عرض مشاركة واحدة
  #82  
قديم 13-05-2024, 11:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,725
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين


سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل


12: سيرة أمّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق (ت: 57هـ)



بعض أخبارها في بيت النبوة
- قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: « كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي؛ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن منه، فيسرّبهن إلي فيلعبن معي». رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
- وقال يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري: حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي، فأذن لها، فقالت: (يا رسول الله! إنَّ أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة).
وأنا ساكتة.
قالت: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم «أي بنية! ألست تحبين ما أحب؟!» فقالت: بلى.
قال «فأحبّي هذه».
قالت: فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلن لها: ما نراك أغنيتِ عنا من شيء، فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له: إنَّ أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة؛ فقالت فاطمة: والله لا أكلمه فيها أبداً.
قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر امرأةً قطّ خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشدَّ ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تصدَّق به، وتقرَّب به إلى الله تعالى، ما عدا سَوْرَةٍ من حدَّة كانت فيها، تسرع منها الفيئة.
قالت: فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مِرْطها، على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقالت: يا رسول الله! إنَّ أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة.
قالت: (ثم وقعت بي، فاستطالت عليَّ، وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرقب طَرْفَه، هل يأذن لي فيها).
قالت: (فلم تبرح زينب حتى عرفتُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر).
قالت: فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أنحيت عليها، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتبسم إنها «ابنة أبي بكر». رواه مسلم والنسائي في السنن الكبرى، ورواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع قال: أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري؛ فذكر الحديث بنحوه.
- وقال إسرائيل بن يونس، عن جدّه أبي إسحاق السَّبيعي، عن العيزار بن حريث، عن النعمان بن بشير، قال: جاء أبو بكر يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأذن له فدخل، فقال: يا ابنة أم رومان! وتناولها: أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
قال: فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها.
قال: فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم، يقول لها يترضَّاها: « ألا ترين أني قد حِلْتُ بين الرجل وبينك».
قال: ثم جاء أبو بكر، فاستأذن عليه، فوجده يضاحكها.
قال: فأذن له فدخل؛ فقال له أبو بكر: (يا رسول الله! أشركاني في سِلْمِكما كما أشركتماني في حربكما). رواه أحمد في المسند وفي فضائل الصحابة، والطبراني في المعجم الكبير، ورواه أبو داوود في سننه من طريق حجاج بن محمد المصيصي عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه بنحوه.
- وقال ابن شهاب الزهري، عن يحيى بن سعيد بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعذر أبا بكر من عائشة، ولم يخش النبي صلى الله عليه وسلم أن ينالها أبو بكر بالذي نالها، فرفع أبو بكر بيده فلطم في صدر عائشة، فوجد من ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لأبي بكر: «ما أنا بمستعذرك منها بعد فعلتك هذه!». رواه معمر بن راشد في جامعه، ومن طريقه أحمد في فضائل الصحابة، وابن حبان في صحيحه.
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى»
قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟
فقال: « أما إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت عليَّ غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم ».
قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله! ما أهجر إلا اسمك). رواه البخاري ومسلم.
- وقال ابن شهاب الزهري: أخبرني عروة بن الزبير، أن عائشة، قالت: والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد، «ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو». رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
- وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجتُ مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: «تقدموا» فتقدموا، ثم قال لي: «تعالي حتى أسابقك» فسابقته فسبقته، فسكت عني، حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: «تقدموا» فتقدموا، ثم قال: «تعالي حتى أسابقك» فسابقته، فسبقني، فجعل يضحك، وهو يقول: «هذه بتلك». رواه أحمد، وأبو داوود، والنسائي في السنن الكبرى، وغيرهم.

فضائلها ومناقبها
لعائشة رضي الله عنها فضائل كثيرة، ومناقب جليلة صحّت بها الأحاديث والآثار، فقد كانت أحبّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي زوجته في الدنيا والآخرة، نزل الملَك عليه بصورتها قبل أن يتزوجها، ولم يتزوّج بكراً غيرها، ورأت جبريلَ عليه السلام، وأقرأها السلام، ولها فضل امتازت به على سائر النساء حتى شبّه النبي صلى الله عليه وسلم فضلها على النساء بفضل الثريد على سائر الطعام، ولم ينزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلّم وهو في لحاف امرأة من نسائه غيرها، وبرَّأها الله مما قُذفت به بآيات من القرآن الكريم لا تزال تتلى إلى أن يأتي أمر الله، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مسندته على صدرها، في يومها، ودُفن في حجرتها.
- قال عبد العزيز بن المختار: حدثنا خالد الحذاء، حدثنا أبو عثمان، قال: حدثني عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم، بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟
قال: «عائشة».
فقلت: من الرجال؟
فقال: «أبوها».
قلت: ثم من؟
قال: «ثم عمر بن الخطاب» فعدّ رجالاً). رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
- وقال إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن قيس بن أبي حازم قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل قال: قال عمرو بن العاص.
قلت: يا رسول الله! من أحبّ الناس إليك؟
قال: «عائشة».
قال: قلت: إنما أقول من الرجال؟
قال: «أبوها». رواه أحمد في فضائل الصحابة، والترمذي، وابن حبان، والحاكم في المستدرك.
- قال ابن شهاب الزهري: قال أبو سلمة: إن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما: «يا عائش! هذا جبريل يقرئك السلام».
فقلت: (وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى، تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه البخاري ومسلم.
- وقال عبدة بن سليمان الكلابي، عن هشام بن عروة، عن صالح بن ربيعة بن هدير، عن عائشة قالت: أُوحيَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه فقمت فأجفت الباب فلما رُفِّه عنه؛ قال: ((يا عائشة! إنَّ جبريل يقرئك السلام)). رواه النسائي في السنن الكبرى.
- وقال شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الهمداني، عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإنَّ فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)). رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
- وقال عبد العزيز بن عبد الله الأويسي: حدثني محمد بن جعفر [بن أبي كثير]، عن عبد الله بن عبد الرحمن [أبي طوالة]، أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». رواه البخاري.
ورواه مسلم من طريق القعنبي عن سليمان بن بلال عن أبي طوالة به.
- وقال أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، ويومي، وبين سحري ونحري، فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطبٌ، فنظر إليه، فظننتُ أنَّ له فيه حاجة، قالت: فأخذته فمضغته، ونفضته وطيَّبته، ثم دفعتُه إليه، فاستنَّ كأحسن ما رأيته مستناً قطّ، ثم ذهب يرفعه إليَّ فسقط من يده، فأخذت أدعو الله عز وجل بدعاء كان يدعو له به جبريل عليه السلام، وكان هو يدعو به إذا مرض، فلم يدعُ به في مرضه ذلك، فرفع بصره إلى السماء، وقال: « الرفيق الأعلى، الرفيق الأعلى»، يعني وفاضت نفسه، فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخرِ يومٍ من أيّام الدنيا). رواه أحمد، والبخاري.
- وقال وكيع بن الجراح، عن إسماعيل بن أبي خالد البجلي، عن مصعب بن إسحاق بن طلحة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيت عائشة في الجنة كأني أنظر إلى بياض كفيها ليهوَّن بذلك علي عند موتي». رواه أحمد في فضائل الصحابة، ورواه ابن أبي شيبة من طريق أبي أسامة عن إسماعيل عن مصعب مرسلاً، ومصعب مجهول الحال، لكن للحديث طريق أخرى يُحسَّن بها.
- وقال أبو معاوية الضرير: حدثنا أبو حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة رضي الله عنه قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنه ليهوّن عليَّ الموتُ أن أريتكِ زوجتي في الجنة)). رواه الحسين بن الحسن المروزي في زوائده على كتاب الزهد لابن المبارك، والطبراني في المعجم الكبير.
- وقال أسباط بن محمد الكوفي، عن مطرف بن طريف، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن مصعب بن سعد قال: فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف، وزاد عائشة ألفين، وقال: (إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن سعد في الطبقات، والحاكم في المستدرك، الخرائطي في اعتلال القلوب.
- وقال عبد الوهاب بن عبد المجيد: حدثنا ابن عون، عن القاسم بن محمد أنَّ عائشة اشتكت؛ فجاء ابن عباس فقال: «يا أمَّ المؤمنين! تقدمين على فَرَطِ صِدْق، على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر». رواه البخاري.
- وقال محمد بن جعفر غندر: حدثنا شعبة، عن الحكم بن عتيبة قال: سمعت أبا وائلٍ قال: لما بعث عليٌّ عَمَّاراً والحسنَ إلى الكوفة ليستنفرَهم خطب عَمَّارٌ فقال: «إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة، ولكنَّ الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها». رواه أحمد، والبخاري، وأبو يعلى، والبيهقي.
- وقال وكيع بن الجراح، عن أبيه، عن أبي إسحاق [السبيعي]، عن عريب بن حميد قال: جاء رجلٌ إلى عليٍّ فوقع في عائشة فقام عمار فقال: «اخرج مقبوحاً منبوحاً، والله إنها لزوجة رسول الله في الدنيا والآخرة». رواه أحمد في فضائل الصحابة.
- وقال إسرائيل بن يونس، عن جدّه أبي إسحاق السبيعي، عن عريب بن حميد قال: رأى عمارٌ يومَ الجملِ جماعةً، فقال: ما هذا؟
فقالوا: رجلٌ يسبُّ عائشةَ ويقع فيها.
قال: فمشى إليه عمار، فقال: (اسكت مقبوحاً! أتقع في حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! إنها لزوجته في الجنة). رواه أحمد في فضائل الصحابة، وابن سعد في الطبقات، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ.
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة؛ فهلكت؛ فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناساً من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلَّوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم فقال: أسيد بن حضير: (جزاك الله خيرا؛ فوالله ما نزل بك أمرٌ قط إلا جعل الله لك منه مخرجاً، وجعل للمسلمين فيه بركة). رواه البخاري، ومسلم.
- وقال حماد بن زيد: حدثنا هشام، عن أبيه، قال: كان الناس يتحرَّون بهداياهم يوم عائشة.
قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أمّ سلمة؛ فقلن: يا أم سلمة! والله إنَّ الناس يتحرّون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان، أو حيث ما دار.
قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم.
قالت: فأعرض عني، فلما عاد إليَّ ذكرت له ذاك فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال: «يا أم سلمة! لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل عليَّ الوحيُ وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها». رواه البخاري ، والترمذي، والنسائي.
- وقال هشام بن عروة، عن عوف بن الحارث، عن رميثة، عن أمّ سلمة أنَّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم كلمنها أن تكلم النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة وتقول له: «إنا نحبّ الخير كما تحب عائشة، فكلمته، فلم يجبها، فلما دار عليها، كلمته أيضاً، فلم يجبها».
وقلن: ما ردَّ عليك؟
قالت: «لم يجبني».
قلن: لا تدعيه حتى يردَّ عليك، تنظرين ما يقول.
فلما دار عليها الثالثة كلَّمته؛ فقال: «لا تؤذيني في عائشة، فإنه لم ينزل عليَّ الوحي، وأنا في لحاف امرأة منكن إلا في لحاف عائشة».
فقلت: (أعوذ بالله أنْ أسوءَك في عائشة). رواه أحمد، والنسائي في السنن الكبرى، وأبو يعلى في مسنده، والطحاوي في شرح مشكل الآثار، وابن حبان، وعوف بن الحارث هو ابن الطفيل بن الحارث بن سخبرة الأزدي، والطفيل أخو عائشة لأمّها، ورُميثة أخت عوف.
- - قال أبو عبد الله الذهبي: (وهذا الجواب منه دالٌّ على أنَّ فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبّه لها، وأنَّ ذلك الأمرَ من أسباب حبّه لها).
- وقال أبو أسامة الكوفي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما كان في مرضه، جعل يدور في نسائه، ويقول: «أين أنا غدا؟ أين أنا غدا؟» حرصاً على بيت عائشة.
قالت عائشة: «فلما كان يومي سكن». رواه البخاري ومسلم، وزاد مسلم في رواية: (قالت: فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري).
- وقال محمد بن بكار بن الريان البغدادي: حدثنا يوسف بن يعقوب بن الماجشون، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن عائشة أنها قالت: يا رسول الله! مَن أزواجك في الجنة؟
قال: ((أما إنَّك منهن)).
قالت: (فخُيِّلَ إليَّ أنَّ ذاكَ أنَّه لم يتزوج بكراً غيري). رواه الطبراني في المعجمين الكبير والأوسط، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك.
- وقال القاضي أبو يوسف، عن أبي حنيفة، عن عون بن عبد الله، عن عامر الشعبي، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (في سبع خصال ليست في أحد من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم:
= تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم بكراً، ولم يتزوج أحداً من نسائه بكراً غيري.
= ونزل جبريل إليه بصورتي قبل أن يتزوجني، ولم ينزل صورة أحد من نسائه غيري.
= ورأيتُ جبريلَ، ولم يره أحد من أزواجه غيري.
= وكنت من أحبّهن إليه نفساً ووالداً.
= وكان جبريل ينزل عليه بالوحي وأنا معه في شعاره، ولم يكن يأتيه وهو مع أحد من أزواجه غيري.
= ونزل فيَّ آيات من القرآن، كاد يهلك فيها فئام من الناس.
= ومات في يومي وليلتي، وبين سحري ونحري). رواه أبو يوسف في الآثار.
- وقال عبد الله بن بُزيع قاضي تستر، عن أبي حنيفة، عن أبي إسحاق الشيباني، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أُعطيت سبعاً لم يعطها نساء النبي صلى الله عليه وسلم:
= كنت من أحبّ الناس إليه نفساً.
= وأحبّ الناس إليه أباً.
= وتزوَّجني رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراً ولم يتزوج بكراً غيري.
= وكان جبريل ينزل عليه بالوحي وأنا معه في لحاف، ولم يفعل ذلك لغيري.
= وكان لي يومين وليلتين، وكان لنسائه يوم وليلة.
= وأنزل في عذر من السماء، كاد أن يهلك بي فئام من الناس.
= وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري). رواه الطبراني في الكبير.
وروى أبو يعلى في مسنده من طريق عمر بن حفص عن أبي إسحاق الشيباني، عن علي بن زيد ابن جدعان، عن جدته، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لقد أعطيت تسعاً ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران..)، لكنّ عليّ بن زيد ابن جدعان ضعيف الحديث، وجدته لم أعرفها، إلا أن تكون العبارة قد تصحفت عن "عمّته" إلى "جدته"، وهي أمّ محمد، لها رواية، وقد اختلف فيها فقيل: عمّته، وقيل: امرأة أبيه.
ويحتمل أن تكون العبارة تصحّفت عن جدّه، وهو عبد الرحمن بن محمد بن زيد بن جدعان، له رواية عن عائشة.
ويقوّي هذا الاحتمال أنَّ الحافظ المزي تعقّب صاحب الأطراف لما ذكر حديثاً فيه رواية علي بن زيد ابن جدعان عن جدته؛ فقال: (ذلك وهم منه، والصواب: جده عبد الرحمن بن محمد بن زيد بن جدعان).
- وقال شعيب بن الحبحاب البصري: سمعت الشعبيَّ يحدّث عن مسروقٍ قال: كان إذا حدّث عن عائشة أمّ المؤمنين يقول: (حدثتني الصادقة بنت الصديق المبرأة كذا وكذا). رواه ابن سعد.
- وقال الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق أنه كان إذا حدث عن عائشة قال: (حدثتني المبرَّأة الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله). رواه ابن سعد في الطبقات، والطبراني في المعجم الكبير، ولحاكم في المستدرك، وأبو نعيم في الحلية.

علمها وفقهها
كانت عائشة رضي الله عنها أفقه النساء، لما حباها الله من منبت صدق، ومثوى مبارك في بيت النبوة، مع زكاة نفس، وطهارة قلب، وذكاء حادّ، وفطنة ونباهة، ونهمة في طلب العلم؛ فقد كانت لا تدع شيئاً لا تعرفه إلا سألت عنه، فتعلّمت من رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً غزيراً، وروت عنه فأكثرت وأطابت.
- قال داوود بن أبي هند، عن الشعبي عن مسروق قال: قالت عائشة: أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار} قالت: فقلت: أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: " على الصراط " رواه الإمام أحمد ومسلم.
- وقال عفان بن مسلم الصفار: حدثنا القاسم بن الفضل، قال: قال الحسن: قالت عائشة: يا رسول الله! {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} أين الناس؟
قال: «إنَّ هذا لشيءٌ ما سألني عنه أحدٌ من أمّتي قبلَك، الناس على الصراط». رواه أحمد.
- وقال نافع بن عمر الجُمحي: حدثني ابن أبي مليكة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حوسب عذب» قالت عائشة: فقلت أوليس يقول الله تعالى: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} قالت: فقال: " إنما ذلك العرض، ولكن: من نوقش الحساب يهلك). رواه البخاري.
ورواه أبو داوود من طريق أبي عامر الخزاز، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله! إني لأعلم أشدَّ آية في القرآن؟
قال: «أية آية يا عائشة؟»
قالت: قول الله تعالى: {من يعمل سوءا يجز به}.
قال: «أما علمت يا عائشة أنَّ المؤمن تصيبه النكبة، أو الشوكة فيكافأ بأسوإ عمله، ومن حوسب عذب»
قالت: أليس الله يقول: {فسوف يحاسب حساباً يسيراً}، قال: «ذاكم العرض، يا عائشة من نوقش الحساب عذب».
- وقال زياد بن الربيع اليحمدي البصري: حدثنا خالد بن سلمة المخزومي، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً). رواه الترمذي.
- وقال محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: «ما رأيت أحداً أعلم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أفقه في رأي إن احتيج إلى رأيه، ولا أعلم بآية فيما نزلت، ولا فريضة من عائشة»رواه ابن سعد.
- وقال عبد الله بن يوسف التنّيسي: حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: «ما رأيت امرأة كانت أعلم بطب، ولا بِفقهٍ، ولا بشعر من عائشة». رواه الطبراني في المعجم الكبير، ورواه أبو القاسم اللالكائي في السنة من طريق عمرو بن عبيد الله الأودي عن أبي معاوية به.
- وقال عبد الله بن معاوية الزبيري: حدثنا هشام بن عروة قال: كان عروة يقول لعائشة: يا أمتاه! لا أعجب من فقهك أقول: زوجة نبي الله وابنة أبي بكر!! ولا أعجب من علمك بالشعر وأيّام الناس أقول: ابنة أبي بكر، وكان أعلم الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو؟!! ومن أين هو؟!! أو ما هو؟!!
قال: فضربت على منكبه وقالت: أي عُريّة! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره أو في آخر عمره، وكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه؛ فتنعت له الأنعاتَ، وكنت أعالجها له فمن ثَم). رواه أحمد في المسند، وأبو نعيم في معرفة الصحابة.
- وقال أبو مسعود أحمد بن الفرات الضبي: أخبرنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: ما رأيت أحداً أعلمَ بالطبِّ من عائشة رضي الله عنها؛ فقلت: يا خالة! ممن تعلمت الطب؟
قالت: (كنت أسمع الناسَ ينعَتُ بعضُهم لبعضٍ فأحفظه). رواه أبو بكر الآجري في الشريعة، وأبو نعيم الأصبهاني في الطبّ النبوي.
- وقال سعيد بن سليمان الضبّي، عن أبي أسامة الكوفي، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: لقد صحبت عائشة رحمها الله حتى قلت قبل وفاتها بأربع سنين أو خمس سنين: لو توفيت اليوم ما ندمت على شيء فاتني منها؛ فما رأيت أحدا قطّ كان أعلم بآية أنزلت، ولا بفريضة، ولا بسنة، ولا أعلم بشعر ولا أروى له، ولا بيوم من أيام العرب، ولا بنسب، ولا بكذا، ولا بكذا، ولا بقضاء، ولا طبٍّ منها!!
فقلت لها: يا خالة! الطب من أين علمته؟
فقالت: (كنت أمرضُ فيُنعت لي الشيء، ويمرض المريض فيُنعت له، وأسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه).
قال عروة: (فلقد ذهب عامة علمها لم أسأل عنه). رواه أبو بكر الآجري في الشريعة.
- وقال أبو معاوية الضرير: حدثنا الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق أنه قيل له: هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟
فقال:(إي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض). رواه ابن المبارك في الزهد، وابن سعد في الطبقات، وابن أبي شيبة في مصنفه، والطبراني في المعجم الكبير، والحاكم في المستدرك وغيرهم، ورواه الدارمي من طريق عقبة بن خالد السكوني عن الأعمش بنحوه.
ورواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ من طريق عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن الأعمش بنحوه.
- وقال أحمد بن يونس: حدثنا المعافى بن عمران، قال: حدثنا المغيرة بن زياد، عن عطاء [بن أبي رباح] قال: «كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأياً في العامّة». رواه الحاكم في المستدرك، وفيه المغيرة بن زياد البجلي وثّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد.
يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.22 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]