عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-03-2025, 10:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي الدرس السابع: حقيقة الإيمان (2)

الدرس السابع: حقيقة الإيمان (2)

محمد بن سند الزهراني

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.

بَيَّنَّا فِي الدَّرْسِ الْمَاضِي حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ، وَذَكَرْنَا أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْمَقَامَاتِ الَّتِي يَرْجِعُ إلَيْهَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ فِي مَعْرِفَةِ الْإِيمَانِ وَالْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ الْوُقُوفُ عَلَى أَحَادِيثِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَذَكَرْنَا فِيهَا فِي الدَّرْسِ الْمَاضِي حَدِيثَ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالَّذِي فُسِّرَ بِعَقَائِدِ الْإِيمَانِ الْبَاطِنَةِ.

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي،فَهُوَ حَدِيثُ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَفِيهِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ لِهَذَا الْوَفْدِ: «آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ، أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: الْإِيمَانُ بِاللَّهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا الْخُمُسَ مِن الْمَغْنَمِ».


فَسَّرَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْإِيمَانَ فِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ بِأَعْمَالِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ.

وَأَمَّا فِي الدَّرْسِ الْمَاضِي وَهُوَ حَدِيثُ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -فَفَسَّرَهُ بِعَقَائِدِ الْإِيمَانِ الْبَاطِنَةِ، وَدَلَالَةُ الْحَدِيثِ وَاضِحَةُ الْمَعْنَى، وهي أَنَّ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْحَجَّ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِن الطَّاعَاتِ، دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ، وَلِذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ الْإِيمَانِ بِعَقِيدَةٍ رَاسِخَةٍ وَيَقِينٍ ثَابِتٍ وَبِكُلِّ اطْمِئْنَانٍ: إنَّ الصَّلَاةَ إِيمَانٌ، وَالْحَجَّ إِيمَانٌ، وَالصِّيَامَ إِيمَانٌ، وَالزَّكَاةَ إِيمَانٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّى هَذِهِ الطَّاعَاتِ إِيمَانًا.

وَمَنْ يَنْظُرْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا - يَقْرَأُ الشَّوَاهِدَ عَلَى ذَلِكَ، بِتَسْمِيَةِ الطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ وَالْأَعْمَالِ بِأَنَّهَا إِيمَانٌ:
كقوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ [البقرة:143].

وكقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ﴾ [الأنفال:2-4].

أَمَّا الْحَدِيثُ الثَّالِثُ الَّذِي يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ، فَهُوَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبْ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ»[1].

وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْإِيمَانِ وَحَقِيقَتِه، وهو أَنَّ تَرْكَ الْمُحَرَّمَاتِ إِيمَانٌ، كَمَا أَنَّ فِعْلَ الطَّاعَاتِ إِيمَانٌ.

وَلَقَدْ قَالَ السَّلَفُ قَدِيمًا - رَحِمَهُم اللَّهُ -فِي تَعْرِيفِ الْإِيمَانِ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَاعْتِقَادٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ، فَالْمَعْصِيَةُ تُنْقِصُ الْإِيمَانَ، وَلِذَلِكَ إِذَا تَرَكَ الْمُسْلِمُ الْمُحَرَّمَاتِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى إيمَانِهِ وَرُسُوخِهِ فِي قَلْبِهِ، كَمَا أَنَّ فِعْلَ الطَّاعَاتِ دَلِيلٌ عَلَى رُسُوخِ الْإِيمَانِ وَيَقِينِهِ فِي قَلْبِهِ، وَهَذَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ.

وَلِمَاذَا الْمَعْصِيَةُ تُنْقِصُ الْإِيمَانَ؟ لِأَنَّ تَرْكَهَا جُزْءٌ مِن الْإِيمَانِ، وَدَاخِلٌ فِي مُسَمَّاهُ، وَالْحَدِيثُ وَاضِحُ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ.

إذًا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيهِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ فِي تَعْرِيفِ الْإِيمَانِ، أَلَا وَهِيَ: أَنَّ تَرْكَ الْمَعَاصِي وَالْبُعْدَ عَن الْآثَامِ، أَمْرٌ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ.

إذًا مَعَنَا الْآنَ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ:
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: حَدِيثُ جِبْرِيلَ، أَفَادَنَا أَنَّ الْإِيمَانَ يَتَنَاوَلُ عَقَائِدَ الْإِيمَانِ وَأُصُولَهُ الْكِبَارَ الَّتِي مَحَلُّهَا الْقَلْبُ.

وَالْحَدِيثُ الثَّانِي: حَدِيثُ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ، أَفَادَنَا أَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وَالطَّاعَاتِ الزَّاكِيَةَ وَالْقُرُبَاتِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا الْمُسْلِمُ إِلَى اللَّهِ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ.

وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَفَادَنَا أَيْضًا فَائِدَةً جَلِيلَةً وَهِيَ أَنَّ تَرْكَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْبُعْدَ عَن الْآثَامِ، دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ.

وَلِلْحَدِيثِ بَقِيَّةٌ مَعَ الْحَدِيثِ الرَّابِعِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

[1] صحيح البخاري (5578) باختلاف يسير.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.55 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]