عرض مشاركة واحدة
  #335  
قديم 10-02-2025, 10:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,926
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثامن
الحلقة (335)
صــــــــــ 11 الى صـــــــــــ 18







يقتسموها أعدنا قسمتهم مستقبلا كأنا وجدنا مال الميت زاد بما في أيدي العبيد والإماء الذين خرج عليهم الرق ألفا ومائتين، فكان ثلث مال الميت منها أربعمائة دينار وقيمة الرقيق الذين أعتقهم الميت ألفا فصار لهم من العتق الخمسان على معنى، وذلك أنا نقرع بينهم فإذا خرج سهم العتق من الرقيق على واحد قيمته أربعمائة ولم يكن كسب شيئا نأخذه من يده عتق ورق من بقي وصح المعنى، فإن خرج سهم العتق على واحد قيمته أربعمائة أوقعنا له العتق، وإذا نظرنا فكنا قد أخذنا من ماله شيئا كان علينا أن نرده عليه فكأنا أخذنا من كسبه أربعمائة، فإذا أردنا ردها عليه وجدنا مال الميت ينقص فينقص عتقهم فنقف الأربعمائة ونعتق منه ثلث ثمانمائة فيكون ثلثاه حرا وثلثه مملوكا، ثم يكون له ثلثا أربعمائة، ثم نزيده في العتق بقدر ثلثي أربعمائة، فإذا تم زدناه في العتق شيئا، ثم زدناه عليه من ذلك بقدره حتى يصير إليه من كسبه وماله بقدر ما يعتق منه إن عتق ثلاثة أرباعه صيرنا إليه ثلاثة أرباع ماله، ثم رددنا ما بقي من كسبه ميراثا للوارث وهذا من الدور، وأصل هذا أن تنظر أبدا إلى الرقيق إذا عجز ثلث مال الميت فأعتقت نصفهم بالقرعة، ثم زاد مال الميت بأي وجه ما كان فأحسب ثلث الزيادة ثم أعتق ممن يبقى من الرقيق المعتقين بقدر ما زاد مال الميت.
[باب تبدئة بعض الرقيق على بعض في العتق في الحياة]
(قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه - ولو أن رجلا قال في مرضه غلامي هذا حر لوجه الله، ثم قال بعد وغلامي هذا حر، ثم قال بعد لآخر ذلك، وليس له مال غيرهم وقفنا أمرهم فإن مات أعتقنا الأول، فإن كان الثلث كاملا عتق كله، وإن كان أكثر من الثلث عتق منه ما حمل الثلث دون ما بقي والعبدان معه، وإن كان أقل من الثلث عتق كله وعتق من الثاني ما حمل الثلث فإن خرج الثاني من الثلث فهو حر كله، وإن خرج من الثلث وبقي فضل في الثلث عتق الفضل من الثالث ولو كانوا أربعة فأكثر والمسألة بحالها كان القول كما وصفت، فإن قال معهم وأعتقوا الرابع وصية، أو إذا مت، أو كان الرابع مدبرا كان القول فيها كما وصفت وبدئ عتق البتات؛ لأنه وقع في الحياة على كل عتق بعد الموت بتدبير، أو وصية، والتدبير وصية؛ لأن له أن يرجع فيه ما كان حيا، وأنه لا يقع إلا بعد الموت وإن فضل عن ثلثه فضل عن الذين أعتقهم عتق بتات عتق من المدبر أو ممن أوصى بعتقه ما حمل الثلث ورق ما بقي، وكذلك لو قال: سالم حر وغانم حر وزياد حر وقفنا عتقهم، فإذا مات بدأنا بسالم؛ لأن الحرية قد كانت وقعت له قبل غانم إن عاش، فإن فضل فضل عتق غانم، فإن فضل فضل عتق زياد، أو ما حمل الثلث منه وإذا بدئ عتق بعضهم على بعض عتق البتات كان كما وصفت لك لا قرعة إذا كان تبدئة؛ لأن عتق كل واحد منهم يقع بالكمال على معنى إن عاش المعتق أو يخرج المعتق من الثلث إن مات المعتق، وما جنى على الرقيق بعد وقوع العتق وقبل القرعة من جناية فهي موقوفة حتى يقرع بينهم، فأيهم خرج سهمه كان حرا وكانت الجناية عليه كالجناية على الحر، وموقوفة وما أصاب في تلك الحال من حد، فإذا خرج سهمه حد فيه حد الأحرار، فإذا شهد في تلك الحال وقفت شهادته، فإذا عتق جازت، وما ورث في تلك الحال وقف، فإذا خرج سهمه فكالحر لا تختلف أحكامه ويجري الولاء ويرث ويورث لما وصفت من أن الحرية وقعت بالقول المتقدم في عتق البتات، والقول المتقدم في موت المعتق في التدبير وعتق الوصية وهكذا إن جنوا وقفت جنايتهم، فأيهم عتق عقلت عنه عاقلته من قرابته، فإن لم يحتملوا فمواليه، وأيهم رق فجنايته جناية
عبد يخير سيده بين أن يفديه، أو يباع منه في الجناية ما تؤدى به، أو تأتي على جميع ثمنه (قال) : ولو كان الجاني بعض هؤلاء المعتقين، فعتق بالقرعة نصفه قيل لمالكه إن شئت فاقتد النصف الذي تملك بنصف أرش الجناية تاما وإلا بيع عليك ما تملك منه حتى تؤدي نصف جميع الجناية، فإن كان في نصفه فضل عن نصف الجناية بيع بقدر نصف الجناية إلا أن تشاء أن يباع كله ويرد عليك الفضل من ثمنه وكان ما بقي من نصف الجناية في مال إن اكتسبه في يومه الذي يكون فيه لنفسه يؤخذ منه الفضل عن مصلحته في نفقته وكسوته وما بقي دين عليه متى عتق اتبع به، فإن أعتق ثلاثة مماليك ليس له مال غيرهم ومات فلم يقرع بينهم حتى مات منهم واحد، أو اثنان أقرع على الموتى والأحياء، فإن خرج سهم الحي حرا عتق وأعطى كل مال أفاده من يوم تكلم سيده بالعتق وكان الميتان رقيقين إن كانت قيمتهما سواء، فإن كان للميتين مال أحصي، فكأنهما تركا ألفا كسباها بعد كلام السيد بالعتق، كل واحد منهما خمسمائة، فزاد مال الميت، فأقرعنا بينهما فخرج سهم الحرية على أحدهما، فحسبنا كم يعتق منه بتلك الخمسمائة التي كانت للمستفيد كأنه قيمة خمسمائة فوجدناه ثلثه، ثم نظرنا إلى الخمسمائة الدرهم التي كسبها بعد عتق سيده فأعطيناه ثلثها وهو مائة وستة وستون وثلثا درهم وبقي ثلثاها وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث، فزدناه في مال الميت فكنا إذا زدناه في العتق رجع علينا بفضل ما أخذنا من ماله فانتقصناه من العتق قال أبو يعقوب يقدر ذلك على أن يعتق منه ما يكون له من ماله بقدر ما عتق منه غير محسوب ذلك من مال الميت؛ لأن ذلك إنما تحسبه نصيب حر فهو له دون السيد (قال الشافعي) : وقال بعض من ينسب إلى العلم في الرقيق يعتقون فلا يحملهم الثلث يقومون يوم يقرع بينهم ولا أنظر إلى قيمهم يوم يكون العتق؛ لأن العتق إنما يقع بالقرعة، كأنه ذهب إلى أنه إذا لم يدر أيهم عتق ولا أيهم رق وليست في واحد منهم حرية تامة إنما تتم بالقرعة (قال الشافعي) : ومن مات منهم لم يعتق ومات رقيقا وأخذ ماله ورثة سيده، فأقرع بين الأحياء كأنه لم يدع رقيقا غيرهم (قال الشافعي) : وإذا كان العبد بين ثلاثة فأعتق أحدهم نصيبه منه وهو موسر ففيها قولان: أحدهما: أنه يوقف عتقه فإن وجد له مال يبلغ قيمته دفع إلى شريكه من ماله أحب أو كره قيمته وبأن عتقه بالدفع (قال) : وسواء في العتق العبد والأمة والمرتفع والمتضع من الرقيق والكافر والمسلم لا افتراق في ذلك، ومن قال هذا القول انبغى أن يقول لما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبلغ قيمة العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق فبين في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يعتق بالقول إذا كان له مال والقيمة في ماله وإن لم يرض شركاؤه بالعتق استدللنا على أن عتقه إذا كان ذا مال ودفعت قيمته إخراجا له من أيدي مالكيه معه أحبوا أو كرهوا، فإذا كان هذا هكذا وقع العتق والولاء ثابت للمعتق والغرم لازم له في قيمة ملك شركائه من العبد، فإذا كان هذا هكذا فلو أعتق واحد من شركائه أو كلهم بعد ما يقع عليه عتقه بالقول لم يقع عليه؛ لأنه خارج عن ملكه تام العتق على المعنى الذي وصفت من دفع الثمن، ويقال لك: الثمن فإن شئت فخذه وإن شئت فدعه، والولاء للذين سبقا بالعتق ولو أعتقا جميعا معا لزمهما العتق وكان الولاء لهما، والغرم لشريك إن كان معهما عليهما سواء، فأما إذا تقدم أحد المعتقين من موسر فالعتق تام والولاء له، وما كان من عتق بعده فليس بجائز، وهو عتق ما لا يملك، وإن كان أحد شركائه غائبا تم العتق ووقف حقه له حتى يقدم أو يوكل من يقبضه، فإن أقام الغائب البينة أنه أعتقه في وقت قبل الوقت الذي أعتقه الحاضر وكان هو موسرا، فهو حر وله ولاؤه ويبطل عتق الحاضر؛ لأنه أعتق حرا وإن كان معسرا عتق نصيبه منه وله ولاؤه وعتق الباقي على الحاضر وضمن
لشريكه قيمته، ولو أعتقه واحد، ثم آخر وقف العتق منهما، فإن كان الأول موسرا دفع ثمنه وعتق عليه وكان عتق الآخر باطلا، وإن كان معسرا عتق على الثاني نصيبه، فإن كان موسرا عتق عليه نصيب صاحبه وأعطاه قيمته وكان الولاء بينهما على قدر ما أعتق، للأول الثلث وللآخر الثلثان؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جعل على الذي يعتق نصيبا له في عبد أن يعتق عليه كله إذا كان موسرا مدفوعا من ماله إلى شركائه قضى على المعتق الآخر بذلك، والقضاء بقليل الغرم إذا أعتق أولى من القضاء بكثيره، أو في مثل معناه وفي قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله «فكان له مال يبلغ قيمة العبد قوم عليه» : دلالتان: إحداهما، إن على المرء إذا فعل فعلا يوجب لغيره إخراج شيء من ماله أن يخرج منه؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقل إلا أن يكون لا مال له غير قيمة العبد، فأما في مال الناس فهذا صحيح، وقد يحتمل أن يقاس عليه ما جعل الله من ماله، ويحتمل أن يفرق بينه، والقول الثاني أني أنظر إلى المعتق شركا له في عبد، فإذا كان حينئذ موسرا ثم قوم عليه بعدما أعسر كان حرا وأتبع بما ضمن منه ولم ألتفت إلى تغير حاله، إنما أنظر إلى الحال التي وقع عليها فيها الحكم فإن كان ممن يضمن ضمن، وهذا القول الذي يصح فيه القياس، ولو أعتق عبدا قيمته ألف ولم نجد له حين أعتق إلا مائة أعتقنا منه خمس النصف، فعتق نصفه وعشره وكان ما بقي منه رقيقا.
وهكذا كلما قصر عن مبلغ قيمة شريكه عتق منه بقدر ما وجد للمعتق ورق ما بقي منه مما لم يحتمله ماله، ولو أعتق رجل شقصا من عبد في صحته، ثم مات قبل يقوم عليه قوم عليه في جميع ماله إذا كان العتق وهو موسر لأن يخرج من ماله؛ لأنه وجب عليه بأن يكون موسرا واجد المال يدفع يوم أعتق ولا يمنعه الموت من حر لزمه في الصحة كما لو جنى جناية، ثم مات لم يمنعه الموت من أن يحكم بها في ماله، أو على عاقلته وسواء أخر ذلك أو قدم، وكذلك لو كان العبد له خالصا فأعتق بعضه، ثم مات كان حرا كله بالقول المتقدم منه ولو لم يدع مالا غيره؛ لأن العتق وقع في الصحة وهو غير محجور عن ماله ومتى أعتق شركا له في عبد وكان له مال يعتق منه قوم عليه يومئذ ودفع إليه قيمته وعتق كله، فإن أعتقه ولا مال له فالعبد رقيق ويعتق منه ما يملك المعتق، وإن أيسر بعد ذلك لم يقوم عليه، وسواء أيسر بعد الحكم أو قبله، إنما انظر إلى الحال التي يعتق بها، فإن كان موسرا دافعا عتق في قول من يرى العتق، إنما يقع باليسر والدفع، ويعتق في قول من يرى العتق إنما يقع باليسر وإن لم يكن دافعا إذا كان موسرا يوم أعتق.
وإن كان غير موسر دافع لم يعتق؛ لأنه يومئذ وقع الحكم وإن أيسر بعده وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال في المعتق شركا له في عبد إن كان موسرا قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه وإلا فقد عتق منه ما عتق، وإنما جعله يخرج من ملك الذي لم يعتق بعتق شريكه بأن يكون شريكه موسرا دافعا لقيمته، وهذا في قول من قال لا يعتق إلا بالدفع، والقول الآخر أنه يعتق باليسر، وإن لم يكن دافعا بأن يكون موسرا غير دافع، وإذا أخرجه من ملك المعتق عليه بأمرين: اليسر والدفع لم يجز أن يخرج من ملكه بأمر واحد، وهو قول يجد من قاله مذهبا، وأصح في القياس أن ينظر إلى المعتق حين يقع العتق فإن كان موسرا بقيمته فقد وقع العتق وضمن القيمة، وإن أعدم بعد أتبع بالقيمة، ولو كانت المعتقة جارية حبلى يوم أعتق بعضها فلم تقوم حتى ولدت قومت حبلى وعتق ولدها معها؛ لأنها كانت حبلى يوم أعتقت، فيعتق ولدها بعتقها ويرقون برقها ليس بمنفصل عنها ولو زعمت أن العتق إنما يقع يوم يكون الحكم، انبغى أن لا يعتق الولد معها؛ لأنه لم يعتق الولد ألا ترى أنه لو أعتق جارية ساعة ولدت لم يعتق ولدها معها إنما يعتق ولدها بعتقها إذا كانت حبلى، فأما إذا ولدت فحكم ولدها حكم ولد غيرها. .
[عتق الشرك في المرض]
(قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه - وإذا أعتق شركا له في عبد في مرضه الذي مات فيه عتق بتات، ثم مات كان في ثلثه ما أعتق منه لنفسه ولغيره إذا حمله الثلث، فأمره في ثلثه كأمر الصحيح في كل ماله لا يختلف إذا أعتقه عتق بتات، وكذلك إذا أعتق من عبد له سهما من مائة سهم في مرضه ثم مات وثلثه يحمله عتق عليه كله؛ لأنه أوقع العتق عليه وهو حي مالك لثلث ماله، أو كله، وكان كمن أعتق عبده كله، ولو أوصى بعتق ثلث مملوك له بعد موته لم يعتق منه إلا ما عتق وذلك أن العتق إنما وقع بالموت وهو لا يملك شيئا يوم يقوم عليه فيه كله وماله كله لوارثه إلا ما أخذ من ثلثه، فلما لم يأخذ من عبده إلا ثلثه كان لا مال له يقوم عليه فيه العبد فيعتق بالقيمة والدفع.
[اختلاف المعتق وشريكه]
(قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه - إذا أعتق رجل شركا له في عبد ولم يترافعا إلى السلطان إلا بعد أشهر فحكم عليه السلطان بالقيمة يوم أعتق فاختلفا في القيمة يوم وقع العتق فقال المعتق: كانت قيمته ثلاثين وقال المعتق عليه: كانت قيمته أربعين ففيها قولان: أحدهما، أن القول قول المعتق؛ لأنه موسر واجد دافع، فإذا أعتق العبد بهذا لم يؤخذ من ماله إلا ما زعم هو أنه لزمه.
والقول الثاني: أن يكون القول قول رب العبد ولا يخرج ملكه من يده إلا بما رضي كما يكون إذا اختلفا في الثمن والعبد قائم كان القول قول رب المال والمبتاع بالخيار، وفي هذا سنة، وهو لا يصح قياسا على البيع من قبل أن البيع إذا كان قائما فللمبتاع رد العبد، أو أخذه بما قال البائع، وليس للمعتق ها هنا رد العتق، ولكن لو قال قائل في هذا إذا اختلفا تحالفا وكان على المعتق قيمة العبد كما يكون على المشتري قيمة الفائت إذا اختلفا في ثمنه كان مذهبا، ولو اختلفا فقال الذي له الغرم العبد خباز، أو كاتب، أو يصنع صناعة تزيد في عمله. وقال المعتق: ليس كذلك نظر فإن وجد كان يصنع تلك الصناعة أقيم بصناعته وإن لم يوجد ذلك لم يؤخذ بقول الذي له الغرم، وكان القول قول المعتق؛ لأنه مدعى عليه زيادة القيمة، وإن كانت صناعته مما يحدث في مثل تلك المدة التي ترافعا فيها من يوم وقع العتق فالقول قول المعتق، ولو قال المعتق: أعتقت هذا العبد وهو آبق، أو سارق، أو معيب عيبا لا يرى في بدنه. وقال الذي له الغرم: ليس بآبق ولا سارق فالقول قوله، وهو على البراءة من العيب حتى يعلم العيب؛ لأن العبد قائم بعينه لا يرى فيه عيب وهو يدعي فيه عيبا يطرح عنه بعض ما لزمه ومن قلنا القول قوله في هذا وغيره، فقال الذي يخالفه وهو يعلم: إن ما قلت كما قلت فأحلفوه، أحلفناه على دعواه فإن حلف برئ وإن نكل عن اليمين رددنا اليمين على صاحبه، فإن حلف استحق وإن لم يحلف أبطلنا حقه في اليمين ولم نعطه إذا تركها على ما ادعى، وذلك مثل قوله: أعتقت العبد وهو آبق، فقلنا القول قول الذي له الغرم، فإن قال المعتق: هو يعلم أنه آبق أحلف كما وصفت، وذلك أنه قد يكون يعلم ما لا يوجد عليه بينة وما أشبه هذا، ولو كان العبد المعتق بعضه ميتا، أو غائبا فاختلفا فيه فقال المعتق: هو عبد أسود زنجي يساوي عشرة دنانير وقال المعتق عليه: هو عبد بربري، أو فارسي يساوي ألف دينار، فالقول قول المعتق الذي يغرم، إلا أن يأتي الذي له الغرم ببينة على ما قال، أو يحلف له المعتق إن أراده ولو تصادقا على أنه بربري واختلفا في ثمنه، فالقول قول المعتق مع يمينه، ولو تصادقا على أنه بربري
قيمته ألف لو كان ظاهرا، وخمسمائة لو كان غير ظاهر، وادعى المعتق أنه غير ظاهر.
فالقول قول الذي له الغرم إلا أن يأتي المعتق ببينة على ما ادعى. وإن شاء أحلفناه على ما ذكر إن قال هو يعلم ما قلت إنما يصدق المعتق على القيمة إذا لم يذكر عيبا وقال قيمة السلعة كذا لما يكون مثله قيمة لمثل العبد بلا عيب، فأما إذا ذكر عيبا فالغرم لازم وهو مدع طرحه أو طرح بعضه؛ لأن القيمة إنما هي على البراءة من العيب حتى يعلم عيبا.
[باب من يعتق على الرجل والمرأة إذا علما]
(قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه - ومن ملك أباه أو جده، أو ابنه، أو ابن ابنه وإن تباعد أو جدا من قبل أب، أو أم، أو ولدا من ابن أو بنت وإن تباعد ممن يصير إليه نسب المالك من أب، أو أم، أو يصير إلى المالك نسبه من أب أو أم حتى يكون المالك ولدا، أو والدا بوجه عتق عليه حين يصح ملكه له، ولا يعتق عليه غير من سميت لا أخ ولا أخت ولا زوجة ولا غيرهم من ذوي القرابة، ومن ملك ممن يعتق عليه شقصا بهبة، أو شراء، أو أي وجه ما ملكه من وجوه الملك سوى الميراث عتق عليه الشقص الذي ملكه وقوم عليه ما بقي منه إن كان موسرا وعتق عليه، وإلا عتق منه ما ملك ورق ما بقي لغيره، وإذا كان الرجل إذا ملك أحدا يعتق عليه بالملك فكان حكمه أبدا إذا ملكه كمن أعتق وهو إذا ملك من يعتق عليه وقد كان قادرا على أن لا يملكه في حكم المعتق شركا له في عبد لا يختلفان، وهو إذا وهب له أو أوصى له به فله أن يرد الهبة والوصية وكل ما ملك غير الميراث، فقبوله في الحال التي له رده فيها كاشترائه شقصا منه وشراؤه وقبوله كعتقه، ولكنه لو ورث بعض من يعتق عليه لم يكن له رد الميراث من قبل أن الله عز وجل حكم أن ألزم الأحياء ملك الموتى على ما فرض لهم فليس لأحد أن يرد ملك الميراث ولو ورث عبدا زمنا، أو أعمى كان عليه نفقته وليس هكذا ملك غير الميراث، ما سوى الميراث يدفع فيه المرء الملك عن نفسه.
وإذا ملك ممن يعتق عليه شقصا عتق عليه ما ملك منه ولم يقوم عليه ما بقي منه؛ لأنه لم يجر ملكه بنفسه إنما ملكه من حيث ليس له دفعه، وسواء كان الذي يملك فيعتق عليه مسلما، أو كافرا، أو صغيرا، أو كبيرا لا اختلاف في ذلك ولو ورث صبي لم يبلغ، أو معتوه لا يعقل، أو مولي عليه أبا، أو من يعتق عليه عتق على كل واحد من هؤلاء من ملك بالميراث، وإن ملك أحد هؤلاء شقصا بالميراث عتق عليهم الشقص ولم يعتق غيره بقيمته لما وصفت من أنهم لم يكونوا يقدرون على رد ذلك الملك (قال الشافعي) : ولو أن صبيا أو معتوها وهب له أبوه، أو ابنه، أو أوصي له به، أو تصدق به عليه ولا مال للصبي وله ولي كان على وليه قبول هذا كله له ويعتق عليه حين يقبله، ولو تصدق عليه بنصفه، أو ثلثه، أو أوصي له به، أو وهب له والصبي، أو المعتوه معسران كان لوليه قبول ذلك عليه وعتق منه ما صار إليه من أبيه أو ولده، وإن كان موسرا فوهب له نصف ابنه أو نصف أبيه لم يكن للولي أن يقبل ذلك، وذلك أنه يعتق عليه النصف ويكون موسرا فيكون الحكم على الموسر عتق ما يبقى وليس للولي أن يقبل هذا كله له من قبل أن قبوله ضرر على مال الصبي والمعتوه ولا منفعة لهما فيه عاجلة وما كان هكذا لم يكن للولي أن يقبله له، فإن قبله فقبوله مردود عنه؛ لأن في قبوله ضررا على الصبي، أو ضررا على شريك الصبي.
وذلك أنه إنما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعتق على المالك الشريك بقيمة يأخذها، فإذا لم يأخذ القيمة عتق عليه بغير حق حتى يصح ملكه عليه. .
[أحكام التدبير]
بسم الله الرحمن الرحيم أخبرنا الربيع بن سليمان: قال أخبرنا
الشافعي - رضي الله تعالى عنه -؛ قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول «إن أبا مذكور رجلا من بني عذرة كان له غلام قبطي فأعتقه عن دبر منه، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع بذلك العبد فباع العبد، وقال: إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، فإن كان له فضل فليبدأ مع نفسه بمن يعول، ثم إن وجد بعد ذلك فضلا فليتصدق على غيرهم» وقد زاد مسلم في الحديث شيئا هو نحو من سياق حديث الليث بن سعد (قال الشافعي) : أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعد وحماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: «أعتق رجل من بني عذرة عبدا له عن دبر، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألك مال غيره؟ فقال: لا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم فجاء بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فدفعها إليه، ثم قال: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل عن نفسك شيء فلأهلك. فإن فضل شيء فلذوي قرابتك، فإن فضل عن ذوي قرابتك شيء فهكذا وهكذا» يريد عن يمينك وشمالك (قال الشافعي) : قول جابر والله أعلم رجلا من بني عذرة يعني حلفاء، أو جيرانا في عدادهم في الأنصار وقال مرة رجلا منا يعني بالحلف وهو أيضا منهم بالنسب ونسبه أخرى إلى قبيلة كما سماه مرة ولم يسمه أخرى (قال الشافعي) : أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله «أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر ولم يكن له مال غيره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم، وأعطاه الثمن» (قال الشافعي) : أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو حديث حماد بن زيد (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وعن أبي الزبير سمعا جابر بن عبد الله يقول: «دبر رجل منا غلاما له ليس له مال غيره فقال: النبي - صلى الله عليه وسلم - من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام قال عمرو وسمعت جابرا يقول: عبدا قبطيا مات عام أول في إمارة ابن الزبير، وزاد أبو الزبير يقال له: يعقوب» (قال الشافعي) : هكذا سمعت منه عامة دهري، ثم وجدت في كتابي: دبر رجل منا غلاما له، فمات، فإما أن يكون خطأ من كتابي، أو خطأ من سفيان فإن كان من سفيان فابن جريج أحفظ لحديث أبي الزبير من سفيان ومع ابن جريج حديث الليث وغيره وأبو الزبير يحد الحديث تحديدا يخبر فيه حياة الذي دبره وحماد بن زيد مع حماد بن سلمة وغيره أحفظ لحديث عمرو من سفيان وحده.
وقد يستدل على حفظ الحديث من خطئه بأقل مما وجدت في حديث ابن جريج والليث عن أبي الزبير وفي حديث حماد بن زيد عن عمرو بن دينار وغير حماد يرويه عن عمرو كما رواه حماد بن زيد، وقد أخبرني غير واحد ممن لقي سفيان قديما أنه لم يكن يدخل في حديثه مات، وعجب بعضهم حين أخبرته أني وجدت في كتابي مات، فقال: لعل هذا خطأ منه، أو زلة منه حفظتها عنه (قال الشافعي) : وإذا باع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدبرا ولم يذكر فيه دينا ولا حاجة؛ لأن صاحبه قد لا يكون له مال غيره ولا يحتاج إلى ثمنه، فالمدبر ومن لم يدبر من العبيد سواء يجوز بيعهم متى شاء مالكهم وفي كل حق لزم مالكهم
يجوز بيعهم متى شاء مالكهم، وفي كل ما يباع فيه مال سيدهم إذا لم يوجد له وفاء إلا ببيعهم، وذلك أن التدبير لا يعدو ما وصفنا من أن لا يكون حائلا دون البيع فقد جاءت بذلك دلالة سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو يكون حائلا فنحن لا نبيع المكاتب في دين سيده للحائل من الكتابة، فقد يؤول إلى أن يكون عبدا إذا عجز، فإذا منعناه، وقد يؤول إلى أن يكون عبدا يباع إذا عجز من البيع وبعنا المدبر، فذلك دلالة على أن التدبير وصية كما وصفنا.
(قال الشافعي) : ومن لم يبع أم الولد لم يبعها بحال وأعتقها بعد موت السيد فارغة من المال وكل، هذا يدل على أن التدبير وصية (قال الشافعي) : أخبرنا الثقة عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه باع مدبرا احتاج صاحبه إلى ثمنه» (قال الشافعي) : أخبرنا الثقة عن معمر عن عمرو بن مسلم عن طاوس قال يعود الرجل في مدبره، أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال المدبر وصية يرجع صاحبه فيه متى شاء (قال الشافعي) : أخبرنا الثقة عن معمر عن ابن طاوس قال: سألني ابن المنكدر: كيف كان أبوك يقول في المدبر أيبيعه صاحبه؟ قال: قلت: كان يقول: يبيعه إذا احتاج صاحبه إلى ثمنه فقال ابن المنكدر ويبيعه وإن لم يحتج إليه (قال الشافعي) : أخبرنا الثقة عن معمر عن أيوب بن أبي تميمة أن عمر بن عبد العزيز باع مدبرا في دين صاحبه (قال الشافعي) : ولا أعلم بين الناس اختلافا في أن تدبير العبد أن يقول له سيده صحيحا، أو مريضا: أنت مدبر، وكذلك إن قال له: أنت مدبر وقال: أردت عتقه بكل حال بعد موتي، أو أنت عتيقي، أو أنت محرر، أو أنت حر إذا مت، أو متى مت، أو بعد موتي، أو ما أشبه هذا من الكلام فهذا كله تدبير.
وسواء عندي قال: أنت حر بعد موتي، أو متى مت إن لم أحدث فيك حدثا، أو ترك استثناء أن يحدث فيه حدثا؛ لأن له أن يحدث فيه نقض التدبير (قال الشافعي) : وإذا قال الرجل لعبده: أنت حر إذا مضت سنة، أو سنتان، أو شهر كذا أو سنة كذا، أو يوم كذا، فجاء ذلك الوقت، وهو في ملكه، فهو حر، وله أن يرجع في هذا كله بأن يخرجه من ملكه ببيع، أو هبة، أو غيرهما كما رجع في بيعه وإن لم يرجع فيه إن كان قال: هذا لأمة فالقول فيها قولان: أحدهما، أن كل شيء كائن لا يختلف بحال فهو كالتدبير وولدها فيه كولد المدبرة، وحالها حال المدبرة في كل شيء إلا أنها تعتق من رأس المال، وهذا قول يحتمل القياس وبه نقول، ويحتمل أن يقال ويعتق ولد المدبرة وولد هذه بعتقها، والقول الثاني أنها تخالف المدبرة لا يكون ولدها بمنزلتها تعتق هي دون ولدها الذين ولدوا بعد هذا القول.
(قال الشافعي) : ولو قال في صحته لعبده أو لأمته متى ما قدم فلان فأنت حر، أو متى ما برئ فلان فأنت حر، فله الرجوع بأن يبيعه قبل مقدم فلان، أو برء فلان وإن قدم فلان أو برئ فلان قبل أن يرجع عتق عليه من رأس ماله إذا كان قدم فلان، أو كان الذي أوقع العتق عليه والقائل مالك حي مريضا كان أو صحيحا؛ لأنه لم يحدث في المرض شيئا، وهذا موضع يوافقنا فيه جميع من خالفنا من الناس في أن يجعل له الرجوع قبل أن يقدم فلان أو يبرأ فلان، وإذا سئلوا عن الحجة قالوا: إن هذا قد يكون ولا يكون: فليس كما هو كائن فقيل لهم: أوليس إنما يعتق المدبر والمعتق إلى سنة إذا كان العبد المعتق حيا والسيد ميتا، وقد مضت السنة؟ ، أوليس قد يموت هو قبل يموت السيد، وتكون السنة وليس له يقين حكم يعتق به؟ وقد يفقد سيد المدبر فلا يعرف موته ولا يعتق، وقد يمكن أن يكون قد مات ولكن لم يستيقن معرفته إنما يعتق باليقين (قال الشافعي) : ولا أعلم بين ولد الأمة يقال لها إذا قدم فلان فأنت حرة وبين ولد المدبرة والمعتقة إلى سنة فرقا يبين، بل القياس أن يكونوا في حال واحدة، ولو قال: إذا قدم فلان فأنت حر، متى مت، أو إذا جاءت السنة فأنت حر، متى مت فمات كان مدبرا في ذلك الوقت ولو قال: أنت حر إن مت من مرضي هذا، أو في سفري هذا، أو في عامي.
هذا، فليس هذا بتدبير.
(قال الشافعي) : وإذا صح، ثم مات من غير مرضه ذلك لم يكن حرا، والتدبير ما أثبت السيد التدبير فيه للمدبر (قال الشافعي) : وإذا قال لعبده: أنت حر بعد موتي بعشر سنين، فهو حر في ذلك الوقت من الثلث، وإن كانت أمة فولدها بمنزلتها يعتقون بعتقها إذا عتقت، وهذه أقوى عتقا من المدبرة؛ لأن هذه لا يرجع فيها إذا مات سيدها وما كان سيدها حيا فهي بمنزلة المدبرة.
[المشيئة في العتق والتدبير]
(قال الشافعي) : - رضي الله تعالى عنه - وإذا قال الرجل لعبده: إن شئت فأنت حر متى مت فشاء فهو مدبر، وإن لم يشأ لم يكن مدبرا (قال الشافعي) : وإذا قال إذا مت فشئت فأنت حر فإن شاء إذا مات فهو حر وإن لم يشأ لم يكن حرا، وكذلك إذا قال: أنت حر إذا مت إن شئت، وكذلك إن قدم الحرية قبل المشيئة أو أخرها، وكذلك إن قال له: أنت حر إن شئت لم يكن إلا أن يشاء (قال الشافعي) : فإن قال قائل: فما بالك تقول إذا قال لعبده أنت حر فقال: لا حاجة لي بالعتق، أو دبر عبده فقال: لا حاجة لي بالتدبير أنفذت العتق والتدبير، ولم تجعل المشيئة إلى العبد وجعلت ذلك له في قوله: أنت حر إن شئت (قال الشافعي) : فإن العتق البتات والتدبير البتات شيء تم بقوله دون رضا المعتق والمدبر، ويلزمه إخراج المعتق من ماله، والمدبر في هذه الحال إذا مات سيده فوقع له عتق بتات، أو عتق تدبير لزمهما معا حقوق وفرائض لم تكن تلزمهما قبل العتق ولم يكن في العتق مثنوية فينتظر كمال المثنوية، بل ابتدأ هذا العتق كاملا ولا نقص ولا مثنوية فيه، فأمضيناه كاملا بإمضائه كاملا، ولم أجعل المشيئة فيه إلى العبد كأن عتقه وتدبيره بمثنوية، فلا ينفذ إلا بكمالها.
وكذلك الطلاق إذا طلق الرجل امرأته لم يكن لها رد الطلاق؛ لأنه كامل ويخرج من يديه ما كان له ويلزمها شيء لم يكن يلزمها قبله، ولو قال: أنت طالق إن شئت، أو إن شئت فأنت طالق لم يكن أكمل الطلاق؛ لأنه أدخل فيه مثنوية فلا يكون إلا بأن تجتمع المثنوية مع الطلاق فيتم الطلاق باللفظ به، وكمال المثنوية وكمالها أن تشاء (قال الشافعي) : وكذلك إن قال: إن شاء فلان وفلان فغلامي حر عتق بتات، أو حر بعد موتي فإن شاء أكان حرا، وكذلك المدبر مدبرا وإن شاء أحدهما ولم يشأ الآخر، أو مات الآخر أو غاب لم يكن حرا حتى يجتمعا فيشاءا بالقول معا ولو قال: لرجلين أعتقا غلامي إن شئتما فاجتمعا على العتق عتق، وإن أعتق أحدهما دون الآخر لم يعتق ولو قال لهما: دبراه إن شئتما فأعتقاه عتق بتات كان العتق باطلا ولم يكن مدبرا إلا بأن يدبراه إنما تنفذ مشيئتهما بما جعل إليهما لا بما تعديا فيه، وسواء التدبير في الصحة والمرض والتدبير وصية لا فرق بينها وبين غيرها من الوصايا له أن يرجع في تدبيره مريضا، أو صحيحا بأن يخرجه من ملكه كما لو أوصى بعبده لرجل، أو داره، أو غير ذلك كان له أن يرجع في وصيته مريضا أو صحيحا.
وإن لم يرجع في تدبيره حتى مات من مرضه ذلك فالمدبر من الثلث؛ لأنه وصية من الوصايا (قال الشافعي) : أخبرنا علي بن ظبيان عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال: المدبر من الثلث.
(قال الشافعي) : قال علي بن ظبيان كنت أخذته مرفوعا فقال لي أصحابي: ليس بمرفوع هو موقوف على ابن عمر فوقفته (قال الشافعي) : قال الشافعي والحفاظ الذين يحدثونه يقفونه على ابن عمر ولا أعلم من أدركت من المفتين اختلفوا في أن المدبر وصية من الثلث (قال الربيع) : للشافعي في المدبر قولان: أحدهما، إنه إذا دبره، ثم رجع فيه باللسان لم يخرج من التدبير حتى يخرجه من ملكه ببيع أو هبة، أو صدقة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخرج المدبر من ملك


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.71 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]