عرض مشاركة واحدة
  #221  
قديم 09-03-2023, 09:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,045
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله


كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الخامس

الحلقة (221)
صــــــــــ 231 الى صـــــــــــ 237



عدة الحرة من أهل الكتاب عند المسلم والكتابي
.

( قال الشافعي ) رحمه الله والحرة والكتابية يطلقها المسلم أو يموت عنها مثل الحرة المسلمة في العدة [ ص: 231 ] والنفقة والسكنى لا يختلفان في شيء من العدة والنفقة والسكنى ، وجميع ما لزم المسلمة لازم لها من الإحداد وغير ذلك وإن أسلمت في العدة قبل أن تكملها لم تستأنف وبنت على عدتها وهكذا إن طلقها الكتابي أو مات عنها وإن أرادت أن تخرج في العدة كان للزوج حيا وورثته ميتا من منعها الخروج ما لهم من منع المسلمة لا يختلفان في شيء غير أنها لا ترث المسلم ولا يرثها .
العدة من الموت والطلاق والزوج غائب .

( قال الشافعي ) رحمه الله : قال الله عز وجل { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } وقال { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } وقال عز ذكره { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } قال : فكان بينا في حكم الله عز ذكره أن العدة من يوم يقع الطلاق وتكون الوفاة .

( قال ) وإذا علمت المرأة يقين وفاة الزوج أو طلاقه ببينة تقوم لها على موته أو طلاقه أو أي علم صادق ثبت عندها اعتدت من يوم يكون الطلاق وتكون الوفاة وإن لم تعتد حتى تمضي عدة الطلاق والوفاة لم يكن عليها عدة لأن العدة إنما هي مدة تمر عليها فإذا مرت عليها فليس عليها مقام مثلها .

( قال ) وإذا خفي ذلك عليها وقد استيقنت بالطلاق أو الوفاة اعتدت من يوم استيقنت أنها اعتدت منه وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تعتد من يوم يكون الطلاق أو الوفاة أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء الرجل يطلق امرأته أو يموت عنها وهو بمصر وهي بمصر آخر من أي يوم تعتد ؟ قال من يوم مات أو طلقها تعتد . أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن داود بن أبي عاصم قال سمعت سعيد بن المسيب يقول : إذا قامت بينة فمن يوم طلقها أو مات عنها . أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن شهاب أنه قال في رجل طلق امرأته قال تعتد من يوم طلقت أخبرنا سعيد عن ابن أبي ذئب عن الزهري قال : المتوفى عنها تعتد من يوم مات والمطلقة من يوم طلقت .
عدة الأمة ( قال الشافعي ) رحمه الله : ذكر الله عز وجل العدد من الطلاق بثلاثة قروء وثلاثة أشهر ومن الوفاة بأربعة أشهر وعشر وذكر الله الطلاق للرجال باثنتين وثلاثة فاحتمل أن يكون ذلك كله على الأحرار والحرائر والعبيد والإماء واحتمل أن يكون ذلك على بعضهم دون بعض وكان عز وجل قد فرق في حد الزاني بين المماليك والأحرار فقال : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وقال في الإماء { فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب } وقال في الشهادات { وأشهدوا ذوي عدل منكم } فلم يختلف من لقيت أنها على الأحرار دون العبيد وذكر المواريث فلم يختلف أحد لقيته في أن المواريث للأحرار دون العبيد ، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم الثيب [ ص: 232 ] الحر الزاني ولم يختلف من لقيت أن لا رجم على عبد ثيب .

( قال ) وفرض الله عز وجل العدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر ، وفي الموت أربعة أشهر وعشرا وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تستبرأ الأمة بحيضة ففرق بين استبراء الأمة والحرة وكانت العدة في الحرائر استبراء وتعبدا ، وكذلك الحيضة في الأمة استبراء وتعبد .

( قال الشافعي ) فلم أعلم مخالفا ممن حفظت عنه من أهل العلم في أن عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما كان له نصف معدود ما لم تكن حاملا فلم يجز إذ وجدنا ما وصفت من الدلائل على الفرق فيما ذكرنا وغيره بين عدة الأمة والحرة إلا أن تجعل عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما له نصف وذلك الشهور . فأما الحيض فلا يعرف له نصف فتكون عدتها فيه أقرب الأشياء من النصف إذا لم يسقط من النصف شيء وذلك حيضتان ولو جعلناها حيضة أسقطنا نصف حيضة ولا يجوز أن يسقط عنها من العدة شيء فأما الحمل فلا نصف له . قد يكون يوما من يوم وقع عليها الطلاق وسنة وأكثر كما لم يكن للقطع نصف فيقطع الحر والعبد والأمة والحرة ، وكان للزنا حدان أحدهما الجلد فكان له نصف فجعل عليها النصف ولم يكن للرجم نصف فلم يجعل عليها ولم يبطل عنها حد الزنا وحدت بأحد حديه على الأحرار . وبهذا مضت الآثار عمن روينا عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

( قال الشافعي ) فإذا تزوجت الأمة الحر أو العبد فطلقها أو مات عنها فسواء والعدة بها ، تعتد إذا كانت ممن تحيض حيضتين إذا دخلت في الدم من الحيضة الثانية حلت ، وتعتد في الشهور خمسا وأربعين إذا كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر ، وتعتد في الوفاة شهرين وخمس ليال ، وفي الحمل أن تضع حملها متوفى عنها أو كانت مطلقة .

( قال ) ولزوجها في الطلاق إذا كانت يملك الرجعة عليها ما على الحرة في عدتها وكذلك عليه من نفقتها في العدة ما عليه من نفقة الحرة . ولا يسقط ذلك عنه إلا أن يخرجها سيدها فيمنعها العدة في منزله فتسقط النفقة عنه كما تسقط لو كانت له زوجة فأخرجها عنه إلى بلد غير بلده . وكذلك إن كانت مطلقة طلاقا لا يملك الرجعة كانت عليه نفقتها حاملا ما لم يخرجها سيدها من منزله لأن الله عز وجل يقول في المطلقات { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن } ولم نجد أثرا لازما ولا إجماعا بأن لا ينفق على الأمة الحامل ولو ذهبنا إلى أن نزعم أن النفقة على الحامل إنما هي للحمل كانت نفقة الحمل لا تبلغ بعض نفقة أمة وكما يكون لو كان مولودا لم تبلغ نفقته بعض نفقة أمه ولكنه حكم الله تعالى علينا اتباعه تعبدا ، وقد ذهب بعض الناس إلى أن جعل للمطلقة لا يملك زوجها رجعتها النفقة قياسا على الحامل فقال الحامل محبوسة بسببه ، وكذلك المعتدة بغير الحمل محبوسة بسببه عن الأزواج ، فذهبنا إلى أنه غلط وإنما أنفقنا على الحامل بحكم الله عز وجل لا بأنها محبوسة بسببه وقد تكون محبوسة بسببه بالموت ولا نفقة لها ، واستدللنا بالسنة على أن لا نفقة للتي لا يملك زوجها رجعتها إذا لم تكن حاملا .

( قال ) والأمة في النفقة بعد الفراق والسكنى ما كانت في العدة كالحرة إلا ما وصفت من أن يخرجها سيدها ، أخبرنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى أبي طلحة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين فإن لم تكن تحيض فشهرين أو شهرا ونصفا : قال سفيان وكان ثقة ، أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس الثقفي عن رجل من ثقيف أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لو استطعت لجعلتها حيضة ونصفا فقال رجل فاجعلها شهرا ونصفا فسكت عمر .

( قال ) وإذا طلق الحر أو العبد الأمة طلاقا يملك فيه الرجعة فعدتها عدة أمة وإذا مضت عدتها ، ثم عتقت لم تعد لعدة ولم تزد على عدتها [ ص: 233 ] الأولى ، وإن أعتقت قبل مضي العدة بساعة أو أقل أكملت عدة حرة لأن العتق وقع وهي في معاني الأزواج في عامة أمرها . فإن مات بعد الطلاق الذي يملك فيه الرجعة قبل العتق لم ترثه وكذلك لو ماتت لم يرثها . وإن مات أو ماتت وقد عتقت قبل مضي عدتها عدة الأمة وقبل مضي عدة الحرة توارثا ويقع عليها إيلاؤه وطلاقه وظهاره وما يقع بين الزوجين .

( قال ) وإذا كان طلاقه وإيلاؤه وظهاره يقع عليها إذا طلقت طلاقا يملك فيه الرجعة إلى أن تنقضي عدتها فعتقت قبل أن تنقضي عدتها لم يجز والله تعالى أعلم ، إلا أن تعتد عدة حرة ويتوارثان قبل انقضاء عدتها التي لزمتها بالحرية ، ولو كانت الأمة عند عبد فطلقها طلاقا يملك فيه الرجعة فلم تنقض عدتها حتى عتقت فاختارت فراقه كان ذلك لها وكان اختيارها فراقه فسخا بغير طلاق وتكمل منه عدة حرة من الطلاق الأول لأنها صارت حرة قبل أن تنقضي عدتها من طلاق يملك فيه الرجعة ولا تستأنف عدة لأنه لو كان أحدث لها رجعة ثم طلقها ولم يصبها بنت على العدة الأولى لأنها مطلقة لم تمس فإنما عليها من العدة الأولى إكمال عدة حرة . ولو كان طلاق الأمة طلاقا لا يملك فيه الرجعة ثم عتقت في العدة ففيها قولان أحدهما أن تبني على العدة الأولى وأن لا خيار لها لأنها غير زوجة ولا تستأنف عدة لأنها ليست بزوجة ولا في معاني الأزواج لا يقع عليها طلاقه ولا إيلاؤه ولا ظهاره ولا يتوارثان لو كانا في تلك الحال حرين . والقول الثاني أن عليها أن تكمل عدة حرة ولا تكون حرة تكمل عدة أمة ومن ذهب إلى هذا ذهب إلى أن يقيسه على العدة في الطلاق الذي يملك فيه الرجعة . وقال المرأة تعتد بالشهور ثم تحيض تستقبل الحيض ولا يجوز أن تكون في بعض عدتها ممن تحيض وهي تعتد بالشهور فيقول وهكذا لا يجوز أن تكون في بعض عدتها حرة وهي تعتد عدة أمة وقال في المسافر يصلي ركعة ثم ينوي المقام يتم أربعا ولا يجوز أن يكون في بعض صلاته مقيما يصلي صلاة مسافر وهذا أشبه القولين - والله تعالى أعلم - بالقياس .

( قال ) والأمة من الأزواج فإذا اجتمعت عليها عدتان قضتهما كما تقضيهما الحرة وهي في النكاح الفاسد والإحداد كالحرة يثبت عليها ما يثبت على الحرة ويرد عنها ما يرد عنها .
استبراء أم الولد أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال في أم الولد يتوفى عنها سيدها قال تعتد بحيضة .

( قال الشافعي ) وإذا ولدت الأمة من سيدها فأعتقها أو مات عنها استبرأت بحيضة ولا تحل من الحيضة للأزواج حتى ترى الطهر فإذا رأته حلت وإن لم تغتسل . وإن أعتقها أو مات عنها وهي حائض لم يعتد بتلك الحيضة ، وإن أعتقها أو مات عنها وهي لا تعلم فاستيقنت أنها قد حاضت بعد العتق حلت وإن لم تستيقن استبرأت نفسها بحيضة من ساعة يقينها ثم حلت .

( قال ) وإن كانت حاملا فأجلها أن تضع حملها . وإن استرابت لم تنكح حتى تستبرأ وهي كالحرة في الاستبراء من العدة سواء . وإذا ولدت جارية الرجل منه أحببت له أن لا يزوجها وإن استبرأها ثم زوجها فالنكاح ثابت عليها رضيت أو لم ترض . فإن مات سيدها ولم يطلقها زوجها ولم يمت فلا استبراء عليها من سيدها وإن طلقها زوجها طلاقا يملك فيه الرجعة أو طلاقا بائنا فلم تنقض عدتها حتى مات سيدها لم يكن عليها استبراء من سيدها لأن فرجها ممنوع منه بشيء أباحه لغيره بنكاح وعدة من نكاح . وكذلك لو مات عنها زوجها فلم تنقض عدتها منه حتى يموت سيدها لم تستبرئ من سيدها لأن فرجها ممنوع منه بعدة من نكاح . [ ص: 234 ] ولو مات زوجها أو طلقها فانقضت عدتها منه ثم مات سيدها استبرأت من سيدها بحيضة
( قال ) ولو مات زوجها وسيدها ويعلم أن أحدهما مات قبل الآخر بيوم أو شهرين وخمس ليال أو أكثر ولا يعلم أيهما مات قبل .

اعتدت من حين مات الآخر منهما أربعة أشهر وعشرا تأتي فيها بحيضة وإنما قلنا تدخل إحدى العدتين في الأخرى أنهما لا يلزمانها معا وإنما يلزمها إحداهما فإذا جاءت بهما معا على الكمال في وقت واحد فذلك أكثر ما يلزمها إن كان سيدها مات قبل زوجها فلا استبراء عليها من سيدها وعليها أربعة أشهر وعشر وإن كان زوجها مات قبل سيدها ولم تستكمل شهرين وخمس ليال فلا استبراء عليها من سيدها . وإن كان سيدها مات بعد مضي شهرين وخمس ليال فعليها أن تستبرئ من سيدها بحيضة ولا ترث زوجها حتى تستيقن أن سيدها مات قبل زوجها ، ولو كان زوج هذه طلقها تطليقة يملك الرجعة ثم مات سيدها . ثم مات زوجها وهي في العدة وكان الزوج حرا اعتدت عدة الوفاة من يوم مات زوجها أربعة أشهر وعشرا وورثت زوجها ولم تبال أن لا تأتي بحيضة لأنه لا استبراء عليها من سيدها إذا كانت في عدة من زوجها .
ولو كان زوجها عبدا فطلقها تطليقة يملك الرجعة ثم مات سيدها وهي في عدتها من الطلاق أو أعتقها فلم تختر فراق الزوج حتى مات الزوج حرا . كان لها منه الميراث وتستقبل منه عدة أربعة أشهر وعشرا من يوم مات الزوج ولا استبراء عليها من سيدها ، ولو اختارت فراقه حين عتقت قبل أن يموت كان الفراق فسخا بغير طلاق ولم يكن عليها عدة وفاة ولم ترثه وأكملت عدة الطلاق ولم يكن له عليها رجعة بعد اختيارها فراقه قبل موته ولا استبراء لسيدها
( قال ) وإذا جاءت أم ولد رجل بعد موته بولد لأكثر ما تلد له النساء من آخر ساعات حياته فالولد لاحق به ، وهكذا في الحياة لو أعتقها إذا لم يدع أنه استبرأها ولو جاءت به لأكثر مما تلد له النساء من يوم مات أو أعتق لم يلزمه
( قال ) وعدة أم الولد إذا كانت حاملا أن تضع حملها وإن لم تكن حاملا فحيضة
( قال ) وإذا مات الرجل عن مدبرة له كان يطؤها أو أمة كان يطؤها استبرأت بحيضة فإن نكحت هي أو أم الولد قبلها فسخ النكاح وإن كانت امرأة لا يطؤها فلا استبراء عليها وأحب إلي لو لم تنكح حتى تستبرئ نفسها .
وإذا كانت للعبد امرأة ثم كاتب فاشتراها للتجارة فالشراء جائز كما يجوز شراؤه لغيرها والنكاح فاسد إذا جعلته يملكها لم أجعل له نكاحها وتعتد من النكاح بحيضتين فإن لم تكن تحيض فشهر ونصف وليس له أن يطأها بالملك لأنه لا يملك ملكا تاما ، وإن عتق قبل مضي عدتها كان له أن يطأها وهي تعتد من مائة إنما تحرم على غيره في عدتها منه ولا تحرم عليه ولا أكره له وطأها في هذه الحال إنما أكره له ذلك في الماء الفاسد ولا أحرمه عليه ولا أفسد النكاح ولو وقع وهي تعتد من الماء الفاسد ، ولو مات المكاتب قبل أن يؤدي أكملت بقية عدتها من انفساخ نكاحه وكانت مملوكة للسيد ترك وفاء أو لم يتركه أو ولدا كانوا معه في الكتابة أو أحرارا ولم يدعهم ، ولو رضي السيد أن يزوجه إياها فزوجه إياها لم يجز لأنها ملك للمكاتب كما يملك ماله ولو رضي أن يتسراها لم يكن ذلك له ولو تسراها المكاتب فولدت ألحقت به الولد ومنعته الوطء وفيها قولان : أحدهما لا يبيعها بحال خاف العجز أو لم يخفه لأني قد حكمت لولدها بحكم الحرية إن عتق أبوه والثاني : أن له بيعها إن خاف العجز ولا يجوز له أن يبيعها إن لم يخفه ، وإن مات استبرأت بحيضة كما تستبرئ الأمة وكذلك إذا منعته وطأها أو أراد بيعها استبرأت بحيضة لا تزيد عليها .
وإذا تزوج المكاتب امرأة حرة ثم ورثته فسد النكاح واعتدت منه عدة مطلقة وإن مات حين تمكثه حرا أو مملوكا فسواء النكاح ينفسخ وعدتها عدة مطلقة لا عدة [ ص: 235 ] متوفى عنها زوجها ولا ترث منه إن كان حرا لأن النكاح انفسخ ساعة وقع عقد الملك وهذا لو كانت بنت سيده زوجه إياها بإذنها فالنكاح ثابت ومتى ورثت منه شيئا كان كما وصفت
وإذا مات الرجل وجاءت امرأته بولد لأكثر ما تلد له النساء ألزمت الميت الولد أقرت بانقضاء العدة أو لم تقر بها ما لم تنكح زوجا يمكن أن يكون منه ، ولو جاءت بولد فأنكر الورثة أن تكون ولدته فجاءت بأربع نسوة يشهدن على أنها ولدته لزم الميت ، وهكذا كل زوج جحد ولاد امرأته ولم يقذفها فقال لم تلدي هذا الولد لم يلزمه إلا بأن يقر به أو بالحمل به أو تأتي المرأة بأربع نسوة يشهدن على ولادها فيلزمه إلا أن ينفيه بلعان .
وإذا نكح الرجل المرأة فلم يقر بالدخول بها ولا ورثته وجاءت بولد لستة أشهر من يوم نكحها أو أكثر لزمه ، وكذلك لو طلقها لزمه لأكثر ما تلد له النساء إلا أن ينفيه بلعان ،
وإذا مات الصبي الذي لا يجامع مثله عن امرأته دخل بها أو لم يدخل بها حتى مات فعدتها أربعة أشهر وعشر لأن الحمل ليس منه ولا يلحق به إذا أحاط العلم أن مثله لا ينزل بعد موته ولا في حياته ، وإن وضعت الحمل قبل أربعة أشهر وعشر أكملت أربعة أشهر وعشرا وإن مضت الأربعة الأشهر والعشر قبل وضع الحمل حلت منه وتحد في الأربعة الأشهر والعشر ولا تحد بعدها .
وإذا نكح الخصي غير المجبوب والخصي المجبوب وعلمت زوجتاهما قبل النكاح فرضيتا أو بعد النكاح فاختارتا المقام فالنكاح جائز ، وإذا أصاب الخصي غير المجبوب فهو كالرجل غير الخصي يجب المهر بإصابته ، وإذا كان أبقي للخصي شيء يغيب في الفرج فهو كالخصي غير المجبوب ، وإن لم يبق شيء وكان والخصي ينزلان لحقهما الولد كما يلحق الفحل واعتدت زوجتاهما منهما كما تعتد زوجة الفحل من الطلاق والوفاة وطلاقهما بكل حال إذا كانا بالغين كطلاق الفحل البالغ .
ولا يجوز طلاق الصبي حتى يستكمل خمس عشرة أو يحتلم قبلها ، ولا طلاق المعتوه ، ولا طلاق المجنون الذي يجن ويفيق إذا طلق في حال جنونه وإن طلق في حال صحته جاز
( قال ) ويجوز طلاق السكران . ومن لم يجز طلاقه فالمرأة امرأته حتى يموت أو يصير إلى أن يجوز طلاقه وكل بالغ مغلوب على عقله يلزمه الولد كما يلزم الصحيح ولا يكون له أن ينفي الولد بلعان لأنه ليس ممن يعقل لعانا ولا تبين منه امرأته .
عدة الحامل قال الله عز وجل في المطلقات { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } .

( قال الشافعي ) رحمه الله : فأي مطلقة طلقت حاملا فأجلها أن تضع حملها .

( قال ) ولو كانت تحيض على الحمل تركت الصلاة واجتنبها زوجها ولم تنقض عدتها بالحيض لأنها ليست من أهله إنما أجلها أن تضع حملها .

( قال ) فإن كانت ترى أنها حامل وهي تحيض فارتابت أحصت الحيض ونظرت في الحمل فإن مرت لها ثلاث حيض فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة وقد بان لها أن ليس بها حمل فقد انقضت عدتها بالثلاث الحيض فإن ارتجعها زوجها في حال ارتيابها بعد ثلاث حيض وقفنا الرجعة فإن بان حمل فالرجعة ثابتة ، وإن بان أن ليس بها حمل فالرجعة باطلة ، وإن عجل فأصابها فلها المهر بما أصاب منها وتستقبل عدة أخرى ويفرق بينهما وهو خاطب ، وهكذا المرأة المطلقة التي لم تحض ترتاب من الحمل فتمر بها ثلاثة أشهر لا تخالف حال التي ارتابت من الحمل وهي تحيض فحاضت ثلاث حيض إن برئت من الحمل برئت من العدة في الثلاثة الأشهر التي مرت بها بعد الطلاق في حال ريبة [ ص: 236 ] مرت بها أو غير ريبة ، وإن لم تبرأ من الحمل وبان بها الحمل فأجلها أن تضع حملها وإن راجعها زوجها في الثلاثة الأشهر ثبتت الرجعة كانت حاملا أو لم تكن ، فإذا راجعها بعد الثلاثة الأشهر وقفت الرجعة فإن برئت من الحمل فالرجعة باطلة ، وإن كان الطلاق يملك الرجعة أنفق عليها في الحيض أو الشهور ، وإن أنفق عليها وهو يراه حملا بطلت النفقة من يوم أكملت الحيض والشهور ويرجع عليها بما أنفق بعد مضي العدة بالشهور والحيض ويرجع بما أنفق حين كان يراها حاملا فإن كانت حاملا فالرجعة ثابتة ولها النفقة فإن دخل بها فأبطلت الرجعة جعلت لها الصداق بالمسيس واستأنفت العدة من يوم أصابها وكان خاطبا فإن راجعها وهي ترى أنها حامل بعد الثلاثة الأشهر ثم انفش ما في بطنها فعلم أنها غير حامل فالرجعة باطلة .

( قال الربيع ) انفش ذهب .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ولا تنكح المرتابة من المطلقات ولا المتوفى عنها زوجها من الحمل وإن أوفين عددهن لأنهن لا يدرين ما عددهن ؟ الحمل أو ما اعتدن به ؟ وإن نكحن لم نفسخ النكاح ووقفناه فإن برئن من الحمل فالنكاح ثابت وقد أسأن حين نكحن وهن مرتابات ، وإن كان الحمل منعناهن الدخول حتى يتبين أن ليس حمل فإن وضعن أبطلنا النكاح وإن بان أن لا حمل خلينا بينهن وبين الدخول
( قال ) ومتى وضعت المعتدة ما في بطنها كله فقد انقضت عدتها مطلقة كانت أو متوفى عنها ولو كان ذلك بعد الطلاق أو الموت بطرفة عين .
وإن كانت حاملا باثنين أو ثلاثة فوضعت الأول فلزوجها عليها الرجعة حتى تضع الثاني . فإن راجعها بعد وضع الأول وهي تجد حركة ولد أوقفنا الرجعة فإن ولدت ولدا آخر أو أسقطت سقطا تبين له من خلق الآدميين شيء فرجعته ثابتة وإن لم تضع شيئا إلا ما يخرج من النساء مما يتبع الولد أو ما لا يتبين فيه شيء من خلق الآدميين فالرجعة باطلة وكذلك هذا لو وضعت الأولين وبقي ثالث أو شيء تجده تراه ثالثا . أو ثلاثة وبقي رابع لا تخلوا أبدا من زوجها إلا بوضع آخر حملها وليس ما يتبع الحمل من المشيمة وغيرها مما لا يبين له خلق آدمي حملا .

( قال ) ولو ارتجعها وقد خرج بعض ولدها وبقي بعضه كانت له عليها الرجعة ولا تخلو منه حتى يفارقها كله خارجا منها فإذا فارقها كله فقد انقضت عدتها . وإن لم يقع في طست ولا غيره .

( قال ) وأقل ما تخلو به المعتدة من الطلاق والوفاة من وضع الحمل أن تضع سقطا قد بان له من خلق بني آدم شيء عين أو ظفر أو أصبع أو رأس أو يد أو رجل أو بدن أو ما إذا رئي علم من رآه أنه لا يكون إلا خلق آدمي لا يكون دما في بطن ولا حشوة ولا شيئا لا يبين خلقه . فإذا وضعت ما هو هكذا حلت به من عدة الطلاق والوفاة .

( قال ) وإذا ألقت شيئا مجتمعا شك فيه أهل العدل من النساء أخلق هو أم لا لم تحل به ولا تخلو إلا بما لا يشككن فيه . وإن اختلفت هي وزوجها فقالت قد وضعت ولدا أو سقطا قد بان خلقه ، وقال زوجها لم تضعي . فالقول قولها مع يمينها ، وإن لم تحلف ردت اليمين على زوجها . فإن حلف على البت ما وضعت كانت له الرجعة وإن لم يحلف لم يكن له الرجعة قال ولو قالت وضعت شيئا أشك فيه أو شيئا لا أعقله وقد حضره نساء فاستشهدت بهن وأقل من يقبل في ذلك أربع نسوة حرائر عدول مسلمات لا يقبل أقل منهن ولا يقبل فيهن والدة ولا ولد وتقبل أخواتها وغيرهن من ذوي قرابتها والأجنبيات ومن أرضعها من النساء .
ولو طلق رجل امرأته وولدت فلم تدر هي أوقع الطلاق عليها قبل ولادها أو بعده ؟ وقال هو وقع بعد ما [ ص: 237 ] ولدت فلي عليك الرجعة وكذبته فالقول قوله وهو أحق بها لأن الرجعة حق له . والخلو من العدة حق لها فإذا لم تدع حقها فتكون أملك بنفسها لأنه فيها دونه لم يزل حقه إنما يزول بأن تزعم هي أنه زال .

( قال ) ولو لم يدر هو ولا هي أوقع الطلاق قبل الولاد أو بعده بأن كان عنها غائبا حين طلقها بناحية من مصرها أو خارج منه كانت عليها العدة لأن العدة تجب على المطلقة فلا تزيلها عنها إلا بيقين أن تأتي بها وكان الورع أن لا يرتجعها لأني لا أدري لعلها قد حلت منه ولو ارتجعها لم أمنعه لأنه لا يجوز لي منعه رجعتها إلا بيقين أن قد حلت منه
( قال ) والحرة الكتابية تكون تحت المسلم أو الكتابي في عدد الطلاق أو الوفاة وما يلزم المعتدة من ترك الخروج والإحداد وغير ذلك ويلزم لها بكل وجه سواء لا يختلفان في ذلك والحرة المسلمة الصغيرة كذلك وكذلك الأمة المسلمة إلا أن عدة الأمة في غير الحمل نصف عدة الحرة وأن لسيد الأمة أن يخرجها وإذا أخرجها لم يكن لها نفقة على مطلق يملك الرجعة ولا حمل .

( قال ) وتجتمع العدة من النكاح الثابت والنكاح الفاسد في شيء وتفترق في غيره . وإذا اعتدت المرأة من الطلاق والمنكوحة نكاحا فاسدا بالفرقة فعدتهما سواء لا يختلفان في موضع الحمل والأقراء والشهور غير أن لا نفقة لمنكوحة نكاحا فاسدا في الحمل ولا سكنى إلا أن يتطوع المصيب لها بالسكنى ليحصنها فيكون ذلك لها بتطوعه وله بتحصينها .
وإذا نكح الرجل المرأة نكاحا فاسدا فمات عنها ثم علم فساد النكاح بعد موته أو قبله فلم يفرق بينهما حتى مات فعليها أن تعتد هذه عدة مطلقة ولا تعتد عدة متوفى عنها ولا تحد في شيء من عدته ولا ميراث بينهما لأنها لم تكن زوجة وإنما تستبرأ بعدة مطلقة لأن ذلك أقل ما تعتد به حرة فتعتد إلا أن تكون حاملا فتضع حملها فتحل للأزواج بوضع الحمل .
وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا يملك فيه الرجعة أو لا يملكها فلم يحدث لها الزوج رجعة ولا نكاحا حتى ولدت لأكثر من أربع سنين من يوم طلقها الزوج وأنكر الزوج الولد ولم يقر بالحمل فالولد منفي عنه بلا لعان لأنها ولدت بعد الطلاق لما لا تلد له النساء .
وإن كان الطلاق لا يملك في الرجعة ردت نفقة الحمل إن كانت أخذتها . وإن كان يملك الرجعة فلم تقر بثلاث حيض مضت أو تكون ممن تعتد بالشهور فتقر بمضي ثلاثة أشهر فلها النفقة في أقل ما كانت تحيض له ثلاث حيض وذلك أني أجعلها طاهرا حين طلقها ثم تحيض من يومها ثم أحسب لها أقل ما كانت تحيض فيه ثلاث حيض فأجعل لها فيه النفقة إلى أن تدخل في الدم من الحيضة الثالثة أبتدئ ذلك بما وصفت من أن أجعل طهرها قبل حيضها من يوم طلقها وأقل ما تحيض وتطهر وإن كان حيضها يختلف فيطول ويقصر لم أجعل لها إلا أقل ما كانت تحيض لأن ذلك اليقين وأطرح عنه الشك وأجعل العدة منقضية بالحمل لأنها مفسدة للحيضة وواضعة للحمل فلو كانت عدتها الشهور جعلت لها نفقة ثلاثة أشهر من يوم طلقها وبرئت من العدة بوضع الحمل . وإن لم يلزمه الولد كان من غيره .

( قال ) ولو أقر به الزوج كان ابنه لأنه قد يرتجع وينكح نكاحا جديدا ويصيب بشبهة في العدة ليكون ولده . ولو لم يقر به الزوج ولكن المرأة ادعت أنه راجعها في العدة أو نكحها إذا كان الطلاق بائنا وأصابها وهي ترى أن له عليها الرجعة وأنكر ذلك كله أو مات ولم يقر لم يلزمه الولد في شيء من هذا وعليه اليمين على دعواها إن كان حيا وعلى ورثته على علمهم إن كان ميتا وسألت أيمانهم .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 46.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 45.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.35%)]