عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-06-2023, 10:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,463
الدولة : Egypt
افتراضي التدريب بين الرسالة والتجارة

التدريب بين الرسالة والتجارة
د. سعد الله المحمدي

التنمية البشرية رسالة سامية، وليست تجارة وترفًا، أو مهنة من لا مهنة له، أو تغريدًا خارج السرب، وجمعًا للشهادات الوهمية كما يحلو للبعض وصفها بذلك.

والمدرب المتمكن من مجاله يمنحك خلاصة تجربته، ويقدم لك عصارة فكره من خلال دورة أو ورشة عمل أو محاضرة، ربما لا تتجاوز سويعات، وربما تغنيك هذه الورشة أو الدورة عن عدة كتب ومقالات علمية في نفس المجال.

وبحكم حبي للتدريب، وأنه من ضرورات الحياة العملية شاركت بشكل حضوري وعبر الفضاء الإلكتروني في عدد من الدورات التدريبية، وتعاملت مع مجموعة من المدربين الذين يتنوعون على حسب دوراتهم وعلومهم وطبائعهم، كجميع أصناف البشر.

فمن المدربين من تشتاق إلى رؤيته، ولا تمل من الحديث إليه؛ لكونه يسعى إلى خدمة الإنسان وتطويره والارتقاء به، وتحفيزه وتذليل العقبات أمامه، وتقديمه للمهارات والمعلومات بأسلوب يجمع بين السهولة والجمال، والحب والشغف، والعناية والاهتمام.

ومنهم من يهمه جيبك أولًا، ويهرول وراء حفنة من المال والمميزات والضيافة والاستقبال، ويرى أن التدريب تجارة وسلعة ووسيلة للجمع وفرصة للادخار؛ فيستغل اسمه اللامع وشهرته البراقة على وسائل التواصل الاجتماعي في كسب المال، وزيادة رصيده البنكي.

لقد تعاملت مع مدربين وصلوا الغاية في الاحترام والذوق الرفيع وحب الخير، حتى إنه يرسل إلى المتدربين مادة الدورة بعد الانتهاء من العرض، بل ويسمح لهم بالاستفادة منها، والتعديل عليها ونشرها بأسمائهم؛ لأن همه تعزيز الطاقات وتثقيف الكوادر، ورفعة الفرد وبناء المجتمع المتحضر.

وفي المقابل هناك مدربون آخرون طُلب منهم ملف الدورة أو المادة المعروضة، فقالوا بالحرف الواحد: إنه رزقنا ورزق أولادنا! ومنهم من يلزمك بشراء النسخة الورقية للكتاب المقرر، ولا يسمح لك بإقامة هذه الدورة مستقبلًا، وتزداد المصيبة عندما تجد متلازمة التصعيب هذه في دورات تتعلق بأعظم كتابٍ على وجه الأرض (القرآن الكريم)، الذي الأصل فيه النشر والاحتساب والتيسير.

ومن عجائب التدريب ارتفاع سعر بعض الدورات وكأنك تسجل في إحدى الجامعات العالمية، ومنها أن معظم المراكز التدريبية المنتشرة في العالم العربي على وجه الخصوص، والتي تدعي أنها كندية وبريطانية، أو تابعة للبورد الأمريكي والفرنسي - هي في الحقيقة مراكز وهمية خيالية، وأن البلد الذي ينتمون إليه لا علم له بمثل هذه الشهادات والاعتمادات أصلًا.

ومن غرائبه أن البعض لم يجدوا الموضوعات التدريبية المناسبة فاتجهوا نحو علم الإرهاصات والاحتمالات والشعوذة التي حرمها الإسلام وحذر منها.

أما المدربون الذين يعلنون عن مغريات كثيرة، ويوهمون الناس بزيادة الدخل اليومي، والوصول إلى الشهرة والنجومية فأقم عليهم مأتمًا وعويلًا، وما أكثرهم!

شمعة أخيرة:
أرسل تحيتي وتقديري لكل مدرب قدير يهدف إلى الارتقاء بالمجتمعات وخدمة الإنسانية، وأقول لهم: أنتم على ثغرة كبيرة، لا تبرحوا أماكنكم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.88%)]