كتاب الجدول في إعراب القرآن
محمود بن عبد الرحيم صافي
الجزء الثلاثون
سورة الهمزة
الحلقة (579)
من صــ402 الى صـ 418
سورة الهمزة
آياتها 9 آيات
[سورة الهمزة (104) : الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3)
الإعراب:
(ويل) مبتدأ مرفوع «1» ، (لكلّ) متعلّق بخبر المبتدأ، (لمزة) نعت لهمزة مجرور مثله «2» ..
جملة: «ويل لكلّ ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
2- 3 (الذي) موصول بدل من (كلّ) «3» في محلّ جرّ..
وجملة: «جمع ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة: «عدّده ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «يحسب ... » في محلّ نصب حال ممن فاعل عدّد «4» ..
والمصدر المؤوّل (أنّ ماله أخلده..) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي يحسب.
وجملة: «أخلده» في محلّ رفع خبر أنّ.
الصرف:
(1) همزة: صيغة مبالغة أي المكثر من الهمز، والتاء فيه للمبالغة، وزنه فعلة بضمّ وفتحتين «5» .
(لمزة) ، مثل همزة صيغة ومعنى.. وفي المختار: الهمز كاللمز وزنا ومعنى وبابه ضرب، وفيه أيضا اللمز العيب وأصله الإشارة بالعين وبابه ضرب ونصر.
الفوائد:
- العبرة بعموم المعنى، لا بخصوص السبب: اختلف المفسرون فيمن نزلت هذه السورة، فقيل: نزلت في الأخنس بن شريق بن وهب، كان يقع في الناس ويغتابهم وقال محمد بن إسحاق: ما زلنا نسمع سورة الهمزة، نزلت في أمية بن خلف الجمحي وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة، كان يغتاب النبي (صلّى الله عليه وسلّم) من ورائه ويطعن عليه في وجهه وقيل نزلت في العاص بن وائل السهمي. وقيل: هي عامة في كل شخص هذه صفته، كائنا من كان، وذلك لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ والحكم.
[سورة الهمزة (104) : الآيات 4 الى 9]
كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)
فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
الإعراب:
(كلّا) للردع والزجر (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (ينبذنّ) مضارع مبنيّ للمجهول مبنيّ على الفتح في محلّ رفع، و (النون) نون التوكيد، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الهمزة اللمزة (في الحطمة) متعلّق ب (ينبذنّ) .
جملة: «ينبذنّ ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.. وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها استئنافيّة.
5- 7 (الواو) اعتراضيّة (ما) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ في الموضعين (نار) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي (الموقدة) نعت لنار (التي) موصول في محلّ رفع نعت ثان لنار (على الأفئدة) متعلّق ب (تطّلع) ..
وجملة: «ما أدراك ... » لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة: «أدراك ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (ما) .
وجملة: «ما الحطمة» في محلّ نصب مفعول به ثان لفعل أدراك.
وجملة: « (هي) نار الله ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «تطّلع ... » لا محلّ لها صلة الموصول (التي) .
8- 9 (عليهم) متعلّق ب (مؤصدة) ، (في عمد) متعلّق بمحذوف خبر ثان ل (إنّ) ..
وجملة: «إنّها ... مؤصدة» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(4) الحطمة: صيغة مبالغة وزنه فعلة بضمّ وفتحتين من الثلاثيّ حطم باب ضرب بمعنى كسر، واستعمل في الآية الكريمة اسما للنار لأنها تحطم ما تلتقمه.
(6) الموقدة: مؤنّث الموقد، اسم مفعول من الرباعيّ أوقد، وزنه مفعل بضمّ الميم وفتح العين.
(9) ممدّدة: مؤنّث الممدّد، اسم مفعول من الرباعيّ مدّد، وزنه مفعّل بضمّ الميم وفتح العين المشدّدة.
البلاغة:
المقابلة: في قوله تعالى «لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ» . بعد قوله تعالى «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» .
مقابلة لفظية رائعة البلاغة، فإنه لما وسمه بهذه السمة، بصيغة دلت على أنها راسخة فيه، ومتمكنة منه، أتبع المبالغة المتكررة في الهمزة واللمزة بوعيده بالنار التي سمّاها الحطمة، لما يكابد فيها من هول، ويلقى فيها من عذاب. واختار في تعيينها صيغة مبالغة على وزن الصيغة التي ضمنها الذنب المقترف حتى يحصل التعادل بين الذنب والجزاء.
انتهت سورة «الهمزة» ويليها سورة «الفيل»
سورة الفيل
آياتها 5 آيات
[سورة الفيل (105) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (1)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام التقريريّ «6» ، (كيف) اسم استفهام في محلّ نصب مفعول مطلق نائب عن المصدر أي فعل فعلا عظيما «7» ، (بأصحاب) متعلّق ب (فعل) ..
جملة: «لم تر ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «فعل ربّك ... » في محلّ نصب سدّت مسدّ مفعولي تر المعلّق بالاستفهام كيف.
الصرف:
(الفيل) اسم للحيوان المعروف وزنه فعل بكسر فسكون.
الفوائد:
- أصحاب الفيل:
ذكر المؤرخون وأصحاب السير، أن أبرهة بن الصباح، ملك اليمن، بنى كنيسة بصنعاء وسماها (القلّيس) ، وأراد أن يصرف إليها الحاج، فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلا فخرقها، فأغضبه بذلك وقيل: أججت رفقة من العرب نارا، فحملتها الريح فأحرقتها، فحلف ليهدمن الكعبة، فخرج بالحبشة، ومعه فيل اسمه (محمود) ، وكان قويا عظيما، واثنا عشر فيلا غيره. فلما جاء الجيش، خرج إليه عبد المطلب، وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع فأبى، وتوجه لهدم الكعبة. وكلما وجهوا الفيل إلى الحرم برك ولم يتزحزح، وإذا وجهوه إلى اليمن والشام هرول، فأرسل الله عز وجل طيرا مع كل طائر حجر في منقاره، وحجران في رجليه، أصغر من الحمصة. فكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره، ففروا وهلكوا، ومات أبرهة حتى انصدع صدره عن قلبه. ونجا وزيره، وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشي، فقص عليه القصة، فلما أتمها وقع عليه الحجر، فخرّ ميتا بين يديه.
والذي عليه الأكثرون من علماء السير والتواريخ وأهل التفسير، أن حادث الفيل، كان في العام الذي ولد فيه رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ، ليكون تاريخا بارزا، وكرامة باقية للنبي صلى الله عليه وسلم.
[سورة الفيل (105) : الآيات 2 الى 5]
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
الإعراب:
(الهمزة) مثل الأولى (في تضليل) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان (عليهم) متعلّق ب (أرسل) ، (أبابيل) نعت ل (طيرا) منصوب، ومنع من التنوين لصيغة منتهى الجموع (بحجارة) متعلّق ب (ترميهم) ، (من سجّيل) متعلّق بنعت ل (حجارة) ، (كعصف) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان..
جملة: «لم يجعل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أرسل ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يجعل.
وجملة: «ترميهم ... » في محلّ نصب نعت ثان ل (طيرا) .
وجملة: «جعلهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أرسل.
الصرف:
(2) تضليل: مصدر قياسيّ للرباعيّ ضلّل، وزنه تفعيل.
(3) أبابيل: اسم جمع لا واحد له من لفظه، وقيل واحده إبّول زنة سنّور أو أبّول زنة عصفور أو إبّيل زنة سكّين أو إبّال زنة مفتاح.
(5) عصف: اسم لورق الزرع أو حطامه على وزن المصدر فعل بفتح فسكون.
(5) مأكول: اسم مفعول من الثلاثيّ أكل، وزنه مفعول.
البلاغة
التشبيه: في قوله تعالى «فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ» .
حيث شبههم بالعصف المأكول- وهو قش البر- لخلوه من ثمره وتطايره، أو شبه تقطع أوصالهم بتفرق أجزاء الروث الذي أكلته الدواب وراثته، فهو من تشبيه المحسوس بالمحسوس.
انتهت سورة «الفيل» ويليها سورة «قريش»
سورة قريش
آياتها 4 آيات
[سورة قريش (106) : الآيات 1 الى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)
الإعراب:
(لإيلاف) متعلّق ب (يعبدوا) الآتي «8» ، (إيلافهم) بدل من الأول مجرور (رحلة) مفعول به للمصدر إيلافهم (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (اللام) لام الأمر (الذي) موصول في محلّ نصب نعت لربّ (من جوع) متعلّق ب (أطعمهم) و (من) سببيّة «9» (من خوف) متعلّق ب (آمنهم) ..
جملة: «يعبدوا ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن لم يعبدوه لأيّة نعمة فليعبدوه لإيلافهم فإنّها أظهر نعمة.
وجملة: «أطعمهم ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة: «آمنهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
الصرف:
(1) إيلاف: مصدر قياسيّ للرباعيّ آلف، أصله أألف زنة أفعل، أو مصدر أولف زنة أفعل، فعلى الأول خفّفت الهمزة فقلبت ياء لانكسار ما قبلها، وعلى الثاني جرى إعلال بالقلب، أصله أولاف، تحرّك ما قبل الواو بالكسر فقلبت ياء.. ووزن إيلاف إفعال.
(قريش) ، اسم علم للقبيلة العربيّة المشهورة، قيل هو تصغير ترخيم من قويرش تصغير قارش، جمعه قرش بضمّتين.
(2) رحلة: قيل هو اسم جنس، ولهذا أفرده، أو اسم مصدر بمعنى الارتحال وقد أفرد لأمن اللبس، وزنه فعلة بكسر فسكون.
(الشتا) ، اسم للفصل المعروف مشتقّ من شتا يشتو باب نصر، وفيه إبدال الواو همزة لتطرّفها بعد ألف ساكنة، أصله شتاو، وزنه فعال بكسر الفاء.
(الصيف) ، اسم للفصل المعروف مشتّق من صاف يصيف باب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون.
الفوائد:
- رحلة الشتاء والصيف:
قال ابن عباس: كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف، فأمرهم الله تعالى أن يقيموا بالحرم، ويعبدوا رب هذا البيت وقال الأكثرون: كانت لهم رحلتان في كل عام للتجارة: رحلة في الشتاء إلى اليمن لأنها أدفأ، ورحلة في الصيف إلى الشام، وكان الحرم واديا مجدبا لا زرع فيه ولا ضرع، وكانت قريش تعيش بتجارتها ورحلتها، ولا يتعرض أحد لهم بسوء، وكانوا يقولون: قريش مكان حرم الله وولاة بيته، وكانت العرب تقرهم وتكرمهم، لذلك فلولا الرحلتان لم يكن لهم مقام بمكة، ولولا الأمن بجوار البيت لم يقدروا على التصرف.
سورة الماعون
آياتها 7 آيات
[سورة الماعون (107) : الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (3)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام (بالدين) متعلّق ب (يكذّب) ، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (الذي) موصول في محلّ رفع خبر المبتدأ (ذلك) ، (لا) نافية (على طعام) متعلّق ب (يحضّ) ..
جملة: «رأيت ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «يكذّب ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة: «ذلك الذي ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن سألت عنه فذلك الذي ...
وجملة: «يدعّ ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) الثاني.
وجملة: «لا يحضّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يدعّ.
[سورة الماعون (107) : الآيات 4 الى 7]
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7)
الإعراب:
(الفاء) استئنافيّة (ويل) مبتدأ مرفوع (للمصلين) متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ ويل (الذين) موصول في محلّ جرّ نعت للمصلين- أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم- (عن صلاتهم) متعلّق ب (ساهون) ، (الذين) الثاني مثل الأول- أو هو تابع للأول بالبدليّة-..
جملة: «ويل للمصلّين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هم ... ساهون» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «هم يراءون ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة: «يراءون» في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم) .
وجملة: «يمنعون ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يراءون.
الصرف:
(7) الماعون: اسم للحاجة ممّا ينتفع به في البيت حقيرا كان أو ذا قيمة، قيل وزنه فاعول من المعن وهو الشيء القليل- قاله قطرب- أو هو على وزن مفعول- على القلب- والأصل اسم مفعول من عان يعون وحقّه أن يكون معون والأصل معوون ثمّ قدّمت عين الكلمة على فائها فقيل موعون ثمّ قلبت الواو ألفا لفتح ما قبلها ماعون.
الفوائد:
- الحضّ على الماعون:
اختلف العلماء في الماعون، فروي عن علي أنه الزكاة. وقال ابن مسعود:
الماعون: الفأس والدلو والقدر وقال مجاهد: الماعون العارية، وقال عكرمة: الماعون أعلاه الزكاة المفروضة، وأدناه عارية المتاع وقال محمد بن كعب القرظي: الماعون المعروف كله الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم. ومعنى الآية: منع البخل والزجر عنه.
قال العلماء: يستحبّ أن يستكثر الرجل في بيته مما يحتاج إليه الجيران، فيعيرهم، ويتفضل عليهم، ويجوز الثواب.
سورة الكوثر
آياتها 3 آيات
[سورة الكوثر (108) : الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
الإعراب:
(الفاء) عاطفة للربط السببيّ (لربّك) متعلّق ب (صلّ) ، (هو) ضمير فصل «10» .
جملة: «إنّا أعطيناك ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «أعطيناك ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «صلّ ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي انتبه لهذا فصلّ «11» .
وجملة: «انحر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة صلّ.
وجملة: «إنّ شانئك هو الأبتر» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(الكوثر) ، اسم علم لنهر في الجنّة، وزنه فوعل من الكثرة، والعرب تسمّي كلّ شيء كثير العدد أو كثير القدر والخطر كوثر، أو هو وصف لموصوف محذوف أي الخير الكوثر.. وفي التفسير لمعنى الكوثر ستة عشر قولا.. كالحوض والنبوّة والقرآن ... إلخ.
(شانئك) ، اسم فاعل من شنأ بمعنى أبغض، وزنه فاعل.
(الأبتر) ، صفة مشبهة من بتر بمعنى قطع باب نصر متعدّ، ومن باب فرح بمعى انقطع لازم، وزنه أفعل أي منقطع العقب.
البلاغة:
1- فن المذهب الكلامي: في قوله تعالى «إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ» .
والمذهب الكلامي أنواع، منه نوع منطقي تستنتج فيه النتائج الصحيحة من المقدمات الصادقة. فإن هاتين الآيتين تضمنتا نتيجة من مقدمتين صادقتين، وبيان ذلك أنّا نقول: إن عطية الكوثر تعدل جميع العطيات، وإنما قلنا ذلك لأن الشكر على مقادير النعم، وقد أمر الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) بأن يقابل هذه النعمة بجميع العبادات البدنية والمالية شكرا عليها، والصلاة جامعة لكثير من العبادات، ثم أمر عليه الصلاة والسلام مع الصلاة بالنحر، ولا يخلو من أن يراد به الحج الجامع لبعض العبادات، فما تضمنته هاتان الآيتان، على قصرهما، من الإشارة التي دلّت بألفاظها القليلة على معان، لو عبّر عنها بألفاظها الموضوعة لها بطريق البسط لملأت الصحائف والأجلاد.
2- الالتفات: في قوله تعالى «فَصَلِّ لِرَبِّكَ» .
في هذا الالتفات عن ضمير العظمة، إلى خصوص الرب، مضافا إلى ضميره عليه الصلاة والسلام، تأكيد لترغيبه (صلّى الله عليه وسلّم) في أداء ما أمر به على الوجه الأكمل.
3- الاستعارة: في قوله تعالى «إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» .
قيل لمن لا عقب له أبتر، على الاستعارة، حيث شبه الولد والأثر الباقي بالذنب، لكونه خلفه، فكأنه بعده، وعدمه بعدمه.
الفوائد:
قرأ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) هذه السورة، ثم قال لأصحابه: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا:
الله ورسوله أعلم. قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد نجوم السماء، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي. فيقول: ما تدري ما أحدث بعدك. هذا لفظ مسلم. والبخاري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) : لما عرج بي إلى السماء، أتيت على نهر، حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، فقلت:
ما هذا يا جبريل؟ فقال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طينة مسك أذفر. عن أنس رضي الله عنه قال: سئل رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) ما الكوثر؟ قال: ذلك نهر أعطانيه الله- يعني في الجنة- أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل. فيه طير أعناقها كأعناق الجزور. قال عمران: هذه لناعمة، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) : أكلتها أنعم منها. أخرجه الترمذي
وقال: حديث حسن صحيح.
انتهت سورة «الكوثر» ويليها سورة «الكافرون»
سورة الكافرون
آياتها 6 آيات
[سورة الكافرون (109) : الآيات 1 الى 6]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (3) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (4)
وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
الإعراب:
(أيّها) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب (الكافرون) بدل من أيّ- أو عطف بيان عليه- تبعه في الرفع لفظا (لا) نافية (ما) موصول «12» في محلّ نصب مفعول به والعائد محذوف..
جملة: «قل ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «النداء ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «لا أعبد ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «تعبدون ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
3- (الواو) عاطفة (لا) الثانية نافية مهملة (ما) موصول «13» في محلّ نصب مفعول به..
وجملة: «لا أنتم عابدون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «أعبد ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
4- 6 (لا أنا ... عبدتم) مثل لا أنتم ... أعبد، وقد تكرّرت مرة ثانية (لكم) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ (دينكم) ، (لي) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ (دين) ، وهو مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على ما قبل الياء المحذوفة للتخفيف.
وجملة: «لا أنا عابد ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «عبدتم ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثالث.
وجملة: «لا أنتم عابدون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «أعبد ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الرابع.
وجملة: «لكم دينكم ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «لي دين» لا محلّ لها معطوفة على التعليليّة.
البلاغة
التكرار: في الآيات الكريمات، للتأكيد. فقوله تعالى «وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ» تأكيد لقوله «لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ» وقوله «وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ» تأكيد لقوله «وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ» - وإن القرآن نزل بلغة العرب ومن عادتهم تكرار الكلام للتأكيد والإفهام، فيقول المجيب: بلى بلى، والممتنع لا لا. وعليه قوله تعالى «كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ» .
الفوائد:
- لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ:
نزلت هذه السورة في رهط من قريش، منهم الحرث بن قيس السهميّ، والعاص بن وائل السهميّ، والوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن عبد المطلب، وأمية بن خلف، قالوا: يا محمد، هلّم اتبع ديننا ونتبع دينك ونشركك في ديننا كله، تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة، فإن كان الذي جئت به خيرا كنا قد شركناك فيه، وأخذنا حظنا منه وإن كان الذي بأيدينا خيرا كنت قد شركتنا في أمرنا، وأخذت بحظك منه فقال رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) : معاذ الله أن أشرك به غيره، قالوا: فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك، قال: حتى أنظر ما يأتي من ربي، فأنزل الله هذه السورة، فمضى رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) إلى الحرم، وفيه هؤلاء النفر، فقرأ السورة فوق رؤوسهم، فعند ذلك أيسوا منه وآذوه مع أصحابه.
انتهت سورة «الكافرون» ويليها سورة «النصر»
__________
(1) اللفظ دال على دعاء فصحّ الابتداء بالنكرة.
(2) قيل هو توكيد لفظيّ بالترادف كقولهم عفريت نفريت.
(3) يجوز أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هو، والجملة استئناف بيانيّ.
(4) أو استئناف بيانيّ لا محلّ لها. [.....]
(5) اطّرد بناء فعلة- بضمّ وفتح- على مبالغة الفاعل، وفعلة- بضمّ فسكون- على مبالغة المفعول.
يقال: رجل لعنة- بضمّ ففتح لمن يكثر لعن غيره، ورجل لعنة- بضمّ فسكون- لمن يلعنه الناس ويكثرون.
(6) أو التعجبيّ.
(7) أو في محلّ نصب حال عامله فعل.
(8) أي من أجل إيلاف قريش.. ليعبد القرشيون ربّ هذا البيت- وهذا قول الخليل والزمخشريّ من بعده- ويجعل الطبريّ اللام للتعجّب فتتعلّق بفعل محذوف تقديره اعجبوا لإيلاف قريش وتركهم عبادة ربّ البيت.. ويجوز أن يتعلّق الجارّ بمحذوف تقديره فعل ذلك أي إهلاك أصحاب الفيل.
(9) أو بتضمين أطعمهم بمعنى أشبعهم و (من) لابتداء الغاية.
(10) أو ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ خبره الأبتر، والجملة الاسميّة خبر إنّ.
(11) يجوز أن تكون الجملة جوابا لشرط مقدّر.
(12) أو نكرة موصوفة.. أو حرف مصدريّ والعائد محذوف، أي: لا أعبد عبادتكم المبنيّة على الشك.
(13) وذلك عند من يجيز وقوع (ما) على أولي العلم.. أو هو حرف مصدريّ، والمصدر المؤوّل مفعول به.