عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25-09-2023, 05:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,641
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التراث والنبراس (1) نظرات في أعياد الضاد

التراث والنبراس (3)

المفكرون واستشعار الخطر

محمد صادق عبدالعال

ويظل حرف الضاد مرصودًا ولا يخلو من اللمز ولا ينجو من الهمز ولا من وقع السهام المٌصوبة إليه حتى من ذويه الذين هم أولى الناس به اِعتزازًا، وأجدر الخلق به افتخارًا، وخليق بهم إثبات حضوره وبعثهِ ونشوره، متى طَمَّ سيل الفرنجة واستحال الحديث للأعجمية أَميَّل وعن العربية بمنأى ومَعزِل؛ ذلك لما له من مهابة وشرف انتساب لكن العازفون عن الجمال المطبوع يعوزن لغيره المصنوع فيختلقون لأقلامهم المعاذير بحجة التغيير؛ فيصادفون على نفس الطريقة أمثالهم فيمجدَّون لهم ذلك الصنيع، وما أراه غير تشنيع، ولا أجد من حَرج أن أذكرهم بقوله تعالى: ﴿ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ [الرحمن: 13]!! فإن لم يكن للعربية فضلٌ سوى التنَّعم بحلاوة النص القرآني لكفى، فسبحان من اصطفى لنا خير نبي ولقرآنه الكريم أعظم حرف والله على ما أقول وكيل.

وفي سطور ليست بالقليلة ولا بالطويلة سوف نسجل شهادات دفاع وذود عن العربية السامية رجال عرفوا لتلك اللغة العالية المقاصد العظيمة المعاني قدرها ودورها الرائد في كل زمان ومكان، رحم الله منهم من سبقنا لدار الحق ونصر وأعان من لا زال على قيد الحياة ونصرةً لهذا الحرف الذي يحمل هوية أمة هي خير أمة أخرجت للناس.

وليكن ولوجنا من مصر المحروسة وكل بلاد العرب والإسلام محروسة بفضله وكرمه:
د/ مصطفى محمود ومشكلة الفرنجة.
ولو عدنا للشواهد على التنصل والتفريط في اللغة الأم لتخيلت المتصدي لها أشبه بمن يقف في وجه رمال الصحراء تدفعها ريح السموم دفعًا، أو من يواجه طواحين الهواء ومن " كتاب للراحل الدكتور//مصطفى محمود " رحمه الله" (الإسلام في خندق) يرى فيه أن الإسلام قد وقع في خندق بأيدي أتباعه وأنصاره ويقصدنا نحن العرب- إذ يبرز باختصار أن أعداء الإسلام قد صنعهم الآخر على شاكلتين مختلفتين- والأغرب من ذلك أن الشاكلتين تتفقان رغم اختلاف المنهج على تقويض حظيرة الإسلام، ولسنا بشأن الخوض في ثنايا الكتاب إلا في مٌعنونة للكاتب تحت اسم " الغزاة الجدد والذي أظهر فيه جزعه وخوفه من أمر ربما مَرَّ عليه الكثير مرور الكرام إلا القليل ممن يزعجهم طغيان اللسان الأعجمي وعزو الصدور قبل الدور فيصرح شاهدًا حاكيًا:
بجولة في شوارع القاهرة المٌعزية العربية الإسلامية ما قد أفزعه من أسماء انجليزية وفرنسية لمحلات ومطاعم، حتى الحلاق قد اقتبس اسمًا من أسماء مشاهير الغرب ليجذب إليه الكثير من شبابنا العربي فضلًا عن العديد من المحال التجارية، ويتعجب كيف تفرنجت؟!! ليسير الواحد منا في شوارع مصر الآن فيرى ما يخيل إليه أنه ببقعة من بلاد الغرب لولا جونا الدافئ فيقول:
"اللافتات وأسماء المحلات في الشارع المصري تكاد تختفي منها اللغة العربية وحيثما ذهبت بعينيك لا ترى إلا أسماء فرنسية وانجليزية وإيطالية.... على اليمين واليسار غزو ثقافي مكتسح".

ويعدّدّ الكاتب رحمه الله أسماءً لمحلات تجارية ومطاعم ومصانع وخلافهم لكنه يؤكد في نهاية المعنونة أن "الغزو الثقافي" رغم ضراوته لم يتجاوز القشرة الرقيقة الخارجية والتي ما تلبث أن تتمزق أمام أي عارض، وتظهر من ورائها الماهية والهوية الدينية الأصيلة لهذا البلد العريق[1].

ويشارك الراحل د مصطفى محمود// استشعار الخطر الداهم من تفشي الاستغراب داخل جغرافية الشرق العربي الأكاديمي أ. د/سليمان الشطي// في ثلاثية الاحتفال بسنوية اللغة العربية بمقاله " مشهد مؤلم اللغة العربية في عصرنا معنونة " لغة تمت تنحيتها " العربي / ع 709 / ص 100/ فيظهر قلقه وتخوفه كاتبًا:
(إن اللغة الانجليزية هي الأكثر استخدامًا في الأسواق والمستشفيات والشركات وكل تعاملاتك ستكون أسهل متى استخدمت اللغة الانجليزية في التعاملات اليومية فنرى الفاتورة والايصال والرسائل ومعرض السيارات وخلافها. وينقل الصورة المؤلمة كاتبًا: (تجد كل هذا وأكثر وأنت تسير في الشوارع والأسواق وتدخل المجمعات الضخمة تحت اسم (المولات بدلًا من المتاجر والدكاكين وكثير من أسماء ما أنزل الله بها من سلطان).

ولا يدعونا هذا الكلام أن نتخفف من همنا العربي الكبير بشأن اللغة قدر ما يستدعي حالة من الاستنفار "للأمن الثقافي" بأن يتحرك بخطى سريعة ذات شهامة وإنصاف!

جهود متواضعة.
جهد أول:
ولقد بٌذّلت جهود ضنينة ولكن تٌذكر لأصحابها اعترافًا لهم بما بذلوا حتى ولو كانت تلك الجهود قليلة لكنها محاولات منهم تشبه من يدفع بالقشة رواكد الطين الثقيلة التي جعلت الماء ساكنًا لا يجرى؛ وهذا الكلام نقلًا عن مقالة موثقةً للدكتور / جابر عصفور / بمجلة العربي الشهرية ولقد تناولت في التاليات من الصفحات بعضًا منها وما أنقله عنه الآن كنت أعلمه ولكن التوثيق بالمصدر أجدر بأن يكتب:
يذكر الكاتب أعني د/ جابر عصفور - في جزئية للمقال بعنوان " مقاومة لغزو الكلمات الأجنبية بعدما فشت الأسماء الأجنبية للمحال التجارية والشركات الأمر الذي أزعج الراحل د/ مصطفى محمود رحمه الله؛ قام وزير التموين والتجارة حينها د/ أحمد جويلي // وهو أستاذ جامعي أصلًا وابن محافظة دمياط إلي:
(1) (إصدار قرار بمراجعة الشركات والمحال التي تحمل أسماء أجنبية، وأنذارها بتعديل أسمائها إلى اللغة العربية طبقًا للقانون رقم 155 لسنة 1958 ) وينص على استخدام اللغة العربية في المعاملات والاعلانات التجارية. وكان دافع الوزير حينها إلى إعمال القانون الذي طواه النسيان) ينطلق من الوعي بضرورة الحفاظ على لغتنا التي هي عنوان هويتنا القومية، كما لا يصح في معنى الاستقلال الوطني أو القومي تجاهل أو تشويه أو استبدال هذه اللغة بأي حال من الأحوال[2].

جهد ثانِ:
( تقدم النائب الإذاعي فهمي عمر " وكان مذيعًا مقتدرًا في أدائه اللغوي بالإذاعة المصرية – بمذكرة حول الموضوع إلى لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشعب في دورة من الدورات واستجابت اللجنة الى المذكرة، ودعت لجلسات استماع من المتخصصين وكان من أبرز المتحدثين فيها أستاذنا / شوقي ضيف رحمه الله "وبرفقته الأمين العام للمجمع ومجموعة من خبراء الإعلام والثقافة والتعليم العام والعالي وانتدبتني الوزارة يقصد الثقافة لتمثيلها وكان من أبرز المحاضرين عاشق الضاد المذيع /طاهر أبو زيد) (25 – ص 80).

جهودٌ وإن كانت ضئيلة لكنها بمثابة الحراك من أجل تحريك الساكنات من العقول والأفئدة التي أٌشربت حٌب الفرنجة، لتعلم أنه لا عذب إلا لساننا العربي المبين، وللأسف لم يؤذن لتلك القوانين المٌنصفة أن تمَرَّر باستمرار.

ومن العجيب أننا كلما اطلعنا في خاتمة مقال عن الفصحى وخطر اندثارها وشيوع التغريب داخل القطر الشرقي يتفق الجميع على نقطة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء ألا وهي المادة الأولى في الدستور والتي تقول بأن اللغة العربية " هي اللغة الرسمية للدولة نص صريح، فمتى يتفق الجميع على تفعيله؟!!

ومن مصر العربية للملكة العربية السعودية وشبكة الألوكة العالمية الراقية بكافة مواقعها من حضارة للكلمة وعلوم للقرآن الكريم حتى في المباحث العلمية والتقنية تحافظ على العربية حفاظًا يشهد لها القاصي قبل الداني بذلك دعمًا لحرف الضاد. ومجابهة الكاره الحاسد لحرفنا العظيم ليل نهار ليطمس هويته ونشوء أجيال عربية تستغرب فصيح كلامها ويستعظم عليها الإمساك بهوية العربية.

ولو دققنا وتصفحنا كثيرًا مما كتب الأكاديميون والأدباء في شأن قضية اللغة العربية والعودة بها إلى مكانتها التي هي عليها من سيادة وريادة لدٌهشنا بإجماع الكثير على حلول تكاد تكون مُتفقة ومتسقة ولربما بنفس الرؤية والسياق والترتيب حتى ولو قيل تداعي وتوارد أفكار؛ وكأننا قد علمنا العلة وكيف الوصول إلى تطبيب الجرح وما نحن بمناضلين النضال الذي يقف بنا على قارعة طريق النجدة للضاد العربية... وفى عدد "مجلة العربي " الصادر عن دولة الكويت أعزها الله في عددها (709 ) لعام 2017 م ملف خاص أو ثلاثية لأكاديميين من الكويت ولبنان والمغرب يتحدثون عن اللغة العربية في عيدها السنوي أو إن شئت قل "الذكرى السنوية للغة العربية" أو للتذكير بأن هناك ما يسمى باللغة العربية، وبتمعن في قراءته التي حلقت بي في سماء تحلق فيها نجوم ليست كنجوم السماء بل قل هي حروف العربية وقد تناثرت حولي بدءً من الألف انتهاءً بالياء تعرّض الأخير ا/ محمد الإدريسي من المغرب لمجموعة من الحلول المٌقترحة تتلخص في التشبث بالثوابت الحضارية من لغة وعادات وأكد على اللغة باعتبارها بيت قصيده في المقال والدعوة لمواجهة التهديدات القافية وعلى رأسها خطر خصخصة وعولمة نظم التربية والتعليم وتشجيع التراجم وحركة التعريب في مختلف المجالات وتبني دعوة الإصلاح اللغوي، والدفع بقاطرة التنمية اللغوية وتقوية الشراكة بين الحكومات والمجتمع المدني لجعل الدعوة لعودة اللغة بشكل يكتسب الصبغة الإلزامية وكل تلك التوصيات محمودة لكاتبها وصاحبها حتى وإن كانت منسدلة عن قائمة كبرى من توصيات كثيرة هي بحق العلاج الناجع لتلك المعضلة. فنحن أمة وسط في كل شيء في المأكل والمشرب والملبس لا غبار علينا إن نظرنا وتدارسنا ما كتب الآخر مراعين وبدقة عالية ما يخدم العقيدة وما يتنافى معها مجددين ما لم يدركه أسلافنا من تغير، مٌحلقين بتسام فوق ما يعكر صفو تراثنا العربي المجيد.

مقترحات بشأن الإصلاح:
ولو قلنا إن لدنيا بعضًا من حلول ومقترحات لكي يعود للغة العربية غيضًا من فيضها العذب وما كانت عليه من عِزة قبل، لقال البعض إنك لم تأت بجديد يٌحدث طفرة ولا عظيم يَصنع ضجة! لكنها الغَيرة مع الحسرة على حرفنا الضاد وإن لم تكن ذات فكرة مبٌتكرة صاحبها نكرة فلتكن براءةً وواجب وولاء!!

ولقد وفقني الله عز وجل لقليل من المقترحات لذلك وهي كالآتي:
إِيلاء اللغة العربية مكانتها التي كانت عليها من قدسية ومهابة ب: عودة المدقق اللغوي إلى عديد من الجهات التربوية والتعليمية والجدية في خلق برامج هادفة ترتقي باللغة العربية وتعزز دورها في البيئة المحيطة.
بث البرامج الداعية إلى المبادئ والقيم بلغة عربية فصيحة بعيدة عن الركاكة والتعقيد. اتخاذ الروضات والمدارس الابتدائية المزرعة الأولية لإخراج أجيال تقدس اللغة العربية باعتبارها لغة القران الكريم.
تجريم ومعاقبة كل من يتعرض للغة العربية بالإساءة أو السخرية والاستهزاء وسن قوانين لذلك تحت مظلة " العربية لغة القرآن ".

ابرام المسابقات الثقافية التي تهدف إلى تنمية الوعى اللغوي للناشئين وتَميّز للنص الفصيح على ما دونه في الدرجة والجوائز.

ادراج الثقافة اللغوية شرطًا رئيسيًا من شروط اجتياز الاختبارات للتوظيف والعمل كما فٌعل بالإنجليزية التي صارت مٌقومًا قويًا لذلك.

ربما كانت تلك المقترحات حلمًا لكنها كما أردفت محاولة وتسجيل اعتراض وشرف انتساب لحرف الضاد!

لم يتبق لنا في تلك السلسلة سوى مختصر رابع بشأن ثبوت بدر القصة العربية بجزيرة العرب.. بعون الله تعالى.


[1] الإسلام في خندق / د/ مصطفى محمود / بيروت / دار عودة للنشر / مقال / الغزاة الجدد / ص 46.

[2] مجلة العربي / الكويت العدد/ 592 / اللغة العربية أزمة واحدة أم أزمات متعددة؟ / د/ جابر عصفور / ص 76 / 81).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.44 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]