم ينص على ذكر العقب؛ وقوله: (من أعمر عمرى فتكون له ولعقبه) ، معناه: شأنها شأن الميراث، وأنها شأن المملوك الذي ملكه الإنسان بمجرد كونه وهب له، فهذا يدلنا على أن ما كان مطلقاً من العمرى فإن شأنه شأن المال الذي يجري فيه الميراث، وأنها تكون للموهوب ولعقبه من بعده.
قوله: [حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني] .
مؤمل بن الفضل الحراني صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي.
[حدثنا محمد بن شعيب] .
هو محمد بن شعيب بن شابور، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[أخبرني الأوزاعي] .
الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري] .
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة] .
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر] .
هو جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره.
شرح حديث (من أعمر عمرى فهي له ولعقبه) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثنا الوليد عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة وعروة عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعناه] .
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وقال: إنه بمعنى الذي قبله.
قوله: [حدثنا أحمد بن أبي الحواري] .
أحمد بن أبي الحواري ثقة، أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[حدثنا الوليد] .
هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة وعروة عن جابر] .
وقد مر ذكرهم.
[قال أبو داود: وهكذا رواه الليث بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر] .
الليث بن سعد ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في ذكر العقب في العمرى
شرح حديث (أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال فيه: ولعقبه.
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا بشر بن عمر حدثنا مالك -يعني ابن أنس - عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث) ] .
أورد أبو داود باب من قال فيه: ولعقبه، أي: في العمرى، ولعقبه يعني: قال: لك ولعقبك، أو له ولعقبه، يعني: أنها مقيدة وليست مطلقة، فإنها تكون له ولعقبه، بل إنه لو لم يقل: ولعقبه فإنها تكون له كما جاء في الأحاديث المطلقة، وهذا ليس فيه إشكال والأمر فيه في غاية الوضوح؛ لأنه أعطى عطاءً تجري فيه المواريث، ويكون مثل المال الخاص الذي يكون للإنسان ويرثه عقبه من بعده، فتكون هذه المسألة من أوضح ما يكون فيما يتعلق بكونها تنتقل للمواريث؛ فإذاً شأنها شأن الأموال التي تحصل للإنسان، ويكون مالكاً لها، ويجري فيها ما يجري في سائر أمواله.
قوله: [(أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع للذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث)] .
لأنه قال: (له ولعقبه) ، فجاء على وجه تجري فيه المواريث حيث نص على العقب.
تراجم رجال إسناد حديث (أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه) قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس] .
هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ومحمد بن المثنى] .
محمد بن المثنى هو أبو موسى العنزي الملقب بـ الزمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا بشر بن عمر] .
بشر بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك -يعني ابن أنس -] .
مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، وأحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله] .
وقد مر ذكرهم.
حديث (أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه) من طرق أخرى وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حجاج بن أبي يعقوب حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب بإسناده ومعناه] .
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وأحال على الذي قبله وأنه بإسناده ومعناه.
قوله: [حدثنا حجاج بن أبي يعقوب] .
حجاج بن أبي يعقوب ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود.
[حدثنا يعقوب] .
هو يعقوب بن إبراهيم السعدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي] .
هو إبراهيم بن سعد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن صالح] .
هو صالح بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب] .
ابن شهاب هو محمد بن مسلم مر ذكره.
[قال أبو داود: وكذلك رواه عقيل عن ابن شهاب ويزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب، واختلف على الأوزاعي في لفظه عن ابن شهاب، ورواه فليح بن سليمان مثل حديث مالك] .
ثم ذكر طرقاً أخرى للحديث: [قال أبو داود: وكذلك رواه عقيل عن ابن شهاب] .
هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ويزيد بن أبي حبيب] .
هو يزيد بن أبي حبيب المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[اختلف على الأوزاعي في لفظه عن ابن شهاب ورواه فليح بن سليمان] .
فليح بن سليمان صدوق كثير الخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (فإذا قال هي لك ما عشت ترجع إلى صاحبها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال: (إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك.
فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها) ] .
أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه: (إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك فإذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها) ، وهذا مخالف لما تقدم من أنها تجري فيها المواريث.
لكن الكلام على قوله: (فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صحابها) لأنه سبق ذكر أن شأنها شأن المواريث؛ فلو قال: إنها ترجع إلي فلا شك أنها ترجع، وإذا أطلق فقد سبقت الأحاديث بأنها شأن الميراث.
قوله: [(ما عشت)] هي بمعنى: عمرك، ومثلها في المعنى: ما بقيت، أو عمرك، أو مدة حياتك، هذه هي العمرى فلا ترجع إليه؛ لأنه جاء في حديث جابر: (من أعمر عمرى فهي له ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه) الدلالة على أنها تكون له، وكلمة: عمرى هي نفسها: ما عشت؛ إذ لا فرق بين ما عشت وبين عمرى؛ لأن العمرى معناها مدة عمرك.
لكن إذا قال: فإذا مت ترجع إلي، ونص على أنها ترجع، فهي ترجع، وفيه خلاف فمنهم من قال: إن الشرط لا يعتبر.
ولا يقال: إن قوله: لك ما عشت، وقوله: لك حتى إذا مت رجعت متقارب المعنى؛ لأنه عندما قال: إذا مت رجعت إلي، هذا نص على رجوعها إليه، وأما إذا قال: ما عشت، فنفس الحديث الذي مر أن العمرى له ولعقبه وأنه يجري فيها الميراث.
والمسألة هذه فيها خلاف والتي بعدها فيها خلاف، والمتفق عليه منها هي الأولى: (هي لك ولعقبك) ، ولا خلاف فيها.
وقول جابر: (إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صحابها) ، هذا تفسير منه وأما صاحب عون المعبود فقد أشار إلى اجتهاده فقال: قال في فتح الودود وهو شرح لسنن أبي داود، لـ أبي الحسن السندي في خمس مجلدات قال: هذا اجتهاد من جابر بن عبد الله، ولعله أخذه من مفهوم حديث: (أيما رجل أعمر عمرة له ولعقبه) ، والمفهوم لا يعارض المنطوق، ولا حجة في الاجتهاد فلا يخص به الأحاديث المطلقة.
انتهى.
تراجم رجال إسناد حديث (فإذا قال هي لك ما عشت ترجع إلى صاحبها) قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] .
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الرزاق] .
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا معمر] .
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر] .
وقد مر ذكر الثلاثة.
شرح حديث (لا ترقبوا ولا تعمروا، فمن أرقب شيئاً أو أعمره فهو لورثته)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا ترقبوا ولا تعمروا، فمن أرقب شيئاً أو أعمره فهو لورثته) ] .
أورد أبو داود حديث جابر: (لا ترقبوا ولا تعمروا، فمن أرقب شيئاً فهو له ولورثته) ، والرقبى كما سيأتي في أثر مجاهد بن جبر: أنه يعطيه العين فيقول: إن مت قبلك فهي لك وإن مت قبلي فإنها ترجع إلي، وقيل لها: رقبى؛ لأن كل واحد يرقب موت الآخر وينتظره حتى تصير له، فإن مات الواهب المعطي فإنها تكون للمْرقَب، وإن مات المرقب فإنها ترجع للمْرقِب أي: الواهب.
قوله: [(لا ترقبوا ولا تعمروا)] المقصود من هذا ما جاء ذكره في بعض الأحاديث: (أمسكوا أموالكم) ومعناه: أن الإنسان إذا أراد أن يعطي عطاءً فليكن مما ليس له علاقة بالعمر أو بالحياة، ويمسك ماله ويجري فيه ما يجري في أمواله، ولا يأتي به على هذه الطريقة، والنهي عنه لا يدل على تحريمه بل إذا وجد فإنه يصح ويثبت، وأن الأولى هو عدم الإرقاب وعدم الإعمار.
(فمن أرقب شيئاً أو أعمره فهو لورثته).
تراجم رجال إسناد حديث (لا ترقبوا ولا تعمروا، فمن أرقب شيئاً أو أعمره فهو لورثته)
قوله: [حدثنا إسحاق بن إسماعيل] .
هو إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وهو ثقة، أخرج له أبو داود.
[حدثنا سفيان] .
هو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج] .
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء عن جابر] .
عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وجابر رضي الله عنه مر ذكره.
شرح حديث جابر في صدقة الابن على أمه قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام حدثنا سفيان عن حبيب -يعني: ابن أبي ثابت - عن حميد الأعرج عن طارق المكي عن جابر بن عبد الله قال: (قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في امرأة من الأنصار أعطاها ابنها حديقة من نخل فماتت، فقال ابنها: إنما أعطيتها حياتها، وله إخوة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هي لها حياتها وموتها، قال: كنت تصدقت بها عليها، قال: ذلك أبعد لك) ] .
أورد أبو داود حديث جابر في قصة الابن الذي أعطى أمه حديقة، ولما ماتت قال: إنها لي؛ لأنه إنما أعطاها مدة حياتها، لكن إخوته الذين يريدون أن يرثوا هذه الحديقة خاصموا في ذلك، وعارضوا الكلام الذي قاله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هي لها حياتها وموتها) لأنه إن أعطاها إياها عطية فليس لها علاقة في العمرى فهي ثابتة وانتهت من حين حصل الإعطاء، وإذا ماتت فشأنها شأن الميراث، وإن أعطاها إياها على أنها عمرى وأنها لها ما عاشت وهي مطلقة فقد عرفنا أن شأنها شأن الميراث، فقال: إنما هي صدقة، قال: (ذلك أبعد لك) يعني: ما دام أنها صدقة فقد ملكتها في الحال، ولا علاقة لها بالعمرى، وهي أبعد من أن ترجع إلى هذا الذي يريد أن ترجع إليه.
والحديث ضعفه الألباني، ولا أدري ما وجه التضعيف، ولعله بسبب حبيب بن أبي ثابت فهو مدلس، والحديث معناه متفق مع الأحاديث الأخرى ولا يخالفها؛ لأنها إن كانت عطية فالعطية ثابتة في الحال وليس لها علاقة بمدة الحياة، وإن كان المقصود أنها مدة حياتها فهي من قبيل العمرى التي شأنها شأن الميراث، وإن كانت من قبيل الصدقة فهي أعظم وأثبت من قضية العمرى المقيدة بمدة حياتها، فمعناه صحيح ومتفق مع الأحاديث الأخرى التي تتعلق بالعمرى.
تراجم رجال إسناد حديث جابر في صدقة الابن على أمه قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة] .
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[حدثنا معاوية بن هشام] .
معاوية بن هشام صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا سفيان] .
سفيان هو الثوري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حبيب -يعني ابن أبي ثابت -] .
حبيب بن أبي ثابت ثقة، يدلس ويرسل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد الأعرج] .
حميد الأعرج ليس به بأس، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طارق المكي] .
طارق المكي وثقه أبو زرعة، أخرج له مسلم وأبو داود.
[عن جابر بن عبد الله] .
جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره.
ما جاء في الرقبى
شرح حديث (والرقبى جائزة لأهلها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرقبى.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هشيم أخبرنا داود عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العمرى جائزة لأهلها، والرقبى جائزة لأهلها) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة: باب في الرقبى، والرقبى على وزن العمرى، والعمرى تتعلق بالعمر، والرقبى تتعلق بعمر واحد منهما إما الواهب أو الموهوب له؛ لأنه يقول: هذه لك إن مت قبلك فهي لك، وشأنها شأن أموالك، وإن مت قبلي فإنها ترجع إلي، وقيل لها: رقبى؛ لأن كل واحد منهما يرقب وينتظر موت الآخر حتى يحصل على ذلك الشيء الذي وقع بينهما الاتفاق عليه، وهذا التفسير سيأتي عن مجاهد بن جبر في آخر الباب.
وهي مثل العمرى من حيث أنها له ولعقبه يرثها إذا مات الواهب قبله، أما إن مات الموهوب له قبل الواهب فإنها ترجع للواهب.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|