عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 21-04-2025, 03:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,804
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات مع القدوم إلى الله

وقفات مع القدوم إلى الله (5)

الدعاء والقدوم إلى الله

د. عبدالسلام حمود غالب

الدعاء هو مِنحة إلهية عظيمة، فلنحرص عليه، ولنستغل أوقات الإجابة، ولنُكثر من الدعاء في كل وقت وحين.

الدعاء هو عبادة عظيمة، وهو صلة بين العبد وربه، وهو من أقوى الأسلحة التي يمكن للمؤمن أن يستعين بها في حياته، وهو دليل على العجز والانكسار أمام الله سبحانه وتعالى.

والدعاء هو جوهر العبادة، فيعتبر الدعاء من أهم العبادات في الإسلام، فهو تعبير عن توحيد الله تعالى، والاعتراف بقدرته وعظمته، والتوكل عليه في جميع الأمور.

والدعاء هو وسيلة للتواصل مع الله، فيمنح الدعاءُ المؤمنَ فرصةً للتواصل المباشر مع الله تعالى، والتعبير عن حاجاته وأمانيه، والتضرع إليه في السراء والضراء.

الدعاء هو جوهر العبادة وروحها، وهو الصلة المباشرة التي تربط العبد بربه، فهو ليس مجرد طلب للحاجات، بل هو تعبير عن العبودية والاعتراف بعظمة الله وقدرته، وهو أيضًا وسيلة للتقرب إلى الله، والشعور بالقرب منه، والقدوم إليه سبحانه.


مفهوم الدعاء:
الدعاء في اللغة: هو الطلب والسؤال.

الدعاء في الاصطلاح: هو التوجُّه إلى الله تعالى بالطلب والسؤال، والتضرع إليه، والتوسُّل بأسمائه وصفاته، وهو عبادة تقرِّب العبد من ربه، وتُظهر حاجته إليه، وفقره بين يديه.


أقوال العلماء في الدعاء:
قال ابن القيم: "الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب"، وقال أيضًا: "الدعاء هو مفتاح كل خير".

قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): "الدعاء هو سلاح المؤمن".

قال الإمام النووي في (الأذكار): ذكر حول الدعاء في الصلاة فقال: "الدعاء مستحب ليس بواجب، ويُستحب تطويله، إلا أن يكون إمامًا، وله أن يدعو بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، وله أن يدعو بالدعوات المأثورة، وله أن يدعو بدعوات يخترعها، والمأثورة أفضل".


فضل الدعاء في القرآن والسنة:
الدعاء عبادة: قال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

الدعاء سببٌ لتفريج الهموم والكربات: قال تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].

الدعاء سبب لنَيل رضا الله ومحبته: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس شيءٌ أكرمَ على الله عز وجل من الدعاء)).

الدعاء سلاح المؤمن: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء سلاح المؤمن)).

آداب الدعاء:
قال ابن باز: "الدعاء له آداب؛ وهي: الإقبال على الله، وحضور القلب في الدعاء أن تحضر قلبك في الدعاء، وأن تستقبل القبلة، وأن ترفع يديك، تُلح بالدعاء، وتكرر الدعاء، تبدأ بحمد الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو، كل هذا من آدابه، وإذا كنت على طهارة فهو أكمل".

الإخلاص لله تعالى.

التضرع والخشوع في الدعاء.

اليقين بإجابة الله تعالى لدعائه.

الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال.

اختيار الأوقات والأماكن الفاضلة للدعاء؛ مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وعند السجود، وفي المساجد.

استقبال القبلة ورفع اليدين.

إطابة المأكل والملبس.


أسباب عدم استجابة الدعاء؛ من أهمها:
ضعف الإيمان واليقين بالله.

أكل الحرام:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس، إن الله طيِّب لا يقبل إلا طيبًا... ثم ذكر الرجل يُطيل السفر أشعثَ أغبرَ، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام، فأنى يُستجاب لذلك؟)).

الغفلة عن الله:
قد يكون القلب غافلًا عن الله أثناء الدعاء، مشغولًا بالدنيا، مما يمنع وصول الدعاء إلى الله تعالى.

الاستعجال للإجابة:
قد يستعجل العبد الإجابةَ، وييأس من رحمة الله تعالى، وهذا ينافي الأدب مع الله تعالى؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يُستجاب لأحدكم ما لم يَعْجَل، يقول: دعوتُ فلم يُستجَب لي)).

الدعاء بإثمٍ أو قطيعة رحم: لا يستجيب الله تعالى للدعاء الذي يتضمن إثمًا أو قطيعةَ رحمٍ.

عدم تحقيق شروط الدعاء:
للدعاء شروط وآداب؛ مثل: الإخلاص، وحضور القلب، والتضرع، واليقين بالإجابة، وغيرها ذكرناها سابقًا.

قد تتأخر الإجابة لحكمة يعلمها الله:
قد يؤخِّر الله تعالى الإجابة لحكمة يعلمها، فقد يكون تأخير الإجابة خيرًا للعبد في دنياه أو آخرته.

تأخر الاستجابة له للآخرة؛ فيرفع الله قدره ومكانته يوم القيامة.

يدفع الله عنه مصيبة وابتلاء قد يُصيبه بذلك الدعاء، فيجب على المؤمن أن يُحسِن الظن بالله تعالى، وأن يوقن بأن الله تعالى يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وأن يسعى لتحقيق شروط الدعاء وآدابه، وألَّا ييأس من رحمة الله تعالى.

أوقات إجابة الدعاء، ومن أبرز هذه الأوقات:
الثلث الأخير من الليل:
وهو وقت النزول الإلهي؛ حيث ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا فيقول: ((من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟)).

بين الأذان والإقامة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء لا يُرد بين الأذان والإقامة)).

دُبُر الصلوات المكتوبات.

عند السجود: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء)).

ساعة في يوم الجمعة:
وقد اختلف العلماء في تحديدها، فقيل: إنها من حين صعود الإمام إلى المنبر حتى تُقضى الصلاة، وقيل: إنها آخر ساعة بعد العصر.

عند نزول المطر: فهو وقت رحمة من الله تعالى، والدعاء فيه مستجاب.

عند التقاء الصَّفين أثناء الجهاد في سبيل الله.

عند شرب ماء زمزم؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ماء زمزم لما شُرِبَ له)).

دعوات لا تُرد وهي مستجابة:
وردت في السنة النبوية أحاديثُ تدل على أن هناك دعواتٍ لا تُرد، أو أنها أقرب للإجابة من غيرها، وهذه الدعوات تتنوع بتنوع حال الداعي، ومن أبرز هذه الدعوات:
دعوة المظلوم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا دعوة المظلوم؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجاب)).

دعوة الصائم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر)).

دعوة الإمام العادل: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا تُرَد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يُفطر، ودعوة المظلوم)).

دعوة الوالد لولده: دعوة الوالدين مستجابة، سواء كانت للولد أو عليه.

دعوة المسافر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر)).

دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه مَلَكٌ مُوكَّل، كلما دعا لأخيه بخير، قال المَلَكُ المُوكَّل به: آمين، ولك بمثل)).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.78%)]