قناديل على الدرب – وسائل مواجهة الإلحاد (2)
تنقسم سبل مواجهة الإلحاد إلى نوعين: الأول: سبل الوقاية، والثاني سبل العلاج، وقد تناولنا في العدد السابق سبل الوقاية من خطر الإلحاد، والآن نحن بصدد معرفة سبل العلاج أو بمعنى آخر سبل مواجهة الملحدين، وتختص سبل العلاج بحالات محددة قد وقعت بالفعل تحت وطأة الإلحاد، وهو في الغالب أحد رجلين:
- الأول: مسلم طُرحت عليه شبهة إلحادية، فوقع في قلبه الشك والريبة، وبدأ الأمر يختلط عليه؛ ولكنه لا يدعو إليه، ولا يسخر من أمر الشريعة ولا من أهلها شيئًا. وعلاج تلك الحالة يكون بالمناصحة الإيمانية والعقلية، والتقرب من الله عز وجل؛ لأن هذا الرجل على شفا حفرة من الخطر، لذلك لابد وأن يُسعى حثيثًا في اجتثاث هذا الفكر من نفسه، واقتلاع تلك الأفكار الخبيثة من قلبه وعقله، ويكون ذلك بأسلوب حكيم هادئ على يد داعية عنده باع طويل في هذا الأمر، لا جاهل يزيد الطين بلة.
- والثاني: متمرد يدعو صراحة إلى الإلحاد، ويقيم الحجج والبراهين على صحة إفكه وافتراءاته، ويسخر من الشريعة وأهلها، وهذا لابد من الرد عليه وعدم السكوت عنه.
ومن هذا المنطلق توجد ضوابط عدة لابد من مراعاتها عند التعامل مع مثل هذه الأمور، ومنها:
- أولاً: لابد أن يكون الرد على هؤلاء الملاحدة، ونقض شبهاتهم تحت مظلة الحكمة ومراعاة المصلحة؛ وذلك لأنه من الأفضل أحيانا الإعراض عن الشبهة وتجاهل قائلها وعدم تنبيه الجاهل إليها، وأحيانًا أخرى تتمثل الحكمة والمصلحة في التصدي والرد بقوة على الملحد وشبهاته.
- ثانيًا: يجب أن يكون الرد على هؤلاء الملاحدة ردًا قويًا محكمًا؛ لأن الردود الضعيفة تضر أكثر ما تنفع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم، لم يكن أعطى الإسلام حقه..» (مجموع الفتاوى: 20/164-165).
- ثالثًا: يجب أن ترتكز الردود على قواعد أهل السنة والجماعة لا على قواعد أهل الكلام والفلسفة، فتلك أصول بدعية تضر المسلمين في عقيدتهم.
- رابعًا: إذا دعت الحاجة إلى مناظرة الملحد، فينبغي أن تكون المناظرة فردية شخصية، لا عامة علنية؛ وذلك درءًا للمفسدة التي يُخشى حصولها.
- خامسًا: لابد ألا يتصدى لمناظرة الملاحدة إلا صاحب خبرة وباع في هذا الأمر، ولابد له أن يعد العدة، ويأخذ للأمر أهبته، وعلى دراية بأساليب الملاحدة الملتوية.
والله الموفق والمستعان.
اعداد: محمد الراشد