عرض مشاركة واحدة
  #195  
قديم 16-05-2024, 10:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,384
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

معنى قوله (أنا بك وإليك )

قوله: [ (أنا بك وإليك) ]. معنى [ (أنا بك) ] أي: قائم بك وبإقامتك لي، وأنا عابد لك ومخلص العبادة لك، ومعتمد عليك، ومتوكل عليك، ومستعين بك، ومعلق آمالي بك. ومعنى [ (وإليك) ] أي: مآلي إليك ومرجعي إليك ونهايتي إليك. كما قال تعالى: إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ [الغاشية:26].

شرح قوله (تباركت وتعاليت )

قوله: [ (تباركت وتعاليت) ]. هذا ثناء على الله عز وجل بأنه المتبارك المتعالي الذي يأتي بكل بركة، والذي منه كل بركة، وهو المتبارك في نفسه المبارك لغيره، وهو المتعالي العالي الذي لا تكون هذه الأوصاف إلا له سبحانه وتعالى، فلا يقال لغيره: (تبارك وتعالى) وإنما الذي يقال له: (تبارك وتعالى) هو الله سبحانه وتعالى، فلا يقال: تبارك فلان. ولا يقال: تعالى فلان. وإنما هذه ألفاظ لا تقال إلا لله سبحانه تعالى كـ(سبحانك) فإن كلمة (سبحانك) لا تقال إلا لله، و (تباركت) لا تقال إلا لله، و (تعاليت) لا تقال إلا لله سبحانه وتعالى. قوله: [ (أستغفرك وأتوب إليك) ]. أي: أستغفرك من جميع الذنوب وأتوب إليك.

دعاء الركوع ودلالته

قوله: [ (وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي وعصبي) ]. هذا كله ثناء على الله عز وجل، وتعظيم لله سبحانه وتعالى، والركوع -كما هو معلوم وكما جاء في الحديث- يعظم فيه الرب، كما قال عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)، وهذا من تعظيم الله سبحانه وتعالى. فقوله: [ (اللهم لك ركعت) ]. يعني الركوع الذي هو في أثناء الصلاة، حيث يخضع الإنسان ويذل لله سبحانه وتعالى، فيركع الركوع لله عز وجل، والركوع من الصلاة، والصلاة من العبادة، والعبادة كلها لله سبحانه وتعالى. وقوله: [ (خشع لك سمعي وبصري ومخعي وعظامي وعصبي) ]. هذا من ذل الراكع لله جل جلاله.

شرح قوله (وإذا رفع قال سمع الله لمن حمده )

قوله: [ (وإذا رفع قال: سمع الله لمن حمده) ]. أي: استجاب الله لمن حمده. فمعنى: (سمع) استجاب. ولهذا قال بعض أهل العلم لما سئل عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى فقيل له: ماذا تقول في معاوية ؟ قال: ماذا أقول في رجل صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام في الصلاة: (سمع الله لمن حمده) فقال معاوية وراءه: ربنا ولك الحمد. يعني أن الله تعالى استجاب لمن حمده، ومعاوية كان وراء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ربنا ولك الحمد. ولا يشكل على ما ذكرت قول الله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1] إذ المقصود بما في الآية السماع الذي هو سماع صوتها، ولهذا جاء في نفس الآية: (( سَمِعَ اللَّهُ )) (( يَسْمَعُ )) (( سَمِيعٌ بَصِيرٌ )) فذكر السمع في ثلاثة مواضع من الآية بالفعل الماضي وبالمضارع وبالاسم. فقوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1] يعني بالقول الكلام الذي جرى بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم بصوت خفي، وكانت عائشة قريبة منهما فلم تعرف ما تقول، والله تعالى سمع مجادلتها وكلامها وهو فوق عرشه سبحانه وتعالى. فقوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ) ليس مثل (سمع الله لمن حمده) لأن معنى (سمع) هنا (استجاب) وأما ما في الآية الكريمة فيعني أن صوتها الخفي سمعه الله عز وجل الذي، وقال بعد ذلك: وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة:1]، فذكر هذه الصفة بالماضي والمضارع والاسم. وقد تكون التعدية بحرف الجر اللام فارقة بين المعنيين. وليس معنى هذا أن أهل السنة يؤولون الصفات، فليس هذا تأويلاً، بل الأمر اختلاف في المعاني في أصل الوضع العربي. قوله: [ (وإذا رفع قال سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد) ]. يعني أن ذلك الحمد والثناء كبير، وأنه ملء السموات وملء الأرض وملء ما شاء من شيءٍ بعد ملء السموات والأرض، فهو تعظيم لله عز وجل وثناء عليه بأنه المستحق للحمد والإكثار من الحمد.

ذكر السجود، وما يصح فعله فيه وفي الركوع

قوله: [ (وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صورته، وشق سمعه وبصره، وتبارك الله أحسن الخالقين) ]. هذا ثناء على الله عز وجل، وقد جاء في السجود، والسجود الغالب فيه الدعاء، ويمكن أن يكون فيه التعظيم والثناء، وهذا منه؛ لأن هذا كله ثناء على الله عز وجل وتعظيم لله جل جلاله، ولكن الغالب في السجود هو الدعاء، كما أن الركوع الغالب فيه التعظيم، ويمكن أن يدعى فيه، ومنه الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما نزل عليه قوله تعالى: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:3] بعد ذلك روت عائشة رضي الله عنها وأرضاها فقالت: (ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةً بعد إذ أنزل عليه إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1] إلا قال في ركوعه وسجوده: سبحانك -اللهم- وبحمدك، اللهم اغفر لي. يتأول القرآن). فقوله ((سبحانك -اللهم- وبحمدك) ثناء، وهو تنفيذ لقوله تعالى: (فَسَبِّحْ) وقوله: اللهم اغفر لي) دعاء، وهو تنفيذ لقوله تعالى: (وَاسْتَغْفِرْهُ).

الدعاء بعد السلام من الصلاة


قوله: [ (وإذا سلم من الصلاة قال: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم والمؤخر، لا إله إلا أنت) ]. إذا سلم من الصلاة دعا بهذا الدعاء، وجاء في بعض الروايات وبعض الأحاديث أنه يقوله قبل أن يسلم، يقول ذلك بعد التشهد وقبل أن يسلم، فجاء في روايات أنه بعد السلام وجاء في روايات أنه قبل السلام، ولا شك في أن الدعاء قبل السلام وارد، وقد جاء ما يدل عليه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (ثم يتخير من الدعاء ما شاء) يعني: بعدما يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. والدعاء يؤتى به في الصلاة ويكثر منه، وفي السجود وفي التشهد الأخير قبل السلام. وأيضاً يدل هذا الحديث على أنه يدعو بعد السلام، وأنه بعد السلام يكون في ذكر وفي دعاء، بل أول شيء يكون بعد السلام هو الدعاء، حيث يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، ثلاث مرات، ومعنى (أستغفر الله) أطلب المغفرة من الله، وأسأل المغفرة من الله. ففيه الدعاء قبل السلام وبعد السلام. وقوله: [ (اغفر لي ما قدمت وما أخرت) ]. يعني: الذنوب التي أذنبتها مقدمها ومؤخرها، وما أسررت منها وما أعلنته، ما كان علانية يطلع عليه الناس وما كان مستوراً لا يطلع عليه إلا الله سبحانه وتعالى، وكذلك ما أسرفت، أي: ما تجاوزت فيه الحدود. وقوله: [ (وما أنت أعلم به مني) ]. أي: لأنك العالم بكل شيء، والإنسان لا يعلم كل شيء، وإن علم فإنه ينسى، والله سبحانه وتعالى هو الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء سبحانه وتعالى. وقوله: [ (أنت المقدم والمؤخر) ]. يعني: المقدم من قدمته والمؤخر من أخرته، فالتأخير منك والتقديم منك، فمن قدمته فهو المقدم، ومن أخرته فهو المؤخر. وهذا التقديم والتأخير هو في الفضل، وكذلك في تحصيل الثواب، وفي الإتيان بالأعمال الصالحة. وقوله: [ (لا إله إلا أنت) ]. ختم بهذا الثناء على الله عز وجل الذي هو كلمة التوحيد وكلمة الإخلاص، وهي: (لا إله إلا الله).

تراجم رجال إسناد حديث علي في استفتاح النبي صلى الله عليه وسلم وأدعيته في الصلاة


قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ]. هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. هو معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ]. هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمه الماجشون بن أبي سلمة ]. هو يعقوب بن أبي سلمة الماجشون ، والماجشون لقب ويعقوب اسم، فهو يعقوب بن أبي سلمة ، وهو أخو عبد الله وعم الراوي عنه؛ لأن ذاك عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة وهذا يعقوب بن أبي سلمة ، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن عبد الرحمن الأعرج ]. هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، والأعرج لقب، وهو مدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن أبي رافع ]. عبيد الله بن أبي رافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن أبي طالب ]. هو أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث الاستفتاح بـ(وجهت وجهي ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا سليمان بن داود الهاشمي أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وإذا أراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر ودعا) نحو حديث عبد العزيز في الدعاء يزيد وينقص الشيء، ولم يذكر: (والخير كله في يديك والشر ليس إليك) وزاد فيه: (ويقول عند انصرافه من الصلاة: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت) ]. أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب من طريق أخرى، وفيه الإشارة إلى ما جاء في الحديث المتقدم، وفيه ذكر أمور أخرى سبق أن مرت تتعلق برفع اليدين عند الدخول في الصلاة وعند الركوع وعند القيام من الركوع.

تراجم رجال إسناد حديث الاستفتاح بـ(وجهت وجهي ...)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ]. سليمان بن داود الهاشمي ثقة، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأصحاب السنن. [ أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ]. عبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن موسى بن عقبة ]. هو موسى بن عقبة المدني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ]. هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي ]. مر ذكرهم جميعاً.

ذكر أثر من رأى من السلف الاقتصار على قول ( وأنا من المسلمين ) في الاستفتاح


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا شريح بن يزيد حدثني شعيب بن أبي حمزة قال: قال لي محمد بن المنكدر و ابن أبي فروة وغيرهما من فقهاء أهل المدينة: فإذا قلت أنت ذلك فقل: وأنا من المسلمين. يعني قوله: (( وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) ]. أورد أبو داود هذا الأثر عن ابن أبي فروة وعن محمد بن المنكدر وهما من فقهاء المدينة، حيث قالا: إذا قلت دعاء الاستفتاح فقل: (وأنا من المسلمين) بدلاً من قولك (وأنا أول المسلمين) وذلك لأن الأولية إنما تنطبق على الرسول صلى الله عليه وسلم. لكن المعنى يمكن أن يستقيم وأن يصلح لغير الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكون المقصود من ذلك المبادرة، وليس المقصود الأولية التي هي السبق إلى هذا العمل، وإنما المقصود من ذلك المبادرة والإقدام على العمل وعدم التأخر والتباطؤ، فيستقيم أن يقول غير النبي صلى الله عليه وسلم: (وأنا أول المسلمين).

تراجم رجال إسناد أثر من رأى من السلف الاقتصار على قول (وأنا من المسلمين) في الاستفتاح

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ]. عمرو بن عثمان هو الحمصي ، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا شريح بن يزيد ]. شريح بن يزيد هو أبو حيوة ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن شعيب بن أبي حمزة ]. هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قال لي محمد بن المنكدر ]. محمد بن المنكدر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و ابن أبي فروة ]. هو إسحاق بن عبد الله أبي فروة، وهو متروك، أخرج له أصحاب السنن.

شرح حديث استفتاح الرجل الداخل إلى الصلاة وقد حفزه النفس

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا حماد عن قتادة و ثابت و حميد عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً جاء إلى الصلاة وقد حفزه النفس، فقال: الله أكبر، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: أيكم المتكلم بالكلمات فإنه لم يقل بأسا؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، جئت وقد حفزني النفس فقلتها. فقال: لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها) وزاد حميد فيه: (إذا جاء أحدكم فليمش نحو ما كان يمشي، فليصل ما أدركه وليقض ما سبقه) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه فجاء رجل وقد حفزه النفس، أي: ثار نفُسُه بسبب إسراعه، فدعا بهذا الدعاء، حيث قال: [ الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه ]. وقاله عند دخوله في الصلاة، فعندما كبر قال هذا الكلام. فالنبي صلى الله عليه وسلم بعدما سلم قال: [ (أيكم المتكلم بالكلمات فإنه لم يقل بأساً) ]. ومعناه أن هذا السؤال ليس فيه شيء يخشى منه على ذلك الرجل، وليس فيه ذم أو فيه عيب، فإنه لم يقل بأساً. فأراد أن يبين عظيم شأن هذه الكلمات بعد أن يعرف الذي قالها، قلما قال الرجل: [ أنا يا رسول الله ]، قال: [ (لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها) ]. أي: يرفعها إلى الله عز وجل. قوله: [ وزاد حميد فيه: (إذا جاء أحدكم فليمش نحو ما كان يمشي، فليصل ما أدركه وليقض ما سبقه) ]. حميد هو أحد الرواة الثلاثة عن أنس ، زاد على ما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المصلي بأن يمشي مثلما كان يمشي، أي: لا يسرع حتى يحبسه النفس إذا أسرع فيثور نفسه بسبب إسراعه، وإنما يمشي المشي الذي يعتاده، فليمش مثلما كان يمشي. قوله: [ (فليصل ما أدركه وليقض ما سبقه) ]. أي: الذي أدركه يصليه مع الإمام، والذي سبق به فإنه يأتي به بعد فراغ الإمام من الصلاة، وهذه الكلمات التي قالها الرجل نوع من أنواع الاستفتاح.

تراجم رجال إسناد حديث استفتاح الرجل الداخل إلى الصلاة وقد حفزه النفس


قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا حماد ]. هو حماد بن سلمة ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و حميد ]. هو حميد بن أبي حميد الطويل ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث تكبير النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وحمده وتسبيحه واستعاذته بالله تعالى من الشيطان


قال رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عاصم العنزي عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه: (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاةً -قال عمرو : لا أدري أي صلاة هي- فقال: الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، والحمد لله كثيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا -ثلاثا-، أعوذ بالله من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه). قال نفثه: الشعر، ونفخه: الكبر، وهمزه: الموتة ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث جبير بن مطعم النوفلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاةً قال عنها عمرو بن مرة : [ لا أدري أي صلاة هي ]. يعني: لا أدري أي صلاة هي من الصلوات. ثم ذكر ما ورد في الحديث من أذكار وتكرارها، والاستعاذة بالله تعالى من نفخ الشيطان ونفثه وهمزه، وفسر نفثه بالشعر ونفخه بالكبر، وهمزه بالموتة، وهي الجنون.

تراجم رجال إسناد حديث تكبير النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وحمده وتسبيحه واستعاذته بالله تعالى من الشيطان


قوله: [ حدثنا عمرو بن مرزوق ]. عمرو بن مرزوق ثقة له أوهام، أخرج له البخاري و أبو داود . [ أخبرنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن مرة ]. عمرو بن مرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم العنزي ]. هو عاصم بن عمير العنزي ، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود و ابن ماجة . [ عن ابن جبير بن مطعم ]. هو نافع بن جبير بن مطعم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو جبير بن مطعم رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث في إسناده عاصم العنزي ، وهو مقبول.

إسناد آخر لحديث تكبيره صلى الله عليه وسلم في الصلاة وتراجم رجاله

قال رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن مسعر عن عمرو بن مرة عن رجل عن نافع بن جبير عن أبيه قال: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في التطوع...) ذكر نحوه ]. أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وفيه ذكر هذا الدعاء أنه كان يقوله في التطوع. قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مسعر ]. هو مسعر بن كدام ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن مرة عن رجل عن نافع بن جبير ]. الرجل هنا مبهم، وتقدم في الإسناد الذي قبل هذا أنه عاصم العنزي ، وهو مقبول. [ عن نافع بن جبير عن أبيه ]. قد مر ذكرهما."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 29.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.06%)]