عرض مشاركة واحدة
  #224  
قديم 09-03-2023, 10:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,555
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الخامس

الحلقة (224)
صــــــــــ 251 الى صـــــــــــ 256




(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): فذكر الله عز وجل المطلقات جملة لم يخصص منهن مطلقة دون مطلقة فجعل على أزواجهن أن يسكنوهن من
وجدهن وحرم عليهم أن يخرجوهن وعليهن أن لا يخرجن إلا بفاحشة مبينة فيحل إخراجهن، فكان من خوطب بهذه الآية من الأزواج يحتمل أن إخراج الزوج امرأته المطلقة من بيتها منعها السكنى لأن الساكن إذا قيل أخرج من مسكنه فإنما قيل منه مسكنه وكما كان كذلك إخراجه إياها وكذلك خروجها بامتناعها من السكن فيه وسكنها في غيره فكان هذا الخروج المحرم على الزوج والزوجة رضيا بالخروج معا أو سخطاه معا أو رضي به أحدهما دون الآخر فليس للمرأة الخروج ولا للرجل إخراجها إلا في الموضع الذي استثنى الله عز ذكره من أن تأتي بفاحشة مبينة وفي العذر فكان فيما أوجب الله تعالى على الزوج والمرأة من هذا تعبدا لهما، وقد يحتمل مع التعبد أن يكون لتحصين فرج المرأة في العدة وولد إن كان بها والله تعالى أعلم.
(قال): ويحتمل أمر الله عز وجل بإسكانهن وأن لا يخرجن ولا يخرجن مع ما وصفت أن لا يخرجن بحال ليلا ولا نهارا ولا لمعنى إلا معنى عذر، وقد ذهب بعض من ينسب إلى العلم في المطلقة هذا المذهب فقال لا يخرجن ليلا ولا نهارا بحال إلا من عذر.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): ولو فعلت هذا كان أحب إلي وكان احتياطا لا يبقى في القلب معه شيء، وإنما منعنا من إيجاب هذا عليها مع احتمال الآية لما ذهبنا إليه من إيجابه على ما قال ما وصفنا من احتمال الآيات قبل لما وصفنا، وأن عبد المجيد أخبرنا عن ابن جريج: قال أخبرنا أبو الزبير عن «جابر قال طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلا لها فزجرها رجل أن تخرج فأتت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال بلى فجدي نخلك لعلك أن تصدقي أو تفعلي معروفا».
(قال الشافعي): نخل الأنصار قريب من منازلهم والجداد إنما تكون نهارا.
(قال الشافعي) أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني إسماعيل بن كثير عن مجاهد قال «استشهد رجال يوم أحد فآم نساؤهم وكن متجاورات في دار فجئن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلن يا رسول الله: إنا نستوحش بالليل أفنبيت عند أحدنا فإذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة منكن إلى بيتها».
(قال الشافعي) أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن عبيد الله أنه كان يقول لا يصلح للمرأة أن تبيت ليلة واحدة إذا كانت في عدة وفاة أو طلاق إلا في بيتها.
العذر الذي يكون للزوج أن يخرجها.
(قال الشافعي): قال الله تبارك وتعالى في المطلقات {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.
(قال الشافعي) أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن ابن عباس أنه كان يقول: الفاحشة المبينة أن تبذو على أهل زوجها فإذا بذت فقد حل إخراجها: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم أن عائشة كانت تقول اتقي الله يا فاطمة فقد علمت في أي شيء كان ذلك: قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن «فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة وهو غائب بالشام فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله مالك علينا من شيء فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فقال ليس لك عليه نفقة وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك. ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي فاعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك».
(قال الشافعي) أخبرنا إبراهيم ابن أبي يحيى عن عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه قال
يتبع
قدمت المدينة فسألت عن أعلم أهلها فدفعت إلى سعيد بن المسيب فسألته عن المبتوتة؟ فقال تعتد في بيت زوجها فقلت: فأين حديث فاطمة بنت قيس؟ فقال هاه ووصف أنه تغيظ، وقال فتنت فاطمة الناس كانت للسانها ذرابة فاستطالت على أحمائها فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم قال: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم وسليمان أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم ألبتة فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم فأرسلت عائشة إلى مروان بن الحكم وهو أمير المدينة فقالت: اتق الله يا مروان واردد المرأة إلى بيتها، فقال مروان في حديث سليمان إن عبد الرحمن غلبني. وقال مروان في حديث القاسم أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس؟ فقالت عائشة لا عليك أن لا تذكر شأن فاطمة فقال: إن كان إنما بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر.
(قال الشافعي) - رحمه الله تعالى -: أخبرنا مالك عن نافع، أن ابنة لسعيد بن زيد كانت عند عبد الله فطلقها ألبتة فخرجت فأنكر ذلك عليها ابن عمر.
(قال الشافعي): فعائشة ومروان وابن المسيب يعرفون أن حديث فاطمة في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها بأن تعتد في بيت ابن أم مكتوم كما حدثت ويذهبون إلى أن ذلك إنما كان للشر ويزيد ابن المسيب يتبين استطالتها على أحمائها ويكره لها ابن المسيب وغيره أنها كتمت في حديثها السبب الذي أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد في غير بيت زوجها خوفا أن يسمع ذلك سامع فيرى أن للمبتوتة أن تعتد حيث شاءت.
(قال الشافعي): وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث فاطمة بنت قيس إذ بذت على أهل زوجها فأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم تدل على معنيين أحدهما أن ما تأول ابن عباس في قول الله عز وجل {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} هو البذاء على أهل زوجها كما تأول إن شاء الله تعالى قال: وبين إنما أذن لها أن تخرج من بيت زوجها فلم يقل لها النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتدي حيث شئت ولكنه حصنها حيث رضي إذ كان زوجها غائبا ولم يكن له وكيل بتحصينها. فإذا بذت المرأة على أهل زوجها فجاء من بذائها ما يخاف تساعر بذاءة إلى تساعر الشر فلزوجها إن كان حاضرا إخراج أهله عنها فإن لم يخرجهم أخرجها إلى منزل غير منزله فحصنها فيه وكان عليه كراؤه إذا كان له منعها أن تعتد حيث شاءت كان عليه كراء المنزل وإن كان غائبا كان لوكيله من ذلك ماله. وإن لم يكن له وكيل كان السلطان ولي الغائب يفرض لها منزلا فيحصنها فيه، فإن تطوع السلطان به أو أهل المنزل فذلك ساقط عن الزوج، ولم نعلم فيما مضى أحدا بالمدينة أكرى أحدا منزلا إنما كانوا يتطوعون بإنزال منازلهم وبأموالهم مع منازلهم، وإن لم يتطوع به السلطان ولا غيره فعلى زوجها كراء المنزل الذي تصير إليه. ولا يتكارى لها السلطان إلا بأخف ذلك على الزوج وإن كان بذاؤها حتى يخاف أن يتساعر ذلك بينها وبين أهل زوجها عذرا في الخروج من بيت زوجها كان كذلك كل ما كان في معناه وأكثر من أن يجب حد عليها فتخرج ليقام عليها أو حق فتخرج لحاكم فيه أو يخرجها أهل منزل هي فيه بكراء أو عارية ليس لزوجها أو ينهدم منزلها الذي كانت فيه أو تخاف في منزل هي فيه على نفسها أو مالها أو ما أشبه هذا من العذر فللزوج في هذه الحالات أن يحصنها حيث صيرها وإسكانها وكراء منزلها.
(قال): وإن أمرها أن تكاري منزلا بعينه فتكارته فكراؤه عليه متى قامت به عليه وإن لم يأمرها فتكارت منزلا فلم ينهها ولم يقل لها أقيمي فيه فإن طلبت الكراء وهي في العدة استقبل كراء منزلها من يوم تطلبه حتى تنقضي العدة وإن لم تطلبه حتى تنقضي العدة فحق لها تركته وعصت بتركها أن يسكنها فلا يكون لها وهي عاصية سكنى وقد مضت العدة، وإن أنزلها منزلا له بعد الطلاق أو طلقها في منزل له أو طلقها وهي زائرة

فكان عليها أن تعود إلى منزل له قبل أن يفلس ثم فلس فهي أحق بالمنزل منه ومن غرمائه كما تكون أحق به لو أكراها وأخذ كراءه منها من غرمائه أو أقر لها بأنها تملك عليه السكنى قبل أن يقوم غرماؤه عليه، وإن كان في المنزل الذي أنزلها فيه فضل عن سكناها كانت أحق بما يكفيها ويسترها من منزله وكان الغرماء أحق بما بقي منه لأنه شيء أعطاها إياه لم يستحق أصله عليه ولم يهبه لها فتكون أحق به إنما هو عارية، وما أعار فلم يملكه من أعيره فغرماؤه أحق به ممن أعيره ولو كان طلاقه إياها بعد ما يقف السلطان ماله للغرماء، كانت أسوة الغرماء في كراء منزل بقدر كرائه ويحصنها حيث يكاري لها، فإن كان لأهلها منزل أو لغير أهلها فأرادت نزوله وأراد إنزالها غيره فإن تكارى لها منزلا فهو أحق بأن ينزلها حيث أراد وإن لم يتكار لها منزلا ولم يجده لم يكن عليها أن تعتد حيث أراد زوجها بلا منزل يعطيها إياه حيث قدرت إذا كان قرب ثقة ومنزلا ستيرا منفردا أو مع من لا يخاف، فإن دعت إلى حيث يخاف منعته، ولو أعطاها السلطان في هذا كله كراء منزل كان أحب إلي وحصنها له فيه.
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وكل نكاح صحيح طلق رجل فيه امرأته مسلمة حرة أو ذمية أو مملوكة فهو كما وصفت في الحرة إلا أن لأهل الذمية أن يخرجوها في العدة ومتى أخرجوها فلا نفقة لها إن كانت حاملا ولا سكنى كان طلاق زوجها يملك الرجعة أو لا يملكها. وهكذا كل زوج حر مسلم وذمي وعبد أذن له سيده في النكاح فعليه من سكنى امرأته ونفقتها إذا كانت حرة أو أمة متروكة معه ما على الحر وليس نفقتها وهي زوجة له بأوجب من سكناها في الفراق ونفقتها عليه.
(قال الشافعي): وإذا كان الطلاق لا يملك فيه الزوج الرجعة فهكذا القول في السكنى فأما طلاق يملك فيه الزوج الرجعة فحال المرأة في السكنى والنفقة حال امرأته التي لم تطلق لأنه يرثها وترثه في العدة ويقع عليها إيلاؤه وليس له أن ينقلها من منزله إلى غيره إلا أن تبذو أو يراجعها فيحولها حيث شاء. وله أن يخرجها قبل مراجعتها إن بذت عليه كما تخرج التي لا يملك رجعتها. والله سبحانه وتعالى الموفق.
نفقة المرأة التي لا يملك زوجها رجعتها
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): قال الله تبارك وتعالى في المطلقات {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن} الآية إلى {فآتوهن أجورهن} قال فكان بينا والله تعالى أعلم في هذه الآية أنها في المطلقة التي لا يملك زوجها رجعتها من قبل أن الله عز وجل لما أمر بالسكنى عاما ثم قال في النفقة {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} دل على أن الصنف الذي أمر بالنفقة على ذوات الأحمال منهن صنف دل الكتاب على أن لا نفقة على غير ذوات الأحمال منهن لأنه إذا أوجب لمطلقة بصفة نفقة ففي ذلك دليل على أنه لا تجب نفقة لمن كان في غير صفتها من المطلقات.
(قال الشافعي): فلما لم أعلم مخالفا من أهل العلم في أن المطلقة التي يملك زوجها رجعتها في معاني الأزواج في أن عليه نفقتها وسكناها وأن طلاقه وإيلاءه وظهاره ولعانه يقع عليها وأنه يرثها وترثه كانت الآية على غيرها من المطلقات ولم يكن من المطلقات واحدة تخالفها إلا مطلقة لا يملك الزوج رجعتها.
(قال الشافعي): والدليل من كتاب الله عز وجل كاف فيما وصفت من سقوط نفقة التي لا يملك الزوج رجعتها وبذلك جاءت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(قال الشافعي) أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة «عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص

طلقها ألبتة وهو غائب بالشام فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال مالك علينا نفقة فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فقال ليس لك عليهم نفقة» أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج.
(قال): أخبرني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول نفقة المطلقة ما لم تحرم فإذا حرمت فمتاع بالمعروف. أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: قال عطاء ليست المبتوتة الحبلى منه في شيء إلا أنه ينفق عليها من أجل الحبل فإذا كانت غير حبلى فلا نفقة لها.
(قال الشافعي): فكل مطلقة كان زوجها يملك رجعتها فلها النفقة ما كانت في عدتها منه، وكل مطلقة كان زوجها لا يملك رجعتها فلا نفقة لها في عدتها منه إلا أن تكون حاملا فيكون عليه نفقتها ما كانت حاملا. وسواء في ذلك كل زوج حر وعبد وذمي وكل زوجة أمة وحرة وذمية.
(قال): وكل ما وصفنا من متعة لمطلقة أو سكنى لها أو نفقة فليست إلا في نكاح صحيح ثابت. فأما كل نكاح كان منسوخا فليست فيه نفقة ولا متعة ولا سكنى وإن كان فيه مهر بالمسيس حاملا كانت أو غير حامل.
(قال): وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فأدعت حبلا وأنكره الزوج أو لم ينكره ولم يقر به ففيها قولان. أحدهما: أن تحصي من يوم طلقها وكم نفقة مثلها في كل شهر من تلك الشهور فإذا ولدت قضى لها بذلك كله عليه لأن الحمل لا يعلم بيقين حتى تلده.
(قال): ومن قال هذا قال: إن الله عز وجل قال {وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن} يحتمل فعليكم نفقتهن حتى يضعن حملهن ليست بساقطة سقوط من لا نفقة له غير الحوامل. وقال: قد قال الله تعالى {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} فلو مات رجل وله حبل لم يوقف للحبل ميراث رجل ولا ميراث ابنة لأنه قد يكون عددا ووقفنا الميراث حتى يتبين فإذا بان أعطيناه. وهكذا لو أوصى لحبل أو كان الوارث أو الموصى له غائبا ولا يعطى إلا بيقين وقال: أرأيت لو أريها النساء فقلن بها حمل فأنفقنا عليها ثم انفش فعلمنا أن ليس بها حمل أليس قد علمنا أنا أعطينا من مال الرجل ما لم يجب عليه؟ وإن قضينا برده فنحن لا نقضي بشيء مثله ثم نرده؟ والقول الثاني: أن تحصي من يوم طلقها الزوج ويراها النساء فإن قلن بها حمل أنفق عليها حتى تضع حملها، وإن قلن لا يبين أحصي عليها وتركت حتى يقلن قد بان فإذا قلن قد بان أنفق عليها لما مضى من يوم طلقها إلى أن تضع حملها ثم لا نفقة عليه بعد وضعها حملها إلا أن ترضع فيعطيها أجر مثلها في الرضاعة أجرا لا نفقة، ولو طلقها ثم ظهر بها حبل فذكر له فنفاه وقذفها لاعنها ولا نفقة عليه إن كان لاعنها فأبرأناه من النفقة ثم أكذب نفسه حد ولحق به الحمل إن تم وأخذت منه النفقة التي أبطلت عنه، وكذلك إن كان إقراره بالكذب بعد رضاع الولد ألزمته رضاعة ونفقته، وهكذا لو أكذب نفسه بعد موت الولد أخذت منه نفقة الحمل والرضاع والولد، وإذا قال القوابل بالمطلقة التي لا يملك رجعتها حبل فأنفق عليها الزوج بغير أمر سلطان أو جبره الحاكم على النفقة عليها ثم علم أن لم يكن بها حبل رجع عليها في الحالين معا لأنه إنما أعطاها إياه على أنه واجب عليه فلما علم أنه لم يجب عليه رجع عليها بمثل ما أخذت منه إن كان له مثل، أو قيمته يوم دفعه إليها إن لم يكن له مثل، وكل زوجة صحيحة النكاح فرقت بينهما بحال كما ذكرناه في المختلعة والمخيرة والمملكة والمبتدأ طلاقها والأمة تخير فتختار الفراق والرجل يغر المرأة بنسب فيوجد دونه فتختار فراقه والمرأة تغر بأنها حرة فتوجد أمة أو تجده أجذم أو أبرص أو مجنونا فتختار فراقه أو يجدها كذلك فيفارقها فتكون حاملا في هذه الحالات فعلى الزوج نفقتها حتى تضع حملها.
(قال): وكل نكاح كان فاسدا بكل حال مثل النكاح بغير ولي أو بغير شهود أو نكاح المرأة ولم ترض أو كارهة فحملت فلها الصداق بالمسيس ولا نفقة
(قال أبو محمد) وفيها قول: أن لها النفقة بالحمل وإن كان نكاحا فاسدا لأنه يلحق به الولد فلما كان إذا طلقها غير حامل لم تكن زوجة فبرئت منه لم يكن لها نفقة علمنا أنه جعلت النفقة لو أقر بالحمل.
(قال الشافعي): وكل مطلقة يملك زوجها الرجعة كانت عدتها الشهور فحاضت بعد مضي شهرين استقبلت الحيض ثم عليه النفقة ما كانت في العدة ولو حاضت ثلاث حيض استبرأت نفسها من الريبة وكانت لها النفقة حتى تطعن في الدم من الحيضة الثالثة فإن ارتابت أمسكت عن النكاح ووقف عن نفقتها فإن بان بها حبل كان القول فيها كالقول فيمن بان بها حبل بالنفقة حتى يبين أو الوقف حتى تضع فإن انفش ما ظن من حملها ردت من النفقة ما أخذت بعد دخولها في الدم من الحيضة الثالثة.
(قال): وهكذا إن كانت عدتها الشهور فارتابت سواء لا يختلفان، ولو كانت عدتها الشهور فارتابت أمسكت عن الريبة فإن حاضت بعد ثلاثة أشهر فلها النفقة في الثلاثة حتى تنقضي ولا نفقة لها بعد الثلاثة ولا عدة عليها فإن ارتابت بحمل أمسكت ولم ينفق عليها حتى يبين ثم يكون القول فيه كالقول في الحمل إذا بان سواء من رأى أن لا ينفق عليها حتى تضع أمسك حتى تضع ثم أعطاها نفقة من يوم قطع النفقة عنها إلى أن وضعت، ومن رأى أن لا ينفق عليها إذا بان الحمل أعطاها النفقة منذ أمسك عنها إلى أن بان بها الحمل ومن حين بان الحمل إلى أن تضع فإن بطل الحمل ردت النفقة بعد الثلاثة الأشهر وينفق عليها حتى تضع آخر حملها وإن كان بين وضع ولادها أيام.
(قال): وإن كان بها حبل ولا يملك زوجها رجعتها فأنفق عليها زوجها من حين طلقها حتى جاوزت أربع سنين فلم تلد ردت النفقة من يوم طلقها لأنا لا نلحق به الحمل ولا نفقة لها في العدة إلا أن تكون حاملا منه.
امرأة المفقود
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): قال الله تبارك وتعالى {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} قال وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الزوج نفقة امرأته وحكم الله عز وجل بين الزوجين أحكاما منها اللعان والظهار والإيلاء ووقوع الطلاق.
(قال الشافعي): فلم يختلف المسلمون فيما علمته في أن ذلك لكل زوجة على كل زوج غائب وحاضر. ولم يختلفوا في أن لا عدة على زوجة إلا من وفاة أو طلاق. وقال الله عز وجل {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن} الآية وقال تعالى {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد} إلى قوله {فلهن الثمن مما تركتم}.
(قال): فلم أعلم مخالفا في أن الرجل أو المرأة لو غابا أو أحدهما برا أو بحرا علم مغيبهما أو لم يعلم فماتا أو أحدهما فلم يسمع بهما بخبر أو أسرهما العدو فصيروهما إلى حيث لا خبر عنهما لم نورث واحدا منهما من صاحبه إلا بيقين وفاته قبل صاحبه. فكذلك عندي امرأة الغائب أي غيبة كانت مما وصفت أو لم أصف بإسار عدو أو بخروج الزوج ثم خفي مسلكه أو بهيام من ذهاب عقل أو خروج فلم يسمع له ذكر أو بمركب في بحر فلم يأت له خبر أو جاء خبر أن غرقا كأن يرون أنه قد كان فيه ولا يستيقنون أنه فيه لا تعتد امرأته ولا تنكح أبدا حتى يأتيها يقين وفاته ثم تعتد من يوم استيقنت وفاته وترثه، ولا تعتد امرأة من وفاة ومثلها يرث إلا ورثت زوجها الذي اعتدت من وفاته، ولو طلقها وهو خفي الغيبة بعد أي هذه الأحوال كانت أو آلى منها أو تظاهر أو قذفها لزمه ما يلزم الزوج الحاضر في ذلك كله وإذا كان هذا هكذا لم يجز أن تكون امرأة رجل يقع عليها ما يقع على الزوجة تعتد لا من طلاق ولا وفاة كما لو ظنت أنه طلقها أو

مات عنها لم تعتد من طلاق إلا بيقين وهكذا لو تربصت سنين كثيرة بأمر حاكم واعتدت وتزوجت فطلقها الزوج الأول المفقود لزمها الطلاق، وكذلك إن آلى منها أو تظاهر أو قذفها لزمه ما يلزم الزوج.
وهكذا لو تربصت بأمر حاكم أربع سنين ثم اعتدت فأكملت أربعة أشهر وعشرا ونكحت ودخل بها أو نكحت ولم يدخل بها أو لم تنكح وطلقها الزوج الأول المفقود في هذه الحالات لزمها الطلاق لأنه زوج، وهكذا لو تظاهر منها أو قذفها أو آلى منها لزمه ما يلزم المولى غير أنه ممنوع من فرجها بشبهة بنكاح غيره فلا يقال له فيء حتى تعتد من الآخر إذا كانت دخلت عليه فإذا أكملت عدتها أجل من يوم تكمل عدتها أربعة أشهر وذلك حين حل له فرجها وإن أصابها فقد خرج من طلاق الإيلاء وكفر وإن لم يصبها قيل له أصبها أو طلق.
(قال): وينفق عليها من مال زوجها المفقود من حين يفقد حتى يعلم يقين موته.
(قال): وإن أجلها حاكم أربع سنين أنفق عليها فيها وكذلك في الأربعة الأشهر والعشر من مال زوجها فإذا نكحت لم ينفق عليها من مال الزوج المفقود لأنها مانعة له نفسها، وكذلك لا ينفق عليها وهي في عدة منه لو طلقها أو مات عنها ولا بعد ذلك، ولم أمنعها النفقة من قبل أنها زوجة الآخر ولا أن عليها منه عدة ولا أن بينهما ميراثا ولا أنه يلزمها طلاقه ولا شيء من الأحكام بين الزوجين إلا لحوق الولد به إن أصابها وإنما منعتها النفقة من الأول لأنها مخرجة نفسها من يديه ومن الوقوف عليه كما تقف المرأة على زوجها الغائب بشبهة فمنعتها نفقتها في الحال التي كانت فيها مانعة نفسها بالنكاح والعدة وهي لو كانت في المصر مع زوج فمنعته نفسها منعتها نفقتها بعصيانها ومنعتها نفقتها بعد عدتها من زوجها الآخر بتركها حقها من الأول وإباحتها نفسها لغيره على معنى أنها خارجة من الأول، ولو أنفق عليها في غيبته ثم ثبتت البينة على موته في وقت. ردت كل ما أخذت من النفقة من حين مات فكان لها الميراث، ولو حكم لها حاكم بأن تزوج فتزوجت فسخ نكاحها وإن لم يدخل بها فلا مهر لها وإن دخل بها فأصابها فلها مهر مثلها لا ما سمى لها وفسخ النكاح وإن لم يفسخ حتى مات أو ماتت فلا ميراث لها منه ولا له منها وإن حكم لواحد منهما بالميراث من صاحبه رد الميراث فإن كان الزوج الميت رد ميراثه على ورثته وإن كانت هي الميتة وقف ميراث الزوج الأول حتى يعلم أحي هو فيرثها أو ميت فيرد على ورثتها غير زوجها الآخر، ولو مات زوجها الأول ورثته وأخرجناها من يدي الآخر بكل حال ولو تربصت أربع سنين ثم اعتدت أربعة أشهر وعشرا ثم نكحت فولدت أولادا ثم جاء الأول كان الولد ولد الآخر لأنه فراش بالشبهة وردت على الزوج ومنع إصابتها حتى تعتد ثلاث حيض، وإن كانت ممن لا تحيض لإياس من المحيض أو صغر فثلاثة أشهر، وإن كانت حبلى فأن تضع حملها، وإذا وضعت حملها فلزوجها الأول منعها من رضاع ولدها إلا اللبأ وما إن تركته لم يغذه مرضع غيرها ثم يمنعها ما سوى ذلك، ولا ينفق عليها في أيام عدتها ولا رضاعها ولد غيره شيئا، ولو ادعى الزوج الأول والآخر الولد وقد ولدت وهي مع الآخر أريته القافة.
(قال): ومتى طلقها الأول وقع عليها طلاقه ولو طلقها زوجها الأول أو مات عنها وهي عند الزوج الآخر كانت عند غير زوج فكانت عليها عدة الوفاة والطلاق ولها الميراث في الوفاة والسكنى في العدة في الطلاق وفيمن رآه لها بالوفاة ولو مات الزوج الآخر لم ترثه وكذلك لا يرثها لو ماتت، ولو ماتت امرأة المفقود والمفقود ولا يعلم أيهما مات أولا لم يتوارثا كما لم يتوارث من خفي موته من أهل الميراث من القتلى والغرقى وغيرهم إلا بيقين أن أحدهما مات قبل الأول فيرث الآخر الأول. ولو مات الزوج الأول والزوج الآخر ولا يعلم أيهما مات أولا بدأت فاعتدت أربعة أشهر وعشرا لأنه النكاح الصحيح والعدة الأولى بالعقد الأول ثم اعتدت بعد ثلاث حيض تدخل
إحداهما في الأخرى لأنها وجبت عليها من وجهين مفترقين فلا يجزئها أن تأتي بإحداهما دون الأخرى لأنهما في وقت واحد ولو كان الزوج الأول مات أولا فاعتدت شهرا أو أكثر ثم ظهر بها حمل فوضعت حملها حلت من الذي حملت منه وهو الزوج الآخر فاعتدت من الأول أربعة أشهر وعشرا لأنها لا تستطيع تقديم عدتها من الأول وعليها عدة حمل من الآخر.
(قال): ولكن لو مات الأول قبل فاعتدت شهرا أو أكثر ثم رأت أن بها حملا قيل لها تربصي فإن تربصت وهي تراها حاملا ثم مرت بها أربعة أشهر وعشر وهي تحيض في ذلك وتراها تحيض على الحمل ثم حاضت ثلاث حيض وبان لها أن لا حمل بها فقد أكملت عدتها منهما جميعا وليس عليها أن تستأنف عدة أخرى تحد فيها كما لو مات عنها زوجها ولا تعلم هي حتى مرت أربعة أشهر وعشر قيل لها ليس عليك استئناف عدة أخرى. وهكذا لو ماتا معا ولم تعلم حتى مضت أربعة أشهر وعشر وثلاث حيض بعد يقين موتهما معا لم تعد لعدة ولو مات الزوج الآخر اعتدت منه ثلاث حيض فإن أكملتها ثم مات الأول اعتدت عدة الوفاة وإن لم تكملها استقبلت عدة الوفاة من يوم مات الآخر لأنها عدة صحيحة. ثم اعتدت حيضتين تكملة الحيض التي قبلها من نكاح الآخر.
ولو أن امرأة المفقود ماتت عند الزوج الآخر ثم قدم الأول أخذ ميراثها وإن لم تدع شيئا لم يأخذ من المهر شيئا إذا لم يجد امرأته بعينها فلا حق له في مهرها فإن قال قائل: فهل قال غيرك هذا؟ قيل: نعم وروي فيه شيء عن بعض السلف، وقد روي عن الذي روي عنه هذا أنه رجع عنه فإن قال: فهل تحفظ عمن مضى مثل قولك في أن لا تنكح امرأة المفقود حتى تستيقن موته؟ قلنا: نعم عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أخبرنا يحيى بن حسان عن أبي عوانة عن منصور عن أبي المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه قال في امرأة المفقود: إنها لا تتزوج، أخبرنا يحيى بن حسان عن هشيم بن بشير عن سيار أبي الحكم عن علي - رضي الله تعالى عنه - أنه قال في امرأة المفقود إذا قدم وقد تزوجت امرأته هي امرأته إن شاء طلق وإن شاء أمسك ولا تخير، أخبرنا يحيى بن حسان عن جرير عن منصور عن الحكم أنه قال: إذا فقدت المرأة زوجها لم تتزوج حتى تعلم أمره.
عدة المطلقة يملك زوجها رجعتها
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -): وإذا طلق الرجل المرأة طلاقا يملك فيه رجعتها ثم مات قبل أن تنقضي عدتها اعتدت عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا وورثت ولها السكنى والنفقة قبل أن يموت ما كانت في عدتها إذا كان يملك رجعتها فإذا مات فلا نفقة لها: وليس عليها أن تجتنب طيبا ولا لها أن تخرج من منزله ولو أذن لها وليس له منها ولا لها منه من نظر ولا من تلذذ ولا من خلوة شيء حتى يراجعها وهي محرمة عليه تحريم المبتوتة حتى يراجعها، أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي في مسكن حفصة وكانت طريقه إلى المسجد فكان يسلك الطريق الأخرى من أدبار البيوت كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها.
(قال الشافعي) أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء ما يحل







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 51.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.49 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.23%)]