
22-06-2024, 06:48 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة :
|
|
الإسلام دين السلام - خطبة عيد الأضحى 1445هـ
الإسلام دين السلام - خطبة عيد الأضحى 1445هـ
د. محمود بن أحمد الدوسري
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْبَرَرَةِ الْكِرَامِ.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. اللَّهُ أَكْبَرُ مَا لَبَّى الْمُلَبُّونَ.. اللَّهُ أَكْبَرُ مَا سَجَدَ السَّاجِدُونَ.. اللَّهُ أَكْبَرُ مَا ضَحَّى الْمُضَحُّونَ.
سَمَّى اللَّهُ أُمَّتَنَا بِالْأُمَّةِ الْمُسْلِمَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الْحَجِّ: 78]؛ وَسَمَّى الدِّينَ بِالْإِسْلَامِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 19]؛ وَأَيُّ إِنْسَانٍ يَعْتَنِقُ غَيْرَهُ مِنَ الْأَدْيَانِ فَهُوَ فِي خُسْرَانٍ مُبِينٍ: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 85].
وَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُ: «اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ". فَقَالُوا: "السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ". فَزَادُوهُ: "وَرَحْمَةُ اللَّهِ"» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَالسَّلَامُ شَرِيعَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ مِنْ لَدُنْ أَبِينَا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا.
وَالْإِسْلَامُ هُوَ دِينُ السَّلَامِ وَالْأُلْفَةِ وَالْوِئَامِ؛ بَلْ أَصْبَحَتِ التَّحِيَّةُ الَّتِي يُوَجِّهُهَا الْمُسْلِمُ لِكُلِّ مَنْ يَلْقَاهُ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ". وَبِهَذِهِ التَّحِيَّةِ الْمُبَارَكَةِ؛ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يُعْلِنُ عَنْ ذَاتِهِ، بِأَنَّهُ دِينُ سَلَامٍ وَمَحَبَّةٍ بَيْنَ سَائِرِ الْبَشَرِ، وَأَنَّهُ لَا يُعَادِي إِلَّا مَنْ يُعَادِيهِ، وَلَا يُحَارِبُ إِلَّا مَنْ يُحَارِبُ أَهْلَهُ، أَوْ يَسْلُبُهُمْ مُقَدَّرَاتِ حَيَاتِهِمْ، أَوْ يَعْتَدِي عَلَى أَعْرَاضِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَحُرُمَاتِهِمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 190]، ﴿ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 194].
الْإِسْلَامُ يَا كِرَامُ.. دِينُ سَلَامٍ وَرَحْمَةٍ، دِينُ مَوَدَّةٍ وَمَحَبَّةٍ، دِينُ تَعَاطُفٍ وَتَكَاتُفٍ، دِينُ إِخَاءٍ وَصَفَاءٍ، دِينُ طُهْرٍ وَنَقَاءٍ، دِينُ إِنْسَانِيَّةٍ رَاقِيَةٍ، وَعَدَالَةٍ مُطْلَقَةٍ؛ وَلِذَا يَبْنِي عَلَاقَتَهُ الْإِنْسَانِيَّةَ عَلَى أَسَاسٍ مِنْ إِشَاعَةِ الْأَمَانِ، وَبَثِّ الِاطْمِئْنَانِ، وَتَحْقِيقِ الْأُنْسِ وَالِاسْتِئْنَاسِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النُّورِ: 27]. وَالِاسْتِئْنَاسُ: هُوَ إِعْطَاءُ فُرْصَةٍ لِأَهْلِ الْبَيْتِ أَنْ يَسْتَعِدُّوا، وَأَنْ يَتَهَيَّؤُوا لِاسْتِقْبَالِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا سَلَّمَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، فَإِنَّمَا يُسَلِّمُ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِمَا حَصَلَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْأُلْفَةِ وَالْمَحَبَّةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ [النُّورِ: 61]؛ فَهِيَ تَحِيَّةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُتَوَجِّهَةٌ إِلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ.
وَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ هُوَ دِينَ التَّكَامُلِ الْأَخْلَاقِيِّ، وَالتَّسَامِي الرُّوحِيِّ، وَالْإِخَاءِ الْإِنْسَانِيِّ، وَالْأَدَبِ الْعَالِي؛ فَإِنَّهُ جَعَلَ رَدَّ السَّلَامِ هَدِيَّةً أُخْرَى لَا تَقِلُّ فِي الدَّرَجَةِ عَنْ سَابِقَتِهَا، وَرُبَّمَا تَزِيدُ عَلَيْهَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ [النِّسَاءِ: 86].
الخطبة الثانية الْحَمْدُ لِلَّهِ... اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا لَبَّى الْمُلَبُّونَ.. الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا ضَحَّى الْمُضَحُّونَ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِنَّ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الْمَلَائِكَةِ لِبَنِي الْبَشَرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَفِي الدُّنْيَا؛ قَالَ تَعَالَى – عَنْ ضُيُوفِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ﴾ [الذَّارِيَاتِ: 24-25]. وَأَمَّا تَحِيَّةُ الْمَلَائِكَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرَّعْدِ: 23-24].
وَالْجَنَّةُ نَفْسُهَا تُسَمَّى دَارَ السَّلَامِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 127]؛ وَأَهْلُهَا يُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالسَّلَامِ: ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ﴾ [يُونُسَ: 9-10].
وَفِي التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ: تَحِيَّاتٌ طَيِّبَاتٌ مُبَارَكَاتٌ مِنَ الْعِبَادِ لِرَبِّهِمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، ثُمَّ سَلَامٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سَلَامٌ عَلَى النَّفْسِ، ثُمَّ سَلَامٌ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَعِنْدَ الِانْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ سَلَامٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِمَنْ هُمْ عَلَى الْيَمِينِ، وَمَنْ هُمْ عَلَى الشِّمَالِ؛ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ.
فَهَذَا هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ يَدْعُو إِلَى الْمَحَبَّةِ وَالْوِئَامِ، وَيَنْشُرُ الطُّمَأْنِينَةَ وَالسَّلَامَ، وَيُحَقِّقُ الْأُلْفَةَ وَالْمَحَبَّةَ بَيْنَ جَمِيعِ الْأَنَامِ، فَأَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ؛ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ.
اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. أَعَادَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالْعَفْوِ وَالْعَافِيَةِ، وَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الْأَعْمَالِ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|