
29-06-2025, 04:06 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,067
الدولة :
|
|
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)
كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [393]
الحلقة (425)
شرح سنن أبي داود [393]
شملت الأحكام الشرعية جميع المعاملات، وهذا من مقتضى شمول الشريعة للأزمان والأحوال، ومما بينته السنة من ذلك حكم بيع العبد وله مال، وتلقي الركبان وبيع النجش وبيع حاضر لباد وبيع المصراة والاحتكار.
التلقي
شرح حديث (لا يبع بعضكم على بيع بعض) قال المصنف رحمه الله تعالى [باب في التلقي.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها الأسواق) ] .
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: (باب في التلقي) أي: تلقي الركبان، أو تلقي الجلب، أو تلقي السلع التي تجلب ويأتي بها غير أهل البلد، سواء كانوا من بادية أو غير بادية، فلا يجوز لمن كانوا من أهل البلد أن يخرجوا ويستقبلوهم قبل أن يصلوا إلى البلد، فيشتروا منهم السلع كلها، ثم يهبطوا بها إلى البلد؛ لأنهم قد يخدعونهم بأن يقولوا: الأسعار رخيصة، فيشتروا منهم السلع التي معهم كلها، فيكون في ذلك غبن للبائعين، وأيضاً يكون في ذلك إضرار بأهل البلد؛ لأن الجالب الذي يريد أن يبيع بضاعته الناس يشاهدونها، وكل منهم يشتري ويحصل له ارتفاق بهذا الشراء، بخلاف ما إذا اشتراها تاجر من أهل البلد ثم ادخرها، أو حجزها، أو جعلها عنده وباعها بأسعار زائدة، فإن هذا فيه مضرة على الناس.
وعلى هذا فتلقي الركبان فيه محذوران: أحدهما يرجع إلى الجالبين: وهو أنه قد يحصل لهم غبن، والثاني: يرجع إلى أهل البلد، وهي أن حاجة أهل البلد يختص بها إنسان من أهل البلد ثم يدخرها، ويضيق عليهم في ذلك.
وقد جاء في بعض النصوص أن البائع إذا دخل السوق فله الخيار إذا رأى أنه غبن.
وأبو داود رحمه الله عبَّر بالتلقي، ولم يقل: تلقي الركبان، أو تلقي السلع، أو تلقي الجلب بذكر المضاف والمضاف إليه، وإنما أتى بأل، وهي دالة على المضاف إليه لأنها بدل من المضاف إليه، فقوله: (التلقي) أي: تلقي الركبان، فأحياناً يحذف المضاف إليه ويؤتى بأل بدلاً منه، وهذا موجود في اللغة وفي كلام العلماء للاختصار، مثل أسماء الكتب التي هي مكونة من مضاف ومضاف إليه، فكثيراً ما يذكرونها بدون المضاف إليه مع إضافة أل، فمثلاً يقال: كتاب البلوغ، بدل (بلوغ المرام) أو الفتح، بدل (فتح الباري) أو المنتقى، بدل (منتقى الأخبار) .
وقد جاء في القرآن قول الله عز وجل: {وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} [الأنفال:11] يعني: أقدامكم، وقوله: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:37 - 39] يعني: هي مأواه {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40 - 41] أي: هي مأواه.
ولعل أبا داود رحمه الله اختار التلقي؛ لأنه قد جاء المضاف على ألفاظ متعددة، فقد جاء: تلقي الركبان، وجاء: تلقي السلع، وجاء: تلقي الجلب، وقد جاء عند أبي داود ذكر السلع وذكر الجلب، وهي ألفاظ متعددة، فلعله من أجل تعدد ألفاظ المضاف إليه اختار أن يأتي بلفظ يشمل هذا وهذا، وهو أن يأتي بأل التي تقوم مقام المضاف إليه أو تدل على المضاف إليه.
وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبع بعضكم على بيع بعض) وهذا يكون فيما إذا حصل بيع بين شخصين وبينهما خيار مجلس أو خيار شرط، فإذا حصل البيع والشراء وهم لا يزالون في المجلس، فلهم خيار المجلس، فكل واحد له أن يفسخ ما دام في المجلس، فيأتي رجل ثالث إلى المشتري ويقول: اترك هذه السلعة التي اشتريتها وأنا أبيعك مثلها بأرخص منها، إذا كانت بعشرة فأنا أبيعك إياها بثمانية، فهذا يعتبر من البيع على بيع أخيه، أو كان في العقد خيار شرط، فقال المشتري: أعطني مدة ثلاثة أيام أفكر، وبعد ذلك أخبرك هل أعزم على الشراء أو أترك، فيأتي شخص آخر إلى المشتري في مدة الخيار فيقول له: اترك هذه السلعة وأنا أبيعك مثلها بأرخص منها، هذا هو البيع على بيع أخيه.
وأما الشراء على شرائه فهو مقابل هذا، فيكون البائع والمشتري كل منهما له خيار، فيأتي رجل للبائع ويقول: اترك هذا البيع، وأنا أشتريه منك بأزيد من هذا، فإذا باع السلعة بعشرة على إنسان وهما في خيار مجلس أو خيار شرط يأتي شخص للبائع ويقول له: أنا أشتريها منك بإحدى عشر ريالاً، وأزيدك ريالاً على السعر الذي اشترى منك هذا الشخص، فكل ذلك لا يجوز، لا يبيع على بيع أخيه، ولا يشتري على شراء أخيه.
قوله: [(ولا تلقوا السلع حتى يهبط بها الأسواق)] .
أي: ولا تلقوا السلع فتشترونها من الجالبين قبل أن يصلوا إلى الأسواق، ولكن حتى يهبطوا بها الأسواق، وبعد ذلك كل يشتري؛ لأنها إذا وصلت الأسواق رآها الناس فكلٌّ يشتري منها، وفي ذلك مصلحة لأهل البلد ومصلحة للجالب.
تراجم رجال إسناد حديث (لا يبع بعضكم على بيع بعض) قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي] .
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك] .
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع] .
نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر] .
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود.
شرح حديث (نهى عن تلقي الجلب) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة حدثنا عبيد الله -يعني ابن عمرو الرقي - عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى عن تلقي الجلب فإن تلقاه متلق مشتر فاشتراه فصاحب السلعة بالخيار إذا وردت السوق) ] .
أورد أبو داود حديث أبي هريرة وهو مثل حديث ابن عمر في النهي عن تلقي الجلب، فإن تلقاه متلق فالبائع بالخيار إذا هبط السوق.
وإذا كان أصحاب القرى لا يسيرون إلى السوق، بل يقف أحدهم على أطراف المدينة بسلعته ويشترى منه فلا بأس، ما دام أنه جاء إلى هذا المكان وجلس يبيع فيه، وهذا لا يسمى تلقي ركبان، وإنما الكلام على أناس يريدون الأسواق، فيتلقاهم أناس قبل أن يصلوا إلى الأسواق فيشتروا منهم.
تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن تلقي الجلب) قوله: [حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة] .
الربيع بن نافع أبو توبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا عبيد الله يعني ابن عمرو الرقي] .
ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب] .
أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن سيرين] .
محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة] .
عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً.
[قال أبو علي: سمعت أبا داود يقول: قال سفيان: لا يبع بعضكم على بيع بعض أن يقول: إن عندي خيراً منه بعشرة] .
هذا تفسير للبيع على بيع أخيه، وهو أن يقول الرجل للمشتري: إن عندي خيراً منه بعشرة، وقد يزيد وقد ينقص عن السعر الذي باعه به، فقد تكون السلعة أحسن والسعر واحداً.
وأبو علي المذكور هو الراوي عن أبي داود.
وقوله: (قال سفيان) ، قد يكون المقصود به سفيان الثوري أو سفيان بن عيينة، ومعلوم أن كلاً منهما لم يدركه أبو داود، وإنما يروي عنه بواسطة، وكل منهما ثقة.
النهي عن النجش
شرح حديث (لا تناجشوا) قال المصنف رحمه الله تعالى [باب في النهي عن النجش.
حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تناجشوا) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي النهي عن النجش، والنجش هو أن يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها، إما أن يريد أن ينفع البائع أو يريد أن يضر المشتري، بحيث إذا جاء رجل يشتري يقول: هذه السلعة مرغوب فيها، فهذا الرجل يزيد فيها، فيكون في ذلك ضرر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تناجشوا) أي: أن الإنسان إذا كانت السلعة يُحرَّج عليها وينادى عليها فإنه لا يزيد إلا إذا كان سيشتري، أما أن يزيد وهو لا يريد أن يشتري، وإنما ليرفع السعر للبائع؛ فهذا محرم، أما إن كان له رغبة في الشراء، وزاد من أجل رغبته في الشراء، فهذا ليس بنجش، وإنما النجش أن يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها ليزيد في الثمن، وقد يكون البائع صديقاً له، وهو يريد أن ينفعه من قبل هذا المشتري.
تراجم رجال إسناد حديث (لا تناجشوا) قوله: [حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح] .
أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا سفيان عن الزهري] .
سفيان هو ابن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب] .
سعيد بن المسيب وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة] .
قد مر ذكره.
النهي عن بيع حاضر لباد
شرح حديث (نهى أن يبيع حاضر لباد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في النهي أن يبيع حاضر لباد.
حدثنا محمد بن عبيد حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبيع حاضر لباد، فقلت: ما يبيع حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمساراً) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة (باب لا يبيع حاضر لباد) والحاضر هو ساكن الحاضرة، والبادي هو ساكن البادية الذي يأتي بسلعة ويجلبها، فيأتيه أحد أهل الحاضرة فيقول: بدلاً من أن تبيعها برخص، اتركها عندي في الدكان، وأنا أبيعها لك على مهل بسعر أغلى ولي جزء من الأجرة، فيكون واسطة -أي: سمساراً- يبيع له، فبدلاً من كونه يبيعها ويأخذ ثمنها ويمشي والناس يستفيدون منه، يحول بين الناس وبين الاستفادة.
أما أن يبيع له الحاضر في الحال فلا بأس، مثل أن ينادي بها ويصوت في الحراج، فهذا لا بأس به، وإذا أتى صاحب البادية بالسلع وهو لا يريد أن يبيعها في الحال، فذهب إلى شخص من الحاضرة وقال له: أنا أريد أن تبيع لي هذه السلعة؛ فهذا لا بأس به، وإنما المحذور أن يقول الحاضر للبادي: لا تبع السلع، ولكن دعها عندي أبعها لك؛ فهذا هو الممنوع.
تراجم رجال إسناد حديث (نهى أن يبيع حاضر لباد) قوله: [حدثنا محمد بن عبيد حدثنا محمد بن ثور] .
محمد بن عبيد يحتمل أن يكون محمد بن عبيد بن حساب أو محمد بن عبيد المحاربي، وذلك أن كلاً منهما روى عنه أبو داود، وهما رويا عن محمد بن ثور، وكل منهما يحتج به، فـ محمد بن عبيد بن حساب ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي، ومحمد بن عبيد المحاربي صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
ومحمد بن ثور ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي.
[عن معمر] .
معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن طاوس] .
عبد الله بن طاوس بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه] .
طاوس بن كيسان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس] .
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (لا يبع حاضر لباد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زهير بن حرب أن محمد بن الزبرقان أبا همام حدثهم -قال زهير: وكان ثقة- عن يونس عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يبع حاضر لباد، وإن كان أخاه أو أباه) ] .
أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً: (لا يبع حاضر لباد، ولو كان أباه أو أخاه) بمعنى أن يقول له: هذه السلع لا تبعها على الناس، ولكن دعني أتولى بيعها على مهل؛ لأن بيع الجلب في الحال فيه مصلحة للناس، ومصلحة للمالك؛ لأن المالك إذا أخذ القيمة يمكن أن يشتري بها سلعاً ويستفيد منها، ويجلب مرة ثانية، بخلاف ما إذا بيعت على مهل فإنه قد يحصل على ربح زائد، ولكنه لا يجد الفلوس في الحال بحيث يأتي بسلعة أخرى ويجلبها مرة ثانية، فهذا الحديث مثل الذي قبله، وفيه زيادة في التأكيد: (ولو كان أباه أو أخاه) .
تراجم رجال إسناد حديث (لا يبع حاضر لباد) قوله: [حدثنا زهير بن حرب] .
زهير بن حرب أبو خيثمة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[أن محمد بن الزبرقان حدثهم] .
هو صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[قال زهير: وكان ثقة] .
هذا توثيق لـ محمد الزبرقان.
[عن يونس] .
يونس بن عبيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الحسن] .
الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس] .
أنس رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (كان يقال لا يبع حاضر لباد) [قال أبو داود: سمعت حفص بن عمر يقول: حدثنا أبو هلال قال: حدثنا محمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (كان يقال: لا يبع حاضر لباد) وهي كلمة جامعة، لا يبيع له شيئاً، ولا يبتاع له شيئاً] .
أورد أبو داود هذا الأثر عن أنس قال: (لا يبيع حاضر لباد) وهي كلمة جامعة، لا يبيع له شيئاً، ولا يبتاع له شيئاً، يعني لا يقول: دعني أشتري لك، لأنه قد يخص به بعض الناس دون بعض، فإذا ترك وحاله اشترى ممن شاء، أو اشترى من هذا ومن هذا ومن هذا، فيكون في ذلك فائدة لجهات مختلفة متعددة.
أما إن كان مشغولاً أو بحاجة إلى من يشتري له، فوكل أحد الناس ليشتري له؛ فلا بأس بذلك.
وقائل هذه الكلمة: (هي كلمة جامعة) هو محمد بن سيرين.
تراجم رجال إسناد حديث (كان يقال لا يبع حاضر لباد) قوله: [سمعت حفص بن عمر] .
حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[حدثنا أبو هلال] .
أبو هلال الراسبي محمد بن سليم صدوق فيه لين، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[عن محمد عن أنس] .
مر ذكرهما.
شرح حديث طلحة (نهى أن يبيع حاضر لباد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن سالم المكي أن أعرابياً حدثه أنه قدم بحلوبة له على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزل على طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه فقال: (إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد) ، ولكن اذهب إلى السوق فانظر من يبايعك فشاورني حتى آمرك أو أنهاك] .
أورد أبو داود حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه جاء رجل بحلوبة له يريد أن يبيعها، وكأنه فهم أنه أراد أن يبيع الحلوبة فقال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد) ولكن اذهب إلى السوق واعرف الأسعار، وإن أردت بيعها فارجع إلي في ذلك.
فهذا الحديث مثل ما تقدم أنه لا يبيع حاضر لباد، ولكن لو أن إنساناً أراد أن يستشيره مثلما جاء في قصة طلحة فلا بأس بذلك.
تراجم رجال إسناد حديث طلحة (نهى أن يبيع حاضر لباد) قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل] .
موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد] .
حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن محمد بن إسحاق] .
محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[عن سالم المكي] .
سالم المكي يحتمل أنه ابن شوال، ويحتمل أنه مجهول.
[طلحة بن عبيد الله] .
طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا الحديث ضعيف فيه راو مجهول، وفيه عنعنة ابن إسحاق، أما الأعرابي فهو صحابي.
شرح حديث جابر (لا يبع حاضر لباد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لا يبع حاضر لباد، وذروا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) ] .
أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه: (لا يبع حاضر لباد، وذروا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) ، وهذا فيه إشارة إلى استفادة الناس من السلع التي تجلب، ولا يختص بها أحد دون غيره، فلا يقول: لا تبعها، ودعها عندي في الدكان وأنا أبيعها لك على مهل.
فيحول بين الناس وبين الاستفادة منها في وقت جلبها، ويحصل هو وحده على الفائدة من ورائها، بحيث يبيعها بغلاء ويحصل أجرة على بيعها.
تراجم رجال إسناد حديث جابر (لا يبع حاضر لباد) قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي] .
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[حدثنا زهير] .
زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو الزبير] .
محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر] .
جابر بن عبد الله صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود.
المصراة
شرح حديث (لا تصروا الإبل والغنم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من اشترى مصراة فكرهها.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تلقوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها: فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر) ] .
أورد أبو داود باب من اشترى مصراة فكرهها.
والمصراة هي الناقة أو البقرة أو الشاة التي حبس اللبن في ضرعها مدة حتى صار الضرع كبيراً، فيظن من رآها أن هذا حليب اليوم أو حليب البارحة، وقد يكون مضى عليه عدة أيام، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تصرية الإبل والغنم ومثلها البقر؛ لأن فيه غشاً للناس وتغريراً عليهم، حيث يظنون أنها حلوب، وأنها كثيرة اللبن، فيغتر من يشتريها.
فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وجعل من اشترى المصراة بخير النظرين بعد أن يحلبها، ويعرف أن هذا الحليب له مدة في ضرعها، فيكون بخير النظرين إذا سخطها: إن أراد أن يبقيها أبقاها، وإن أراد أن يرجعها فإنه يرجعها وصاعاً من تمر مقابل الحليب الذي حلبه، ولا يرد بدله حليباً بل تمراً كما جاء في هذا الحديث، والتمر كان قوت أهل المدينة وكانوا يدخرونه، أما لو لم يكن عندهم تمر فليرد صاعاً من غير التمر.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|