عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 16-03-2023, 03:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير قول الله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم . غير المغضوب

تفسير قول الله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم . غير المغضوب عليهم ولا الضالين}
صفية الشقيفي


3: إعراب { غير }
قَالَ سِيبَوَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ قُنْبُرٍ (ت: 180هـ):(هذا باب ما يكون فيه إلا وما بعده وصفا بمنزلة مثل وغيرٍ
وذلك قولك لو كان معنا رجلٌ إلاّ زيدٌ لغلبنا.
والدليل على أنه وصف أنك لو قلت لو كان معنا إلا زيد لهلكنا وأنت تريد الاستثناء لكنت قد أحلت. ونظير ذلك قوله عز وجل:
{لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}.
ونظير ذلك من الشعر قوله وهو ذو الرمة:


أنخت فألقت بلدةً فوق بلدةٍ.......قليلٍ بها الأصوات إلاّ بغامها

كأنه قال قليل بها الأصوات غير بغامها إذا كانت غير غير استثناء.
ومثل ذلك قوله تعالى:
{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غيرأولى الضّرّر}وقوله عز وجل ذكره: {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم}. ومثل ذلك في الشعر للبيد بن ربيعة:


وإذا أقرضت قرضاً فأجزه.......إنّما يجزى الفتى غير الجمل

وقال أيضا:

لو كان غيري سليمى اليوم غيره.......وقع الحوادث إلاّ الصارم الذّكر

).[الكتاب: 2/ 333] (م)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):(وقوله تعالى: {غير المغضوب عليهم...}:بخفض "غير" لأنها نعت للذين، لا للهاء والميم من "عليهم". وإنما جاز أن تكون {غير}نعتاً لمعرفة؛ لأنها قد أضيفت إلى اسم فيه ألف ولام، وليس بمصمودٍ له ولا الأوّل أيضا بمصمود له، وهي في الكلام بمنزلة قولك: لا أمرّ إلا بالصادق غير الكاذب؛ كأنك تريد بمن يصدق ولا يكذب. ولا يجوز أن تقول "مررت بعبد الله غير الظريف" إلا على التكرير؛ لأن عبد الله موقّت، و"غير" في مذهب نكرةٍ غير موقتة، ولا تكون نعتا إلا لمعرفة غير موقتة. والنصب جائز في "غير" تجعله قطعا من "عليهم". وقد يجوز أن تجعل "الذين" قبلها في موضع توقيت، وتخفض "غير" على التكرير: "صراط غير المغضوب عليهم )".
).
[معاني القرآن: 1/ 7-8]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وتقول: لقيت القوم غير زيد، على النعت، إذا كان القوم على غير معهود، وعلى البدل. والوجه إذا لم يكن ما قبل غير نكرة محضة ألا يكون نعتاً.
فأما قول الله عز وجل:
{غير المغضوب عليهم ولا الضالين}، فإن غيراً تكون على ضروب: تكون نعتاً للذين لأنها مضافة إلى معرفة. وتكون حالاً، فتنصب؛ لأن غيراً وأخواتها يكن نكرات، وهن مضافات لا معارف. هذا الوجه فيهن جمع. وهو في غير خاصة واجب لما تقدم ذكره.
ويكون بدلاً فكأنه قال: صراط غير المغضوب عليهم، ويكون نصباً على استثناء ليس من الأول، وهو: جاءني الصالحون إلا الطالحين).
[المقتضب: 4/ 423]

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) (والقرّاء مجمعةٌ على قراءة غير بجرّ الرّاء منها. والخفض يأتيها من وجهين:
أحدهماأن يكون غير صفةً للّذين ونعتًا لهم فتخفضها، إذ كان الّذين خفضًا وهي لهم نعتٌ وصفةٌ؛ وإنّما جاز أن يكون غير نعتًا لالّذين، والّذين معرفةٌ وغير نكرةٍ؛ لأنّ الّذين بصلتها ليست بالمعرفة المؤقّتة كالأسماء الّتي هي أماراتٌ بين النّاس، مثل: زيدٍ وعمرٍو، وما أشبه ذلك؛ وإنّما هي كالنّكرات المجهولات، مثل: الرّجل والبعير، وما أشبه ذلك؛ فما كان الّذين كذلك صفتها، وكانت غير مضافةً إلى مجهولٍ من الأسماء نظير الّذين في أنّه معرفةٌ غير مؤقّتةٍ كما الّذين معرفةٌ غير مؤقّتةٍ، جاز من أجل ذلك أن يكون: {غير المغضوب عليهم}نعتًا لـ{الّذين أنعمت عليهم}كما يقال: لا أجلس إلاّ إلى العالم غير الجاهل، يراد: لا أجلس إلاّ إلى من يعلم، لا إلى من يجهل. ولو كان {الّذين أنعمت عليهم}معرفةً مؤقّتةً كان غير جائزٍ أن يكون {غير المغضوب عليهم}لها نعتًا، وذلك أنّه خطأٌ في كلام العرب إذا وصفت معرفةً مؤقّتةً بنكرةٍ أن تلزم نعتها النّكرة إعراب المعرفة المنعوت بها، إلاّ على نيّة تكرير ما أعرب المنعت بها. خطأٌ في كلامهم أن يقال: مررت بعبد اللّه غير العالم، فتخفض غير إلاّ على نيّة تكرير الباء الّتي أعربت (عبد اللّه) فكان معنى ذلك لو قيل كذلك: مررت (بعبد اللّه) مررت بغير العالم. فهذا أحد وجهي الخفض في: {غير المغضوب عليهم}.
والوجه الآخر من وجهي الخفض فيها:أن يكون الّذين بمعنى المعرفة المؤقّتة. وإذا وجّه إلى ذلك، كانت غير مخفوضةً بنيّة تكرير الصّراط الّذي خفض الّذين عليها، فكأنّك قلت: {صراط الّذين أنعمت عليهم}صراط غير المغضوب عليهم.
وهذان التّأويلان في
{غير المغضوب عليهم}، وإن اختلفا باختلاف معربيهما، فإنّهما يتقارب معناهما؛ من أجل أنّ من أنعم اللّه عليه فهداه لدينه الحقّ فقد سلم من غضب ربّه ونجا من الضّلال في دينه.
فسواءٌ إذ كان سامع قوله:
{اهدنا الصّراط المستقيم * صراط الّذين أنعمت عليهم}غير جائزٍ أن يرتاب مع سماعه ذلك من تاليه في أنّ الّذين أنعم اللّه عليهم بالهداية للصّراط، غير غاضبٍ ربّهم عليهم مع النّعمة الّتي قد عظمت منّته بها عليهم في دينهم، ولا أن يكونوا ضلاّلاً وقد هداهم الحقّ ربّهم، إذ كان مستحيلاً في فطرهم اجتماع الرّضا من اللّه جلّ ثناؤه عن شخصٍ والغضب عليه في حالٍ واحدةٍ واجتماع الهدى والضّلال له في وقتٍ واحدٍ، أوصف القوم مع وصف اللّه إيّاهم بما وصفهم به من توفيقه إيّاهم وهدايته لهم وإنعامه عليهم بما أنعم اللّه به عليهم في دينهم بأنّهم غير مغضوبٍ عليهم ولا هم ضالّون، أم لم يوصفوا بذلك؛ لأنّ الصّفة الظّاهرة الّتي وصفوا بها قد أنبأت عنهم أنّهم كذلك وإن لم يصرّح وصفهم به. هذا إذا وجّهنا غير إلى أنّها مخفوضةٌ على نيّة تكرير الصّراط الخافض الّذين، ولم نجعل {غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين}من صفة {الّذين أنعمت عليهم}بل إذا جعلناهم غيرهم؛ وإن كان الفريقان لا شكّ منعمًا عليهما في أديانهم. فأمّا إذا وجّهنا: {غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين}إلى أنّها من نعت {الّذين أنعمت عليهم}فلا حاجة بسامعه إلى الاستدلال، إذ كان الصّريح من معناه قد أغنى عن الدّليل.
وقد يجوز نصب غير في
{غير المغضوب عليهم}وإن كنت للقراءة بها كارهًا لشذوذها عن قراءة القرّاء. وإنّ ما شذّ من القراءات عمّا جاءت به الأمّة نقلاً ظاهرًا مستفيضًا، فرأيٌ للحقّ مخالفٌ وعن سبيل اللّه وسبيل رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم وسبيل المسلمين متجانفٌ، وإن كان له، لو كان جائز القراءة به، في الصّواب مخرجٌ.
وتأويل وجه صوابه إذا نصبت: أن يوجّه إلى أن يكون صفةً للهاء والميم اللّتين في عليهم العائدة على الّذين، لأنّها وإن كانت مخفوضةً بعلى، فهي في محلّ نصبٍ بقوله:
{أنعمت}فكان تأويل الكلام إذا نصبت غير الّتي مع المغضوب عليهم: صراط الّذين هديتهم إنعامًا منك عليهم غير مغضوبٍ عليهم، أي: لا مغضوبًا عليهم ولا ضالّين. فيكون النّصب في ذلك حينئذٍ كالنّصب في غير في قولك: مررت بعبد اللّه غير الكريم ولا الرّشيد، فتقطع غير الكريم من عبد اللّه، إذ كان عبد اللّه معرفةً مؤقّتةً وغير الكريم نكرةً مجهولةً.
وقد كان بعض نحويّي البصريّين يزعم أنّ قراءة من نصب غير في
{غير المغضوب عليهم}على وجه استثناءٍ {غير المغضوب عليهم}من معاني صفة {الّذين أنعمت عليهم}كأنّه كان يرى أنّ معنى الّذين قرءوا ذلك نصبًا: {اهدنا الصّراط المستقيم * صراط الّذين أنعمت عليهم}إلاّ المغضوب عليهم الّذين لم تنعم عليهم في أديانهم ولم تهدهم للحقّ، فلا تجعلنا منهم؛ كما قال نابغة بني ذبيان:


وقفت فيها أصيلالاً أسائلها.......عيت جوابًا وما بالرّبع من أحد
إلا واريّ لأيًا ما أبيّنها
.......والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد

والأواريّ معلومٌ أنّها ليست من عداد أحدٍ في شيءٍ. فكذلك عنده استثنى {غير المغضوب عليهم}من {الّذين أنعمت عليهم}وإن لم يكونوا من معانيهم في الدّين في شيءٍ.
وأمّا نحويّو الكوفيّين فأنكروا هذا التّأويل واستخطئوه، وزعموا أنّ ذلك لو كان كما قاله الزّاعم ما زعم من أهل البصرة لكان خطأً أن يقال:
{ولا الضّالّين}لأنّ لا نفيٌ وجحدٌ، ولا يعطف بجحدٍ إلاّ على جحدٍ؛ وقالوا: لم نجد في شيءٍ من كلام العرب استثناءً يعطف عليه بجحدٍ، وإنّما وجدناهم يعطفون على الاستثناء بالاستثناء، وبالجحد على الجحد فيقولون في الاستثناء: قام القوم إلاّ أخاك وإلاّ أباك؛ وفي الجحد: ما قام أخوك، ولا أبوك؛ وأما قام القوم إلاّ أباك ولا أخاك، فلم نجده في كلام العرب؛ قالوا: فلمّا كان ذلك معدومًا في كلام العرب وكان القرآن بأفصح لسان العرب نزوله، علمنا إذ كان قوله: {ولا الضّالّين}معطوفًا على قوله: {غير المغضوب عليهم}أنّ (غير) بمعنى الجحد لا بمعنى الاستثناء، وأنّ تأويل، من وجّهها إلى الاستثناء خطأٌ.
فهذه أوجه تأويل
{غير المغضوب عليهم}باختلاف أوجه إعراب ذلك.
وإنّما اعترضنا بما اعترضنا في ذلك من بيان وجوه إعرابه، وإن كان قصدنا في هذا الكتاب الكشف عن تأويل آي القرآن، لما في اختلاف وجوه إعراب ذلك من اختلاف وجوه تأويله، فاضطرّتنا الحاجة إلى كشف وجوه إعرابه، لتنكشف لطالب تأويله وجوه تأويله على قدر اختلاف المختلفة في تأويله وقراءته.
والصّواب من القول في تأويله وقراءته عندنا القول الأوّل، وهو قراءة:
{غير المغضوب عليهم}بخفض الرّاء من غير بتأويل أنّها صفةٌ لـ{الّذين أنعمت عليهم}ونعتٌ لهم؛ لما قد قدّمنا من البيان إن شئت، وإن شئت فبتأويل تكرار صراط كلّ ذلك صوابٌ حسنٌ [جامع البيان: 1/؟؟؟]


قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): (وقوله: {غير المغضوب عليهم}هؤلاء صفة: {الّذين أنعمت عليهم}؛ لأن "الصراط" مضاف إليهم، فـ"هم" جرّ للإضافة، وأجريت عليهم "غير" صفة أو بدل، و"غيرٌ" و"مثلٌ" قد تكونان من صفة المعرفة التي بالألف واللام، نحو قولك: "إني لأمرّ بالرجل غيرك، وبالرجل مثلك فما يشتمني"، و"غيرٌ" و"مثلٌ" إنما تكونان صفة للنكرة، ولكنهما قد احتيج إليهما في هذا الموضع فأجريتا صفة لما فيه الألف واللام، والبدل في "غير" أجود من الصفة، لأن "الذي" و"الذين" لا تفارقهما الألف واللام، وهما أشبه بالاسم المخصوص من "الرجل" وما أشبهه

و"الصراط" فيه لغتان، السين والصاد، إلا أنا نختار الصاد لأن كتابها على ذلك في جميع القرآن. وقد قال العرب "هم فيها الجمّاء الغفير" فنصبوا، كأنهم لم يدخلوا الألف واللام، وإن كانوا قد أظهروهما كما أجروا "مثلك" و"غيرك" كمجرى ما فيه الألف واللام وإن لم يكونا في اللفظ. وإنما يكون هذا وصفا للمعرفة التي تجيء في معنى النكرة. ألا ترى أنك إذا قلت: "إني لأمرّ بالرجل مثلك" إنما تريد "برجلٍ مثلك" لأنك لا تحدّ له رجلا بعينه، ولا يجوز إذا حددت له ذلك إلا أن تجعله بدلًا ولا يكون على الصفة، ألا ترى أنه لا يجوز "مررت بزيدٍ مثلك" إلا على البدل. ومثل ذلك: "إني لأمرّ بالرجل من أهل البصرة" ولو قلت: "إني لأمر بزيدٍ من أهل البصرة" لم يجز إلا أن تجعله في موضع حال، فكذلك {غير المغضوب عليهم}.
وقد قرأ قوم:
{غير المغضوب عليهم}جعلوه على الاستثناء الخارج من أول الكلام، ولذلك تفسير سنذكره إن شاء الله، وذلك أنه إذا استثنى شيئا ليس من أول الكلام في لغة أهل الحجاز فإنه ينصب ويقول "ما فيها أحدٌ إلاّ حماراً"، وغيرهم يقول: "هذا بمنزلة ما هو من الأول" فيرفع، فذا يجرّ {غير المغضوب}في لغته، وإن شئت جعلت "غير" نصباً على الحال لأنها نكرة والأول معرفة، وإنما جرّ لتشبيه "الذي" بـ"الرجل". وليس هو على الصفة بحسن، ولكن على البدل نحو {بالنّاصية}، {ناصيةٍ كاذبةٍ}.
).[معاني القرآن: 1 /11]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :(وقوله عزّ وجلّ: {غير المغضوب عليهم}فيخفض (غير) على وجهين، على البدل من {الذين}كأنّه قال: صراط غير المغضوب عليهم، ويستقيم أن يكون {غير المغضوب عليهم}من صفة {الذين}، وإن كان (غير) أصله أن يكون في الكلام صفة للنكرة، تقول: مررت برجل غيرك، فغيرك صفة لرجل، كأنك قلت: مررت برجل آخر.
ويصلح أن يكون معناه: مررت برجل ليس بك وإنما وقع ههنا صفة للذين لأن "الذين" ههنا ليس بمقصود قصدهم فهو بمنزلة قولك: "إني لأمرّ بالرجل مثلك فأكرمه".
ويجوز نصب (غير) على ضربين: على الحال وعلى الاستثناء، فكأنك قلت: إلا المغضوب عليهم، وحق غير من الإعراب في الاستثناء: النصب إذا كان ما بعد إلا منصوبا، فأما الحال فكأنك قلت فيها: صراط الذين أنعمت عليهم لا مغضوبا عليهم.
).
[معاني القرآن: 1 /53]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قال أبو علي: «الخفض على ضربين: على البدل، من الّذين، أو على الصفة للنكرة، كما تقول مررت برجل غيرك، وإنما وقع هنا صفة ل الّذين لأن الّذين هنا ليس بمقصود قصدهم، فالكلام بمنزلة قولك إني لأمر بالرجل مثلك فأكرمه».
قال: «والنصب في الراء على ضربين: على الحال كأنك قلت أنعمت عليهم لا مغضوبا عليهم، أو على الاستثناء كأنك قلت إلا المغضوب عليهم، ويجوز النصب على أعني». وحكي نحو هذا عن الخليل.
ومما يحتج به لمن ينصب أن غير نكرة فكره أن يوصف بها المعرفة، والاختيار الذي لا خفاء به الكسر. وقد روي عن ابن كثير، فأولى القولين ما لم يخرج عن إجماع قراء الأمصار.
قال أبو بكر بن السراج: «والذي عندي أن غير في هذا الموضع مع ما أضيف إليه معرفة، وهذا شيء فيه نظر ولبس، فليفهم عني ما أقول: اعلم أن حكم كل مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة، وإنما تنكرت غير ومثل مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما، وذلك إذا قلت رأيت غيرك فكل شيء سوى المخاطب فهو غيره، وكذلك إذا قلت رأيت مثلك فما هو مثله لا يحصى لكثرة وجوه المماثلة، فإنما صارا نكرتين من أجل المعنى فأما إذا كان شيء معرفة له ضد واحد وأردت إثباته، ونفي ضده، وعلم ذلك السامع فوصفته بغير وأضفت غير إلى ضده فهو معرفة، وذلك كقولك عليك بالحركة غير السكون، وكذلك قولك غير المغضوب لأن من أنعم عليه لا يعاقبه إلا من غضب عليه، ومن لم يغضب عليه فهو الذي أنعم عليه، فمتى كانت غير على هذه الصفة وقصد بها هذا المقصد فهي معرفة».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: أبقى أبو بكر الّذين على حد التعريف، وجوز نعتها ب غير لما بينه من تعرف غير في هذا الموضع، وغير أبي بكر وقف مع تنكر غير، وذهب إلى تقريب الّذين من النكرة إذ هو اسم شائع لا يختص به معين، وعلى هذا جوز نعتها بالنكرة
).). [المحرر الوجيز: 1/ ؟؟؟]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقوله تعالى: {غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين}[قرأ الجمهور: "غير" بالجرّ على النّعت، قال الزّمخشريّ: وقرئ بالنّصب على الحال، وهي قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وعمر بن الخطّاب، ورويت عن ابن كثيرٍ، وذو الحال الضّمير في {عليهم}والعامل: {أنعمت}

[...] وقد زعم بعض النّحاة أنّ {غير}هاهنا استثنائيّةٌ، فيكون على هذا منقطعًا لاستثنائهم من المنعم عليهم وليسوا منهم، وما أوردناه أولى، لقول الشّاعر:
كأنّك من جمال بني أقيش ......يقعقع عند رجليه بشنّ
أي: كأنّك جملٌ من جمال بني أقيشٍ، فحذف الموصوف واكتفى بالصّفة، وهكذا، {غير المغضوب عليهم}
أي: غير صراط المغضوب عليهم.
اكتفى بالمضاف إليه عن ذكر المضاف، وقد دلّ عليه سياق الكلام، وهو قوله تعالى:
{اهدنا الصّراط المستقيم * صراط الّذين أنعمت عليهم}ثمّ قال تعالى: {غير المغضوب عليهم}ومنهم من زعم أنّ (لا) في قوله: {ولا الضّالّين}زائدةٌ، وأن تقدير الكلام عنده: غير المغضوب عليهم والضّالّين، واستشهد ببيت العجّاج:

في بئر لا حورٍ سرى وما شعر
أي: في بئر حورٍ.
والصّحيح ما قدّمناه. ولهذا روى أبو عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ في كتاب فضائل القرآن، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر بن الخطّاب، رضي اللّه عنه: أنّه كان يقرأ: "غير المغضوب عليهم وغير الضّالّين". وهذا إسنادٌ صحيحٌ، [وكذا حكي عن أبيّ بن كعبٍ أنّه قرأ كذلك] وهو محمولٌ على أنّه صدر منه على وجه التّفسير، فيدلّ على ما قلناه من أنّه إنّما جيء بها لتأكيد النّفي، [لئلّا يتوهّم أنّه معطوفٌ على {الّذين أنعمت عليهم}]، وللفرق بين الطّريقتين، لتجتنب كلٌّ منهما؛ فإنّ طريقة أهل الإيمان مشتملةٌ على العلم بالحقّ والعمل به، واليهود فقدوا العمل، والنّصارى فقدوا العلم؛ ولهذا كان الغضب لليهود، والضّلال للنّصارى، لأنّ من علم وترك استحقّ الغضب، بخلاف من لم يعلم. والنّصارى لمّا كانوا قاصدين شيئًا لكنّهم لا يهتدون إلى طريقه، لأنّهم لم يأتوا الأمر من بابه، وهو اتّباع الرّسول الحقّ، ضلّوا
).
[تفسير ابن كثير: 1/ 140-143]




-قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ): (باب {غير المغضوب عليهم ولا الضّالّين}
(باب{غير المغضوب عليهم ولا الضالين}) الجمهور على جر "غير" بدلًا من الذين على المعنى أو من ضمير عليهم، ورد بأن أصل غير الوصفية والإبدال بالأوصاف ضعيف، وقد يقال استعمل غير استعمال الأسماء نحو غيرك يفعل كذا فجاز وقوعه بدلًا لذلك. وعن سيبويه هو صفة للذين، ورد بأن غيرًا لا تتعرف.
وأجيب:بأن سيبويه نقل أن ما أضافته غير محضة قد يتمحض فيتعرف إلا الصفة المشبهة وغير داخل في هذا العموم وقرئ شاذًّا بالنصب، فقيل حال من ضمير عليهم وناصبها أنعمت، وقيل من الذين وعاملها معنى الإضافة). [إرشاد الساري: 7/6]م

4: إعراب آمين
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :(ومعناه: اللهم استجب، وهما موضوعان في موضع اسم الاستجابة، كما أن قولنا: (صه) موضوع موضع سكوتا.
وحقهما من الإعراب الوقف؛ لأنهما بمنزلة الأصوات إذ كانا غير مشتقين من فعل إلا أن النون فتحت فيهما لالتقاء السّاكنين)
[معاني القرآن: 1 /54]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (
وهي لفظة مبنية على الفتح لالتقاء الساكنين، وكأن الفتح مع الياء أخف من سائر الحركات). [المحرر الوجيز: 1/ ؟؟؟]




د : مسائل متفرقة :


1: معنى الصراط في اللغة :

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والصّراط في اللغة: الطريق الواضح، فمن ذلك قول جرير:

أمير المؤمنين على صراط ......إذا اعوج الموارد مستقيم

ومنه قول الآخر:
فصد عن نهج الصراط الواضح

وحكى النقاش: «الصراط: الطريق بلغة الروم».
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف جدا.(
المحرر الوجيز: 1 /؟؟؟]


2: معاني " غير " في اللغة :

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) ( وإنّما لـ(غير) في كلام العرب معانٍ ثلاثةٌ:
أحدها الاستثناء، والآخر الجحد، والثّالث سوى ).
[جامع البيان: 1/؟؟؟]

3: " لا " تأتي زائدة إذا سُبقت بجحد :


قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وإنما يجوز أن تجعل "لا" صلة إذا اتصلت بجحد قبلها؛ مثل قوله:
ما كان يرضى رسول الله دينهم.......والطيّبان أبو بكر ولا عمر

فجعل"لا" صلة لمكان الجحد الذي في أوّل الكلام).
[معاني القرآن: 1/ 7-8]


قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) ( وكان بعض نحويّي الكوفيين يستنكر ذلك من قوله، ويزعم أنّ (غير) الّتي مع المغضوب عليهم لو كانت بمعنى سوى لكان خطأً أن يعطف عليها بـ(لا)، إذ كانت (لا) لا يعطف بها إلاّ على جحدٍ قد تقدّمها. كما كان خطأً قول القائل: عندي سوى أخيك، ولا أبيك؛ لأنّ سوى ليست من حروف النّفي والجحود؛ ويقول: لمّا كان ذلك خطأً في كلام العرب، وكان القرآن بأفصح اللّغات من لغات العرب. كان معلومًا أنّ الّذي زعمه القائل أنّ (غير) مع (المغضوب عليهم) بمعنى: سوى المغضوب عليهم خطأٌ، إذ كان قد كرّ عليه الكلام بلا. وكان يزعم أنّ غير هنالك إنّما هي بمعنى الجحد. وكان صحيحًا في كلام العرب وفاشيًا ظاهرًا في منطقها توجيه غير إلى معنى النّفي ومستعملاً فيهم: أخوك غير محسنٍ ولا مجملٍ، يراد بذلك أخوك لا محسنٌ، ولا مجملٌ، ويستنكر أن تأتي لا بمعنى الحذف في الكلام مبتدأً ولمّا يتقدّمها جحدٌ، ويقول: لو جاز مجيئها بمعنى الحذف مبتدأً قبل دلالةٍ تدلّ، على ذلك من جحدٍ سابقٍ، لصحّ قول قائلٍ قال: أردت أن لا أكرم أخاك، بمعنى: أردت أن أكرم أخاك. وكان يقول: ففي شهادة أهل المعرفة بلسان العرب على تخطئة قائل ذلك دلالةٌ واضحةٌ على أنّ لا تأتي مبتدأةً بمعنى الحذف، ولمّا يتقدّمها جحدٌ. وكان يتأوّله في (لا) الّتي في بيت العجّاج الّذي ذكرنا أنّ البصريّ استشهد به لقوله إنّها جحدٌ صحيحٌ، وأنّ معنى البيت: سرى في بئرٍ لا تحير عليه خيرًا، ولا يتبيّن له فيها أثر عملٍ، وهو لا يشعر بذلك ولا يدري به. من قولهم: طحنت الطّاحنة فما أحارت شيئًا؛ أي: لم يتبيّن لها أثر عملٍ. ويقول في سائر الأبيات الأخر، أعني مثل بيت أبي النّجم:

فما ألوم البيض أن لا تسخرا

إنّما جاز أن تكون لا بمعنى الحذف، لأنّ الجحد قد تقدّمها في أوّل الكلام، فكان الكلام الآخر مواصلاً للأوّل، كما قال الشّاعر:

ما كان يرضى رسول اللّه فعلهم.......والطّيّبان أبو بكرٍ ولا عمر

فجاز ذلك، إذ كان قد تقدّم الجحد في أوّل الكلام ) .
[جامع البيان: 1/؟؟؟]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قال الطبري: ومنه قوله تعالى: {ما منعك ألّا تسجد}[الأعراف: 12] وإنما جاز أن تكون لا بمعنى الحذف، ولأنها تقدمها الجحد في صدر الكلام، فسيق الكلام الآخر مناسبا للأول، كما قال الشاعر:
ما كان يرضي رسول الله فعلهم ......والطيبان أبو بكر ولا عمر.). ). [المحرر الوجيز:1/ ؟؟؟]

4: معنى آمين

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «آمين خاتم رب العالمين، يختم بها دعاء عبده المؤمن».
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو فقال: «أوجب إن ختم». فقال له رجل بأي شيء يختم يا رسول الله؟ قال: «بآمين».
ومعنى «آمين» عند أكثر أهل العلم: اللهم استجب، أو أجب يا رب، ونحو هذا. قاله الحسن بن أبي الحسن وغيره، ونص عليه أحمد بن يحيى ثعلب وغيره.
). [المحرر الوجيز: 1/ ؟؟؟]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( ومعناه: اللّهمّ استجب [...] وقال الجوهريّ: «معنى آمين: كذلك فليكن»، وقال التّرمذيّ: «معناه: لا تخيّب رجاءنا»، وقال الأكثرون: «معناه: اللّهمّ استجب لنا»،
وقال جويبر، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ، قال: قلت: يا رسول اللّه، ما معنى آمين؟ قال: «ربّ افعل».
[... ]
وروى ابن مردويه، عن أبي هريرة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «آمين: خاتم ربّ العالمين على عباده المؤمنين». ).[تفسير ابن كثير: 1/ ؟؟؟؟]
يتبع







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.29 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.37%)]