عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 09-10-2023, 03:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,081
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة

– حسن الظن بالله


  • بالابتلاء يتعاهد الإنسان نفسه ويزكيها ويصلح ما انفرط من عهودها مع الله فيرجع لمولاه فيتبرأ من حوله وقوته ليلوذ بحول الله وقوته
  • المؤمن يتلقى أمر اللّه برضا واستسلام لأنه ما ركن للحياة الدنيا ولا أخلد فيها ولأنه يعلم أنها جسر العبور ومزرعة لحياة أخرى
  • الابتلاءات تضبط بوصلة الإنسان وتصحح مساره فيعود لله ذليلاً خاضعاً راجياً التوبة والقبول
أبدا أولا بالابتهال إلى الله -تعالى- أن يرفع عن أمة الإسلام والمسلمين كل مصيبة وبلاء، وأن يلهم الصبر والسلوان كل من أصيب بهذه المصائب التي قدرها الله -عز وجل- على أمتنا في ليبيا والمغرب ومصر وغيرها من البلدان الأخرى، وأن يثيبهم أجرا عظيما، ويجعل ذلك في ميزان حسناتهم. وأريد أن أقف وقفة سريعة على هذه الأحداث:
الوقفة الأولى
يجب أن نعلم أن الملك لله، والله يفعل بملكه ما يشاء {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، فلا يحق لأحد أن يعترض على أقدار الله -عز وجل- في ملكه؛ فالله -عز وجل- يعطي من يشاء، ويؤمِّن من يشاء، ويخوف من يشاء، ويغني من يشاء، ويفقر من يشاء، ويصح من يشاء، ويمرض من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، فهذا كله بيد الله -عز وجل-، وكل أقواله وأفعاله لحكمة، فهو الحكيم الخبير.
الوقفة الثانية
لا تسئ الظن بالله -عز وجل-؛ فالله -سبحانه- له حكمة في كل أموره، فبعض الناس قد يقول: لماذا يقدر الله هذه الأقدار على الناس وهي دول عربية ومسلمة، ومع أنها أمة محمد - صلى الله عليه وسلم ؟ ومع ذلك لا يحق لنا أن نسأل هذا السؤال؛ فالله يَسأل ولا يُسأل، قال -تعالى-: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}، وهذا السؤال قد يجر الإنسان إلى أن يسيء الظن بالله -عز وجل-، والله قال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}. في صحيح البخاري ومسلم «دخل جماعة على عمران بن حصين، وكان مريضا قد نزل به من المرض ما نزل، فابتأسوا لحاله، وأظهروا هذا الأمر بالأقوال والأفعال، وهو صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم: لا تحزنوا؛ فإن الله -تعالى- قال: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (الشورى:30) وهذا فيه أمران: 1- الأول: إحسان الظن بالله؛ لأنه عفا عن كثير. 2- الثاني: إساءة الظن بالنفس؛ لأنها السبب في المصائب والابتلاءات. وهل قال الله لنبيه: إنه لا يصيب بالابتلاءات والمصائب من كان موحدا؟ كلا؛ فالله لم يقل ذلك، بل قال في آية تدل على أن المصائب سنة ماضية في الخلق، فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة157).
سنة ماضية في الخلق
فالله بين أنها سنة ماضية في الخلق، وأنه -سبحانه- عفا عن أشياء كثيرة، تصدر مني ومنك ومن الناس ومن الأمة أجمع، وأن الله أخبر أنه لو أراد أن يحاسب كل إنسان فردا ومجموعة أو أمة على كل ما فعلوه أنظر إلى النتيجة قال -تعالى-: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} (45البقرة)، ولكن الله يعفو ويتجاوز ويرحم، بل جاء قوم لعلي بن أبي طالب فقال لهم: «ألا أخبركم بحديث على كل مسلم مؤمن أن يحفظه، إن الله إذا عاقب في الدنيا عقوبة عفا عنها في الآخرة، ومن لم يأخذه في الدنيا فإن الله يغفرها بمغفرته ورحمته يوم القيامة».
لا تحكم على الأحداث
فلا تحكم على ما حدث أنه عقوبة؛ فربما كان ابتلاء، وأحسن الظن بربك وأسئ الظن بنفسك، ولا تفرح بوقوع مصيبة، وإذا أردت أن تتكلم فتكلم عن شكر نعم الله الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، فنحذر من المعاصي والآثام والخطأ الذي يقع فيه الناس، ولكن لا نتشفى ولا نضحك ولا نرقص على مصائب الناس؛ فهو خلاف ما جرت عليه سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يحزن للمصائب التي تقع على الأفراد، كما كان يحزن على ما يقع للأمة، وهذا ما يجب على كل مسلم معتدل في مشاعره وإيمانه وعلمه، ليقوده ذلك إلى كيفية التعامل مع الأحداث.
موقف المؤمن من الابتلاءات
يتميز المسلم عن غيره في الابتلاء من خلال ردة فعله وسلوكه؛ فالمؤمن يتلقى أمر اللّه برضا واستسلام؛ لأنه ابتداء ما ركن للحياة الدنيا ولا أخلد فيها، ولأنه يعلم أنها جسر العبور ومزرعة لحياة أخرى؛ ولهذا فإن المسلم ينظر للابتلاء نظرة يستقي منها ويُربي نفسه على أبعاد الابتلاء وقيمه التربوية، ومن هذه الأبعاد والقيم:
  • أولاً: تحقيق العبودية لله
فالإنسان في كل حالاته ومقاماته لا يتعدى كونه عبداً لله؛ لقوله -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)؛ فلا يزال يتنقل في عبوديته بين الشكر في السراء والصبر في الضراء، لا تفتنه الحياة بمباهجها، ولا تجزعه بمصائبها، ولا يخرج بذلك عن مقام العبودية لله.
  • ثانياً: التوبة والأوبة لله
يقول -جل شأنه-: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (الحديد:16)، فالابتلاءات تضبط بوصلة الإنسان وتصحح مساره، فيعود لله ذليلاً خاضعاً راجياً التوبة والقبول، والإنسان أقرب ما يكون لمولاه إنما في شدته ومصابه، وكأن الشدائد لها قرع يحيي موات القلوب ويستلها من غفلتها، فتعود عن ضلالها وغيها لرحاب الله كعودة العبد الآبق بين يدي سيده نادماً خاضعاً، يرجو العفو والمغفرة والقبول.
  • ثالثاً: الإخلاص وتزكية النفس
وهذا مدار سعي الإنسان في حياته: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (الشمس:7-10) فبالابتلاء يتعاهد الإنسان نفسه ويزكيها ويصلح ما انفرط من عهودها مع الله؛ فيرجع لمولاه، ويتبرأ من حوله وقوته ليلوذ بحول الله وقوته.
  • رابعًا: التضرع والدعاء لله
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} (الأنعام:42)، وقد قيل في تفسير هذه الآية: «البأساء: الفقر والمصائب في الأموال، والضراء: المرض والمصائب في الأبدان، لعلهم يدعون الله بضراعة وهي التذلل» (زبدة التفسير).
  • خامسًا: تكفير الذنوب والخطايا
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مصيبة يصاب بها المسلم إلا كفر بها عنه، حتى الشوكة يشاكها» (رواه مسلم).
  • سادسًا: الثواب العظيم الذي يرجوه المؤمن من ربه
والمؤمن يرجو من ربه الثواب العظيم فيما أصابه من مصائب وشدائد؛ لقوله -تعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة:155-157).

اعداد: د. خالد سلطان السلطان

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 01-05-2024 الساعة 01:36 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.31 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]