عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24-10-2024, 05:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لماذا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم


وها هو حنظلة رضي الله عنه يتَّهم نفسه بالنفاق؛ لأنه ينسي أمر الانشغال بالآخرة حينما يترك مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، ويعود إلى بيته؛ عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ, قَالَ: وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْر، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْر: فَوَاللهِ، إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْر، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِال نَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ، سَاعَةً، وَسَاعَةً، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ[11].

أنا ما أَتيتُكَ يا حَبيبي مَادحًا
يَكفِيكَ مَدْحُ اللهِ والتَمجِيدُ
فَصِفَاتُ خَلْقِكَ في الكِتَابِ كَثيرَةٌ
لَيستْ لها حَدٌ ولا تَحديدُ
أنا هَائمٌ في نُورِ حُبِّكَ ذَائِبٌ
فَأَظلُّ أَبكي والغَرَامُ يَزِيدُ


يقول الشافعي وهو يتحدث عن نفسه بتواضُع:
أُحب الصالحين ولستُ منهم
لعلي أن أنالَ بهم شفاعهْ
وأَكرَه مَن تجارته المعاصي
وإن كنا سويًّا في البضاعهْ


فيرد عليه الإمام أحمد ويقول:
تُحب الصالحين وأنت منهم
ومنكم قد تناولنا الشفاعهْ
وتَكره مَن بضاعتهم معاصٍ
وقاك الله من شر البِضاعهْ


أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله ذي الجلال والإكرام، شرع الشرائع وأحكم الأحكام، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك القدوس السلام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد الأنام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه البررة الكرام، ما تعاقبت الشهور والأيام، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فسادسًا: نحب الرسول لحبه لنا وشفقته صلى الله عليه وسلم علينا:
إخوة الإسلام، نُحب الحبيب صلى الله عليه وسلم لحبِّه لنا وشفقته علينا، فهو أحن علينا من آبائنا وأمهاتنا وإخواننا صلى الله عليه وسلم، تأملوا عباد الله ذلك المشهد الرائع المبكي الذي يصوِّره لنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36]، وَقَالَ عِيسَى: ﴿ إِنَّ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي، وَبَكَى، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، قَالَ: وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اذْهَبْ يَا جِبْرِيلُ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوؤُكَ"[12].

يقول النووي رحمه الله: هذا الحديث مشتمل على أنواع من الفوائد منها: بيان كمال شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، واعتنائه بمصالحهم، واهتمامه بأمرهم، ومنها البشارة العظيمة لهذه الأمة - زادها الله تعالى شرفًا - بما وعدها الله تعالى بقوله: (سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك)، وهذا من أرجى الأحاديث لهذه الأمة أو أرجاها؛ انتهى[13].

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لجميع أمته، ويستغيث الله تعالى أن يجعلها أمةً مكرَّمةً مرحومةً، حتى استجاب اللَّه له، فجعل شطر أهل الجنة من أمته، أو يزيد، ورزقهم شفاعته يوم القيامة.

سابعا: نحبه صلى الله عليه وسلم حتى يشفع لنا يوم القيامة:
أيها المؤمنون المحبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم، نحن رسول الله حتى ننال شفاعته يوم القيامة؛ جاء في صحيح البخاري في حديث الشفاعة العظمى عن أنس رضي الله عنه، وفي الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم، (فيأتوني، فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدًا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، فيقول: ارفع محمد، وقلْ يُسمَع، واشفَع تشفَّع، وسلْ تُعطَ، قال: فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلِّمنيه، فيحد لي حدًّا، فأخرج فأدخلهم الجنة، قال قتادة: وسمعته أيضًا يقول: فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأستأذن على ربي في داره، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدًا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد، وقل يسمع، واشفَع تشفَّع، وسلْ تُعطَ، قال: فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلِّمنيه، قال: ثم أشفع فيحد لي حدًّا، فأخرج فأدخلهم الجنة، قال قتادة: وسمعته يقول: فأخرج فأُخرجهم من النار وأُدخلهم الجنة، ثم أعود الثالثة، فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت له ساجدًا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد، وقلْ يُسمَع، واشفع تشفع، وسلْ تُعطَ، قال: فأرفع رأسي، فأُثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، قال: ثم أشفع فيحد لي حدًّا، فأخرج فأدخلهم الجنة، قال قتادة: وقد سمعته يقول: فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن)؛ أي: وجب عليه الخلود، قال: ثم تلا هذه الآية: ﴿ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء: 79]، قال: وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم صلى الله عليه وسلم.

الدعاء:
اللهم استُرنا ولا تفضَحنا، وأكرمنا ولا تُهنا، وكن لنا ولا تكن علينا.

اللهم لا تدَع لأحدٍ منا في هذا المقام الكريم ذنبًا إلا غفرته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا دَينًا إلا قضيتَه، ولا همًّا إلى فرَّجته، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا عاصيًا إلا هديته، ولا طائعًا إلا سدَّدته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين.

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعًا مرحومًا، وتفرُّقنا من بعده تفرقًا معصومًا، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيًّا أو محرومًا.

اللهم اهدنا واهد بنا، واجعلنا سببًا لمن اهتدى.

اللهم إن أردتَ بالناس فتنةً، فاقبِضنا إليك غيرَ خزايا ولا مَفتونين ولا مغيِّرين، ولا مبدِّلين برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم احمِل المسلمين الحفاة، واكسُ المسلمين العراة، وأطعِم المسلمين الجياع.

[1] أخرجه مسلم (4/ 1855 ، رقم 2383) .

[2] تفسير الطبري ط الرسالة ت أحمد شاكر (17/ 118).

[3] المعجم الكبير: 10/ 277. جامع البيان للطبري: 30/ 292.

[4] الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/ 43).

[5] أخرجه البخاري في: 2 كتاب الإيمان: 8 باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان.

[6] رواه أحمد (4/ 336).

[7] رواه مسلم (121).

[8] مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (2/ 345) راجع "المفهم" 1/ 225 - 227.

[9] أخرجه أحمد (2/290 ، رقم 7886) ، والبخاري (2/ 805 ، رقم 2176) ، ومسلم (3/ 1237 ، رقم 1619)

[10] رواه أحمد (13419 و13886)، وعَبْد بن حُمَيْد (1296)، ومُسْلم (7520).

[11] أخرجه أحمد 4/ 178 (17753) و"مسلم" 8/ 94 (7066) و"ابن ماجه" 4239 والتِّرْمِذِيّ" 2514.

[12] أخرجه: مسلم 1/ 132 (202) (346).

[13] "شرح مسلم" (3/ 78-79).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]