عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18-03-2024, 05:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,140
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ثمار العبودية في رمضان


كنا نرى الأصنامَ من ذهبٍ
فنَهدمها ونهدِم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لحازها
كنزًا وصاغ الحُلي والدينارا

ومن ثمرات العبادة أنها تدفع صاحبها إلى القيام بالحق، ودفع الظلم ونشر العدل ولو على نفسه؛ لأنه يستشعر عظمة الله ويدرك مسؤوليته والأمانة التي تحملها، والقيم التي بُعث بها محمدٌ صلى الله عليه وسلم، ويوم أن كنا عباد لله، وكانت أخلاق القرآن هي التي تحكم تصرفاتنا، فتحت لنا قلوب العباد وكثير من البلاد، وسَعِدت المجتمعات والأُمم..

ملكنا فكان العدلُ فينا سجيةً
فلما ملكتم سال بالدم أبطحُ
وحلَّلتم قتل الأسارى وطالَما
غدونا على الأسرى نَمُنُّ ونصفَحُ
فحسبُكم هذا التفاوت بيننا
فكلُّ إناء بالذي فيه ينضحُ


فالعبودية لله حياة ونصر وتمكين وسعادة وراحة بال، وهي عدل وأخلاق وعزة، وهي كذلك نجاة من عذاب الله وسخطه، وهي فوز برضاه وجنته.


فاللهم وفِّقنا لعبادتك واستعملنا في طاعتك، قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.


الخطبة الثانية
عباد الله، من ثمرات العبادة أنها سبيل لصلاح المجتمع، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والعلم يزيد الخشية والخوف، والزكاة والصدقة تربي النفوس على التراحم والتعاطف والتكافل، والحج يربي المسلم على الاتباع وحسن العمل، والأخوة والاستعداد للدار الآخرة، وغير ذلك من العبادات والأعمال الصالحة، والصوم يهذب النفوس ويربِّيها على تقوى الله ومخافته؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لعلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183]، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)؛ (البخاري).


فإذا لم يُحدث الصيام للإنسان تلك التقوى، فإنه لم يحقق الغرض الذي شرعه الله من أجله، وها هو رمضان قد أقبل علينا وفيه يجد المسلم الكثيرَ من العبادات والطاعات؛ ليزيد من تقواه وخشيته لله، وإن خير زينة يتزين بها العبد لا تكون بملابسه الجميلة وذوقيَّاته الرفيعة، وكلامه الدقيق المنمق الواضح البيِّن، ولكنها التقوى خير زينة وخير لباس؛ قال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [لأعراف:26]...

إذا المرءُ لم يلبَس ثيابًا من التقى
تقلَّب عريانًا وإن كان كاسيَا
وخيرُ لباس المرء طاعةُ ربه
ولا خير فيمَن كان لله عاصيَا


إن رمضان فرصة لتعمير القلوب بالتقوى والعمل الصالح، والمحروم مَن حُرم فيه الخير، ولم يتزوَّد منه ولم يعمل فيه أعمالًا تقرِّبه من ربه، وتسعده في دنياه وآخرته...

يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربَّه في شهر شعبان
لقد أظلكشهرُ الصبر بعدهما
فلا تصيِّره أيضًا شهرَ عصيانِ


وشهر رمضان وغيره من مواسم الطاعات، فُرص يستغلها العباد في تحقيق العبودية لله بالنية الخالصة والعمل الصالح، وهم لا يفرِّطون في هذه المواسم لأهميتها، ولأنها قد لا تعود فتكون الحسرة والندامة، لَما نزل الموت بيزيد الرقاشي أخذ يبكي ويقول: من يصلي لك يا يزيد إذا متَّ؟ ومن يصوم لك؟ ومن يستغفر لك من الذنوب، ثم تشهَّد ومات، ونحن نقول من يصلي لك أيها المسلم ومن يصوم ويزكي، وينفق عنك إذا لم تقم أنت بذلك، وتستغل نفحات الرحمن ورياح الإيمان في شهر رمضان.


فاللهم يا سامع الدعوات، ويا مقيل العثرات، ويا غافر الزلات، اجعلنا من عبادك التائبين، ولا تردَّنا عن بابك مطرودين، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وبلِّغنا رمضان ووفِّقنا للصلاة والصيام والقيام، واكتُب لنا الرِّضوان.


هذا وصلُّوا وسلِّموا رحمكم الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، فقد أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].


اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين..

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.99 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]