عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 05-04-2024, 04:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,548
الدولة : Egypt
افتراضي رد: درس وعظي في رمضان عن التوبة

درس وعظي عن الاستقامة عنوان الفلاح (5)

مرشد الحيالي

الحمد لله الذي جعل الاستقامة عنوان الفلاح، ورَزَقَ مَن داوم على الطاعة حسن الخاتمة والنجاح، والصلاة والسلام على خير نبي أُرسِل، وأوحى إليه بأعظم كتاب أُنزل، وعلى آله وزوجاته الطاهرات والأصحاب، الذي جعلهم الله بمنِّه وفضله من أولي الألباب، وعلى من تبعهم، وسار على هديهم ونهجهم إلى يوم الدين؛ أما بعد:
قال تعالى في محكم التنزيل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32].

بيَّن الله في هذه الآيات الكريمات أن الملائكة الكرام تبشر المستقيمين المطيعين عند الاحتضار بخيرٍ عظيم، ونُزُلٍ كريم في جنات النعيم.

وعن أبي عمرو سفيان بن عبدالله الثقفي رضي الله عنه، قال: ((قلت: يا رسول الله، قُلْ لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: قل: آمنت بالله، ثم استقم))؛ [رواه مسلم في صحيحه].

وعن أبي ذر ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اتقِ الله حيثما كنت، وأتْبِعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالِقِ الناس بخُلُق حسن)).

وإنما قال ذلك لمعاذ حينما أراد أن يسافر، فأوصاه بملازمة التقوى في كل حال، خاصة في حال السفر، ولأن كثيرًا من الناس يتفلَّتون في أسفارهم، ويفعلون أمورًا لا يفعلونها في حال الحضر والإقامة.

والإيمان - كما جاء عن سلف الأمة - هو قول باللسان، وتصديق بالجَنان، وعمل بالأركان، كما اتفق على ذلك أئمة الهدى، ومصابيح الدُّجى، ثم يأتي بعد الإيمان الاستقامةُ؛ ومعناها: المداومة على كل عمل صالح مبرور في كل وقت وزمان.

وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه الكرام على المداومة على العمل الصالح، وعدم الانقطاع عنه، ولو كان العمل قليلًا، ويبين أن ذلك من صفات المؤمنين الصادقين، وألَّا يروغَ الإنسان روغان الثعالب.

فعن هشام بن عروة، قال: أخبرني أبي عن عائشة: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها، فرأى عندها امرأةً، فقال: من هذه؟ فقالت: هذه فلانة، من حالها لا تنام، فقال: مَهْ، عليكم من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يَمَلُّ حتى تملوا، وكان أحب الدين إليه أدومه)).

ولهذا كان من هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم أنه إذا فاته وِرْدُه من الليل، قضاه في النهار؛ لئلا يترك عبادةً كان قد تعوَّد عليه، ودوام عليها.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة)).

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كُتب له كأنما قرأه من الليل)).

وهذا لا يعني أن الإنسان لا يخطئ، ولا يقع في المعصية والذنب، فقد يقع في المعصية، ولكنه لا يصر عليها؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201].

فحرِيٌّ بنا ونحن نودع شهر رمضان المبارك أن نستمر على القيام، وقراءة القرآن والصيام، ومن أجل ذلك شرع لنا الإسلام صوم ستٍّ من شوال؛ فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر))؛ [أخرجه مسلم].

اللهم ارزقنا المداومة على الطاعات، وثبتنا وجميع المسلمين عند الممات، واختم بالصالحات أعمالنا، وتقبل منا يا رب أعمالنا، وجمِّلنا بالإخلاص في القول والعمل، وارزقنا الشهادة عند حلول الأجل، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.62%)]