الموضوع: وقفات رمضانية
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-04-2024, 03:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,590
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات رمضانية

وقفات رمضانية (3) الموسم الرابع

حديثنا اليوم عن أركان الصوم؛ النية وما يتعلق بها، شروط الصوم

د. عبدالسلام حمود غالب

أركان الصيام:
للصيام ركنان:
الأول: النية:
تعريف النية: القصد، وهو اعتقاد القلب فعل شيء وعزمه عليه، من غير تردد، والمراد بها هنا: قصد الصوم، فمتى خطر بقلبه في الليل أن غدًا من رمضان، وأنه صائم فيه، فقد نوى.

هل النية شرط أو ركن؟ اتفق الفقهاء على أن النية مطلوبة في كل أنواع الصيام، فرضًا كان أو تطوعًا، إما على سبيل الشرطية أو الركنية، علمًا بأن الشرط: ما كان خارج ماهية أو حقيقة الشيء، والركن عند الحنفية: ما كان جزءًا من الماهية، ومحل النية: القلب، ولا يشترط التلفظ بها؛ ففي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: "وكذلك نية الصيام في رمضان، لا يجب على أحد أن يقول: أنا صائم غدًا، باتفاق الأئمة، بل يكفيه نية قلبه".

قال شيخ الإسلام رحمه الله في (الاختيارات ص 191): "ومن خطر بقلبه أنه صائم غدًا فقد نوى".

وفي الموسوعة الفقهية: "التبييت: وهو شرط في صوم الفرض عند المالكية والشافعية والحنابلة، والتبييت: إيقاع النية في الليل، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ويجوز أن تُقدَّم من أول الليل، ولا تجوز قبل الليل؛ وذلك لحديث ابن عمر، عن حفصة رضي الله تعالى عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له))".
حكم النية في الصوم:
لا يصح الصوم بدون نية، وذلك باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، وحُكِيَ الإجماع على ذلك؛ قال ابن قدامة: "وجملته أنه لا يصح صوم إلا بنية إجماعًا، فرضًا كان أو تطوعًا"؛ [المغني لابن قدامة (3/ 109)]؛ لأن الصوم عبادة محضة، فافتقر إلى النية، كالصلاة وغيرها، ولأن الصوم هو الإمساك لغةً وشرعًا، ولا يتميز الشرعي عن اللغوي إلا بالنية، فوجبت للتمييز.
وقت النية في الصوم:
يجب تبييت النية من الليل قبل طلوع الفجر، وهو مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول طائفة من السلف؛ قال ابن عبدالبر: "ولا يجوز صوم شهر رمضان إلا بأن يُبيِّتَ له الصوم، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، بنيَّةٍ"؛ [الكافي (1/ 335)].

قال الشوكاني: "والحديث فيه دليل على وجوب تبييت النية وإيقاعها في جزء من أجزاء الليل، وقد ذهب إلى ذلك ابن عمر وجابر بن يزيد من الصحابة، ومالك والليث، وابن أبي ذئب"؛ [نيل الأوطار (4/ 232)].
حكم تجديد النية في كل يوم من رمضان:
اختلف أهل العلم في اشتراط تجديد النية في كل يوم من رمضان على قولين:
القول الأول: يشترط تجديد النية لكل يوم من رمضان؛ وهو مذهب الجمهور: الحنفية، والشافعية، والحنابلة؛ لأن كل يوم من رمضان عبادة مستقلة.

القول الثاني: أن ما يشترط فيه التتابع تكفي النية في أوله، فإذا انقطع التتابع لعذرٍ يُبيحه، ثم عاد إلى الصوم؛ فإن عليه أن يجدِّدَ النية؛ وهو مذهب المالكية، وقول زفر من الحنفية، واختاره ابن عثيمين؛ وذلك لأن الصوم المتتابع كالعبادة الواحدة، من حيث ارتباط بعضها ببعض، وعدم جواز التفريق بينها؛ ولذا تكفي النية الواحدة، كما أن النية إذا لم تقع في كل ليلة حقيقةً، فهي واقعة حكمًا؛ لأن الأصل عدم قطع النية.
حكم تبييت النية من الليل في صيام التطوع:
لا يشترط في صيام التطوع تبييت النية من الليل؛ وهو مذهب الجمهور، والدليل: فِعْلُ النبي عندما أصبح ولم يجد أكلًا، فقال: إني صائم.

حكم من علَّق الصوم، فقال مثلًا: إن كان غدًا رمضان، فهو فرضي، أو سأصوم الفرض:
إذا عقد الإنسان النية على أنه إن كان غدًا رمضان فهو فَرْضِي، أو سأصوم الفرض، فتبين أنه رمضان، فصومه صحيح، وهو رواية عن أحمد، وإليه ذهب ابن تيمية.

قال ابن تيمية: "والأظهر صحته - أي الصوم بنية التطوع بعد الزوال - كما نُقِل عن الصحابة"؛ [مجموع الفتاوى (25/ 120)، وابن عثيمين]؛ وذلك لأن هذا التردد مبنيٌّ على التردد في ثبوت الشهر، لا على التردد في النية، وهل يصوم أو لا يصوم، فهو ها هنا قد علق الصوم على ثبوت الشهر، فلو لم يثبت الشهر لم يصُمْ. حكم صوم من نوى قطع صومه في رمضان:
من نوى في يوم من رمضان قطعَ صومه، فإن صومه ينقطع، ولا يصح منه، وعليه القضاء وإمساك بقية اليوم، إن كان ممن لا يُباح لهم الفِطْرُ، فإن كان ممن يُباح لهم الفطر؛ كالمريض والمسافر، فعليه القضاء فقط، وهو مذهب المالكية، والحنابلة، ووجه عند الشافعية، واختاره ابن حزم، وابن عثيمين.

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما الأعمال بالنيات)).

أنه ما دام ناويًا للصيام، فهو صائم، وإذا نوى الإفطار أفطر، فالصوم عبارة عن نية، فإذا نوى قطعها انقطعت، كالصلاة إذا نوى قطعها، فإنها تنقطع، ولأن الأصل اعتبار النية في جميع أجزاء العبادة حقيقةً وحكمًا، ولكن لما شقَّ اعتبار النية حقيقةً وحكمًا، اعتبر بقاء حكمها، وهو ألَّا ينوِيَ قطعها، فإذا نواه زالت النية حقيقةً وحكمًا؛ لأن نية الإفطار ضد نية الصوم.

حكم التردُّد في النية:
من تردَّد في نية الصوم الواجب، هل يصوم غدًا أو لا يصوم؟ واستمر هذا التردد إلى الغد، ثم صامه، فصومه غير صحيح، وعليه قضاء هذا اليوم، وهذا مذهب الجمهور؛ من المالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول بعض الحنفية؛ وذلك لأن هذا مخالف لشرط من شروط صحة الصوم وهو النية، التي هي عَقْدُ القلب على فعل الشيء، والتردد ينافي ذلك، ومتى اختلَّ هذا الشرط فسد الصوم، ووجب القضاء؛ قال النووي: "لو عقب النية بقوله: إن شاء الله، بقلبه أو بلسانه، فإن قصد التبرُّك أو وقوع الصوم وبقاء الحياة إلى تمامه بمشيئة الله تعالى، لم يضره، وإن قصد تعليقه والشك، لم يصحَّ صومه، هذا هو المذهب، وبه قطع المحققون"؛ [المجموع (6/ 298)]؛ قال الحجاوي: "ومن قال: أنا صائم غدًا إن شاء الله، فإن قصد بالمشيئة الشك والتردد في العزم والقصد، فسدت نيته، وإلا لم تفسد؛ إذ قصده أنَّ فِعْلَه للصوم بمشيئة الله وتوفيقه وتيسيره"؛ [الإقناع للحجاوي (1/ 309)].

قال الزيلعي: "وفي جوامع الفقه إذا قال: نويت أن أصوم غدًا إن شاء الله تعالى، صحَّت نيته؛ لأن النية عمل القلب دون اللسان، فلا يعمل فيه الاستثناء، وفي الذخيرة ذكر شمس الأئمة الحلواني أنه لا رواية لهذه المسألة، وفيها قياس واستحسان؛ القياس: ألَّا يصير صائمًا، كالطلاق والعتاق والبيع، وفي الاستحسان: يصير صائمًا؛ لأنه لا يُراد الإبطال، بل هو للاستعانة، وطلبًا للتوفيق"؛ [تبيين الحقائق ((1/ 316].
الركن الثاني: الإمساك عن المفطرات:
من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس؛ قال الله تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187].

شروط صحة الصيام:
1- الإسلام؛ لأن الصيام عبادة، فلا يصح من كافر خلاف من يقول: إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؛ قال ابن حزم: "اتفقوا على أن صيام نهار رمضان على الصحيح، المقيم، العاقل، البالغ الذي يعلم أنه رمضان، وقد بلغه وجوب صيامه، وهو مسلم"؛ [مراتب الإجماع (ص 39)، وانظر المحلى لابن حزم (6/ 160)]، وقال: "فمِنَ الفرض صيام شهر رمضان، الذي بين شعبان، وشوال؛ فهو فرض على كل مسلم، عاقل، بالغ، صحيح، مقيم، حرًّا كان أو عبدًا، ذكرًا أو أنثى، إلا الحائض والنُّفَساء، فلا يصومان أيام حيضهما ألبتة، ولا أيام نِفاسهما، ويقضيان صيام تلك الأيام، وهذا كله فرض متيقن من جميع أهل الإسلام"؛ [المحلى بالآثار (4/ 285)].

2- النية؛ لأن الصيام عبادة، فلا يصح إلا بنية.

3، 4- البلوغ والعقل؛ قال ابن عثيمين: "ويحصل بلوغ الذَّكَرِ بواحد من أمور ثلاثة: أحدها: إنزال المني باحتلام أو غيره، الثاني: نبات شعر العانة؛ وهو الشعر الخشن ينبُت حول القُبُل، الثالث: بلوغ تمام خمس عشرة سنةً، ويحصل بلوغ الأنثى بما يحصل به بلوغ الذَّكَر، وزيادة أمر رابع وهو الحيض"؛ [مجالس شهر رمضان (ص: 28)].

قال النووي: "المجنون لا يلزمه الصوم في الحال بالإجماع"؛ [المجموع (6/ 251)].

5- وبالنسبة للنساء الطهارة من الحيض والنِّفاس.

6- الإمساك عن المفطرات من أكل وشرب وجماع أو ما يقوم مقامها.

وقت الصيام:
وقت الصيام يبدأ من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس.
البلاد التي لا تطلع عليها الشمس إلا لحظات، أو لا تغيب عنها الشمس إلا لحظات، أو لا تغيب عنها الشمس صيفًا، أو لا تطلع فيها الشمس شتاءً، أو البلاد التي يستمر نهارها ستة أشهر، وليلها كذلك، أو أكثر أو أقل ونحو ذلك؛ فالخلاصة كما يلي:
فهذه البلاد يقدَّر وقت الصلاة والصيام فيها بأقرب بلد إليهم يتميز فيه الليل من النهار، فيحددون أوقات الصلوات الخمس، وأول الشهر، ونهايته، وبدء الإمساك في رمضان، ووقت الإفطار، حسب توقيت ذلك البلد في الصيف والشتاء.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.50 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]