عرض مشاركة واحدة
  #227  
قديم 09-03-2023, 03:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,112
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الخامس

الحلقة (227)
صــــــــــ 270 الى صـــــــــــ 270




(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): يقع طلاق من لزمه فرض الصلاة والحدود، وذلك كل بالغ من

الرجال غير مغلوب على عقله لأنه إنما خوطب بالفرائض من بلغ لقول الله تعالى {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا} ويقول الله تبارك وتعالى {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجاز ابن عمر في القتال ابن خمس عشرة ورده ابن أربع عشرة، ومن غلب على عقله بفطرة خلقة أو حادث علة لم يكن سببا لاجتلابها على نفسه بمعصية لم يلزمه الطلاق ولا الصلاة ولا الحدود وذلك مثل المعتوه والمجنون والموسوس والمبرسم وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوبا على عقله. فإذا ثاب إليه عقله فطلق في حاله تلك أو أتى حدا أقيم عليه ولزمته الفرائض، وكذلك المجنون يجن ويفيق. فإذا طلق في حال جنونه لم يلزمه وإذا طلق في حال إفاقته لزمه وإن شهد شاهدان على رجل أنه طلق امرأته فقال طلقت في حال جنوني أو مرض غالب على عقلي فإن قامت له بينة على مرض غلب على عقله في الوقت الذي طلق فيه سقط طلاقه وأحلف ما طلق وهو يعقل، وإن قالت امرأته قد كان في يوم كذا في أول النهار مغلوبا على عقله وشهد الشاهدان على الطلاق فأثبتا أنه كان يعقل حين طلق لزمه الطلاق لأنه قد يغلب على عقله في اليوم ويفيق وفي الساعة ويفيق، وإن لم يثبت شاهدا الطلاق أنه كان يعقل حين طلق أو شهد الشاهدان على الطلاق وعرف أن قد كان في ذلك اليوم مغلوبا على عقله أحلف ما طلق وهو يعقل والقول قوله، وإن شهدا عليه بالطلاق ولم يثبتا أيعقل أم لا؟ وقال هو كنت مغلوبا على عقلي فهو على أنه يعقل حتى يعلم ببينة تقوم أنه قد كان في مثل ذلك الوقت يصيبه ما يذهب عقله أو يكثر أن يعتريه ما يذهب عقله في اليوم والأيام فيقبل قوله لأن له سببا يدل على صدقه.
طلاق السكران
(قال الشافعي): - رحمه الله -: ومن شرب خمرا أو نبيذا فأسكره فطلق لزمه الطلاق والحدود كلها والفرائض ولا تسقط المعصية بشرب الخمر والمعصية بالسكر من النبيذ عنه فرضا ولا طلاقا. فإن قال قائل: فهذا مغلوب على عقله والمريض والمجنون مغلوب على عقله؟ قيل المريض مأجور ومكفر عنه بالمرض مرفوع عنه القلم إذا ذهب عقله، وهذا آثم مضروب على السكر غير مرفوع عنه القلم فكيف يقاس من عليه العقاب بمن له الثواب؟ والصلاة مرفوعة عمن غلب على عقله ولا ترفع عن السكران.
وكذلك الفرائض من حج أو صيام أو غير ذلك ومن شرب بنجا أو حريفا أو مرقدا ليتعالج به من مرض فأذهب عقله فطلق لم يلزمه الطلاق من قبل أن ليس في شيء من هذا أن نضربهم على شربه في كتاب ولا سنة ولا إجماع فإذا كان هكذا كان جائزا أن يؤخذ الشيء منه للمنفعة لا لقتل النفس ولا إذهاب العقل. فإن جاء منه قتل نفس أو إذهاب عقل كان كالمريض يمرض من طعام وغيره وأجدر أن لا يأثم صاحبه بأنه لم يرد واحدا منهما كما يكون جائزا له بط الجرح وفتح العرق والحجامة وقطع العضو رجاء المنفعة وقد يكون من بعض ذلك سبب التلف ولكن الأغلب السلامة وأن ليس يراد ذلك لذهاب العقل ولا للتلذذ بالمعصية
طلاق المريض
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ملك الله تعالى الأزواج الطلاق. فمن طلق من الأزواج وهو
بالغ غير مغلوب على عقله جاز طلاقه لأنه تحريم لامرأته بعد أن كانت حلالا له فسواء كان صحيحا حين يطلق أو مريضا فالطلاق واقع، فإن طلق رجل امرأته ثلاثا أو تطليقة لم يبق له عليها من الطلاق غيرها أو لاعنها وهو مريض فحكمه في وقوع ذلك على الزوجة وتحريمها عليه حكم الصحيح، وكذلك إن طلقها واحدة ولم يدخل بها، وكذلك كل فرقة وقعت بينهما ليس للزوج عليها فيها رجعة بعد الطلاق فإن لم يصح الزوج حتى مات فقد اختلف في ذلك أصحابنا منهم من قال لا ترثه وذهب إلى أن حكم الطلاق إذا كان في الصحة والمرض سواء فإن الطلاق يقع على الزوجة، وإن الزوج لا يرث المرأة لو ماتت فكذلك لا ترثه لأن الله تعالى ذكره إنما ورث الزوجة من الزوج والزوج من الزوجة ما كانا زوجين وهذان ليسا بزوجين ولا يملك رجعتها فتكون في معاني الأزواج فترث وتورث، وذهب إلى أن على الزوجة أن تعتد من الوفاة أربعة أشهر وعشرا وهذه لا تعتد من الوفاة وإلى أن الزوجة إذا كانت وارثة إن مات زوجها كانت موروثة إن ماتت قبله وهذه لا يرثها الزوج، وذهب إلى أن الزوجة تغسل الزوج ويغسلها وهذه لا تغسله ولا يغسلها وإلى أن ينكح أختها وأربعا سواها وكل هذا يبين أن ليست زوجة، ومن قال هذا فليست عليه مسألة صح الزوج بعد الطلاق أو لم يصح أو نكحت الزوجة أو لم تنكح ولم يورثها منه إذا لم يكن له عليها رجعة ولا هو منها، ولو طلقها ساعة يموت أو قال أنت طالق قبل موتي بطرفة عين أو بيوم ثلاثا لم ترث في هذا القول بحال.
(قال الشافعي): أخبرنا ابن أبي رواد ومسلم بن خالد عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبي مليكة أنه سأل ابن الزبير عن الرجل يطلق المرأة فيبتها ثم يموت وهي في عدتها فقال عبد الله بن الزبير طلق عبد الرحمن بن عوف تماضر بنت الأصبغ الكلبية فبتها ثم مات عنها وهي في عدتها فورثها عثمان، قال ابن الزبير وأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة.
(قال الشافعي): أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال وكان أعلمهم بذلك، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته ألبتة وهو مريض فورثها عثمان منه بعد انقضاء عدتها.
(قال الشافعي): - رحمه الله - فذهب بعض أصحابنا إلى أن يورث المرأة وإن لم يكن للزوج عليها رجعة إذا طلقها الزوج وهو مريض وإذا انقضت عدتها قبل موته وقال بعضهم وإن نكحت زوجا غيره، وقال غيرهم ترثه ما امتنعت من الأزواج. وقال بعضهم ترثه ما كانت في العدة فإذا انقضت العدة لم ترثه. وهذا مما أستخير الله عز وجل فيه.
(الربيع) وقد استخار الله تعالى فيه فقال لا ترث المبتوتة.

(قال الشافعي): - رحمه الله - غير أني أيما قلت فإني أقول لا ترث المرأة زوجها إذا طلقها مريضا طلاقا لا يملك فيه الرجعة فانقضت عدتها ونكحت لأن حديث ابن الزبير متصل وهو يقول ورثها عثمان في العدة وحديث ابن شهاب منقطع وأيهما قلت فإن صح بعد الطلاق ساعة ثم مات لم ترثه، وإن طلقها قبل أن يمسها فأيهما قلت فلها نصف ما سمى لها إن كان سمى لها شيئا ولها المتعة إن لم يكن سمى لها شيئا ولا عدة عليها من طلاق ولا وفاة. ولا ترثه لأنها لا عدة عليها وأيهما قلت فلو طلقها وقد أصابها وهي مملوكة أو كافرة وهو مسلم طلاقا لا يملك فيه الرجعة ثم أسلمت هذه وعتقت هذه ثم مات مكانه لم ترثاه لأنه طلقها ولا معنى لفراره من ميراثها. ولو مات في حاله تلك لم ترثاه ولو كان طلاقه يملك فيه الرجعة ثم عتقت هذه وأسلمت هذه ثم مات وهما في العدة ورثتاه. وإن مضت العدة لم ترثاه لأن الطلاق كان وهما غير وارثين لو مات وهما في حالهما تلك وإن كانتا من الأزواج، وإذا طلق الرجل امرأته وهو مريض طلاقا يملك فيه الرجعة ثم مات بعد انقضاء عدتها لم ترث في قول من ذهب إلى قول ابن الزبير لأن من ذهب إليه نظر إليه حين يموت فإن كانت من الأزواج أو في معاني

الأزواج من المطلقات اللاتي عليهن الرجعة وهن في عدتهن ورثها، وكذلك إن ماتت ورثها الزوج. وإن لم يكن عليها عدة لم يورثها لأنها خارجة من الأزواج ومعانيهن، وفي قول من ذهب إلى القول الآخر ترثه ما لم تنقض عدتها، وإن طلقها طلاقا صحيحا لا يملك فيه الرجعة ثم صح ثم مرض فمات لم ترثه وإن كانت في العدة لأنه قد صح فلو ابتدأ طلاقها في ذلك الوقت لم ترثه وإن كان يملك الرجعة فمات في العدة ورثته
والمرض الذي يمنع صاحبه فيه من الهبة وإتلاف ماله إلا في الثلث إن مات ويورث منه من يورث إذا طلق مريضا كل مرض مخوف مثل الحمى الصالب والبطن وذات الجنب والخاصرة وما أشبهه مما يضمنه على الفراش ولا يتطاول، فأما ما أضمنه مثله وتطاول مثل السل والفالج إذا لم يكن به وجع غيرهما أو يكون بالمفلوج منه سورة ابتدائه في الحال التي يكون مخوفا فيها، فإذا تطاول فإنه لا يكاد يكون مخوفا، فأما إذا كانت حمى الربع برجل فالأغلب منها أنها غير مخوفة وأنها إلى السلامة، فإذا لم تضمنه حتى يلزم الفراش من ضمن فهو كالصحيح، وإذا أضمنته كان كالمريض وإذا آلى رجل من امرأته وهو صحيح فمضت الأربعة الأشهر وهو مريض فمات قبل أن يوقف فهي زوجته وإن وقف ففاء بلسانه وهو لا يقدر على الجماع فهي زوجته، وإن طلق والطلاق يملك الرجعة فإن مات وهي في العدة ورثته وإن ماتت ورثها. وإن مات وقد انقضت العدة لم يرثها ولا ترثه، ولو قذفها وهو مريض أو صحيح فلم يلاعنها حتى مرض ثم مات كانت زوجته، وكذلك لو التعن فلم يكمل اللعان حتى مات كانت زوجته ترثه ولو أكمل اللعان وقعت الفرقة ولم ترثه وإن كان مريضا حين وقعت الفرقة في واحد من القولين وذلك أن اللعان حكم حكم الله تعالى به يحده السلطان إن لم يلتعن وإن الفرقة لزمته بالسنة أحب أو كره وأنهما لا يجتمعان بحال أبدا فحالهما إذا وقع اللعان غير حال الأزواج فلا ترثه ولا يرثها إذا التعن هو ولو تظاهر منها صحيحا أو مريضا فسواء هي زوجته ليس الظهار بطلاق إنما هي كاليمين يكفرها فإن لم يكفرها حتى مات أو ماتت توارثا. وإذا قال الرجل لامرأته وهو مريض إن دخلت دار فلان أو خرجت من منزلي أو فعلت كذا لأمر نهاها عنه أن تفعله ولا تأثم بتركه فأنت طالق ثلاثا أو طالق ولم يبق له عليها من الطلاق إلا واحدة ففعلت ذلك طلقت ثم مات لم ترثه في العدة بحال لأن الطلاق وإن كان من كلامه كان فبفعلها وقع. وكذلك لو قال لها إن شئت فأنت طالق ثلاثا فشاءت، وكل ما كان من هذا كان يتم بها وهي تجد منه بدا فطلقت منه طلاقا لا يملك فيه الرجعة لم ترثه ولم يرثها عندي في قياس جميع الأقاويل. وكذلك لو سألته أن يطلقها ثلاثا فطلقها ثلاثا لم ترثه، ولو سألته أن يطلقها واحدة فطلقها ثلاثا ورثته في العدة في قول من يورث امرأة المريض إذا طلقها، ولكنه لو قال لها وهو مريض أنت طالق إن صليت المكتوبة أو تطهرت للصلاة أو صمت شهر رمضان أو كلمت أباك أو أمك أو قدت أو قمت ومثل هذا مما تكون عاصية بتركه أو يكون لا بد لها من فعله ففعلته وهو مريض ثم مات ورثته في العدة في قول من ذهب إلى توريثها إذا طلقها مريضا وهكذا لو حلف صحيحا على شيء لا يفعله هو ففعله مريضا ورثت في هذا القول، فأما قول ابن الزبير فيقطع هذا كله وأصله أن ينظر إلى حالها يوم يموت فإن كانت زوجة أو في معناها من طلاق يملك فيه الزوج الرجعة وكانت لو ماتت في تلك الحال ورثها ورثها منه وإن لم يكن يرثها لو ماتت في تلك الحال لم تكن زوجة ولا في طلاق يملك فيه الرجعة ولم نورثها في أي حالة كان القول

والطلاق مريضا كان أو صحيحا ولو قال لها وهو مريض: أنت طالق ثلاثا إن صمت اليوم تطوعا أو خرجت إلى منزل أبيك فصامت تطوعا أو خرجت إلى منزل أبيها. لم ترثه من قبل أنه قد كان لها من هذا بد وكانت غير آثمة بتركها منزل أبيها ذلك اليوم وكل ما قيل مما وصفت أنها ترثه في العدة في قول من يورثها إذا كان القول في المرض ووقع الطلاق في المرض فقاله في المرض. ثم صح ثم وقع لم ترثه إذا كان الطلاق لا يملك الرجعة وكل ما قال في الصحة مما يقع في المرض فوقع الطلاق به في المرض وكان طلاقا لا يملك فيه الرجعة لم ترثه مثل أن يقول أنت طالق غدا أو إذا جاء هلال كذا أو إذا جاءت سنة كذا أو إذا قدم فلان وما أشبه هذا فوقع به الطلاق البائن وهو مريض لم ترث لأن القول كان في الصحة
(قال الشافعي): - رحمه الله -: ولو قال لها إذا مرضت فأنت طالق ثلاثا فمرض فمات قبل أن يصح. ورثت في قول من يورثها إذا كان الطلاق في المرض لأنه عمد أن أوقع الطلاق في المرض. وإذا مرض الرجل فأقر أنه قد كان طلق امرأته في الصحة ثلاثا وقع الطلاق بإقراره ساعة تكلم واستقبلت العدة من ذلك اليوم ولا ترثه عندي بحال
وإذا قال الرجل لامرأته وهو مريض أنت طالق ثلاثا إذا صححت فصح ثم مرض فمات لم ترثه لأنه أوقع الطلاق في وقت لو ابتدأه فيه لم ترثه.
وإذا قال الرجل لامرأته صحيحا أنت طالق ثلاثا قبل أن أقتل بشهر أو قبل أن أموت بشهر أو قبل أن أموت من الحمى أو سمى مرضا من الأمراض فمات من غير ذلك المرض لم يقع الطلاق وورثته. وكذلك لو مات من ذلك المرض قبل الشهر لأن الطلاق لم يقع ولا يقع إلا بأن يموت من ذلك المرض ويكون قبل موته بشهر فيجتمع الأمران، ولها الميراث في الأقاويل وإن مضى شهر من يوم قال تلك المقالة ثم مات من ذلك المرض بعينه لم يقع الطلاق ولا يقع الطلاق حتى يعيش بعد القول أكثر من شهر بوقت من الأوقات يقع فيه الطلاق فيكون لقوله موضع. فأما إذا كان موته مع الشهر سواء فلا موضع لقوله وترث ولم يقع عليها طلاق وإذا قال أنت طالق قبل موتي بشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر ثم عاش أقل مما سمى ثم مات فإن الطلاق لا يقع عليها ولها الميراث وإن عاش من حين تكلم بالطلاق إلى أن مات أكثر مما سمى بطرفة عين أو أكثر وقع الطلاق عليها في ذلك الوقت وذلك قبل موته بما سمى ولا ترث إذا كان ذلك القول وهو صحيح.
ولو طلقها ثلاثا وهو مريض ثم ارتدت عن الإسلام، ثم عادت إليه ثم مات ولم يصح لم ترثه لأنها أخرجت نفسها من الميراث، ولو كان هو المرتد ثم عاد إلى الإسلام فمات من مرضه. لم ترثه عندي وترثه في قول غيري لأنه فار من الميراث.
ولو كانت زوجته أمة فقال لها وهو صحيح أنت طالق ثلاثا إذا عتقت فعتقت وهو مريض ثم مات وهي في العدة لم ترثه، وإن كان قاله لها وهو مريض لم ترث في قول ابن الزبير وترث في القول الآخر.
(قال الشافعي): - رحمه الله -: ولو قال لها وهي أمة أنت طالق ثلاثا غدا وهو مريض وقال لها سيدها أنت حرة اليوم بعد قوله. لم ترثه لأنه قاله وهي غير وارث وكذلك إن كانت مشركة وهو مسلم، ولو قال لها سيدها والزوج مريض أنت حرة غدا وقال الزوج أنت طالق ثلاثا بعد غد ولم يعلم عتق السيد لم ترثه وإن مات من مرضه. وإن كان يعلم عتق السيد لم ترثه في قول ابن الزبير وترثه في قول الآخر لأنه فار من الميراث.
(قال): وإن كانت تحت المسلم مملوكة وكافرة فمات والمملوكة حرة والكافرة مسلمة فقالت هذه عتقت قبل أن يموت وقال ذلك الذي أعتقها وقالت هذه أسلمت قبل أن يموت وقال الورثة مات وأنت مملوكة وللأخرى مات وأنت كافرة فالقول قول الورثة وعليها البينة.
(قال أبو محمد) فيه قول آخر إن القول قول التي قالت لم أكن مملوكة لأن أصل الناس الحرية وعلى التي قالت لم أكن نصرانية البينة، وإذا قال الورثة لامرأة الرجل كنت
كافرة حين مات ثم أسلمت أو مملوكة حين مات ثم عتقت ولم يعلم أنها كافرة ولا مملوكة وقالت لم أكن كافرة ولا مملوكة فالقول قولها وعلى الورثة البينة.
طلاق المولى عليه والعبد

(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ويجوز طلاق المولى عليه البالغ ولا يجوز عتقه لأم ولده ولا غيرها. فإن قال قائل فكيف يجوز طلاقه؟ قيل لأن الصلاة والحدود عليه واجبة فإذا كان ممن يقع عليه التحريم حد على إتيان المحرم من الزنا والقذف والقتل وكان كغير المولى عليه في أن عليه فرضا وحراما وحلالا فالطلاق تحريم يلزمه كما يلزم غيره، فإن قيل فقد يتلف به مالا؟ قيل ليس له من مال امرأته شيء فيتلفه بطلاقها إنما هو أن يحرم عليه منها شيء كان مباحا له، فإن قيل فقد يرثها، قيل لا يرثها حتى تموت ولم تمت حين طلقها فإن قيل فيحتاج إلى نكاح غيرها قيل فذلك ليس بإتلاف شيء فيها إنما هو شيء يلزمه لغيرها إن أراد النكاح.
(قال الشافعي): - رحمه الله -: فإن قيل فلم لا يجوز عتقه أم ولده وإنما هي له مباحة إباحة فرج؟ قيل ما له فيها أكثر من الفرج.
(قال الربيع) يريد أن له فيها أكثر من الفرج: ألا ترى أنه يقول إذا قتلت آخذ قيمتها وإذا جني عليها آخذ الأرش فيأخذ قيمتها ويجنى عليها فيأخذ أرش الجناية عليها وتكسب المال فيكون له ويوهب لها وتجد الكنز فيكون له ويكون له خدمتها والمنافع فيها كلها وأكثر ما يمنع منها بيعها فأما سوى ذلك فهي له أمة يزوجها وهي كارهة ويختدمها
قال ويجوز طلاق السكران من الشراب المسكر وعتقه ويلزمه ما صنع، ولا يجوز طلاق المغلوب على عقله من غير السكر ويجوز طلاق العبد بغير إذن سيده والحجة فيه كالحجة في المحجور وأكثر، فإن قال قائل فهل خالفكم في هذا أحد من أهل الحجاز؟ قيل: نعم قد قال بعض من مضى منهم لا يجوز طلاق السكران وكأنه ذهب إلى أنه مغلوب على عقله. وقال بعض من مضى إنه ليس للعبد طلاق والطلاق بيد السيد، فإن قال فهل من حجة على من قال لا يجوز طلاق العبد؟ قيل ما وصفنا من أن الله تعالى قال في المطلقات ثلاثا {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} وقال في المطلقات واحدة {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا} فكان العبد ممن عليه حرام وله حلال فحرامه بالطلاق ولم يكن السيد ممن حلت له امرأة فيكون له تحريمها. فإن قال قائل فهل غير هذا؟ قيل هذا هو الذي عليه اعتمدنا وهو قول الأكثر ممن لقينا، فإن قال فترفعه إلى أحد من السلف؟ قيل: نعم أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال إذا طلق العبد امرأته اثنتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أو أمة وعدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان. قال مالك حدثني نافع عن ابن عمر كان يقول: من أذن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد ليس بيد غيره من طلاقه شيء.
(قال الشافعي) - رحمه الله - أخبرنا مالك قال حدثني عبد ربه بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة استفتى زيد بن ثابت فقال إني طلقت امرأة لي حرة تطليقتين فقال زيد حرمت عليك.
(قال الشافعي) أخبرنا مالك قال حدثني أبو الزناد عن سليمان بن يسار أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عبدا كانت تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين ثم أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي عثمان بن عفان فيسأله عن ذلك فذهب إليه فلقيه عند الدرج آخذا بيد زيد بن ثابت فسألهما فابتدراه جميعا فقالا حرمت عليك حرمت عليك.
(قال الشافعي) - رحمه الله -: أخبرنا مالك قال وحدثني ابن شهاب عن ابن المسيب أن نفيعا
مكاتبا لأم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - طلق امرأته حرة تطليقتين فاستفتى عثمان بن عفان فقال له عثمان بن عفان حرمت عليك، فإن قال قائل فهل لكم حجة على من قال لا يجوز طلاق السكران؟ قيل نعم ما وصفنا من أن عليه الفرائض وعليه حرام، فإن قال ليس عليه حرام في حاله تلك لزمه أن يقول ولا صلاة ولا قود في قتل ولا جراح ولا غيره كما يكون المغلوب على عقله بغير السكر ولا يجوز إذا حرم الله تعالى بالكلام أن لا يكون داخلا في حكم الله تعالى أن الطلاق يحرم عليه ولا يخرج من حكم الله تعالى إلا بدلالة كتاب أو سنة أو إجماع وليس فيه واحد من هذا، وأكثر من لقيت من المفتين على أن طلاقه يجوز، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ» والسكران ليس واحدا من هؤلاء ولا في معناه والمرضى الذاهبو العقول في معنى المجنون لأنهم غير آثمين بالمرض والسكران آثم بالسكر.

من يلزمه الطلاق من الأزواج
(قال الشافعي): - رحمه الله -: وكل امرأة طلقها زوج بالغ صبية أو معتوهة أو حرة بالغا أو أمة أو مشركة لزمهن الطلاق لأن الطلاق تحريم من الأزواج على أنفسهن، فإذا عتقت الأمة وقد زوجت عبدا وهي صبية فاختارت وهي صبية الفراق.
أو ملك الرجل امرأته وهي صبية نفسها أو خيرها فاختارت الفراق فليس ذلك لها لأنه لا أمر لها في نفسها وكذلك المعتوهة فإذا أفاقت المعتوهة أو بلغت الصبية فلها الخيار في المقام معه أو فراقه (قال): وإن عتقت قبل أن تبلغ أو بعدما بلغت فلم تختر فلا خيار لها.
وإذا اختارت المرأة فراق زوجها فهو فسخ بلا طلاق وكذلك امرأة العنين وامرأة الأجذم والأبرص تختار فراقه فذلك كله فسخ بلا طلاق لأن الطلاق يملك فيه الرجعة.
الطلاق الذي تملك فيه الرجعة
(قال الشافعي): - رحمه الله -: قال الله تعالى {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} وقال {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} الآية كلها.
(قال الشافعي): فكان بينا في كتاب الله تعالى أن كل طلاق حسب على مطلقة فيه عدد طلاق إلا الثلاث فصاحبه يملك فيه الرجعة.
وكان ذلك بينا في حديث ركانة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وإلا الطلاق الذي يؤخذ عليه المال، لأن الله تعالى أذن به وسماه فدية فقال {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} فكان بينا في كتاب الله تعالى إذ أحل له أخذ المال أنه إذا ملك مالا عوضا من شيء لم يجز أن يكون له على ما ملك به المال سبيل والمال هو عوض من بضع المرأة فلو كان له عليها فيه رجعة كان ملك مالها ولم تملك نفسها دونه (قال): واسم الفدية أن تفدي نفسها بأن تقطع ملكه الذي له به الرجعة عليها ولو ملك الرجعة لم تكن مالكة لنفسها ولا واقعا عليها اسم فدية بل كان مالها مأخوذا وهي بحالها قبل أخذه والأحكام فيما أخذ عليه المال بأن يملكه من أعطى المال (قال): وبهذا قلنا طلاق الإيلاء وطلاق الخيار والتمليك كلها إلى الزوج فيه الرجعة ما لم يأت على جميع الطلاق

(قال الشافعي): - رحمه الله -: وبهذا قلنا إن كل عقد فسخناه شاء الزوج فسخه أو أبى لم يكن طلاقا وكان

فسخا بلا طلاق.


وذلك أنا لو جعلناه طلاقا جعلنا الزوج يملك فيه الرجعة وأنما ذكر الله عز وجل الطلاق من قبل الرجال فقال {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف} وقال {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف} (قال): وكان معقولا عن الله عز وجل في كل هذا أنه الطلاق الذي من قبل الزوج.


فأما الفسخ فليس من قبل الزوج وذلك مثل أن ينكح نكاحا فاسدا فلا يكون زوجا فيطلق ومثل إسلام أحد الزوجين أو ردة أحدهما فلا يحل لكم أن يكون تحته وثنية ولا لمسلمة أن يكون زوجها كافرا ومثل الأمة تعتق فيكون الخيار إليها بلا مشيئة زوجها.


ومثل الخيار إلى المرأة إذا كان زوجها عنينا أو خصيا مجبوبا وما خيرناها فيه مما يلزمه فيه الفرقة وإن كره فإنما ذلك كله فسخ للعقدة لا إيقاع طلاق بعدها.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.29%)]