البرنامج اليومي لشهر رمضان
د. صغير بن محمد الصغير
القنديل الثالث
البرنامج اليومي لشهر رمضان (2) بركة السحور
إضاءة قنديل:
«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ»[1]؛ متفق عليه.
في البرنامج اليومي لشهر رمضان (2) بركة السحور.
الحمد لله الكريم المنَّان، والصلاة والسلام على أكرم خلق الله محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أيها الإخوة، ضبط أوقات الصيام، وضبط أوقات الصلوات، بل حتى استحباب تعجيل الفطر وتأخير السحور في رمضان؛ مما يؤصِّل جانب الاهتمام بالوقت للمسلم، فيبدأ المسلم يومه بالسحور؛ قال فيه صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»[2]؛ متفق عليه.
وعلاوةً على بركة السحور وفضله، فإنَّ فيه اقتداءً بالمصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد جاء عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ»، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟"، قَالَ: «قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً»[3]؛ رواه البخاري.
قال ابن أبي جمرة: "كان صلى الله عليه وسلم ينظر ما هو الأرفق بأمَّته فيفعله؛ لأنه لو لم يتسحر لاتَّبعوه فيشقُّ على بعضهم، ولو تسحَّر في جوف الليل لشق أيضًا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم، فقد يُفضي إلى ترك الصبح، أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر"[4]؛ اهـ.
وعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ»[5]، وأثنى صلى الله عليه وسلم على سحور التمر، فقال: «نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ»[6] وقال صلى الله عليه وسلم: «السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ، وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ»[7].
"وللصائم أن يأكلَ ويشربَ ولو بَعْد السُّحورِ ونيَّةِ الصيام؛ حتى يَتيقَّنَ طلوعَ الفجر؛ لقوله تعالى: ﴿ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 183].
ويُحكَمُ بطلوعِ الفجرِ إما بمشاهَدَتِهِ في الأُفقِ، أو بخَبَرٍ موثوقٍ به بأذانٍ أو غيرِه، فإذا طلع الفجرُ أمْسَكَ وينوي بقلبِه، ولا يَتلفَّظ بالنيةِ؛ لأنَّ التلفظ بها بدعةٌ"[8].
اللهم اجعَلنا من المتَّبعين لسُنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اغفر لنا وارحَمنا ووالدينا والمسلمين.
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.
[1] أخرجه البخاري (6)، ومسلم (2308).
[2] أخرجه البخاري(1923)، ومسلم (1095).
[3] أخرجه البخاري (1921).
[4] فتح الباري (4/116).
[5] أخرجه مسلم (1096).
[6] صحيح؛ أخرجه أبو داود (2345)، من حديث أبي هريرة، وصححه الألباني في "الصحيحة" (562).
[7] حسن؛ أخرجه أحمد في المسند (11086)، من حديث أبي سعيد الخدري، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير(3683).
[8] مجالس شهر رمضان لابن عثيمين (76).