عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 24-04-2024, 03:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – افرح ولا تفرح


  • على الإنسان أن يفرح أن مد الله عز وجل في عمره فأدرك شهر رمضان بأكمله وهو من الشهور العظيمة التي اختارها الله عز وجل وجعلها محلا لعبادة عظيمة
  • على الإنسان أن يحذر من خدع الشيطان فيدخل عليه فرح الغرور والعجب ويقول: أنا صليت أنا قمت أنا تصدقت أنا قرأت القرآن فهذه من محبطات الأعمال
في هذه الأيام من شهر شوال، التي تأتي بعد موسم شهر رمضان المبارك يمر على أهل الايمان يوم العيد الذي يفرح به أهل الإيمان بعد مسيرة طيبة مباركة من العمل الصالح، وأقول كما قال الصحابة -رضوان الله عليهم- إذا قابل بعضهم بعضا في مثل تلك الأوقات: تقبل الله منا ومنكم، أو مثلما نقول نحن: تقبل الله طاعتكم وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يعيد علينا وعليكم تلك الأيام المباركة أعواما عديدة وأزمنةً مديدة، وكل عام وأنتم بخير وأمنٍ وأمان وسلم وإسلامٍ وإيمان، وعنوان كلمتي هذه (افرح ولا تفرح)، قد يقول قائل كيف تريدنا أن نفرح ولا نفرح في الوقت نفسه؟!
افرح حمدا وشكرا لله -عز وجل- أن مد عمرك فأدركت شهر رمضان بأكمله، وهذا الشهر هو من الشهور العظيمة التي اختارها الله -عز وجل-، وجعله محلا لعبادة عظيمة وركن عظيم من أركان الإسلام وهو الصيام {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: 185).
افرح بإسلامك
افرح أنك أدركت هذا الشهر وأنت مسلم؛ فإن بعض الناس لم يدخل في الاسلام إلا في منتصف رمضان أو بعد ذلك أو قبله، فهناك آخرون مر عليهم هذا الشهر، إما كافرا وإما عاصيًا من أهل الإسلام؛ فاحمد الله على العافية ونعمة الهداية.
افرح بنعمة العافية
بل احمد الله -عز وجل- ان أتم الله عليك نعمة الصحة والعافية، وأتممت صيامة، افرح بأن الله -عز وجل- يسر لك فيه العبادات، مابين صيام وقيام وقراءة قرآن، وأعمال بر وإحسان افرح بذلك، يقول الله -عز وجل- {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}.
افرح بطاعتك
من يفرح فليفرح بهذا الأمر بالطاعة أكثر من أي فرح آخر {هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} من أموال، ومناصب، وشهادات، ومن متاع الدنيا؛ فالطاعة وأجرها ليس في الدنيا فقط وإنما ما في شيء يستمر معك أثره في الدنيا ولا في الآخرة إلا الأعمال الصالحة، أما غير ذلك فهو متروك في الدنيا فقط، تستفيد منها، أما بمجرد انتقالك لأول منازل الآخرة وهو القبر انتهى كل شيء، ولن يبقى معك وقتها إلا العمل الصالح.
افرح بتوفيق الله لك
افرح بتوفيق الله لك بأن أعانك على إتمام هذا البنيان العظيم من العمل الصالح، وهناك من عباد الله -عز وجل- من انقطع عملهم في أثناء الشهر، إما لمرض مزمن يصعب معه الصيام، وإما بالوفاة، وهم كثر رحمة الله على الجميع، وهناك أيضا من دفناهم بعد صلاة العيد مباشرةً رحمة الله عليهم، الشاهد أن هناك دواعي لفرحة جليلة بأن الله -عز وجل- جعلك تعيش أياما عظيمة، ووفقك فيها لأعمال كبيرة، فلتفرح بأن كنت من هؤلاء الذين اصطفاهم الله للعمل الصالح. افرح بأن دخلت في يوم العيد وهو يوم الجائزة؛ ولذلك كان السلف إذا فعلوا شيئا من الطاعات شعروا بسرور وفرح عظيم، وما أجمل تلك الحادثة التي ليس فيها مجرد عمل صالح وإنما خُتم له بالعمل الصالح حين قال الله -عز وجل-: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}، جاء الرمح من ظهره وخرج من صدره وهو يراه، فيقول وهو يضع يده على مكان هذا الرمح ويقول: فزت ورب الكعبة، فزت ورب الكعبة، فاز بماذا؟ بأن اتخذني الله شهيدا، أنا ذهبت أعلم الناس القرآن وقتلت دون ذلك، وكذلك أنت قدمت من جهاد نفسك وجهاد وقتك ومالك بأن تصوم وتصلي وتقرأ القرآن وتعمل عملا صالحا فلتقل في نفسك فزت بإذن الله ورب الكعبة، ولترج أن تكون عند الله من الفائزين.
إياك وفرح الغرور!
لذلك إخواني الكرام، هذا الفرح مهم جدا، أن تشعر نفسك بهذا الفرح وأن تفرح بفضل الله عليك، ولكن لا يدخل عليك الشيطان بالفرح الثاني عافانا الله وإياكم وهو فرح الغرور «أنا صليت، أنا قدمت، أنا عملت، أنا سويت» فلا تركن على أعمالك ثم بعد ذلك تتوقف عن العمل الصالح، وتظن بأنك قد وصلت إلى الجنة، ولكن يبقى بينك وبينها أن تموت فلايكن هذا شعورك. لماذا؟ لأن أهل الايمان وصفهم الله -عز وجل- بالذكاء؛ لأنهم لا يركنون إلى خدعة الشيطان، فيركنون إلى أعمالهم قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}، تسأل أم المؤمنين عائشة -رضوان الله عليها-: من هم يارسول الله؟ أهم الزناة والسراق، من يشربون الخمر؟ فيقول - صلى الله عليه وسلم -: أولئك الذين يصلون ويصومون ويتصدقون ويخافون ألا يُتقبل منهم! ماذا يريد الشيطان منك؟ خرج من رمضان وقد صام وصلى وقام الليل وقرأ القرآن وختمه وزكى وتصدق، وأتى من أعمال البر الخير الكثير، الله أكبر عملت شيئا عظيما، ماذا يريد منه الشيطان؟ يريده أن يغتر بهذا العمل حتى تركن إليه وتترك هذا العمل، لا! فالمؤمن يفطن لذلك -بفضل الله- ويحدث نفسه أنه لعل الله لم يتقبل مني فدعني أزيد في الأعمال الصالحة وأداوم عليها، لعل الله أن يقبلني -سبحانه وتعالى-، هذا ديدنه يعمل العمل من الطاعات ويخاف ألا يتقبل منه فيستمر رجاء القبول مع علمه بأن الله -تعالى- لايضيع عمل المحسنين، وأن الله بالعباد رؤوف رحيم {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} فالله لايضيع إيمانك ولا أعمالك الصالحة.
دعوة عبدالله بن مسعود
ولذلك يدعونا الأمر إلى أن ندعو بدعوة عبدالله بن مسعود، عندما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد ليلا ومعه أبوبكر وعمر بن الخطاب -رضوان الله عليهما- فدخلوا المسجد فإذا عبدالله بن مسعود يصلي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أراد أن يقرأ القرآن غضا فليقرأه من ابن أم عبد- يعني عبدالله بن مسعود- ثم إذا سمعه وصل إلى دعاءه وسمعه يثني على الله -عز وجل- ويصلي على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - قال «سل تعطه، سل تعطه، سل تعطه «وعبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - لايدري عن هذا الحوار، فلما انتهى من صلاته جاءه أبوبكر - رضي الله عنه - بعد ذلك قال له: أبشر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال كذا وكذا فبماذا كنت تدعو؟ قال كنت أدعو وأقول: «اللهم اني أسألك إيمانًا لا يرتد (ثبات وإقدام)، قال: ونعيمًا لا ينفد (جنه عرضها السموات والأرض ونعيم الدنيا بالهداية)، قال: ومرافقة محمد - صلى الله عليه وسلم - في جنة الخلد، وقد بشره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقبول (سل تعطه) معناها: أن الله -عز وجل- أعطاه فثبته على الإيمان الذي لايرتد، وبشر بنعيم عند الله لا ينفد، وبمرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنة الخلد وهو معهم -رضي الله عنهم جميعا. وجاءه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كذلك يريد أن يبشره فقال له قد سبقك أبو بكر - رضي الله عنه - فقال: ماسابقت أبا بكرٍ بشيء الا وسبقني، فعليك بهذا الدعاء الذي بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -، ليكن -بإذن الله- بشرى لك وثباتا على دينك حتى تلقى الله -عز وجل.

اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]