شرح حديث سعد بن أبي وقاص في سجود الشكر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن أبي فديك حدثني موسى بن يعقوب عن ابن عثمان -قال أبو داود : وهو يحيى بن الحسن بن عثمان - عن أشعث بن إسحاق بن سعد عن عامر بن سعد عن أبيه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريباً من عزور نزل ثم رفع يديه فدعا الله ساعة، ثم خر ساجداً فمكث طويلاً، ثم قام فرفع يديه فدعا الله تعالى ساعة، ثم خر ساجداً فمكث طويلاً، ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خر ساجداً، ذكره أحمد ثلاثاً قال: إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجداً شكراً لربي، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجداً لربي شكراً، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجداً لربي). قال أبو داود : أشعث بن إسحاق أسقطه أحمد بن صالح حين حدثنا به، فحدثني به عنه موسى بن سهل الرملي ]. أورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ومعه أصحابه قادمين من مكة إلى المدينة ولما جاءوا عند مكان يقال له: عزور -قيل: إنه ثنية تقع قريباً من الجحفة في الطريق من مكة إلى المدينة- فلما كان هناك نزل ورفع يديه، ثم خر ساجداً، ثم قام وفعل مثل ذلك، ثم قام وفعل مثل ذلك، ثم أخبر بأنه شفع لأمته فأعطاه الله الثلث، ثم شفع فأعطاه الثلث الثاني، ثم شفع فأعطاه الثلث الأخير، وأن أمته كلها تخرج من النار بشفاعته صلى الله عليه وسلم. ومعلوم أن النار لا يبقى بها أبد الآباد إلا الكفار، وأما من كان من المسلمين فإنه ولو فعل ما فعل من المعاصي والكبائر لا يخلد في النار أبد الآباد، بل لابد أن يخرج منها ويدخل الجنة بعد تطهيره وتمحيصه وعقوبته التي يعاقب بها من شاء الله تعالى أن يعاقب، وينجو منها من شاء الله عز وجل أن يتجاوز عنه، وذلك فضل الله عز وجل. وفيه: أنه دعا قائماً ورفع يديه ثم سجد، والحديث فيه رجل مجهول فهو ليس بصحيح.
تراجم رجال إسناد حديث سعد بن أبي وقاص في سجود ا لشكر
قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن أبي فديك ]. أحمد بن صالح مر ذكره، وابن أبي فديك هو محمد بن إسماعيل بن مسلم ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني موسى بن يعقوب ]. وهو صدوق سيئ الحفظ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن ابن عثمان -قال أبو داود : هو يحيى بن الحسن بن عثمان -]. وهو مجهول الحال، أخرج له أبو داود . [ عن أشعث بن إسحاق بن سعد ]. وهو مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن عامر بن سعد ]. هو عامر بن سعد بن أبي وقاص ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : أشعث بن إسحاق أسقطه أحمد بن صالح حين حدثنا به، فحدثني به عنه موسى بن سهل الرملي ]. موسى بن سهل الرملي ثقة أخرج له أبو داود و النسائي .
ما جاء في الطروق
شرح حديث الطروق من طريق حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الطروق. حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم قالا: حدثنا شعبة عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكره أن يأتي الرجل أهله طروقاً)]. ذكر الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باباً في الطروق. والطروق هو: القدوم على الأهل ليلاً بحيث يأتي ويطرق عليهم الباب، فيكون مجيئه في ذلك على غرة وعلى غفلة وفيه إزعاج لهم، والزوجة في حال عدم استعداد وتهيؤ للزوج، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره ذلك. ومن المعلوم أنه إذا كان عندهم علم بقدومه فإنه لا بأس بالإتيان إليهم في أي وقت من ليل أو نهار، لا سيما في هذا الزمان الذي يمكن فيه الاتصال بالأهل وإخبارهم بأنه سيأتي في الوقت الفلاني بالطائرة الفلانية التي تقلع في الوقت الفلاني، أو في سيارة تمشي في الوقت الفلاني، فيكونون على استعداد، فمثل هذا لا يكره، وإنما يكره أن يأتيهم على غرة. وقد أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره أن يأتي الرجل أهله طروقاً) ] يعني: ليلاً بحيث يطرق عليهم الباب على غرة، والكراهة للتنزيه.
تراجم رجال إسناد حديث الطروق من طريق حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم
قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ ومسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محارب بن دثار ]. محارب بن دثار ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد من أعالي الأسانيد عند أبي داود لأنه رباعي، وأبو داود له فيه شيخان هما في طبقة واحدة وهما: حفص بن عمر و مسلم بن إبراهيم الفراهيدي .
شرح حديث الطروق من طريق ابن أبي شيبة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن أحسن ما دخل الرجل على أهله إذا قدم من سفر أول الليل)]. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحسن ما دخل الرجل على أهله إذا قدم من سفر أول الليل). أي: لا يكون في ذلك طروق؛ لأنه جاء وهم مستيقظون غير نائمين في أول الليل، فالمحذور ليس في ذات الطروق، إنما المحذور أن يكونوا نائمين وغافلين، ثم يأتيهم ويطرق عليهم الباب ويزعجهم. أما إذا كان في أول الليل لا سيما إذا كان بعد المغرب وقبل العشاء، والناس ما زالوا ينتظرون صلاة العشاء وليس هناك نوم؛ فإن ذلك هو أحسن الأحوال بالنسبة لمن يأتي في الليل. أما من جاء في النهار فإن جميع الأحوال في النهار مناسبة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم إذا قدم ضحى؛ لكن إذا قدم في الليل يكون قدومه في أول الليل، وهذا للابتعاد عن كونه يطرق عليهم ويزعجهم. وتقدم أنه إذا حصل علم منهم بقدومه في أي وقت من ليل أو نهار فلا بأس به.
تراجم رجال إسناد حديث الطروق من طريق ابن أبي شيبة
قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ عن جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مغيرة ]. هو مغيرة بن مقسم الضبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الشعبي ]. هو عامر بن شراحيل الشعبي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. هو جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.
شرح حديث الطروق من طريق أحمد بن حنبل
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هشيم أخبرنا سيار عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، فلما ذهبنا لندخل قال: أمهلوا حتى ندخل ليلاً؛ لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة)]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه: (أنهم قدموا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: أمهلوا حتى ندخل ليلاً -يعني: في أول الليل- حتى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة). والشعثة هي: التي شعرها متفرق غير مرتب وغير منظم، فإنها تستعد بمشطه وتسريحه، وتستحد المغيبة، أي: التي غاب عنها زوجها، فتستحد باستعمال الحديدة في إزالة الشعر الذي حول القبل، ومعنى هذا أن العلم بقدومهم قد وصل المدينة؛ لأن هذا الاستعداد والتهيؤ إنما يكون عن علم بوقت القدوم.
تراجم رجال إسناد حديث الطروق من طريق أحمد بن حنبل
قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشيم ]. هو هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سيار ]. هو سيار أبو الحكم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن الشعبي عن جابر بن عبد الله ]. وقد مر ذكرهما.
تفسير الزهري للطروق
[ قال أبو داود : قال الزهري : الطروق بعد العشاء. قال أبو داود : وبعد المغرب لا بأس به ]. يعني: الطروق يكون بعد صلاة العشاء بعد نوم الناس، وبعد المغرب لا بأس به؛ لأن الناس ينتظرون صلاة العشاء ويتهيئون لها، وهذا هو معنى ما تقدم من أن القدوم إنما يكون في أول الليل، أي قبل العشاء، وأما إذا كان بعد العشاء فيكون طروقاً. وهذه الأحاديث لا تخص المتزوجين؛ لأن قضية الإزعاج تحصل للمتزوجين وغير المتزوجين، وكونه يطرق أهله ويكدر عليهم نومهم لا يختص بالمتزوجين.
تلقي المجاهد إذا رجع
شرح حديث تلقي المجاهد إذا رجع
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في التلقي. حدثنا ابن السرح حدثنا سفيان عن الزهري عن السائب بن يزيد قال: (لما قدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المدينة من غزوة تبوك تلقاه الناس، فلقيته مع الصبيان على ثنية الوداع)]. أورد أبو داود باباً في التلقي، يعني: تلقي القادمين من السفر، والخروج من البلد للقائهم وإظهار السرور بقدومهم، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أورد أبو داود حديث السائب بن يزيد رضي الله عنه وكان من صغار الصحابة، وقد قال: (حج بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين) أي: كان عمره في حجة الوداع سبع سنين. لما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم من تبوك خرج الناس لاستقباله وفيهم الصبيان ومنهم السائب بن يزيد ، فدل هذا على أن مثل ذلك سائغ، وأنه لا بأس به، وفيه إظهار السرور والاستبشار بالقادم.
ترجم رجال إسناد حديث تلقي المجاهد إذا رجع
قوله: [حدثنا ابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن السائب بن يزيد ]. السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا أيضاً إسناد رباعي.
استحباب إنفاد الزاد في الغزو إذا قفل
شرح حديث إنفاد الزاد في الغزو إذا قفل
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيما يستحب من إنفاد الزاد في الغزو إذا قفل. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا ثابت البناني عن أنس بن مالك : (أن فتى من أسلم قال: يا رسول الله! إني أريد الجهاد وليس لي مال أتجهز به. قال: اذهب إلى فلان الأنصاري فإنه كان قد تجهز فمرض، فقل له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرئك السلام، وقل له: ادفع إلي ما تجهزت به. فأتاه فقال له ذلك فقال لامرأته: يا فلانة! ادفعي له ما جهزتني به ولا تحبسي منه شيئاً، فوالله لا تحبسين منه شيئاً فيبارك الله فيه)]. أورد أبو داود هذه الترجمة: باب فيما يستحب من إنفاد الزاد في الغزو إذا قفل، وهذه الترجمة ظاهرها أن المقصود أن الإنسان عندما يقفل يستنفد زاده ولا يقلل على نفسه؛ لأنه إذا كان ذاهباً يمكن أن يقلل على نفسه خشية أن ينقضي زاده، ولكنه إذا رجع ما بقي هناك ما يحتاج معه إلى التقليل فيستفيد منه، هذا هو ظاهر الترجمة. لكن الحديث الذي أورده فيها لا يدل على هذا المعنى الواضح من الترجمة، وإنما أورد فيه أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن فتى من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس معه شيء يتجهز به للغزو فقال: اذهب إلى فلان وأقرئه السلام وقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك بأن تدفع إليَّ الذي جهزت به نفسك) لأن هذا الرجل كان مريضاً لا يستطيع أن يسافر، وكان قد تهيأ للسفر وأعد الزاد الذي يسافر به، فذهب إليه وأبلغه بالذي أرشده إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فقال لامرأته: أعطيه كل شيء جهزتني به، أي: كل شيء أعددته لي لأسافر به ولا تمنعي منه شيئاً. قوله: [ (فوالله لا تحبسين منه شيئاً فيبارك الله فيه)]. أي: لن يكون فيه بركة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعطائه إياه. هذا هو الحديث الذي أورده أبو داود تحت الترجمة، وليس بواضح مطابقته للترجمة، ولكن يمكن أن يقال: إنه إذا احتاج الإنسان إلى أن يسأل وهو في إنشاء السفر وفي ابتداء الغزو، فكذلك إذا قفل وكان بحاجة إلى زاد ونفد زاده وليس معه شيء فإنه من باب أولى أن يسأل؛ لأنه إذا ساغ له أن يسأل في البداية مع أنه معذور ويمكن أن يبقى، فكونه يسأل في النهاية وقد قفل ونفد الزاد منه لا بأس بذلك. وقوله في الترجمة: [قفل] أي: رجع، والقفول هو: الرجوع من السفر.
تراجم رجال إسناد حديث استحباب إنفاد الزاد في الغزو إذا قفل
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس رضي الله عنه مر ذكره. وهذا الإسناد أيضاً من الأسانيد العالية عند أبي داود التي هي الرباعيات.
الصلاة عند القدوم من السفر
شرح حديث كعب بن مالك في الصلاة عند القدوم من السفر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الصلاة عند القدوم من السفر: حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني و الحسن بن علي قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرني ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عبد الله بن كعب وعمه عبيد الله بن كعب عن أبيهما كعب بن مالك : (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يقدم من سفر إلا نهاراً -قال الحسن : في الضحى- فإذا قدم من سفر أتى المسجد فركع فيه ركعتين، ثم جلس فيه)]. أورد أبو داود رحمه الله باباً في الصلاة عند القدوم من السفر. أي الصلاة في المسجد عند القدوم من السفر، وذلك أنه إذا قدم يذهب إلى المسجد ويصلي فيه ركعتين، هذه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أورد أبو داود حديث كعب بن مالك : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر أتى المسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس) أي: جلس للناس للسلام عليه وللقائه صلى الله عليه وسلم، فالحديث يدل على ما ترجمه المصنف من استحباب ذلك، وأن ذلك سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم كون الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي للمسجد ويصلي ركعتين؛ هذا ليس خاصاً به؛ لأن الخصوصية لا يصار إليها إلا بوجود دليل يدل عليها، وحيث لا يكون كذلك فإن الحكم للجميع ولا يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم. ثم أيضاً: كون الإنسان يأتي للمسجد ويصلي فيه ركعتين فيه تقوية الصلة بالله عز وجل، وكون الإنسان يحصل منه أول شيء في البلد دخول المسجد الذي هو خير البقاع وأفضل البقاع وأحب البقاع إلى الله عز وجل، أمر حسن!
تراجم رجال إسناد حديث كعب بن مالك في الصلاة عند القدوم من السفر
قوله: [حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني ]. محمد بن المتوكل العسقلاني صدوق له أوهام كثيرة، أخرج له أبو داود . [ والحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني ابن شهاب ]. مر ذكره. [ أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ]. عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن أبيه عبد الله بن كعب ]. أبوه عبد الله بن كعب له رؤية، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عبيد الله بن كعب ]. وهو ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [عن أبيهما كعب بن مالك ]. كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث ابن عمر في الصلاة عند القدوم من السفر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن منصور الطوسي حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني نافع عن ابن عمر : (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أقبل من حجته دخل المدينة، فأناخ على باب مسجده ثم دخله فركع فيه ركعتين ثم انصرف إلى بيته، قال نافع : فكان ابن عمر كذلك يصنع)]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم من حجة الوداع أناخ عند المسجد ودخل فصلى فيه ركعتين ثم ذهب إلى بيته)، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه كذلك يصنع اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في الصلاة عند القدوم من السفر
قوله: [حدثنا محمد بن منصور الطوسي ]. محمد بن منصور الطوسي ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا يعقوب ]. يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبي ]. أبوه هو إبراهيم بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثني نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم."